217،218،219،220،221 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
وشارك عبدالله البلوشي أبوعيسى
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
(56) بابُ ما جاءَ فِي غَسْلِ البَوْلِ
وقالَ النَّبِيُّ ? لِصاحِبِ القَبْرِ: «كانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ». ولَمْ يَذْكُرْ سِوى بَوْلِ النّاسِ
217 – حَدَّثَنا يَعْقُوبُ بْنُ إبْراهِيمَ، قالَ: حَدَّثَنا إسْماعِيلُ بْنُ إبْراهِيمَ، قالَ: حَدَّثَنِي رَوْحُ بْنُ القاسِمِ، قالَ: حَدَّثَنِي عَطاءُ بْنُ أبِي مَيْمُونَةَ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ، قالَ: كانَ النَّبِيُّ ? «إذا تَبَرَّزَ لِحاجَتِهِ، أتَيْتُهُ بِماءٍ فَيَغْسِلُ بِهِ»
باب 218 – حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، قالَ: حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ خازِمٍ، قالَ: حَدَّثَنا الأعْمَشُ، عَنْ مُجاهِدٍ، عَنْ طاوُسٍ، عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ قالَ: مَرَّ النَّبِيُّ ? بِقَبْرَيْنِ، فَقالَ: «إنَّهُما لَيُعَذَّبانِ، وما يُعَذَّبانِ فِي كَبِيرٍ، أمّا أحَدُهُما فَكانَ لاَ يَسْتَتِرُ مِنَ البَوْلِ، وأمّا الآخَرُ فَكانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ» ثُمَّ أخَذَ جَرِيدَةً رَطْبَةً، فَشَقَّها نِصْفَيْنِ، فَغَرَزَ فِي كُلِّ قَبْرٍ واحِدَةً، قالُوا: يا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَ فَعَلْتَ هَذا؟ قالَ: «لَعَلَّهُ يُخَفِّفُ عَنْهُما ما لَمْ يَيْبَسا» وقالَ مُحَمَّدُ بْنُ المُثَنّى، وحَدَّثَنا وكِيعٌ، قالَ: حَدَّثَنا الأعْمَشُ، قالَ: سَمِعْتُ مُجاهِدًا مِثْلَهُ: «يَسْتَتِرُ مِن بَوْلِهِ»
فوائد الباب:
1 – قوله (باب ما جاء في غسل البول) الملابس للبدن والثوب.
2 – قوله (وقال النبي صلى الله عليه وسلم لصاحب القبر) قال الكرماني: اللام بمعنى لأجل.
3 – قوله (ولم يذكر سوى بول الناس) أي في حديث ابن عباس المرفوع (كان لا يستتر من بوله) وهو واضح.
قال ابن بطال: وقول البخاري: ولم يذكر سوى بول الناس-؛ فإنه أراد أن يبين أن معنى روايته في هذا الباب: أما أحدهما فكان لا يستتر من البول-، أن المراد بول الناس لا بول سائر الحيوان، لأنه قد روى الحديث فى هذا الباب قبل هذا وغيره: لا يستتر من بوله، فلا تعلق في حديث هذا الباب لمن احتج به فى نجاسة بول سائر الحيوان.
شرح صحيح البخارى لابن بطال (1/ 326).
قال ابن حجر: كأنه أراد – يعني ابن بطال- الرد على الخطابي حيث قال: فيه دليل على نجاسة الأبوال. ومحصل الرد أن العموم في رواية (من البول) أريد به الخصوص لقوله (من بوله) لكن يلتحق ببوله بول من هو في معناه من الناس لعدم الفارق، قال: وكذا غير مأكول اللحم، وأما مأكول اللحم فلا حجة في هذا الحديث لمن قال بنجاسة بوله، ولمن قال بطهارته حجج أخرى.
وقال القرطبي: قوله (من البول) اسم مفرد لا يقتضي العموم، ولو سلم فهو مخصوص بالأدلة المقتضية لطهارة بول ما يؤكل. انتهى من الفتح
4 – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه تقدم في الباب 15 باب الاستنجاء بالماء أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي.
5 – فيه الاستنجاء بالماء من التبرز. قاله النووي في شرح صحيح مسلم.
6 – قال الإمام البغوي رحمه الله كما في شرح السنة: ذهب عامة أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن بعدهم إلى أنه لو اقتصر على المسح بالحجر في الغائط والبول، ولم يغسل ذلك المحل بالماء أنه يجوز إذا أنقى بالحجر أثر الغائط والبول، غير أن الاختيار أن يغسل بالماء، لأنه أنقى، والأفضل أن يغسله بعد استعمال الحجر.
7 – فيه: باب من حمل معه الماء لطهوره قاله البخاري. وقد أخرجه في صحيحه 152 من طريق “محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة، سمع أنس بن مالك يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة يستنجي بالماء”.
8 – فيه باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء. قاله البخاري.
9 – فيه الصلاة إلى العنزة. قاله البخاري.
10 – عن معاذة، عن عائشة، قالت: مروا أزواجكن أن يغسلوا أثر الغائط والبول، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله، وأنا أستحييهم. أخرجه الترمذي 19 والنسائي 46 ومسند أحمد 24639 وابن أبي شيبة في المصنف 1629 واللفظ له من طرق عن قتادة، عن معاذة به وصححه الألباني.
11 – حديث ابن عباس رضي الله عنهما سبق شرحه قبل باب، وموضع الشاهد منه قوله (فكان لا يستتر من البول).
12 – أخرج عبد بن حميد في مسنده كما في المنتخب 620 من طريق عبد الواحد بن زياد، ثنا الأعمش، عن مجاهد، عن طاوس، عن ابن عباس، قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال: «إنهما ليعذبان في قبورهما، وما يعذبان في كبير؛ كان أحدهما يمشي بالنميمة، والآخر لا يتقي البول»، قال: ثم أخذ جريدة، فكسرها بقطعتين، قال: ثم غرز عند رأس كل واحد منهما قطعة، وقال: «عسى أن يخفف عنهما حتى ييبس هذان العسيبان» ففيه أنه وضعها عند رأسه.
13 – أجمع الفقهاء على نجاسة البول والتنزه عنه. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري له.
=====
(57) بابُ تَرْكِ النَّبِيِّ ? والنّاسِ الأعْرابِيَّ حَتّى فَرَغَ مِن بَوْلِهِ فِي المَسْجِدِ
219 – حَدَّثَنا مُوسى بْنُ إسْماعِيلَ، قالَ: حَدَّثَنا هَمّامٌ، أخْبَرَنا إسْحاقُ، عَنْ أنَسِ بْنِ مالِكٍ: أنَّ النَّبِيَّ ? رَأى أعْرابِيًّا يَبُولُ فِي المَسْجِدِ فَقالَ: «دَعُوهُ حَتّى إذا فَرَغَ دَعا بِماءٍ فَصَبَّهُ عَلَيْهِ».
فوائد الباب:
1 – حديث أنس بن مالك رضي الله عنه؛ أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والترمذي ولم يذكر لفظه وإنما أحال على حديث أبي هريرة وقال: نحو هذا.
2 – فيه الرفق في الأمر كله. قاله البخاري.
3 – وفي أول الحديث عند مسلم 285 من طريق عكرمة بن عمار ” قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.”
4 – قوله (رأى أعرابيا يبول في المسجد) وعند البخاري 221 من طريق يحيى بن سعيد –هو الأنصاري-: ” جاء أعرابي فبال في طائفة المسجد” وعند مسلم 284 من طريق الأنصاري أيضا: ” قام إلى ناحية في المسجد فبال فيها”.
5 – قوله (فقال: دعوه) وعند البخاري 221 من طريق يحيى بن سعيد ” فزجره الناس فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم” وعند البخاري 6025 من طريق ثابت ” فقاموا إليه؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزرموه ” وعند مسلم 284 من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري: ” فصاح به الناس”، وعند مسلم 285 من طريق عكرمة بن عمار ” فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مه مه”.
6 – وقوله ” لا تزرموه” قال النسائي: “يعني لا تقطعوا عليه”.
7 – قوله (حتى إذا فرغ) وعند البخاري 221 من طريق يحيى بن سعيد: ” فلما قضى بوله”. وعند مسلم 285 من طريق عكرمة بن عمار: ” فتركوه حتى بال”.
8 – قوله (دعا بماء فصبه عليه) وعند البخاري 221 من طريق يحيى بن سعيد: ” أمر النبي صلى الله عليه وسلم بذنوب من ماء فأهريق عليه”. وعند البخاري 6025 من طريق ثابت: ” دعا بدلو من ماء فصب عليه” وعند مسلم 285 من طريق عكرمة بن عمار: ” فشنه عليه”.
9 – وعند مسلم 285 من طريق عكرمة بن عمار؛ ” ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: «إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول، ولا القذر إنما هي لذكر الله عز وجل، والصلاة وقراءة القرآن» أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
10 – قال المهلب: فيه الرفق بالجاهل، لأنه لو قطع عليه بوله لأصاب ثوبه البول وتنجس. قاله ابن بطال في شرحه.
11 – وصفه الله أنه بالمؤمنين رءوف رحيم، وأنه على خلق عظيم ” صلى الله عليه وسلم”. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
12 – ما جناه الأعرابي استدرك غسله بالماء. قاله ابن بطال في شرحه.
13 – فيه: تطهير المساجد من النجاسات وتنزيهها عن الأقذار. قاله ابن بطال في شرحه.
وفيه: “أن الأرض تطهر بصب الماء عليها ولا يشترط حفرها كما عليه الجمهور. وقال أبو حنيفة: لا تطهر إلا بحفرها” قاله الكرماني في الكواكب الدراري.
14 – فيه دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما. قاله الكرماني.
15 – قوله (حدثنا همام) تابعه عكرمة بن عمار كما عند مسلم 285
16 – قوله (أخبرنا إسحاق) وعند مسلم 285 من طريق عكرمة بن عمار ” حدثنا إسحاق بن أبي طلحة” تابعه يحيى بن سعيد – هو الأنصاري كما عند البخاري 221 تابعه ثابت كما عند البخاري 6025
17 – قوله (عن أنس بن مالك) وعند مسلم 285 ” حدثني أنس بن مالك – وهو عم إسحاق –”
======
قال البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
(58) بابُ صَبِّ الماءِ عَلى البَوْلِ فِي المَسْجِدِ
220 – حَدَّثَنا أبُو اليَمانِ، قالَ: أخْبَرَنا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قالَ: أخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، أنَّ أبا هُرَيْرَةَ، قالَ: قامَ أعْرابِيٌّ فَبالَ فِي المَسْجِدِ، فَتَناوَلَهُ النّاسُ، فَقالَ لَهُمُ النَّبِيُّ ?: «دَعُوهُ وهَرِيقُوا عَلى بَوْلِهِ سَجْلًا مِن ماءٍ، أوْ ذَنُوبًا مِن ماءٍ، فَإنَّما بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ، ولَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ»
221 – حَدَّثَنا عَبْدانُ، قالَ: أخْبَرَنا عَبْدُ اللَّهِ، قالَ: أخْبَرَنا يَحْيى بْنُ سَعِيدٍ، قالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بْنَ مالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ?
بابُ: يُهَرِيقُ الماءَ عَلى البَوْلِ
و حَدَّثَنا خالِدُ قالَ: وحَدَّثَنا سُلَيْمانُ، عَنْ يَحْيى بْنِ سَعِيدٍ، قالَ: سَمِعْتُ أنَسَ بْنَ مالِكٍ قالَ: جاءَ أعْرابِيٌّ فَبالَ فِي طائِفَةِ المَسْجِدِ، فَزَجَرَهُ النّاسُ، «فَنَهاهُمُ النَّبِيُّ ? فَلَمّا قَضى بَوْلَهُ أمَرَ النَّبِيُّ ? بِذَنُوبٍ مِن ماءٍ فَأُهْرِيقَ عَلَيْهِ».
فوائد الباب:
1 – قوله (باب صب الماء على البول في المسجد) أي يكفيه بكل يسر ولا عسر في الموضوع ويطهر المكان بذلك.
2 – حديث أبي هريرة رضي الله عنه؛ أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه.
3 – بابُ الزَّجْرِ عَنْ قَطْعِ البَوْلِ عَلى البائِلِ فِي المَسْجِدِ قَبْلَ الفَراغِ مِنهُ «والدَّلِيلُ عَلى أنَّ صَبَّ دَلْوٍ مِن ماءٍ يُطَهِّرُ الأرْضَ، وإنْ لَمْ يَحْفِرْ مَوْضِعَ البَوْلِ فَيَنْقُلُ تُرابَهُ مِنَ المَسْجِدِ عَلى ما زَعَمَ بَعْضُ العِراقِيِّينَ، إذِ اللَّهُ عزوجل أنْعَمَ عَلى عِبادِهِ المُؤْمِنِينَ بِأنْ بَعَثَ فِيهِمْ نَبِيَّهُ ? مُيَسِّرًا لا مُعَسِّرًا» قاله ابن خزيمة في صحيحه.
4 – السجل: الدلو الكبيرة. والذنوب: ملو [ملء] دلو ماء. وفيه من الفقه أن الماء إذا أتى على النجاسة على سبيل الغلبة والاستهلاك لها طهرها، وأن غسول النجاسة مع استهلاك عين النجاسة بأوصافها طاهر، ولو لم يكن كذلك لكان الغاسل لموضع النجاسة من المسجد أكثر تنجيسا له من البائل. قاله الخطابي في أعلام الحديث.
5 – قال الخطابي في أعلام الحديث: “بلغنا عن سفيان الثوري أنه قال: لم نجد في أمر الماء إلا السعة”.
6 – في هذا الحديث من الفقه: أن الماء إذا غلب على النجاسة، ولم يظهر فيه شيء منها فقد طهرها، وأنه لا يضر ممازجة الماء لها إذا غلب عليها، سواء كان الماء قليلا، أو كثيرا. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري له.
7 – فيه نجاسة بول الآدمي وهو إجماع، وسواء الكبير والصغير بإجماع من يعتد به. قاله ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح.
8 – فيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعسف ولا إيذاء إذا لم يأت بالمخالفة استخفافا أو عنادا. قاله ابن الملقن في التوضيح.
9 – فيه المبادرة إلى إزالة المفاسد عند زوال المانع لأمرهم عند فراغه بصب الماء. قاله ابن حجر.
10 – اشتراط طهارة مكان المصلي. قاله ابن عثيمين.
11 – أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل هذه الأمة مبعوثة. قاله ابن عثيمين
الفائدة العاشرة والحادية عشرة راجع لهما شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (3/ 580).
12 – قال ابن حجر:
وفيه تعيين الماء لإزالة النجاسة.
فتح الباري لابن حجر (1/ 324).
قال شيخ ا?س?م – قدس الله روحه -:
فصل:
وأما إزالة النجاسة بغير الماء ففيها ث?ثة أقوال في مذهـب أحمد: أحدهـا: المنع كقول الشافعي وهـو أحد القولين في مذهـب مالك وأحمد. والثاني: الجواز كقول أبي حنيفة وهـو القول الثاني في مذهـب مالك وأحمد. والقول الثالث: في مذهـب أحمد أن ذلك يجوز للحاجة كما في طهارة فم الهرة بريقها وطهارة أفواه الصبيان بأرياقهم ونحو ذلك. والسنة قد جاءت با?مر بالماء في قوله ?سماء: {حتيه ثم اقرصيه ثم اغسليه بالماء}
وقوله في آنية المجوس: {ارحضوهـا ثم اغسلوهـا بالماء}. وقوله في حديث ا?عرابي الذي بال في المسجد: {صبوا على بوله ذنوبا من ماء}. فأمر با?زالة بالماء في قضايا معينة ولم يأمر أمرا عاما بأن تزال كل نجاسة بالماء. وقد أذن في إزالتها بغير الماء في مواضع:
منها: ا?ستجمار بالحجارة.
ومنها: قوله في النعلين: {ثم ليدلكهما بالتراب فإن التراب لهما طهورا}.
ومنها: قوله في الذيل: {يطهره ما بعده}
ومنها: أن الك?ب كانت تقبل وتدبر وتبول في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم لم يكونوا يغسلون ذلك.
ومنها: قوله في الهر: {إنها من الطوافين عليكم والطوافات}. مع أن الهر في العادة يأكل الفأر ولم يكن هـناك قناة ترد عليها تطهر بها أفواهـها بالماء بل طهرهـا ريقها.
ومنها: أن الخمر المنقلبة بنفسها تطهر باتفاق المسلمين.
وإذا كان كذلك فالراجح في هـذه المسألة أن النجاسة متى زالت بأي وجه كان زال حكمها؛ فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها، لكن ? يجوز استعمال ا?طعمة وا?شربة في إزالة النجاسة لغير حاجة لما في ذلك من فساد ا?موال كما ? يجوز ا?ستنجاء بها.
والذين قالوا: ? تزول إ? بالماء؛ منهم من قال: إن هـذا تعبد. وليس ا?مر كذلك فإن صاحب الشرع أمر بالماء في قضايا معينة لتعينه. ?ن إزالتها با?شربة التي ينتفع بها المسلمون إفساد لها. وإزالتها بالجامدات كانت متعذرة كغسل الثوب وا?ناء وا?رض بالماء فإنه من المعلوم أنه لو كان عندهـم ماء ورد وخل وغير ذلك لم يأمرهـم بإفساده فكيف إذا لم يكن عندهـم. ومنهم من قال: إن الماء له من اللطف ما ليس لغيره من المائعات ف? يلحق غيره به؛ وليس ا?مر كذلك؛ بل الخل وماء الورد وغيرهـما يزي?ن ما في ا?نية من النجاسة كالماء وأبلغ وا?ستحالة له أبلغ في ا?زالة من الغسل بالماء فإن ا?زالة بالماء قد يبقى معها لون النجاسة فيعفى عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: {يكفيك الماء و? يضرك أثره}.
وغير الماء يزيل الطعم واللون والريح. ومنهم من قال؛ كان القياس أن ? يزول بالماء لتنجيسه بالم?قاة لكن رخص في الماء للحاجة فجعل ا?زالة بالماء صورة استحسان ف? يقاس عليها. وك? المقدمتين باطلة. فليست إزالتها على خ?ف القياس بل القياس أن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها. وقولهم: إنه ينجس بالم?قاة ممنوع ومن سلمه فرق بين الوارد والمورود عليه أو بين الجاري والواقف. ولو قيل: إنها على خ?ف القياس. فالصواب أن ما خالف القياس يقاس عليه إذا عرفت علته: إذ ا?عتبار في القياس بالجامع والفارق. واعتبار طهارة الخبث بطهارة الحدث ضعيف؛ فإن طهارة الحدث من باب ا?فعال المأمور بها؛ ولهذا لم تسقط بالنسيان والجهل واشترط فيها النية عند الجمهور. وأما طهارة الخبث؛ فإنها من باب التروك فمقصودهـا اجتناب الخبث؛ ولهذا ? يشترط فيها فعل العبد و? قصده بل لو زالت بالمطر النازل من السماء حصل المقصود كما ذهـب إليه أئمة المذاهـب ا?ربعة وغيرهـم. ومن قال من أصحاب الشافعي وأحمد: إنه يعتبر فيها النية فهو قول شاذ مخالف ل?جماع السابق مع مخالفته ?ئمة المذاهـب. وإنما قيل مثل هـذا من ضيق المجال في المناظرة فإن المنازع لهم في مسألة النية قاس طهارة الحدث على طهارة الخبث فمنعوا الحكم في ا?صل وهـذا ليس بشيء. ولهذا كان أصح قولي العلماء أنه إذا صلى بالنجاسة جاهـ? أو ناسيا ف? إعادة عليه كما هـو مذهـب مالك وأحمد في أظهر الروايتين عنه؛ ?ن النبي صلى الله عليه وسلم خلع نعليه في الص?ة ل?ذى الذي كان فيهما ولم يستأنف الص?ة. وكذلك في الحديث ا?خر لما وجد في ثوبه نجاسة أمرهـم بغسله ولم يعد الص?ة؛ وذلك ?ن من كان مقصوده اجتناب المحظور إذا فعله العبد ناسيا أو مخطئا ف? إثم عليه كما دل عليه الكتاب والسنة. قال تعالى: {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به}.
وقال تعالى: {ربنا ? تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا}. قال الله تعالى: ” قد فعلت ” رواه مسلم في صحيحه. ولهذا كان أقوى ا?قوال: أن ما فعله العبد ناسيا أو مخطئا من محظورات الص?ة والصيام والحج ? يبطل العبادة كالك?م ناسيا وا?كل ناسيا والطيب ناسيا وكذلك إذا فعل المحلوف عليه ناسيا وفي هـذه المسائل نزاع وتفصيل ليس هـذا موضعه. وإنما المقصود هـنا التنبيه على أن النجاسة من باب ترك المنهي عنه فحينئذ إذا زال الخبث بأي طريق كان حصل المقصود ولكن إن زال بفعل العبد ونيته أثيب على ذلك وإ? إذا عدمت بغير فعله و? نيته زالت المفسدة ولم يكن له ثواب ولم يكن عليه عقاب.
[مجموع الفتاوى 478/ 21].
قال ابن عثيمين:
ومنها: أن الأرض يكفي في تطهيرها أن يصب على النجاسة ماء مرة واحدة، فإذا غمرت بالماء طهرت، لكن إن كانت النجاسة ذات جرم كالغائط والروث وما أشبهها؛ فلابد من زوال هذا الجرم، وبعدها يطهر المحل بصب ماء عليه.
ومنها: أنه لابد من الماء في تطهير النجاسة؛ لقوله:: ((أريقوا على بوله سجلا من ماء)) وأن النجاسة لا تطهر بغير الماء، وهذا ما عليه أكثر العلماء.
والصحيح أن النجاسة تطهر بكل ما يزيلها من ماء أو بنزين، أو غيره، وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بصب الماء على مكان البول؛ لأنه أسرع في تطهير المكان، وإلا فمن الممكن أن يبقى المكان لا يصب عليه الماء، ثم مع الرياح والشمس تزول النجاسة ويطهر، لكن هذا أسرع وأسهل ومن المعلوم أنه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم لا توجد هذه المزيلات الكيماوية أو البترولية، فلذلك كانوا يعتمدون في إزالة النجاسة على الماء، ولكن متى زالت النجاسة طهر المحل بأي مزيل كان؛ لأن النجاسة عين خبيثة نجسة، متى زالت عاد المحل إلى طهارته بأي شيء كان. ولهذا يطهر البول والغائط بالأحجار؛ يستجمر الإنسان بالحجر ثلاث مرات مع الإنقاء ويكفي.
وثوب المرأة الذي تجره إذا مر بالنجاسة ثم مر بعد ذلك بأرض طاهرة طهرته، وكان من عادة النساء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم أن المرأة إذا خرجت واتخذت ثوبا ضافيا يستر قدميها، وينجر من ورائها إلى شبر أو شبرين أو ذراع، ولكن لا يزيد على ذراع.
شرح رياض الصالحين لابن عثيمين (3/ 580)
13 – وفي أوله عند أبي داود 380 من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، “أن أعرابيا دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فصلى ركعتين ثم قال: اللهم ارحمني ومحمدا، ولا ترحم معنا أحدا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لقد تحجرت واسعا» “.
14 – وعند ابن ماجه 529 والإمام أحمد في المسند 10533 من طريق محمد بن عمرو عن أبي سلمة ” فقال: الأعرابي بعد أن فقه، فقام إلي بأبي وأمي، فلم يؤنب، ولم يسب، فقال: «إن هذا المسجد لا يبال فيه، وإنما بني لذكر الله وللصلاة،”
15 – قوله (أخبرنا شعيب) تابعه يونس كما عند البخاري 6128 معلقا وكذا الترمذي 147 معلقا ووصله ابن خزيمة في صحيحه 297 من طريق ابن المبارك أخبرنا يونس به ووصله الإمام أحمد 7800 وابن حبان في صحيحه 1400 من طريق ابن وهب قال أخبرنا يونس به، تابعه محمد بن الوليد كما عند النسائي في السنن الصغرى 56 تابعه معمر كما عند عبد الرزاق في مصنفه 1658 والإمام أحمد في مسنده 7799.
16 – قوله (أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) تابعه سعيد بن المسيب كما عند أبي داود في سننه 380 والترمذي 147 والإمام أحمد في مسنده 7255 تابعه أبو سلمة كما عند ابن ماجه 529.