213 جامع الأجوبة الفقهية ص 248
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف الشيخ د. سيف بن محمد بن دورة الكعبي
ومشاركتي وضعت بجوارها(* )
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسالة : عادم الماء.
♢- جواب ناصر الريسي:
من عدم الماء هل له أن يتيمم ليمس المصحف؟ أختلف العلماء في مس المصحف للمتيمم على مذهبين:
♢- المذهب الأول: يجوز مس المصحف: وهو مروي عن عطاء، ومكحول، والزهري، وربيعة، ويحيى الأنصاري، والثوري، وإليه ذهب أكثر الحنفية ، والمالكية، والشافعية، والحنابلة.
♢- المذهب الثاني: لا يجوز مس المصحف: وبه قال الأوزاعي، ورواية للحنفية، وهو قول عند بعض الشافعية.
انظر: المبسوط للسرخسي (1/ 118)، المغني (1/200)، الإنصاف للمرداوي (1/ 226)، شرح النووي على مسلم (4/64)، فتح الباري لابن رجب (1/ 405).
♢- أدلة المذهب الأول:
1 – ما صح عن جابر رضي الله عنه قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) صحيح البخاري- كتاب التيمم- (1/ 126) حديث (335).
2 – ما صح عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (جعلت لنا الأرض كلها مسجداً وجعلت تربتها لنا طهوراً إذا لم نجد الماء) صحيح مسلم- كتاب المساجد- (5/ 211) حديث (522).
3 – ما روي عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أبا ذر إن الصعيد الطيب طهور وإن لم تجد الماء إلى عشر سنين).
سنن الترمذي- باب ما جاء في التيمم للجنب إذا لم يجد الماء (1/ 311) برقم (124) وقال (وهذا حديث حسن صحيح، مسند أحمد بن حنبل- مسند أبي ذر (- رضي الله عنه -) (35/ 233) برقم (21305) قال شعيب الأرنؤوط (صحيح لغيره وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين (البخاري ومسلم) غير الرجل القشيري.
وجه دلالة هذه النصوص:
جعل له الطهور بالصعيد الذي هو من الأرض طهوراً يقوم مقام الطهور بالماء ولأن مس المصحف يستباح بطهارة الماء، فيستباح بالتيمم، كالمكتوبة. ينظر: شرح مشكل الآثار (10/ 129)، المغني (1/ 351).
♢- أدلة المذهب الثاني الذين قالوا بعدم الجواز:
1 – ما روي عن عبد الله أبن أبي بكر بن حزم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لا يمس القرآن إلا طاهر). موطأ مالك-الأمر بالوضوء لمن مس القرآن (2/ 278) برقم (280)،سنن الدار قطني-في نهي المحدث عن مس القرآن (1/ 219) حديث (437).
وجه الدلالة: أي لا يمسه إلا متوضئ.
واعترض:
أن التيمم بدل من الوضوء والغسل عند عدم الماء فيباح به ما يباح بهما من الصلاة ومس المصحف وغيرهما.
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/200):
“يجوز التيمم لكل ما يتطهر له من نافلة، أو مس مصحف، أو قراءة قرآن، أو سجود تلاوة، أو شكر، أو لبث في مسجد. قال أحمد، يتيمم ويقرأ جزأه. يعني الجنب. وبذلك قال عطاء، ومكحول، والزهري، وربيعة، ويحيى الأنصاري، ومالك، والشافعي، والثوري، وأصحاب الرأي. وقال أبو مخرمة: لا يتيمم إلا لمكتوبة. وكره الأوزاعي أن يمس المتيمم المصحف، ولنا قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: «الصعيد الطيب طهور المسلم، وإن لم يجد الماء عشر سنين» ، وقوله – عليه السلام -: «جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا» ؛ ولأنه يستباح بطهارة الماء، فيستباح بالتيمم، كالمكتوبة”. انتهى
وقال في موضع أخر في المغني (1/ 110):
“وإن احتاج المحدث إلى مس المصحف عند عدم الماء، تيمم، وجاز مسه. ولو غسل المحدث بعض أعضاء الوضوء، لم يجز له مسه به قبل إتمام وضوئه؛ لأنه لا يكون متطهرا إلا بغسل الجميع”. انتهى
♢- وقال في الإنصاف للمرداوي (1/ 226)
“يجوز مس المصحف بطهارة التيمم مطلقا، على الصحيح من المذهب. وقيل: لا يجوز إلا عند الحاجة. اختاره المصنف. فإن عدم الماء لتكميل الوضوء تيمم للباقي، ثم مسه على الصحيح من المذهب”. انتهى
♢- وقال صاحب المسالك في شرح موطأ مالك (2/ 241)
“هو إذا تيمم لمس المصحف، فحكمه حكم ما لو تيمم لنافلة؛ لأن مس المصحف لا يجب عليه، وله أن يتنفل به قولا واحدا”. انتهى
♢- جاء في المبسوط للسرخسي (1/ 118):
“لو تيمم لمس المصحف فليس له أن يصلي به بخلاف ما إذا تيمم لسجدة تلاوة؛ لأن السجدة من أركان الصلاة فنيته للسجدة عند التيمم كنية الصلاة فأما مس المصحف ودخول المسجد ليس من أركان الصلاة فلا يصير بنيته ذلك ناويا للصلاة”. انتهى
♢- قال النووي في شرحه على مسلم (4/64):
“وفيه دليل على جواز التيمم للنوافل والفضائل كسجود التلاوة والشكر ومس المصحف ونحوها كما يجوز للفرائض وهذا مذهب العلماء كافة”. انتهى
♢- قال ابن رجب في فتح الباري (1/ 405):
“وإن عدم الماء وتيمم ، فله مس المصحف عندنا الشافعية والأكثرين ، خلافاً للأوزاعي” . انتهى
* قال ابن تيمية:
تَنازَعَ العُلَماءُ فِي التَّيَمُّمِ لِخَشْيَةِ البَرْدِ هَلْ يُعِيدُ فِي السَّفَرِ والحَضَرِ؟ أوْ لا يُعِيدُ فِيهِما؟ أوْ يُعِيدُ فِي الحَضَرِ فَقَطْ؟ عَلى ثَلاثَةِ أقْوالٍ. والأشْبَهُ بِالكِتابِ والسُّنَّةِ أنَّهُ لا إعادَةَ عَلَيْهِ بِحالِ. ومَن جازَتْ لَهُ الصَّلاةُ جازَتْ لَهُ القِراءَةُ ومَسُّ المُصْحَفِ. والمُتَيَمِّمُ( يَؤُمُّ المُغْتَسِلَ عِنْدَ جُمْهُورِ العُلَماءِ وهُوَ مَذْهَبُ الأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ إلّا مُحَمَّدَ بْنَ الحَسَنِ. واَللَّهُ أعْلَمُ.
مجموع الفتاوى 21/466
* وقال ابن تيمية أيضًا :
كُلُّ مَن جازَ لَهُ الصَّلاةُ بِالتَّيَمُّمِ: مِن جُنُبٍ أوْ مُحْدِثٍ جازَ لَهُ أنْ يَقْرَأ القُرْآنَ خارِجَ الصَّلاةِ ويَمَسَّ المُصْحَفَ ويُصَلِّيَ بِالتَّيَمُّمِ النّافِلَةَ والفَرِيضَةَ ويَرْقِيَ بِالقُرْآنِ وغَيْرَ ذَلِكَ. فَإنَّ الصَّلاةَ أعْظَمُ مِن القِراءَةِ فَمَن صَلّى بِالتَّيَمُّمِ كانَتْ قِراءَتُهُ بِالتَّيَمُّمِ أوْلى والقِراءَةُ خارِجَ الصَّلاةِ أوْسَعُ مِنها فِي الصَّلاةِ فَإنَّ المُحْدِثَ يَقْرَؤُهُ خارِجَ الصَّلاةِ وكُلُّ ما يَفْعَلُهُ بِطَهارَةِ الماءِ فِي الوُضُوءِ والغُسْلِ يَفْعَلُهُ بِطَهارَةِ التَّيَمُّمِ إذا عَدِمَ الماءَ أوْ خافَ الضَّرَرَ بِاسْتِعْمالِهِ. وإذا أمْكَنَ الجُنُبُ الوُضُوءَ دُونَ الغُسْلِ فَتَوَضَّأ وتَيَمَّمَ عَنْ الغُسْلِ جازَ وإنْ تَيَمَّمَ ولَمْ يَتَوَضَّأْ فَفِيهِ قَوْلانِ. قِيلَ: يَجْزِيهِ عَنْ الغُسْلِ وهُوَ قَوْلُ مالِكٍ وأبِي حَنِيفَةَ. وقِيلَ: لا يَجْزِيهِ وهُوَ قَوْلُ الشّافِعِيِّ وأحْمَد بْنِ حَنْبَلٍ مجموع الفتاوى 21 /459
* قال الرملي في فتاويه و :
(سُئِلَ) عَمَّنْ تَيَمَّمَ لِلَمْسِ المُصْحَفِ هَلْ يُباحُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ سَجْدَةُ التِّلاوَةِ والشُّكْرِ والعَكْسُ؟
(فَأجابَ) بِأنَّهُ يُباحُ لَهُ ذَلِكَ بِالتَّيَمُّمِ المَذْكُورِ
فتاوى الرملي 1/101
* وفي فتاوى اللجنة الدائمة:
السؤال الثاني من الفتوى رقم (٥٥٧):
س٢: هل يجوز تلاوة القرآن أو حمله لمن استجمر بعد خروجه البر -يعني الحمام- كما يحصل في المدارس عند عدم وجود ماء، فيقوم المدرس بتلاوة درس القرآن بعد خروجه البر، فهل يكفيه الاستجمار أو يلزمه الوضوء ولو مع مشقة؟
ج٢: يجوز لمن استجمر ولم يتوضأ أن يقرأ القرآن إذا لم يكن جنبا مدرسا أو طالبا، لكن قراءته على وضوء أفضل، أما مس المصحف فلا يجوز عند جمهور العلماء إلا لمتطهر من الحدثين الأكبر والأصغر، واستدلوا بقوله تعالى: ﴿لا يَمَسُّهُ إلّا المُطَهَّرُونَ﴾ وبما في كتاب النبي ﷺ لعمرو بن حزم «ألا يمس القرآن إلا طاهر » ويجوز حمله بعلاقته؛ لأنه ليس بمس، وبذلك قال الحنابلة وأبو حنيفة والحسن البصري وجماعة، وإن احتاج المحدث حدثا أصغر أو أكبر إلى مسه ولا ماء يتطهر به تيمم، وجاز له مسه بذلك.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … نائب رئيس اللجنة … الرئيس
عبد الله بن منيع … عبد الرزاق عفيفي … إبراهيم بن محمد آل الشيخ
♢-واجاب الشيخ ابن باز رحمه الله في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (5/ 319) السؤال العشرون من الشريط رقم (185):
س: ما هي أسباب التيمم؟ وهل هناك مسافة محدودة إلى الماء ؟
ج: أسباب التيمم هي أسباب الوضوء، فإذا وجب الوضوء على الشخص، ولم يجد الماء وجب عليه التيمم، وهكذا إذا عجز عن الماء لمرضه وجب عليه التيمم للصلاة، لمس المصحف، للطواف، والمقصود أن التيمم يقوم مقام الوضوء، فإذا وجد أسباب الوضوء ولم يوجد الماء فإنه يتيمم بالصعيد؛ يضرب التراب بيديه ضربة واحدة يمسح بهما وجهه وكفيه، وهكذا المريض الذي لا يستطيع؛ يضره الماء يفعل التيمم. انتهى
والله أعلم…