2177، 2178. تحضير سنن أبي داود
جمع أحمد بن علي وعدنان البلوشي وعمر الشبلي وأحمد بن خالد
سنن أبي داود
بَابٌ: فِي كَرَاهِيَةِ الطَّلَاقِ
2177 – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا مُعَرِّفٌ، عَنْ مُحَارِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا أَحَلَّ اللَّهُ شَيْئًا أَبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ»
[حكم الألباني]: ضعيف
2178 – حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ مُعَرِّفِ بْنِ وَاصِلٍ، عَنْ مُحَارِبِ بْنِ دِثَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَبْغَضُ الْحَلَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الطَّلَاقُ»
[حكم الألباني]: ضعيف
——
راجع تخريج الحديث في الارواء 7/ 106لبيان ضعفه اسنده محمد بن خالد وأرسله غيره اي ثلاثة من الثقات فخالفه وكيع وأحمد بن يونس ويحيى بن بكير.
وذكر ابوداود رواية الرفع ورواية الإرسال ربما إشارة للتعليل
رواية محمد بن خالد ذكرها ابوحاتم وقال إنما هو محارب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل. العلل 1297
وكذلك الدارقطني ذكر الخلاف وقال: والمرسل أشبه.
وله شاهد من حديث معاذ لكنه منقطع مكحول لم يسمع من معاذ وفيه حميد بن مالك اللخمي وراجع البدر المنير. و أخطأ ابن التركماني في تقويته بالشواهد والمتابعات.
قال ابن قدامة:
فصل: والطَّلاقُ على خمسةِ أضْرُبٍ؛ واجبٌ، وهو طلاقُ المُولِى بعدَ التَّرَبُّصِ إذا أَبَى الفَيْئَةَ، وطلاقُ الحَكَمَيْنِ فى الشِّقَاقِ، إذا رأيا ذلك. ومكروهٌ، وهو الطَّلاقُ مِن غيرِ حاجةٍ إليه. وقال القاضى: فيه رِوَايتان؛ إحداهما، أنَّه مُحرَّمٌ؛ لأنَّه ضَرَرٌ بنفسِه وزَوْجتِه، وإعدامٌ للمَصلحةِ الحاصلةِ لهما من غيرِ حاجةٍ إليه، فكان حَرامًا، كإتلافِ المالِ، ولقولِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: “لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ” (5). والثَّانيةُ، أنَّه مُباحٌ، لقَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم: “أبْغَضُ الْحَلَالِ إلَى اللَّهِ الطلَاقُ”. وفى لفظٍ: “مَا أَحَلَّ اللَّهُ شَيْئًا أبْغَضَ إِلَيْهِ مِنَ الطَّلَاقِ”. روَاه أبو داودَ (6). وإنَّما يكونُ مُبْغَضًا (7) من غيرِ حاجةٍ إليه، وقد سمَّاه النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم حَلالًا، ولأنَّه مُزِيلٌ للنِّكاحِ المُشْتَمِلِ على المصالحِ المَنْدُوبِ إليها، فيكونُ مكروهًا. والثالثُ، مباحٌ، وهو عندَ الحاجةِ إليه لسُوءِ خُلُقِ المرأةِ، وسُوءِ عِشْرَتِها، والتَّضَرُّرِ بها مِن غيرِ حصولِ الغَرَض بها. والرَّابعُ، مندوبٌ إليه، وهو عند تَفْريطِ المرأةِ فى حُقوقِ اللَّهِ الواجبةِ عليها، مثل الصَّلاةِ ونحوِها، ولا يُمْكِنُه إجبارُها عليها، أو تكونُ له امرأةٌ غيرُ عَفِيفةٍ. قال أحمدُ: لا يَنْبغِى له إمْساكُها، وذلك لأنَّ (8) فيه نَقْصًا لدينهِ، ولا يَامَنُ إفْسادَها لفِرَاشِه، وإلْحاقَها به ولدًا ليس هو منه، ولا بأسَ بعَضْلِها فى هذه الحالِ، والتَّضييقِ عليها، لتَفتَدِىَ منه، قال اللَّهُ تعالى: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَاتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} (9). ويَحْتَمِلُ أَنَّ الطَّلاقَ فى هذينِ الموضعيْنِ واجبٌ.
ومن المَنْدوبِ إليه الطَّلاقُ فى حالِ الشِّقاقِ، وفى الحالِ التى تُحْوِجُ (10) المرأةَ إلى المُخالَعَةِ لتُزيلَ عنها الضَّرَرَ. وأمَّا المَحْظورُ، فالطَّلاقُ فى الحَيْضِ، أو فى طُهْرٍ جامَعَها فيه، أجْمَعَ العلماءُ فى جميعِ الأمْصارِ وكلِّ الأعْصارِ على تَحْريمِه، ويُسمَّى طلاقَ البدعةِ؛ لأنَّ المُطَلِّقَ خالفَ السُّنَّةَ، وتركَ أمرَ اللَّهِ تعالى ورسولِه صلى الله عليه وسلم، قال اللَّه تعالى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (11). وقال النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: “إنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ، فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِى أَمَرَ اللَّهُ أَنْ تُطَلَّقَ لَهَا النِّسَاءُ”. وفى لَفْظٍ روَاه الدَّارَقُطْنِىُّ (12)، بإسْنادِاه عن ابنِ عمرَ، أنَّه طَلَّقَ امرأتَه تطليقةً وهى حائضٌ، ثم أرادَ أن يُتْبِعَها بتَطْليقتَيْنِ آخِرَتَيْنِ عندَ القَرْأَيْنِ، فبلغَ ذلك رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال: “يَا ابْنَ عُمَرَ، مَا هَكَذَا أَمَرَكَ اللَّهُ، إِنَّكَ أَخْطَأْتَ السُّنَّةَ، وَالسُّنَّةُ أن تَسْتَقْبِكَ الطُّهْرَ، فتُطَلِّقَ لِكُلِّ قَرْءٍ”. ولأنَّه إذا طلَّقَ فى الحَيْضِ طَوَّل العِدَّةَ عليها؛ فإنّ الحَيْضَةَ التى طلَّقَ فيها لا تُحْسَبُ مِن عِدَّتِها، ولا الطُّهْرَ الذى بعدَها عندَ مَنْ يَجْعلُ الأقْراءَ الحِيَضَ، وإِذا طلَّقَ فى طُهْرٍ أصابَها فيه، لم يَأمنْ أن تكونَ حاملًا، فيَنْدمَ، وتكونَ مرتابةً لا تَدْرِى أتعتَدُّ بالحَمْلِ أو الأقْراءِ؟
[المغني لابن قدامة 10/ 323]
قال العباد:
يعني أن الطلاق إنما يصار إليه عند الحاجة، فليس هو من الأمور المحبوبة المرغوبة، وإنما يحل عندما تكون هناك حاجة إلى حل تلك العقدة، فهو شيءٌ يترتب عليه فراق، وذلك الفراق قد يكون فيه مصلحة وقد يكون فيه مضرة، يكون فيه مصلحة إذا كان الوئام والوفاق لم يتم، وكان الشقاق موجوداً والمشاكل كثيرة، فالطلاق يكون في هذه الحالة مرغوباً مفيداً وتكون فيه مصلحة، وأما إذا كان الوئام موجوداً والمودة موجودة والمرأة ما حصل منها شيء يقتضي الطلاق فإنه لا يكون مرغوباً ولا يكون محبوباً، وهذا هو الذي فيه الكراهية.
وأورد أبو داود هنا حديث محارب بن دثار رحمة الله عليه [(ما أحل الله شيئاً أبغض إليه من الطلاق)].
وهذا -كما هو معلوم- إنما هو فيما إذا كان من غير أمر يقتضيه، أما إذا كان لأمر يقتضيه فإنه يكون متعيناً وتكون المصلحة فيه ويكون هو المطلوب؛ لأن البقاء على مشاكل وأمور قد تضر الإنسان في دينه ودنياه لا يصلح، فالطلاق هنا يكون خيراً ويكون محبوباً، ولكنه إذا كان يترتب عليه أضرار من غير أسباب يقتضيها ذلك الطلاق فإن هذا هو الذي يوصف بأنه غير محبوب وأنه مبغوض.
[شرح سنن أبي داود للعباد 250/ 9 بترقيم الشاملة آليا]
قال البسام:
* ما يؤخذ من الحديث:
1 – الغرض من النكاح البقاء والدوام، وبناء بيت الزوجية، وتكوين الأسرة التي نواتها الزوجان.
2 – الطلاق هدم لهذا البيت، ونقض لدعائمه، وإزالة لمعالمه.
3 – الطلاق إبطال لمصالح النكاح المتعددة؛ من تكوين الأسرة، وحصول الأولاد، وتكثير سواد المسلمين.
4 – الطلاق تفرُّقٌ بعد وفاق سعيد، وهمٌّ بعد فرحة، ويأسٌ بعد أملٍ كبير.
5 – الطلاق يسبِّب العداوة والبغضاء بين الزوجين، وبين الأسرتين، بعد التقارب والتآلف والتعارف.
6 – الطلاق يشتت الأولاد الموجودين، ويُفْقِدهم إما قيام الأب، وتربيته، وتعليمه، وتوجيهه، وإما يفقدهم حنان الأم، ورعايتها، وعطفها.
7 – الطلاق هو أبغض الحلال إلى الله تعالى؛ لما يجرّه من الويلات، ولما يعقبه من النكبات، ولما يسببه من المصاعب والمفاسد.
8 – الطلاق لا يكون محمودًا، ولا تبرز حكمة شرع الله فيه، إلَاّ حينما تسوء العشرة الزوجية، وتفقد المحبة والمودة، ويكثر الشقاق والخلاف، ويصعب التفاهم والتلاؤم، ولا يمكن الاجتماع؛ فحينئذٍ يكون الطلاق رحمةً، ويكون التفرق نعمة؛ قال تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ (229)} [البقرة: 229]، وقال تعالى: {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ} [النساء: 130].
9 – وبهذا يعرف جلال هذا الدين، وسمو تشريعاته، وأنها الموافقة للعقل الصحيح، ومتمشية مع المصالح العامة والخاصة.
10 – قال الوزير: أجمعوا على أن الطلاق مكروه في حال استقامة الزوجين، إلَاّ أبا حنيفة، فهو عنده حرام مع الاستقامة.
11 – الطلاق تجري فيه الأحكام الخمسة:
(أ) يباح عند الحاجة إليه؛ كسوء خلُق المرأة.
(ب) يستحب إذا كانت الزوجة متضررة باستدامة النكاح، وهي الحالة التي تحوجها إلى المخالعة.
(ج) يجب إذا أبى المُولِي الفيئة، وكذلك الصواب: أنه يجب عند ترك أحد الزوجين العفة، أو الصلاة، وغيرها من حقوق الله تعالى.
(د) يحرم للبدعة، وهي إذا أوقع الطلاق وكانت حائضًا، أو نفساء، أو في طُهْرٍ جامع فيه، أو بالثلاث بكلمة واحدة، أو بكلمات لم يتخللهن نكاح ولا رجعة.
(هـ) يكره لعدم الحاجة إليه.
* فوائد:
الأولى: أجمع الأئمة الأربعة على أن السكران الآثم بسكره يقع طلاقه، ويؤاخذ بسائر أقواله وأفعاله.
والرواية الأخرى عن الإمام أحمد: أنه لا يقع طلاقه؛ اختاره ابن عَقيل، والموفَّق، والشارح، والشيخ تقي الدين، وابن القيم، وقال به جماعة من التابعين.
قال الزركشي: إن أدلة هذه الرواية أظهر.
ورجَّح هذه الرواية الشيخان: محمد بن إبراهيم، وعبد الرحمن السعدي.
الثانية: قال ابن القيم: الغضب ثلاثة أقسام:
1 – يحصل للإنسان مبادئه وأوائله، ولكن لا يتغير عقله؛ فهذا لا إشكال في وقوع طلاقه.
2 – يبلغ به الغضب نهايته، فلا يعي ما يقول؛ فلا خلاف في عدم وقوعه.
3 – يستحكم به الغضب ويشتد، فلا يزيل عقله، فهو يعي ما يقول، ولكنه يحول بينه وبين نيته؛ ففيه خلافٌ، ولكن الأدلة تدل على عدم وقوع طلاقه وعقوده.
الثالثة: قال ابن عبد البر، وابن المنذر، وابن رشد: أجمع العلماء على أن المطلِّق للسنة في المدخول بها، هو الذي يطلق امرأته في طُهْر لم يمسها فيه، طلقةً واحدةً، وأن المطلق في الحيض، أو الطهر الذي جامع فيه غير مطلِّقٍ للسنة، فصارت السنة من جهتَيْن: من جهة العدد، وهو أن يطلقها واحدة، ثم يدعها حتى تنقضي عدتها، والجهة الثانية: أن يطلقها في طُهْر لم يصبها فيه.
الرابعة: فيه أن بعض المكروهات إلى الله تعالى تكون مشروعة، فمن ذلك: الطلاق، ومنها: الصلوات المفروضة في البيوت، وبُغض الطلاق جاء من أمورٍ كثيرة، تقدم بعضها، ومنها أن من أحب الأشياء إلى الشيطان التفريق بين الزوجين؛ فينبغي أن يكون أبغض الأشياء عند الله تعالى.
***
[توضيح الأحكام من بلوغ المرام 5/ 479]