: 218 – فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: عبد الله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
218) قال أبوداود رحمه الله (ج1 ص327): حدثنا إبراهيم بن الحسن الخثعمي حدثنا حجاج قال ابن جريج أخبرني محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قربت للنبي صلى الله عليه وسلم خبزا ولحما فأكل ثم دعا بوضوء فتوضأ به ثم صلى الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ.
* وقد أخرجه الامام أحمد رحمه الله (ج3 ص327): ثنا عبد الرزاق أنا بن جريج ومحمد بن بكر أخبرني بن جريج أخبرني محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول صلى الله عليه وسلم قرب لرسول الله صلى الله عليه و سلم خبز ولحم ثم دعا بوضوء فتوضأ ثم صلى الظهر ثم دعا بفضل طعامه فأكل ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ ثم دخلت مع عمر فوضعت له ههنا جفنه وقال بن بكر أمامنا جفنة فيها خبز ولحم وههنا جفنة فيها خبز ولحم فأكل عمر ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ.
وأخرجه عبدالرزاق (ج1 ص322) فقال رحمه الله: أخبرنا معمر وبن جريج قالا أخبرنا محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قرب لرسول الله صلى الله عليه و سلم خبز ولحم .. وذكر الحديث.
…………………….
هذا الحديث يعلل حديث (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مسته النار) فالصواب في لفظ الحديث الرواية التي أوردها الشيخ مقبل هنا
من كتاب الاستذكار لابن عبدالبر:
، وذكر حديث عائشة في الوضوء مما مست النار، ونقل عن الزهري أنه لو كان منسوخا ما خفي على عائشة لكن نقل عن أم سلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه وأنها ناولت النبي صلى الله عليه وسلم لحما أو كتفا ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ
وذكر حديث -عن ابن عباس قال أكل النبي صلى الله عليه وسلم كتفا ثم مسح يديه بمسح كان تحته ثم قام إلى الصلاة فصلى).
قال ابن عبدالبر بعد أن نقل أحاديث وآثار عن الخلفاء في ترك الوضوء مما مست النار: فأعلم الناظر في موطئة – يعني مالكا – أن عمل الخلفاء الراشدين بترك الوضوء مما مست النار دليل أنه منسوخ.
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح: قال النووي كان الخلاف فيه معروفا بين الصحابة والتابعين ثم استقر الإجماع على أنه لا وضوء مما مست النار الا ما تقدم استثناؤه من لحوم الإبل وجمع الخطابي بوجه آخر وهو أن أحاديث الأمر محمولة على الاستحباب لا على الوجوب والله أعلم …
وقال النووي رحمه الله في شرح مسلم: وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه و سلم توضؤوا مما مست النار فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف إلى انه لاينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار ممن ذهب إليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وبن عباس وعبد الله بن عمر وأنس بن مالك وجابر بن سمرة وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو هريرة وابي بن كعب وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وعائشة رضي الله عنهم أجمعين وهؤلاء كلهم صحابة وذهب إليه جماهير التابعين وهو مذهب مالك وابي حنيفة والشافعي وأحمد واسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبي ثور وابي خيثمة رحمهم الله وذهب طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي وضوء الصلاة بأكل ما مسته النار وهو مروي عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصري والزهري وابي قلابة وأبي مجلز واحتج هؤلاء بحديث توضؤوا مما مسته النار واحتج الجمهور بالاحاديث الواردة بترك الوضوء مما مسته النار وقد ذكر مسلم هنا منها جملة وباقيها في كتب أئمة الحديث المشهورة وأجابوا عن حديث الوضوء مما مست النار بجوابين أحدهما أنه منسوخ بحديث جابر رضي الله عنه قال كان آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه و سلم ترك الوضوء مما مست النار وهو حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن باسانيدهم الصحيحة والجواب الثاني أن المراد بالوضوء غسل الفم والكفين ثم أن هذا الخلاف الذي حكيناه كان في الصدر الاول ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لايجب الوضوء بأكل ما مسته النار والله أعلم ..
قال ابن باز رحمه الله في فتاوي نور على الدرب؛
الحاصل أن ترك الوضوء مما مست النار أمرٌ عام يعم الإبل والبقر والغنم وغير ذلك فجاءت أحاديث لحم الإبل تستثني يدل على أنه ما أراده – صلى الله عليه وسلم – إنما أراد البقر والغنم والخيول ونحو ذلك، أما الإبل فهو باقي ولهذا جمع بينهما، لما سئل عن لحم الإبل قال توضأ، وعن لحم الغنم قال إن شئت، فدل هذا على أنه ما جاء نسخ وجوب الوضوء مما مست النار.
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: وهذا كغيره مما تقدم من الأحاديث التي فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل شيئاً مسته النار، ثم صلى ولم يتوضأ، وهذا إنما هو في غير الإبل كما ذكرنا، وأما الإبل فإن الأكل منها يوجب الوضوء، وفي الحديث: (أنه صلى الله عليه وسلم أكل كتفاً ومسح يده بمسح -أي: بكساء- ثم قام إلى الصلاة ولم يتوضأ) فدلنا هذا على أن الوضوء مما مست النار ليس لازماً، وأن الوضوء كان أولاً، ثم نسخ إلى الترك كما سيأتي مبيناً في حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.