2190 – تحضير سنن أبي داود
تحضير سنن أبي داود
جمع أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد وأسامة الحميري ومحمد فارح
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
تحضير سنن أبي داود
بَابٌ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ
2190 – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، ح وحَدَّثَنَا ابْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَطَرٌ الْوَرَّاقُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَا طَلَاقَ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا عِتْقَ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ، وَلَا بَيْعَ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ»، زَادَ ابْنُ الصَّبَّاحِ، «وَلَا وَفَاءَ نَذْرٍ إِلَّا فِيمَا تَمْلِكُ»،
[حكم الألباني]: حسن
2191 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، أَخْبَرَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، بِإِسْنَادِهِ وَمَعْنَاهُ زَادَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مَعْصِيَةٍ، فَلَا يَمِينَ لَهُ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمٍ، فَلَا يَمِينَ لَهُ»،
[حكم الألباني]: حسن
2192 – حَدَّثَنَا ابْنُ السَّرْحِ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي هَذَا الْخَبَرِ زَادَ: «وَلَا نَذْرَ إِلَّا فِيمَا ابْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ تَعَالَى» ذِكْرُهُ
[حكم الألباني]: حسن
الجامع لعلوم الإمام أحمد – علل الحديث (15) / (69) — أحمد بن حنبل (ت (241))
كتاب الطلاق? [باب. . .] ? (531) – ما جاء في الرجل يطلق امرأته البتة
(530) – ما جاء في الطلاق قبل النكاح
حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: «لا طلاق إلَّا فيما تملك»
قال الإمام أحمد: صحيح
«مسائل حرب» ص (111).
(962) – سَأَلت أبي عَن الطَّلَاق قبل النِّكَاح قَالَ أما الطَّلَاق قبل النِّكَاح فَإِن تزوج لم آمره أَن يُفَارق سمى أَو لم يسم أما الْعتْق قبل الْملك فَلَا أَقُول فِيهِ شَيْئا
مسائل الإمام أحمد رواية ابنه أبي الفضل صالح (2) / (332)
في التنقيح لابن الجوزي:
مسألة ((657)): لا يصحُّ عقد الطلاق قبل النكاح، وفي العتاق روايتان.
وقال أبو حنيفة: يصحُّ.
وقال مالكٌ: يصحُّ في خصوصهن، دون عمومهن.
لنا ستة أحاديث:
(2808) – الحديث الأوَّل: قال الإمام أحمد: حدَّثنا محمَّد بن جعفر ثنا سعيد عن مطر عن عمرو بن شُعيب عن أبيه عن جدِّه عن النبيِّ ? قال: «ليس على رجل طلاق فيما لا يملك، ولا عتاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما لا يملك» ((1)).
ز: رواه أبو داود من رواية غير واحدٍ عن مطر ((2))، وقد رواه عن عمرو غير مطر، والله أعلم O.
ثم ذكر بقية الأحاديث وضعفها ابن مفلح إنما حسن الحديث السابق لما قال:
رواه أبو داود من رواية غير واحدٍ عن مطر ((2))، وقد رواه عن عمرو غير مطر، والله أعلم
قال الخطابي:
قوله لا طلاق ومعناه نفي حكم الطلاق المرسل على المرأة قبل أن تملك بعقد النكاح وهو يقتضي نفي وقوعه على العموم سواء كان في امرأة بعينها أو في نساء لا بأعيانهن.
وقد اختلف الناس في هذا فروي عن علي وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم أنهم لم يروا طلاقاً إلاّ بعد النكاح، وروي ذلك عن شريح وابن المسيب وعطاء وطاوس وسعيد بن جبير وعروة وعكرمة وقتادة وإليه ذهب الشافعي.
وروي عن ابن مسعود إيقاع الطلاق قبل النكاح وبه قال الزهري وإليه ذهب أصحاب الرأي.
وقال مالك والأوزاعي وابن أبي ليلى إن خص امرأة بعينها أو قال من قبيلة أو بلد بعينه جاز وإن عم فليس بشيء، وكذلك قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن.
وقال سفيان الثوري نحواً من ذلك إذا قال إلى سنة أو وقت معلوم.
وقال أحمد بن حنبل وأبو عبيد إن كان نكح لم يؤمر بالفراق وإن لم يكن نكح لم يؤمر بالتزويج، وقد روي نحواً من هذا عن الأوزاعي.
قال الشيخ وأسعد الناس بهذا الحديث من قال بظاهره وأجراه على عمومه إذ لا حجة مع من فرق بين حال وحال والحديث حديث حسن.
وقال أبو عيسى الترمذي سألت محمد بن إسماعيل فقلت أي شيء أصح في الطلاق قبل النكاح فقال حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، وسئل ابن عباس عن هذا فقرأ قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} [الأحزاب: 49] الآية.
وقوله ولا بيع إلاّ فيما تملك لا أعلم خلافاً أنه لوباع سلعة لا يملكها ثم ملكها أن البيع لا يصح فيها، فكذلك إذا طلق امرأة لم يملكها ثم ملكها وكذلك هذا في النذر وسنذكر الخلاف فيه في موضعه إن شاء الله.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن العلاء، قال: حَدَّثنا أبو أسامة عن الوليد بن كثير قال حدثني عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب بإسناده ومعناه زاد ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له.
قال الشيخ هذا يحتمل وجهين أحدهما أن يكون أراد به اليمين المطلقة من الايمان فيكون معنى قوله لا يمين له أي لا يبر في يمينه ولكنه يحنث ويكفر كما روي أنه قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيراً منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه.
والوجه الآخر أن يكون أراد به النذر الذي مخرجه مخرج اليمين كقوله إن فعلت كذا فلله عليّ أن أذبح ولدي فإن هذه يمين باطلة لا يلزم الوفاء بها ولا يلزمه فيها كفارة ولا فدية، وكذلك هذا فيمن نذر أن يذبح ولده على سبيل التبرر والتقرب فالنذر لا ينعقد فيه والوفاء لا يلزم به وليس فيه كفارة والله أعلم.
[معالم السنن 3/ 240]
قال ابن كثير:
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (49)}.
هذه الآية الكريمة فيها أحكام كثيرة منها إطلاق النكاح على العقد وحده، وليس في القرآن آية أصرح في ذلك منها، وقد اختلفوا في النكاح: هل هو حقيقة في العقد وحده أو في الوطء أو فيهما؟ على ثلاثة أقوال، واستعمال القرآن إنما هو في العقد والوطء بعده إلا في هذه الآية، فإنه استعمل في العقد وحده لقوله تبارك وتعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} وفيها دلالة لإباحة طلاق المرأة قبل الدخول بها.
وقوله تعالى: {الْمُؤْمِنَاتِ} خرج مخرج الغالب إذ لا فرق في الحكم بين المؤمنة والكتابية في ذلك بالاتفاق، وقد استدل ابن عباس رضي الله عنهما وسعيد بن المسيب والحسن البصري وعلي بن الحسين زين العابدين وجماعة من السلف بهذه الآية على أن الطلاق لا يقع إلا إذا تقدمه نكاح، لأن الله تعالى قال: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} فعقب النكاح بالطلاق، فدلَّ على أنه لا يصح ولا يقع قبله، وهذا مذهب الشافعي وأحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من السلف والخلف رحمهم الله تعالى.
وذهب مالك وأبو حنيفة رحمهما الله تعالى إلى صحة الطلاق قبل النكاح فيما إذا قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق فعندهما متى تزوجها طلقت منه، واختلفا فيما إذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فقال مالك: لا تطلق حتى يعين المرأة.
وقال أبو حنيفة رحمه الله: كل امرأة يتزوجها بعد هذا الكلام تطلق منه، فأما الجمهور فاحتجوا على عدم وقوع الطلاق بهذه الآية.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أحمد بن منصور المروزي، حدثنا النضر بن شميل، حدثنا يونس يعني ابن أبي إسحاق، قال: سمعت آدم مولى خالد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: إذا قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، قال: ليس بشيء من أجل أن الله تعالى يقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} الآية.
وحدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي، حدثنا وكيع، عن مطر، عن الحسن بن مسلم بن يناق، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إنما قال الله عز وجل: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} ألا ترى أن الطلاق بعد النكاح، وهكذا روى محمد بن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال الله تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} فلا طلاق قبل النكاح.
وقد ورد الحديث بذلك عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا طلاق لابن آدم فيما لا يملك” رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
وقال الترمذي: هذا حديث حسن، وهو أحسن شيء روي في هذا الباب، وهكذا روى ابن ماجه، عن علي والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “لا طلاق قبل نكاح”.
وقوله عز وجل: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} هذا أمر مجمع عليه بين العلماء، أن المرأة إذا طلقت قبل الدخول بها لا عدة عليها، فتذهب فتتزوج في فورها من شاءت، ولا يستثنى من هذا إلا المتوفى عنها زوجها، فإنها تعتد منه أربعة أشهر وعشرًا، وإن لم يكن دخل بها بالإجماع أيضًا.
وقوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} المتعة ههنا أعم من أن تكون نصف الصداق المسمى أو المتعة الخاصة إن لم يكن قد سمي لها.
قال الله تعالى: {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وقال عز وجل: {لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236)} [البقرة].
وفي صحيح البخاري، عن سهل بن سعد وأبي أُسيد رضي الله عنهما قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أُميمة بنت شراحيل، فلما أن دخلت عليه صلى الله عليه وسلم بسط يده إليها فكأنها كرهت ذلك فأمر أبا أُسيد أن يجهزها ويكسوها ثوبين رازقيين.
قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس رضي الله عنهما: إن كان سمي لها صداقًا فليس لها إلا النصف، وإن لم يكن سمى لها صداقًا أمتعها على قدر عسره ويسره، وهو السراح الجميل.
[تفسير ابن كثير – ط ابن الجوزي 6/ 209]
قال ابن رسلان:
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق) لابن آدم، أي: لا صحة لطلاق زوج (إلا فيما يملك) الزوج بعد النكاح الذي كان بيد الولي بالخطاب، وانتقل إليه بالعقد، وحمل بعضهم قوله تعالى: {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} (2) أنه على حذف مضاف تقديره الذي بيده حل عقدة النكاح.
والظاهر أنه سَمَّى النِّكاح ملكًا لأنه يملك الاستمتاع بالزوجة، أو سُمِّيَ ملكًا على سبيل المشاكلة لما بعده من قوله: “ولا نذر إلا فيما تملكُ، ولا بيع إلا فيما تملك”. كما سمى الله تعالى إعطاء المرأة المهر كله عفوًا لمشاكلة ما قبله إلا أن يعفون؛ لأنه عفى عن أخذه النصف الذي يستحقه.
وقد استدل به الشافعية ومن وافقهم على أن خطاب الأجنبية بالطلاق لغو (3)، وكذا تعليقه الطلاق بنكاحها كقوله: إن تزوجتك فأنت طالق، أو قال لأجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق (4)، ثم نكحها ثم دخلت الدار، أما المنجَزُ فالإجماع على أنه لغو (1)، وأما المعلَّقُ على النِّكاح فلهذا الحديث، ولقوله تعالى: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} (2)، وعلله الشيخ عز الدين بفوات المقصود من العقد فبطل أثره، وهو أحسن من الاستدلال بهذا الحديث، إذ يقال فيه: تقديره: لا طلاق واقع إلا فيما يملك، والخصم الذي هو أبو حنيفة ومن وافقه يلتزمه (3).
قال الماوردي: ولا يجوز حمله (4) على وقوع الطلاق دون عقده؛ لأن عدم الوقوع في الأجنبية معلوم لا يحتاج إلى إثباته، فيحمل على عموم الأمرين فيكون معناه: لا طلاق واقع ولا معقود؛ لأن اللفظ يحتملها (5).
وناظر الكسائي أبا يوسف في هذِه المسألة وتعلق بقولهم (6): السيل لا يسبق (7) المطر. ولو عمَّمَ الزوجات فقال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق فهو لغو عند الشافعي ويمين عند الخصم، فلو رفع إلى قاضٍ شافعي ففسخه انفسخت اليمين؛ لأنه مجتهد فيه، هل هو يمين أم لا، قاله العبادي.
قال الهروي: ليس ذلك بفسخ، بل هو حكم بإبطال اليمين؛ فإن اليمين الصحيحة لا تنفسخ (1) (ولا عتق) صحيح لعبد أو أمة (إلا فيما يملك) السيد رقبته، وفيما لا يملكه لا يصح عتقه فيؤخذ منه أن من أعتق عبد ولده الصغير أو يتيمه الذي في حجره لم يصح، وبهذا قال الشافعي وأحمد (2)، وقال مالك: يصح عتق عبد ولده الصغير وإن كان لا يملكه؛ لحديث: “أنت ومالك لأبيك” (3). ولأن له عليه ولاية وله فيه حق فيصح إعتاقه (4). ودليلنا أنه عتق من غير مالك فلم يصح كإعتاق ولده الكبير.
قال ابن المنذر: لما ورث الأب من مال ابنه السدس مع ولده دل على أنه لا حق له في سائر أمواله غيره (5). وأما حديث: “أنت ومالك لأبيك” لم يُرِدْ به حقيقة الملك، وإنما أراد به المبالغة في وجوب حقه عليه وتأكده.
ويؤخذ من الحديث الرد على الثوري وإسحاق حيث قالا: لو بلغ رجل أن رجلًا قال لعبد: أنت حر من مالي، فقال: رضيت. لم يعتق عليه من ماله (6).
(ولا بيع) يصح (إلا فيما يملك) وبه استدل على أن بيع الفضولي باطل وإن أجاز مالكه؛ لأن الفضولي باع ما لا يملك.
وفيه حجة على أن بيع الحر باطل؛ لأنه لا يملك أصلًا.
(زاد) محمد (1) (بن الصباح: ولا) يلزم (وفاء نذر إلا فيما تملك) كما إذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه بأن قال: إن شفى الله مريضي فلله علي أن أعتق عبد فلان، أو أتصدق بثوبه، أو داره، أو نحو ذلك. فأما إذا التزم في ذمته شيئًا لا يملكه فيصح نذره، وإذا شفي المريض ثبت العتق في ذمته ووجب عليه الوفاء به.
(وزاد) في هذِه الرواية (من حلف على) فعل (معصية) كأن يقول: لله علي أن أشرب الخمر، أو أقتل نفسًا محرمة، ونَذْر المرأة الصيام والصلاة في أيام الحيض أو الصوم في العيد، أو إن ولد له ولد أن ينحره ونحو ذلك (فلا) يصح نذره، ولا يجوز الوفاء به ولا كفارة (يمين) عليه ولا ينعقد (له) ولا يلزمه كفارة اليمين على المذهب، وهو مذهب مالك (2)، وروي عن أحمد ما يدل عليه؛ فإنه قال فيمن نذر ليهدمن دار غيره لبنة لبنة: لا كفارة عليه. وهذا في معناه (3)؛ ولأنه نذر غير منعقد فلم يوجب شيئًا كاليمين غير المنعقد، وذهب أبو حنيفة ومشهور مذهب أحمد: يجب عليه كفارة يمين (1). كما سيأتي في النذر.
وخرج بقوله في الحديث: “من حلف على معصية” المكروه كصوم الدهر، فإذا نذره انعقد ولزمه الوفاء به بلا خلاف، كذا في “شرح المهذب” (2) وتعقب بأن كلام المتولي يفهم عدم الانعقاد، وأشار الرافعي إليه تفقهًا؛ لأن النذر قربة والمكروه لا يتقرب فيه.
(ومن حلف على قطيعة رحم) وقطيعة الرحم ضد صلتها وذو الرحم الأقارب، ويقع على كل من بينك وبينه نسب (فلا) يبر فيها ولا (يمين) ينعقد (له) لأن قطيعة الرحم معصية، ولا يمين بالنذر في معصية الله.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذا الخبر) المذكور و (زاد) فيه (ولا نذر) يعتد قبوله من الله تعالى ويستحق صاحبه المدح (إلا فيما ابتغي) أي: طلب (به وجه الله).
[شرح سنن أبي داود لابن رسلان 9/ 602]
قال العباد:
أورد أبو داود [باب في الطلاق قبل النكاح] يعني: ما حكمه؟ أي أنه لا يعتبر الطلاق قبل النكاح، وإنما يعتبر الطلاق بعد النكاح، بعد أن يكون قد عقد على المرأة،
، فعند ذلك يتمكن من تطليقها؛ لأنه زوج، أما قبل ذلك فإن كونه يطلق أجنبية لا علاقة له بها، أو يعلق الطلاق على الزواج، بحيث يقول: إن تزوجتها فهي طالق.
أو: إذا تزوجتها فهي طالق فذلك لا يعتبر؛ لأنه تطليق قبل الزواج، والله عز وجل يقول {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} [الأحزاب:49] فالطلاق يكون بعد الزواج ولا يكون قبله، فإذا وجد بأن طلق أجنبية ثم عقد عليها، أو علق النكاح على زواج امرأة فطلقها قبل أن يعقد عليها فإن ذلك لا يعتبر، فهذا هو المقصود من هذه الترجمة.
وأورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا طلاق إلا فيما تملك).
يعني: لمن هي زوجة له، وقبل أن تكون زوجة لا يقع الطلاق؛ لأنه طلاق في غير محله، فوجوده مثل عدمه، فالطلاق يكون بعد النكاح ولا يكون قبله، سواء أكان منجزاً أم معلقاً، منجزاً بأن يقول: طلقت فلانة.
وهي أجنبية، أو يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق، وإيقاع الطلاق في أجنبية إيقاع في غير محله، وإنما إيقاع الطلاق يكون بعد أن يملك عصمتها بعقد النكاح، فعند ذلك يطلق.
قوله: [(ولا عتق إلا فيما تملك)] الإنسان لا يصح أن يعتق عبداً أو أمة إلا إذا كان في ملكه، أما إذا قال: عبد فلان حُر -وهو لا يملكه- فهذا عتق باطل، وكذلك أن يقول مثلاً: إذا اشتريتُ كذا فهو حر.
لا يقع هذا العتق.
قوله: [(ولا بيع إلا فيما تملك)] يعني: لا يبيع الإنسان إلا شيئاً يملكه، فلا يصح له أن يبيع هذه السلعة وهو لا يملكها، كأن تكون السلعة لشخص من الناس لا علاقة له به، أو له به علاقة ولكن ليس له حق في التصرف والتملك في ماله، مثل الأب يأخذ شيئاً ثم يبيعه لولده، فلا يصح هذا البيع؛ لأن البيع يصح إذا كان الإنسان مالكاً لما يبيعه، أي: بعد أن يكون الإنسان مالكاً يكون بائعاً، أما أن يكون بائعاً قبل أن يكون مالكاً فهذا لا يصح.
قوله: [زاد ابن الصباح: (ولا وفاء نذر إلا فيما تملك)].
لأن من نذر أن كذا لوجه الله، وهو ملك لشخص آخر وهو لا يملكه، فلا يُوفَّى به، ولا ينعقد أصلاً، فلا تلزمه الكفارة؛ لأنه نذر في غير محله، كأن يقول: نذرتُ أن بيت فلان وقف، أو أنه لوجه الله.
لكن الفقهاء يقولون: نذر المعصية عليه كفارة يمين، لكن مثل هذا شيء لا يملكه الإنسان؛ أما كونه ينذر نذراً قد يملكه ولكن فيه معصية فيمكن أن يصير عليه كفارة يمين.
[شرح سنن أبي داود للعباد 251/ 16 بترقيم الشاملة آليا]
ثبوت الطلاق يترتب على ثبوت النكاح:
(1043) – وعن جابر رضى الله عنه قال: قال رسول الله ? قال: «لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك». رواه أبو يعلى، وصححه الحاكم، وهو معلول، وأخرج ابن ماجه: عن المسور بن مخرمة مثله، وإسناده حسن، لكنه معلول أيضًا.
يعني: لا يقع الطلاق ولا يعتبر إلا بعد نكاح، ووجه ذلك: أن الطلاق فرع عن النكاح فإذا ثبت النكاح ثبت الطلاق أما أن يطلق قبل أن ينكح فلا، وهذا له صور: الصورة الأولى: أن يقول لامرأة: أنت طالق امرأة. لم يتزوجها فقال لها ذلك فلا يقع الطلاق؛ لأن الطلاق فرع عن النكاح، الصورة الثانية: أن يقول: كل امرأة أتزوجها فهي طالق فهذا أيضًا لا يقع الطلاق لأنه قاله قبل أن يملك الطلاق إذ لا يملك الطلاق إلا بعد العقد، الصورة الثالثة: أن يقول: كل امرأة أتزوجها من بني فلان فهي طالق وهذا أخص من الذي قبله ولا يقع الطلاق أيضًا، والصورة الرابعة: أن يقول لامرأة معينة: إن تزوجتك فأنت طالق أو إن تزوجت فلانة فهي طالق فهذا أيضًا لا يقع لأن الطلاق فرع عن النكاح وهذه المسألة وإن كان الحديث ضعيفًا لكن يؤيده قوله تعالى: {يا أيها الذين امنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن} [الأحزاب: (49)].
فإن قوله: {ثم} يدل على الترتيب وأنه لا طلاق إلا بعد نكاح، وعلى هذا فيكون كل الصور التي ذكرناها كلها لا يقع فيها الطلاق لأنها كانت قبل النكاح، ومع هذا اختلف العلماء فيما إذا علق الطلاق على نكاح امرأة معينة فقال: إن تزوجتك فأنت طالق، أو إن تزوجت فلانة فهي طالق هل تطلق؟ على قولين فمنهم من قال: إن الطلاق يقع اعتبارًا بحال وقوع الشرط؛ لأن الشرط التزوج، فإذا وجد الشرط وهو التزوج، وجد المشروط، فإذا تزوجها فهي طالق ولكن الصحيح أنه لا يصح لأن هذا لا يملك تنجيز الطلاق فلا يملك تعليقه ثم إن تعليق الطلاق بالنكاح تناقض لأن النكاح إمساك والطلاق تخل فيكون جمع بين الشيء ونقيضه في آن واحد والقواعد تأبى ذلك وعلى هذا فلا يقع الطلاق لو قالت امرأة لزوجها: سمعت أنك تريد أن تتزوج فلانة فقال إن تزوجتها فهي طالق أبدًا ثم تزوجها فلا يقع الطلاق، فإن قال: إن كنت قد تزوجتها فهي طالق ثم تزوجها فلا يقع الطلاق، فإن قال إن كنت قد تزوجتها فهي طالق وكان
قد تزوجها فيقع لأن الشرط حصل، وقوله: «ولا عتق إلا بعد ملك» وهذا لا يقع عتق العبد إلا إذا ملكه وهذا له صور: الصورة الأولى: أن يقول لعبد فلان أنت عتيق فلا يعتق لأنه ليس مالكًا له ولا وكيلًا في عتقه، الصورة الثانية: أن يقول أيما عبد أملكه فهو حر، الصورة الثالثة: أن يقول إن ملكت عبد فلان فهو حر، الصورة الرابعة: أن يخاطبه فيقول إن ملكتك فأنت حر وكل هذه الصور يدل الحديث على أن العتق فيها لا يقع وعلى هذا فإذا قال لشخص إن ملكت أحدًا من عبيدك فهو حر ثم اشترى من عبيده عبدًا فإنه لا يعتق لأنه علق عتقه قبل أن يملكه والمعلق كالمنجز فكما أنه لا يقع العتق عليه لو أعتقه وهو ملك غيره فكذلك إذا علق عتقه على ملكه، هذا هو ظاهر الحديث وهو الأقرب ولكن مذهب الإمام أحمد: أن العتق يقع إذا قال: إن ملكت هذا العبد أو إن ملكتك فأنت حر ثم ملكه فإنه يقع وفرق بينه وبين النكاح لأن ملك الرقيق يراد لعتقه بمعنى: إني أنا قد أحرص على ملك العبد لعتقه لا ليخدمني ولا أن يشاركني في عمل التجارة مثلًا اشتريته لأعتقه وهذا واقع لكن لا يوجد أحد يتزوج امرأة ليطلقها أبدًا يعني: لو قال إنسان أريد أن أطبق الطلاق على الواقع فأتزوج من أجل أن أطلق، هذا لا يمكن فهذا لو أنه عقد لقلنا عقد غير صحيح لأنه مجنون يعني يتزوج امرأة من أجل أن يجرب الطلاق، لكن يملك عبد ليعتقه هذا يمكن فالإمام أحمد فرق بينهما قال: إذا علق عتقه بملكه صح وعتق بملكه وإذا علق الطلاق بالنكاح لم يصح، وكأن الإمام أحمد يشك في صحة الحديث أو لا يصح عنده؛ لأن من صحح الحديث لزمه أن يقول بأن تعليق العتق بالملك لا يصح، كما أن تعليق الطلاق بالنكاح لا يصح لأن الحديث واحد والقائل واحد فإما أن نقول بالأمرين وإما أن ننفي القول بالأمرين وأما أن يفرق بناء على علة عللنا بها فهذا نعم إذا لم يصح عندنا الحديث قلنا: أن ترجع إلى العلل أما إذا صح النقل فإنها تبطل العلل، على كل حال
الإمام أحمد يفرق بين تعليق الطلاق بالنكاح فيرى أنه غير صحيح وأن المرأة إذا تزوجها لا تطلق، وبين تعليق العتق بالملك فيرى أنه صحيح وأنه إذا ملكه عتق عليه وهذه إحدى الصور التي يعتق فيها العبد بالملك ومن ذلك أيضًا إذا ملك الإنسان ذا رحم محرم منه فإنه يعتق عليه مثل أن يملك أباه أو أمه أو ابنه أو ابنته أو أخاه أو عمه المهم إذا ملك ذا رحم محرم منه فإنه يعتق فلو وجد الإنسان أخاه عبدًا فاشتراه من سيده عتق وإن لم يقل أعتقتك لأنه ذو رحم محرم منه وما ضابط الرحم المحرم؟ ضابطه أنه لو قدر أن أحدهما أنثى لا يتزوجها الأخ ابن الأخ لو ملك ابن عمه لم يعتق لأنه لو كان ابن العم بنتا تزوجها، لو ملك ابن أخيه يعتق لأنه لو كان أنثى لا يصح التزوج بها فيعتق بمجرد الملك لو وهب له هبة عتق، وقوله صححه الحاكم وهو معلول، الحاكم ?
يتساهل في التصحيح؛ ولهذا يصحح أحيانًا أحاديث ضعيفة ويتعجب منه البخاري ومسلم كيف لم يخرجا هذا الحديث مع قوة تأكد الصحة عنده، ولكن التساهل بالتصحيح ليس بجيد والتساهل بالتضعيف أيضًا ليس بالجيد والواجب الحكم بالقسط والعدل يعطى الحديث حقه بما يليق.
(1044) – وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ?: «لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك». أخرجه أبو داود والترمذي وصححه، ونقل عن البخاري أنه أصح ما ورد فيه.
هذه ثلاثة أشياء: «لا نذر لابن آدم فيما لا يملك» سواء علق النذر على ملكه أو أطلق وله صور أن يقول: الله علي نذر أن أعتق هذا العبد والعبد ليس ملكًا له فالنذر لا ينعقد؛ لأنه لا يملك ذلك ولكن عليه كفارة يمين وقال بعض العلماء لا ينعقد ولا شيء عليه؛ لأنه ليس محلًا لنذره حيث إنه ملك غيره فإن قال: إن ملكت هذا فلله على نذر أن أتصرف به إن كان مالا أو أعتقه إن كان عبدًا فهل يصح؟ نعم يصح لقول الله تعالى: {*ومنهم من عاهد الله لئن أتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين ((75)) فلما أتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون} [التوبة: (75)، (76)]. فيصح وإذا ملكه فيتصرف به أو أعتقه، الثاني قال: ولا عتق له فيما لا يملك وسبق الكلام عليه ولا طلاق له فيما لا يملك وسبق الكلام عليه أيضًا، لو قال قائل: كل امرأة أتزوجها فهي طالق لا يصح، مناسبة الأحاديث الثلاثة للباب ظاهرة، وهي أنه يشترط لوقوع الطلاق أن يكون بعد النكاح.
فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية (5) / (55) — ابن عثيمين
مسائل حرب الكرماني من كتاب النكاح إلى نهاية الكتاب – ت فايز حابس — الكرماني، حرب بن إسماعيل (ت (280))
(1) – باب: الطلاق قبل النكاح.
سمعت أحمد بن حنبل يقول في الطلاق قبل النكاح إذا وقت، قال: إن تزوجها لم يفرق بينهما، وإن لم يتزوجها، فليتزوج غيرها، فهو أحب إليه.
قلت: هل صح فيه عن النبي ? شئ؟
قال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وسمعت أحمد أيضا يقول في الطلاق قبل النكاح وقت أولم يوقت فهو واحد، ومذهبه إذا تزوج أن لا يفارقها، وإن لم يتزوج، فإن يتزوج غيرها هو أحب إليه، وإن خاف على نفسه فتزوجها فلا بأس.
وسمعت إسحاق بن إبراهيم يقول في الطلاق قبل النكاح، قال: لا يتزوجها فإن تزوجها لم آمره بفراقها ولا إمساكها.
وأبو يعقوب يجبن عن المنصوبة بعينها.
وسمعت إسحاق مرة أخرى سئل عن رجل قال: يوم أتزوج فلانة فهي طالق؟
قال: لا أرى أن يتزوجها.
قيل: فإن فعل.
قال: لا أفتي فيه.
وسمعت إسحاق مرة أخرى يقول: إن تزوجها فلا يفارقها.
حدثنا المسيب بن واضح: قال: سمعت أبا إسحاق/ (40) / الفزاري سئل عن الطلاق قبل النكاح، فقال: لا أقول فيها شيئا.
حدثنا محمد بن الوزير، قال حدثنا مروان بن محمد، قال: كأن الأوزاعي
سئل عن هذا، فقال: إن كان الرجل لم يتزوج المرأة أن لا يتزوج، وإن كان قد تزوج لم يفرق بينه وبين امرأته. قال مروان: هذا كلام فقيه.
حدثنا محمد بن المنهال، قال: ثنا أبو بكر الحنفي، قال: ثنا ابن أبي ذئب، قال: حدثنا عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله ? «لا طلاق إلا بعد ملك ولا عتق إلا بعد ملك».
حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن الجعفي، قال: ثن سعيد بن شرحبيل الكندي، عن ابن لهيعة، عن محمد بن المنكدر، عن عمرو بن شعيب، عن طاوس، عن ابن
عباس أن رسول الله ? قال: «لا طلاق ولا عتق لمن لا يملك».
سمعت إسحاق مرة أخرى سئل عن رجل قال لامرأته إن تزوجتك فأنت طالق ثلاثا؟
قال: إذا نصبها فلا يتزوجها.
قيل: إن تزوجها؟
قال: اختلف الناس فيها، قال قوم يطلق، وقال قوم لا يطلق، وذكر عن علي بن أبي طالب وعبد الله ابن عباس إذا سماها لا
تطلق، وذكر عن ابن مسعود إذا سماها تطلق.
حدثنا إسحاق: قال حدثنا عبد الله بن إدريس، عن ليث بن أبي سليم، عن عبد الملك بن ميسرة، عن النزال بن سبره، عن علي بن أبي طالب، قال: لا طلاق قبل نكاح.
حدثنا إسحاق: قال أخبرنا جرير، عن عاصم الأحوال، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك.
حدثنا إسحاق: قال أخبرنا يعلي بن عبيد، قال حدثنا محمد بن عون الخراساني، عن محمد بن زيد، عن سعيد بن جبير، قل: سئل ابن عباس عن رجل قال لئن تزوجت فلانة، فهي طالق، قال: ليس بشيء إنما الطلاق لمن يملك، قالوا: فإن ابن مسعود يقول: إذا وقت وقتا فهو كما قال، قال: رحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال لقال الله يا أيها الذين آمنو إذا طلقتم النساء المؤمنات ثم نكحتموهن، وإنما قال الله: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} [الأحزاب (49)].
وسمعت أيضا إسحاق يقول: وسئل عن رجل قال كل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة، فهي طالق ثلاثا وثلاثين مرة، قال: إذا لم ينصبها بعينها رجوت.
وسئل إسحاق مرة أخرى يقول: وسئل عن رجل قال لامرأة إن تزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق.
قال: إذا نصبها لم يتزوج.
قلت: لم ينصب، ولكن وقت وقتا؟
قال: لا بأس ورخص فيه ((1))، / (41) / وسئل إسحاق أيضا عن رجل قال: لئن دخلت هذه الدار، فكل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة فهي طالق، فدخل الدار؟
قال: يتزوجها إذا لم ينصبها.
حدثنا محمد بن الوزير قال: ثنا مروان بن محمد، قال سمعت مالك بن أنس وليث بن سعد يسألان عن الرجل قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق؟
قال: إن سمى امرأة بعينها أو قبيلة أو بلدة، فذلك له لازم، وأما سوى ذلك فلا بأس به.
حدثنا سهل بن بكار: قال حدثنا أبو عوانة، عن محمد بن قيس أن رجلا قال لجارية صغيرة إن تزوجها فهي طالق فشبت، فرغب فيها فتزوجها فوقع في نفسه، فلقيت إبراهيم فسألته فذكر عن علقمةوالأسود، عن عبد الله، قال: هي كما قال.
حدثنا عبيد الله بن معاذ، قال: حدثنا أبي، قال: ثنا سعيد، عن عاصم الأحول، عن الشعبي في من قال إن تزوجت امرأة من بنى فلان، أو أرض كذا، أو وقت، فهي طالق، فهو كما قال، فإن قال: كل امرأة أتزوجها فهي طالق، فليس بشئ.
حدثنا إبراهيم بن محمد الشافعى، قال: ثنا ابن أبي حازم، عن يحيى بن سعيد، قال: سمعت سالم بن عبد الله يكره أن يرخص لأحد أن يحلف بطلاقامرأته قبل أن يتزوجها ثم يريد أن يتزوجها، كان يرى أن الطلاق قد وقع عليه، وفي من حلف بعتاق ما لا يملك أنه كان يرى إذا ملكه، فقد وقع عليه الحنث.
قرأت على إسحاق: غلام ابن عشر سنين أو نحو ذلك، فقيل له نزوجك فلانة، فقال: إن تزوجها، فهي طالق ثلاثا، فقد أدرك وبد له أن يتزوجها. قال أبو يعقوب: لا بأس أن يتزوجها، وقرأت على إسحاق مرة أخرى: رجل حلف بالطلاق، فقال: إن لم أقضك يا فلان هذه الدراهم التي لك علي إلى شهر، فكل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة، فهي طالق ثلاثا، قال أبو يعقوب: لا طلاق قبل نكاح، وقت أو لم يوقت بعد أن لا ينصبها بعينها، فإنه إذا نصبها لا أفتي فيها؛ لما اختلف علي وابن مسعود في ذلك، قال ابن مسعود: إنها تطلق. ورأى علي أنها لا تطلق، وهما إمامان وهو أشبه بالحق فإن تقدم عليها لم أعبه.
حدثنا إسحاق: قال أخبرنا معمر بن سليمان، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن علي بن أبي طالب، قال: إذا قال إن تزوجت فلانة، فهيطالق، فليس بشئ.
حدثنا إسحاق: قال أخبرنا حفص بن غياث، قال حدثنا سليمان بن المغيرة: قال: سألت علي بن الحسين عن رجل قال إن تزوجت فلانة، فهي طالق؟
قال: ليس بشئ، قال الله: {يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم/ (42) /طلقتموهن}،
سألت علي بن عبد الله عن الطلاق قبل النكاح؟
قال: نحن نذهب فيه إلى الأثر «لا طلاق إلا بعد نكاح».
قلت: وقت، أولم يوقت، سمى أو لم يسم؟
قال: نعم.
حدثنا عبد الرحمن بن نحر: قال حدثنا رشدين بن سعد، قال: حدثنى عياض الفهري، عن عبد الرحمن ين الحارث المحرومى، عن طاووس، عن معاذ بن جبل أن رسول الله ? كتب له حين وجهه إلى اليمن: أن لا طلاق لا عتاق إلا بعد ملك.
حدثنا عبيد الله بن معاذ، عن أبيه، عن إسرائيل قال حدثنى عبد الكريم الجزري، قال: سمعت سعيد ابن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح يقولون: في رجل قال: يوم أتزوج فلانة، فهي طالق، فتزوجها، قال: ليس بشئ.
قال عبيد الله: وكان هذا قول أبي وقضى به في ولايته الأولى سمى أولم يسم.
قرأت على إسحاق: رجل قال: إن كنت مسست حراما قط، فكل امرأة يتزوجها إلى ثلاثين سنة، فهي طالق ثلاثا، وقد أتى الحرام قبل أن يزوج، وبعد ما تزوج؟
قال: لا بأس أن يتزوج.
وسمعت إسحاق أيضا وسأله رجل، فقال: رجل قال لامرأته متى طلقتك فكل امرأة أتزوجها إلى ثلاثين سنة، فهي طالق وكل ما له في المساكين وما أستقيد إلى ثلاثين سنة، وعلي حجة، وقد طلق هذه المرأة التي حلف بطلاقها وتزوج أخرى؟
قال أبو يعقوب: هذه المرأة التي تزوج بعد طلاق امرأته جائز وأما ما حلف بالمال والمساكين والحج، فيكفر بيمينه.
وسمعت إسحاق أيضا وسأله رجل بالفارسية، فقال: رجل حلف لامرأته أن كل امرأة يتزوجها عليها، فهي طالق، أيتزوج؟
فقال بالفارسية: ينحت – يعنى: يتزوج.
حدثنا إسحاق، قال: أخبرنا وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، عن النبي ? قال: «لا طلاق قبل نكاح».
حدثنا إسحاق، قال: ثنا عيسى بن يونس، قال: حدثنا الوليد بن كثير المخزومي، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ? قال: ((لاطلاق قبل ملك)).
حدثنا أبو معن الرقاشي: قال: حدثنا أبو عامر: قال: حدثنا عبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عن عثمان بن عروة، عن يزيد بن قسيط: أنه سأل عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وأبا سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث / (43) / بن
هشام، عن رجل حلف بطلاق امرأة إن نكحها، ثم نكحها؟
قالوا: لا بأس به.
—————————-
فتح الودود في شرح سنن أبي داود — السندي، محمد بن عبد الهادي (ت (1138))
باب في الطلاق قبل النكاح
(2190) – قوله «لا طلاق إلا فيما تملك» من يقول بصحة التعليق قبل النكاح
يجيب عن الحديث بأنا نقول بموجب هذا الحديث؛ لأن الذي دل عليه إنما هو انتفاء وقوع الطلاق قبل النكاح ولا نزاع فيه، وإنما النزاع في التزامه قبل النكاح. وقالوا: التعليق لا يسمى تطليقا ولا يوصف الرجل به بأنه طلق والله تعالى أعلم.
—————————
زاد المعاد في هدي خير العباد — ابن القيم (ت (751))
[حكم رسول الله ? في الطلاق قبل النكاح]
في «السنن»: من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله ?: («لا نذر لابن آدم فيما لا يملك، ولا عتق له فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك»). قال الترمذي: هذا حديث حسن، وهو أحسن شيء في هذا الباب، وسألت محمد بن إسماعيل، فقلت: أي شيء أصح في الطلاق قبل النكاح؟ فقال: حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.
وروى أبو داود: («لا بيع إلا فيما يملك، ولا وفاء نذر إلا فيما يملك»).
وفي «سنن ابن ماجه»: عن المسور بن مخرمة – رضي الله عنه – أن رسول الله ? قال: («لا طلاق قبل النكاح، ولا عتق قبل ملك»).
وقال وكيع: حدثنا ابن أبي ذئب، عن محمد بن المنكدر، وعطاء بن أبيرباح، كلاهما عن جابر بن عبد الله، يرفعه: («لا طلاق قبل نكاح»).
وذكر عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: سمعت عطاء يقول: قال ابن عباس رضي الله عنه: (لا طلاق إلا من بعد نكاح).
قال ابن جريج: بلغ ابن عباس أن ابن مسعود يقول: (إن طلق ما لم ينكح فهو جائز)، فقال ابن عباس: (أخطأ في هذا، إن الله تعالى يقول: {إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن} [الأحزاب (49)]) [الأحزاب (49)]، ولم يقل: إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن.
وذكر أبو عبيد: عن علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – أنه سئل عن رجل قال: إن تزوجت فلانة فهي طالق، فقال علي: (ليس طلاق إلا من بعد ملك).
وثبت عنه – رضي الله عنه – أنه قال: (لا طلاق إلا من بعد نكاح وإن سماها)، وهذا قول عائشة، وإليه ذهب الشافعي، وأحمد، وإسحاق، وأصحابهم، وداود وأصحابه، وجمهور أهل الحديث.
ومن حجة هذا القول: أن القائل: إن تزوجت فلانة، فهي طالق مطلق لأجنبية، وذلك محال، فإنها حين الطلاق المعلق أجنبية، والمتجدد هو نكاحها، والنكاح لا يكون طلاقا، فعلم أنها لو طلقت، فإنما يكون ذلك استنادا إلى الطلاق المتقدم معلقا، وهي إذ ذاك أجنبية، وتجدد الصفة لا يجعله متكلما بالطلاق عند وجودها، فإنه عند وجودها مختار للنكاح غير مريد للطلاق، فلا يصح، كما لوقال لأجنبية: إن دخلت الدار فأنت طالق، فدخلت وهي زوجته، لم تطلق بغير خلاف.
فإن قيل: فما الفرق بين تعليق الطلاق وتعليق العتق؟ فإنه لو قال: إن ملكت فلانا فهو حر، صح التعليق، وعتق بالملك؟
قيل: في تعليق العتق قولان، وهما روايتان عن أحمد، كما عنه روايتان في تعليق الطلاق، والصحيح من مذهبه الذي عليه أكثر نصوصه، وعليه أصحابه – صحة تعليق العتق دون الطلاق، والفرق بينهما أن العتق له قوة وسراية، ولا يعتمد نفوذ الملك، فإنه ينفذ في ملك الغير، ويصح أن يكون الملك سببا لزواله بالعتق عقلا وشرعا، كما يزول ملكه بالعتق عن ذي رحمه المحرم بشرائه، وكما لو اشترى عبدا ليعتقه في كفارة أو نذر، أو اشتراه بشرط العتق، وكل هذا يشرع فيه جعل الملك سببا للعتق، فإنه قربة محبوبة لله تعالى، فشرع الله سبحانه التوسل إليه بكل وسيلة مفضية إلى محبوبه وليس كذلك الطلاق، فإنه بغيض إلى الله، وهو أبغض الحلال إليه، ولم يجعل ملك البضع بالنكاح سببا لإزالته البتة، وفرق ثان أن تعليق العتق بالملك من باب نذر القرب والطاعات والتبرر، كقوله: لئن آتاني الله من فضله لأتصدقن بكذا وكذا، فإذا وجد الشرط، لزمه ما علقه به من الطاعة المقصودة، فهذا لون، وتعليق الطلاق على الملك لون آخر.
————————–
الإشراف على مذاهب العلماء لابن المنذر — ابن المنذر (ت (319))
(39) – باب تقدم الطلاق قبل النكاح
م (2960) – افترق أهل العلم في الطلاق قبل النكاح ثلاث فرق ….. فذمرها
بالقول الأول أقول، للآية التي احتج بها ابن عباس، والأخبار التي رويناها.
(ح (1131)) عن النبي? أنه قال: «لا طلاق قبل النكاح».
———————–