2125 , 2126 , 2127 , 2128 , 2129 تحضير سنن أبي داود:
أحمد بن علي وعدنان وسلطان وأحمد بن خالد
________
بَابٌ: فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ قَبْلَ أَنْ يَنْقُدَهَا شَيْئًا
2125 – حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الطَّالَقَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ عَلِيٌّ فَاطِمَةَ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَعْطِهَا شَيْئًا»، قَالَ: مَا عِنْدِي شَيْءٌ، قَالَ: «أَيْنَ دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّةُ؟»
[حكم الألباني]: صحيح
وهو في الصحيح المسند 688
2126 – حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عُبَيْدٍ الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ، عَنْ شُعَيْبٍ يَعْنِي ابْنَ أَبِي حَمْزَةَ، حَدَّثَنِي غَيْلَانُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ رَجُلٍ، مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ عَلِيًّا لَمَّا تَزَوَّجَ فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا، فَمَنَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى يُعْطِيَهَا شَيْئًا، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَعْطِهَا دِرْعَكَ»، فَأَعْطَاهَا دِرْعَهُ، ثُمَّ دَخَلَ بِهَا.
[حكم الألباني]: ضعيف
2127 – حَدَّثَنَا كَثِيرٌ يَعْنِي ابْنَ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَيْوَةَ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ غَيْلَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، مِثْلَهُ
[حكم الألباني]: ضعيف
2128 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْبَزَّازُ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ طَلْحَةَ، عَنْ خَيْثَمَةَ، عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُدْخِلَ امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا قَبْلَ أَنْ يُعْطِيَهَا شَيْئًا». قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَخَيْثَمَةُ، لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عَائِشَةَ
[حكم الألباني]: ضعيف
2129 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ عَلَى صَدَاقٍ أَوْ حِبَاءٍ أَوْ عِدَةٍ، قَبْلَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَهُوَ لَهَا وَمَا كَانَ بَعْدَ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، فَهُوَ لِمَنْ أُعْطِيَهُ، وَأَحَقُّ مَا أُكْرِمَ عَلَيْهِ الرَّجُلُ ابْنَتُهُ أَوْ أُخْتُهُ»
[حكم الألباني]: ضعيف
وحسنه محققو المسند 6709
__________
بوب عليه مقبل في الجامع:
17 – تأخير الصداق في ذمة الزوج إذا لم يجد
48 – الدرع في الحرب
26 – صبر علي رضي الله عنه على قلة ذات اليد
قال الخطابي:
وقد اختلف الناس في الدخول قبل أن يعطي من المهر شيئاً فكان ابن عمر يقول لا يحل لمسلم أن يدخل على امرأته حتى يقدم إليها حقل أو كثر.
وروي عن ابن عباس الكراهية في ذلك وكذلك عن قتادة والزهري.
وقال مالك بن أنس لا يدخل حتى يقدم شيئاً من صداقها أدناه ربع دينار أو ثلاثة دراهم سواء فرض لها أو لم يكن فرض.
وكان الشافعي يقول في القديم إن لم يسم لها مهراً كرهت أن يطأها قبل أن يسمي أو يعطيها شيئاً، وقول سفيان الثوري قريب من هذا ورخص في ذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري والنخعي وهو قول أحمد وإسحاق.
قال أبو داود: حدثنا محمد بن معمر، قال: حَدَّثنا محمد بن بكر البرساني قال أخبرنا ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته.
قال الشيخ وهذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر، وقد اختلف الناس في وجوبه فقال سفيان الثوري ومالك بن أنس في الرجل ينكح المرأة على أن لأبيها كذا وكذا شيئاً اتفقا عليه سوى المهر أن ذلك كله للمرأة دون الأب وكذلك روي عن عطاء وطاوس، وقال أحمد هو للأب ولا يكون ذلك لغيره من الأولياء لأن يد الأب مبسوطة في مال الولد.
وروي عن علي بن الحسين أنه زوج ابنته رجلاً واشترط لنفسه مالاً، وعن مسروق أنه زوج ابنته رجلاً واشترط لنفسه عشرة آلاف درهم يجعلها في الحج والمساكين.
وقال الشافعي إذا فعل ذلك فلها مهر المثل ولا شيء للولي
[معالم السنن 3/ 215]
قال ابن قدامة:
فصل: ويجوزُ الدُّخولُ بالمرأةِ قبلَ إعْطائِها شيئًا، سواءٌ كانت مُفَوّضةً أو مُسَمَّى لها. وبهذا قال سعيدُ بن المُسَيَّبِ، والحسنُ، والنَّخَعىُّ، والثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ. ورُوِىَ عن ابنِ عباسٍ، وابنِ عمرَ، والزُّهْرِىِّ، وقَتادةَ، ومالكٍ: لا يَدْخُلُ بها حتى يُعْطِيَها شيئا. [قال الزهرىُّ: مَضَتِ السُّنَّةُ أنْ لا يَدْخُلَ بها حتى يُعْطِيَها شيئا] (14). قال ابنُ عباسٍ: يَخْلَعُ إِحْدَى نَعْلَيْه، ويُلْقِيها إليها (15). وقد رَوَى أبو داودَ (16)، بإسنادِه عن رَجُلٍ من أصْحابِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم، أَنَّ عَلِيًّا لما تَزَوَّجَ فاطمةَ، أراد أن يَدْخُلَ بها، فمَنَعه رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى يُعْطِيهَا شيئا، فقال: يا (17) رسولَ اللَّه، ليس لى شاءٌ. فقال له النبىُّ صلى الله عليه وسلم: “أَعْطِها دِرْعَكَ”. فأعْطاها دِرْعَه، ثم دَخَلَ بها. وروَاه ابنُ عباسٍ أيضًا، قال: لما تزوَّجَ علىٌّ فاطمةَ، قال له رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: “أعْطِهَا شَيْئًا”. قال: ما عِنْدِى. قال: “أيْنَ دِرْعُكَ الحُطَمِيَّةُ (18)؟ “. رَوَاه أبو داودَ، والنَّسائىُّ (19). ولَنا، حَدِيثُ عُقْبةَ بن عامرٍ، فى الذى زَوجَه النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم، ودَخَلَ بها (20) ولم يُعْطِها شيئًا (21). ورَوَتْ عائشةُ، قالتْ: أمرنى رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم أن أُدْخِلَ امرأةً على زَوْجِها، قبلَ أن يُعْطيهَا شيئًا. روَاه ابنُ ماجَه (22). ولأنه عِوَضٌ فى عَقْدِ مُعاوَضةٍ، فلم يَقفْ جَوازُ تَسْلِيمِ المُعَوَّضِ (23) على قَبْضِ شاءٍ منه، كالثمنِ فى البَيْعِ، والأُجْرَةِ فى الإِجارَةِ.
وأمَّا الأخْبارُ فمَحْمُولةٌ على الاسْتِحْبابِ، فإنَّه يُسْتَحَبُّ أن يُعْطِيهَا قبلَ الدُّخولِ شيئًا، مُوافَقةً للأخْبارِ، ولعادَةِ الناس فيما بينهم، ولِتَخْرُجَ المُفَوّضةُ عن شِبْهِ المَوْهُوبةِ وليكونَ ذلك أقْطَعَ للخُصُومةِ. ويُمْكِنْ حَمْلُ قولِ ابن عباسٍ ومَنْ وافَقَه على الاسْتِحْبابِ، فلا يكونُ بين القَوْلَيْنِ فَرْقٌ. واللَّهُ أعلمُ
[المغني لابن قدامة 10/ 147]
قال العباد:
وقد عرفنا أنه لا يلزم في العقد ذكر الصداق، وأنه يصح العقد بدون ذكر الصداق، ويمكن الدخول دون أن يدفع الصداق كله أو بعضه، ولا بأس بذلك، فإذا لم يكن هناك شيء مسمى تعين مهر المثل، فللإنسان أن يدخل بامرأته دون أن يكون المهر قد سلم، ولا بأس بذلك، ولكن كونه يدفع لها المهر كله أو بعضه لا شك أنه هو الأولى، وأما من حيث الصحة فإنه يصح أن يعقد عليها دون أن يسمى الصداق ويرجع في ذلك إلى مهر المثل، ويمكن أن يدخل بها قبل أن يحصل تسليمها الصداق.
وأورد حديث ابن عباس أنه قال: [(لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: أعطها شيئاً.
قال: ما عندي شيء.
قال: أين درعك الحطمية؟)].
أي: أعطها أياها.
ويحتمل أن يكون معنى قوله: [لما تزوج علي فاطمة] أنه عقد عليها ودخل بها، ويحتمل أن يكون معناه أنه عقد ولم يدخل بها.
ثم إن المهر واجب لابد منه في النكاح، لكن لا يلزم قبل النكاح وإن كان مستحباً إعطاؤها شيئاً منه أو كله قبل الدخول.
وقوله: [(ما عندي شيء)] يحتمل أن يكون المراد به أنه ليس عنده شيء أبداً، ويحتمل أنه لم يكن عنده شيء يذكر، وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم له عن درعه الحطمية بعد قوله: [(ما عندي شيء)] محمول على أن علياً ظن أن مثل الدرع لا يعطى مهراً، والدرع الحطمية ذات قيمة، فإذا ملكتها كانت مهراً لها …
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا شريك عن منصور عن طلحة عن خيثمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: (أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئاً) قال أبو داود: وخيثمة لم يسمع من عائشة].
أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تدخل امرأة على زوجها قبل أن يعطيها شيئاً، ومعناه أنه ما قدم لها شيئاً من صداقها، وهذا فيه دليل على أنه يمكَّن من الدخول بدون أن يعطيها شيئاً، لكن الحديث غير صحيح؛ لأن فيه انقطاعاً بين خيثمة وعائشة
[شرح سنن أبي داود للعباد 244/ 21 بترقيم الشاملة آليا]
وقال العباد أيضا:
قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)].
أورد الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى هذا الحديث تحت ترجمة [باب في الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقدها شيئاً] وهو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته)].
والحديث يدل على أن ما كان قبل العقد وقبل الزواج أعطيته المرأة أو أعطي من أجلها، سواء أكان صداقاً أم حباءً -وهو المنحة أو العطية أو الهبة- أم عدة فإنه يكون لها، وما كان بعد عصمة النكاح فإنه يكون لمن أعطيه ولمن جعل له.
ومقتضى هذا الحديث أن كل ما دفع من أجل الزواج فإنه يكون لها ولو أعطي لغيرها أو خصص لغيرها، وما كان بعد ذلك -أي: بعد الزواج وبعد العقد- فإنه لمن جعل له، سواء أبوها أو أخوها أو أمها أو أي أحد من قرابتها؛ لأن ما حصل بعد ذلك فإنه يكون من الإكرام ومن الإحسان وليس مرتبطاً بالزواج لأنه حصل بعد الزواج، وما كان قبل الزواج فإنه يكون لها، سواء خصص لها أو لغيرها، فإنه يكون كله لها وليس لأحد منه شيء، هذا هو مقتضى هذا الحديث.
والحديث فيه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج، وهو مدلس، وقد جاء من طريقه بالعنعنة، فضعفه الشيخ الألباني رحمه الله من أجل تدليس ابن جريج ومن أجل عنعنته.
ويبقى المعنى أنه إذا اشترط الولي شيئاً لنفسه فإنه لا يجوز ذلك؛ لأنه يؤدي إلى العضل وإلى تفويت الزواج عليها بسبب العراقيل التي تكون في الطريق إليها من قبل ذلك الولي الذي يشترط لنفسه شيئاً.
أما إذا أعطي من غير اشتراط بل كان إكراماً فإنه لا بأس بذلك، سواء أكان قبل العقد أم بعده.
وأما الاشتراط فإنه لا يليق ولا يسوغ، واللائق بالرجل أن يحرص على تزويج موليته وتسهيل الزواج لها، وأن يحذر من وضع العراقيل التي تحول دون ذلك أو التي تبعد الخطاب وتبعد من يرغب في الزواج عن التقدم للمرأة إذا عرف منه الجشع والطمع، فيئول الأمر إلى أن تفوت الفرصة على موليته، وهذا ليس من النصح للمولية، بل النصح لها يكون بتمكينها من الزواج من الكفء الذي يتقدم لها ولا يسعى لتحصيل شيء منه، وإنما المهم في الأمر أن يسعى في إسعادها وفي راحتها وفي إعفافها وفي تمكينها من الزواج.
فالذي يظهر -والله تعالى أعلم- أنه إذا أعطي وإذا أكرم بشيء فإن له ذلك، وإذا كان ذلك بشرط فإنه لا يسوغ له مثل هذا العمل، وهو لا يليق بذوي الأخلاق الكريمة والشيم والمروءة.
وإذا اشترط شيئاً فأعطيه فالذي يظهر أنه يكون للمرأة وأما ما يحصل من بعض الناس، حيث يدفع المهر في الظاهر للبنت ثم بعد ذلك يأخذه الأب أو الأخ فهذا غير صحيح، والواجب على الولي أن يدفع تلك الأمانة إلى المرأة ولا يبخس منها شيئاً، بل الذي ينبغي أن يزيد لها من ماله ويساعدها، لا أن يدفعه الجشع إلى أخذ حقها، وإن أخذ شيئاً منه فقد قال بعض أهل العلم بجواز ذلك لحديث (أنت ومالك لأبيك) قالوا: ويد الأب مبسوطة على مال ولده.
إلا أنه مع ذلك يكون اللائق به أن لا يأخذ من مال ابنته شيئاً
[شرح سنن أبي داود للعباد 244/ 32 بترقيم الشاملة آليا]
قال الإتيوبي:
(المسألة الثالثة): في اختلاف أهل العلم في المراد بالشرط المذكور في هذا الحديث:
قال الخطّابيّ -رحمه اللَّه تعالى-: الشروط في النكاح مختلفةٌ:
(فمنها): ما يجب الوفاء به اتفاقًا، وهو ما أمر اللَّه به، من إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان، وعليه حَمَل بعضهم هذا الحديث.
(ومنها): ما لا يوفَى به اتفاقًا، كسؤال طلاق أختها.
(ومنها): ما اختُلف فيه، كاشتراط أن لا يتزوّج عليها، أو لا يتسرّى، أو لا ينقلها من منزلها إلى منزله.
وعند الشافعيّة الشروط في النكاح على ضربين: منها: ما يرجع إلى الصداق، فيجب الوفاء به. وما يكون خارجًا عنه، فمختلف الحكم فيه، فمنه ما يتعلّق بحقّ الزوج، وسيأتي بيانه. ومنه ما يَشترطه العاقد لنفسه خارجًا عن الصداق، وبعضهم يسمّيه الحلوان، فقيل: هو للمرأة مطلقًا، وهو قول عطاء، وجماعة من التابعين، وبه قال الثوريّ، وأبو عُبيد. وقيل: هو لمن شرطه. قاله مسروقٌ، وعليّ بن الحسين. وقيل: يختصّ ذلك بالأب، دون غيره من الأولياء. وقال الشافعيّ: إن وقع في نفس العقد وجب للمرأة مهر مثلها، وإن وقع خارجًا عنه لم يجب. وقال مالك: إن وقع في حال العقد فهو من جملة المهر، أو خارجًا عنه، فهو لمن وُهب له. وجاء ذلك في حديث مرفوع، أخرجه النسائيّ من طريق ابن جُريج، عن عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: “أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: أيّما امرأة نكحت على صداق، أو حِبَاء، أو عِدَةٍ قبل عصمة النكاح، فهو لها، فما كان بعد عصمة النكاح، فهو لمن أُعطيه، وأحقّ ما أكرم الرجل ابنته، أو أخته”. وأخرجه البيهقيّ من طريق حجّاج بن أرطأة، عن عمرو بن شعيب، عن عروة، عن عائشة، نحوه.
وقال الترمذيّ بعد تخريجه: والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من الصحابة، منهم عمر، قال: إذا تزوّج الرجل المرأةَ، وشرط أن لا يُخرجها لزم. وبه يقول الشافعيّ، وأحمد، وإسحاق.
قال في “الفتح”: كذا قال. والنقل في هذا عن الشافعيّ غريبٌ، بل الحديث عندهم محمول على الشروط التي لا تنافي مقتضى النكاح، بل تكون من مقتضياته، ومقاصده، كاشتراط العشرة بالمعروف، والإنفاق، والكسوة، والسكنى، وأن لا يقصّر في شيء من حقّها، من قسمة، ونحوها، وكشرطه عليها أن لا تَخرُج إلا بإذنه، ولا تمنعه نفسها، ولا تتصرّف في متاعه إلا برضاه، ونحو ذلك. وأما شرطٌ ينافي مقتضى النكاح، كأن لا يَقسم لها، أو لا يتسرّى عليها، أو لا يُنفق، أو نحو ذلك، فلا يجب الوفاء به، بل إن وقع في صلب العقد كفَى، وصحّ النكاح بمهر المثل. وفي وجه يجب المسمّى، ولا أثر للشرط. وفي قول للشافعيّ: يبطل النكاح.
وقال أحمد، وجماعة: يجب الوفاء بالشرط مطلقًا.
وقد استشكل ابن دقيق العيد حملَ الحديث على الشروط التي هي من مقتضيات النكاح، قال: تلك الأمور لا تؤثّر الشروط في إيجابها، فلا تشتدّ الحاجة إلى تعليق الحكم بالاشتراط فيها، ومقتضى الحديث أن لفظ: “أحقّ الشروط” يقتضي أن يكون بعض الشروط يقتضي الوفاء، وبعضها أشدّ اقتضاءً له، والشروط التي هي مقتضى العقود مستويةٌ في وجوب الوفاء، ويترجّح على ما عدا النكاح الشروط المتعلّقة بالنكاح من جهة حرمة الأبضاع، وتأكيد استحلالها. واللَّه أعلم انتهى.
وقال الترمذيّ: وقال عليّ: سبق شرط اللَّه شرطها، قال: وهو قول الثوريّ، وبعض أهل الكوفة، والمراد في الحديث الشروط الجائزة، لا المنهيّ عنها انتهى
وقد اختُلف عن عمر، فروى ابن وهب بإسناد جيّد عن عبيد بن السبّاق: “أن رجلًا تزوّج امرأة، فشرط لها أن لا يخرجها من دارها، فارتفعوا إلى عمر فوضع الشرط، وقال: المرأة مع زوجها”. قال أبو عبيد: تضادّت الروايات عن عمر في هذا، وقد قال بالقول الأول عمرو بن العاص، ومن التابعين طاوس، وأبو الشعثاء، وهو قول الأوزاعيّ، وقول الليث، والثوريّ، والجمهور بقول عليّ، حتى لو كان صداقًا مثلها مائة مثلًا، فرضيت بخمسين على أن لا يخرجها، فله إخراجها، ولا يلزمه إلا المسمّى. وقالت الحنفيّة: لها أن ترجع عليه بما نقصته له من الصداق. وقال الشافعيّ: يصحّ النكاح، ويلغو الشرط، ويلزمه مهر المثل. وعنه يصحّ، وتستحقّ الكل. وقال أبو عبيد: والذي نأخذ به أنا نأمره بالوفاء بشرطه من غير أن يحكم عليه بذلك. قال: وقد أجمعوا على أنها لو اشترطت عليه أن لا يطأها لم يجب الوفاء بذلك الشرط، فكذلك هذا.
ومما يقوّي حمل حديث عقبة على الندب ما سيأتي في حديث عائشة في قصّة بريرة: “كلّ شرط ليس في كتاب اللَّه، فهو باطل”. والوطء، والإسكان، وغيرهما من حقوق الزوج إذا شرط عليه إسقاط شيء منها كان شرطًا، ليس في كتاب اللَّه، فيبطل.
وأخرج إسحاق في “مسنده” من طريق كثير بن عبد اللَّه بن عمرو، عن أبيه، عن جدّه، مرفوعًا بلفظه: “المسلمون عند شروطهم، إلا شرطًا حرّم حلالًا، أو أحلّ حرامًا”. وكثير ابن عبد اللَّه ضعيف عند الأكثرين، لكن البخاريّ، ومن تبعه كالترمذيّ، وابن خزيمة يُقوّون أمره. وقد علّق البخاريّ الجزء الأول منه في “صحيحه” بصيغة الجزم.
وأخرج الطبرانيّ في “الصغير” بإسناد حسن عن جابر: “أن النبيّ صلى الله عليه وسلم خطب أمّ مبشّر بنت البراء بن معرور، فقالت: إني شرطت لزوجي أن لا أتزوّج بعده، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم: “إن هذا لا يصلح”. أفاده في “الفتح”.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يترجّح عندي أن الشرط الذي يلزم الوفاء به هو الشرط الذي يذكره الزوج ترغيبًا للزوجة في النكاح، مما لا يؤدّي إلى تحريم حلالٍ، أو تحليل حرام، وأما ما أدّى إلى ذلك فليس مراد حديث الباب؛ إذ الباطل لا يجوز الوفاء به؛ لحديث: “كلّ شرط ليس في كتاب اللَّه فهو باطل”. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل
[ذخيرة العقبى في شرح المجتبى 27/ 252]
____
باب الرجل يدخل بامرأته قبل أن ينقد
قال أبو داود: حدثنا إسماعيل بن اسحاق الطالقاني، قال: حدثنا عبدة، قال: حدثنا سعيد عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال لما تزوج علي فاطمة رضي الله عنهما، قال له رسول الله ? أعطها شيئا، قال ما عندي شيء، قال أين درعك الحطمية.
قال الشيخ الحطمية منسوبة إلى حطمة بطن من عبد القيس كانوا يعملون الدروع. ويقال إنها الدرع السابغة التي تحطم السلاح.
وقد اختلف الناس في الدخول قبل أن يعطي من المهر شيئا فكان ابن عمر يقول لا يحل لمسلم أن يدخل على امرأته حتى يقدم إليها حقل أو كثر.
وروي عن ابن عباس الكراهية في ذلك وكذلك عن قتادة والزهري.
وقال مالك بن أنس لا يدخل حتى يقدم شيئا من صداقها أدناه ربع دينار
أو ثلاثة دراهم سواء فرض لها أو لم يكن فرض.
وكان الشافعي يقول في القديم إن لم يسم لها مهرا كرهت أن يطأها قبل أن يسمي أو يعطيها شيئا، وقول سفيان الثوري قريب من هذا ورخص في ذلك سعيد بن المسيب والحسن البصري والنخعي وهو قول أحمد وإسحاق.
[قال أبو داود: حدثنا محمد بن معمر، قال: حدثنا محمد بن بكر البرساني قال أخبرنا ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ?: أيما امرأة نكحت على صداق أو حباء أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه وأحق ما أكرم عليه الرجل ابنته أو أخته.]
قال الشيخ وهذا يتأول على ما يشترطه الولي لنفسه سوى المهر، وقد اختلف الناس في وجوبه فقال سفيان الثوري ومالك بن أنس في الرجل ينكح المرأة على أن لأبيها كذا وكذا شيئا اتفقا عليه سوى المهر أن ذلك كله للمرأة دون الأب وكذلك روي عن عطاء وطاوس، وقال أحمد هو للأب ولا يكون ذلك لغيره من الأولياء لأن يد الأب مبسوطة في مال الولد.
وروي عن علي بن الحسين أنه زوج ابنته رجلا واشترط لنفسه مالا، وعن مسروق أنه زوج ابنته رجلا واشترط لنفسه عشرة آلاف درهم يجعلها في الحج والمساكين.
وقال الشافعي إذا فعل ذلك فلها مهر المثل ولا شيء للولي.
معالم السنن — الخطابي (ت (388))
صداق فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم
(987) – وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «لما تزوج علي فاطمة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيها شيئا، قال: ما عندي شيء. قال: فأين درعك الحطمية؟». رواه أبو داود، والنسائي، وصححه الحاكم.
علي بن أبي طالب ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم وفاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وهي سيدة نساء أهل الجنة كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم «أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي» قال ذلك حينما خلفه على أهله في غزوة تبوك فقال يا رسول الله تجعلني مع النساء والصبيان فقال ذلك تطييبا لقلبه ولأن هارون خلف موسى في قومه حيث قال: {اخلفني في قومي وأصلح} [الأعراف (142)]. فهذا معنى قوله: «أنت مني بمنزلة هارون من موسى» لكن لما خاف النبي صلى الله عليه وسلم أن يتشبث متشبث بهذه الكلمة ويقول: علي نبي كهارون فقال غير أنه لا نبي بعدي وهذا مما يدل على شدة حماية النبي صلى الله عليه وسلم لمقام الرسالة كما أنهشديد الحماية لمقام التوحيد وإلا فمن المعلوم من القرآن والسنة أنه – أي: النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وأنه لا نبي بعده لكن خاف أن يتشبث متشبث بهذا لكن الرافضة قالوا إن عليا إمام وادعوا أن الأئمة أفضل من الأنبياء وأنه لأئمتهم مقاما لا يناله ملك مقرب ولا نبي مرسل.
يقول: قال له الرسول: «أعطها شيئا» يريد: مهرا قال: «ما عندي شيء» ابن عم الرسول ليس عنده شيء يصدقه زوجته! قال: «فأين درعك الحطمية؟» الدرع يحتمل أنه يراد به درع الحرب ويحتمل أن يراد به درع اللباس العادي فإن القميص الذي نلبسه نحن يسمى درعا والدرع الممرد من الحديد يسمى درعا أيضا وأظن بعضكم قد شاهد الدرع الذي يلبس في الحرب عبارة عن حلقات يربط بعضها ببعض منسوجة نسجا يلبسها الرجل حتى تقيه السهام وهو ثقيل لكن هناك أجسام قوية تتحمل هذا الدرع وقوله «الحطمية» نسبة إلى بطن من عبد قيس يعني من العرب.
ففي هذا الحديث:
دليل على فضل علي بن أبي طالب وذلك حين أنكحه النبي صلى الله عليه وسلم ابنته فإن هذا لا شك يورث قرابته النسبية – هذه قرابة صهرية – فاجتمع لعلي قرابة النسب وقرابة الصهر وعثمان بن عفان زوجة النبي صلى الله عليه وسلم ابنتيه رقية وأم كلثوم وقد جاء رجلان إلى ابن الجوزي رحمه الله يتنازعان في علي وأبي بكر أيهما أفضل؟ فقال ابن الجوزي «أفضلهما من كانت ابنته تحته». فذهب الرجلان يتنازعان من يريد أيريد عليا أم يريد أبا بكر، هو تخلص من السؤال لأن أحد الرجلين يريد أن يقول علي أفضل والثاني يريد أن يقول أبو بكر أفضل فقال لهما ذلك فالضمير يعود على من؟ ما يدري من كانت ابنة الرسول تحته إذا كان هذا المعنى فعلي إذا كان المعنى من كانت ابنته تحت الرسول فهو أبو بكر والضمائر غير واضحة.
ومن فوائد الحديث:
أنه لابد في النكاح من مهر لأنه لما قال أعطها شيئا قال ما عندي قال أين درعك؟ ويدل لذلك أي لكونه لابد في النكاح من مهر قوله تعالى: {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم} [النساء (24)]. ولأننا لو أجزنا النكاح دون مهر لكان بمعنى الهبة والهبة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم بنص القرآن كما قال تعالى: {وامرأة} يعني وأحللنا لك امرأة مؤمنة إن أراد … إلى قوله المؤمنين} [الأحزاب (50)]. فإذا شرط الزوج أن لا مهر عليه فقد اختلف العلماء في صفة النكاح واتفقوا على فساد الشرط. الشرط فاسد لكن هل النكاح صحيح؟ يرى شيخالإسلام رحمه الله أن النكاح غير صحيح لأن هذا شرط ينافي مقتضى العقد وكل شرط ينافي مقتضى العقد فإنه مبطل للعقد قال لأن الله إنما أحل ما أحل من النساء بشرط المهر: {أن تبتغوا بأموالكم} [النساء (24)] أي: تطلبوا النساء بأموالكم، وقال بعض العلماء: النكاح صحيح والشرط فاسد ويجب لها مهر المثل أما إذا زوجه وسكت فالنكاح صحيح ولها مهر المثل.
ومن فوائد الحديث:
إحاطة النبي صلى الله عليه وسلم بأحوال الصحابة حيث علم ما عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ومن فوائد الحديث:
أن الخبر المبني على الظن لا يعد كذبا ولو خالف الواقع لما قال: «ما عندي شيء» يشمل كل شيء فأقره النبي صلى الله عليه وسلم لكن بين له أن عنده شيئا فإذا أخبر الإنسان بخبر بناء على ظنه وتبين الأمر خلاف ظنه لم يعد كاذبا ويتفرع على هذه الفائدة أنه لو حلف على شيء بناء على غلبة الظن فإنه لا يحنث ولا فرق بين أن يكون هذا في المستقبل أو في الماضي فإذا قيل لشخص فلان سيقدم غدا قال: «والله لا يقدم» بناء على غلبة الظن ثم قدم فإنه لا حنث عليه كما تفيد هذه القاعدة التي أخذت من السنة.
ومن فوائد الحديث: أن المهر يصح في كل متمول لقوله: «فأين درعك الحطمية؟».
ومن فوائده:
أنه يجوز أن يكون المهر مما لا يصلح للمرأة ولكن تبيعه أو تهديه كيف ذلك؟ لأن الدرع إن كان درع الحديد الذي يتوقى به السهام فإن المرأة لا تلبسه عادة وإن كان الدرع لباس الرجل فالمرأة أيضا لا تلبسه لأن المرأة لا يجوز أن تتشبه بالرجال، فإذا قال قائل: هل أصدقها علي هذا الدرع أم ماذا؟
الواقع: أن الحديث ليس فيه ذكر لجواب علي؛ يعني: علي لم يقل عندي ولم يقل أريد أن أصدقها غيرك، فهو محتمل لكن ربما يقول قائل إن الذي يقرب أنه أصدقها إياه لأن قول الرسول صلى الله عليه وسلم «أين درعك الحطمية؟» يعني أصدقها إياه فيكون الظاهر أنه أصدقها إياه.
الصداق والحباء والعدة
(988) – وعن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أيما امرأة نكحت على صداق، أو حباء، أو عدة قبل عصمة النكاح؛ فهو لها، وما كان بعد عصمة النكاح؛ فهو لمن أعطيه، وأحق ما أكرم الرجل عليه ابنته أو أخته». رواه أحمد، والأربعة إلا الترمذي.
قوله صلى الله عليه وسلم : «أيما» هذه من أسماء الشرط التي تجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابالشرط وهي مبتدأ و «ما» زائدة لأنها لو حذفت لاستقام الكلام لو قيل أي امرأة نكحت وامرأة مضاف إليها «أي» وقوله: «نكحت» هذا فعل الشرط وجوابه «فهو لها» يقول: «أيما امرأة نكحت على صداق» وسبق معنى الصداق «أو على حباء» وهي ما نسميه نحن بالهدايا التي تبذل لها وهي خارجة عن الصداق لكن لها حكم الصداق يعني الزوج يعطي الصداق ولنقل دراهم أو ثيابا أو فرشا ويعطي هدايا كالحلي وشبهه أحيانا تسبق الهدايا العقد وأحيانا تكون بعده، وقوله: «أو عدة» مؤنث وعد يعني نكحت على وعد بأن قال الزوج أنا أعدكم أن أعطيكم ألف ريال، قبل عصمة النكاح أي قبل عقده وسمي عقد النكاح عصمة لأن الإنسان يعصم به ما يخشى على نفسه منه من الفساد ولأنه يعصم به الزوجة من أن تتزوج بآخر وقوله: «قبل عصمة النكاح فهو لها» أي للزوجة ولا يعطى لأحد حتى وإن كان الموعود نفس الولي قال: «وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه ما كان من الحباء والعدة فهو لمن أعطيه سواء كان يعطيه الأب أو العم أو الأخ أو الأم أو غير ذلك» وأحقما أكرم الرجل عليه ابنته أو أخته هذه الجملة علاقتها بالنسبة أنها تعليل يعني أن الإنسان قد يكرم من أجل ابنته أو أخته وهذا حق وليس بباطل.
فهذا الحديث فيه فوائد عظيمة: الأولى أن الصداق والهدايا التابعة له والعدات التي يعد بها الزوج إن كانت قبل عقد النكاح فهي للزوجة حتى وإن شرطت لغيرها وبهذا نعرف ظلم أولئك القوم الذين يشترطون لأنفسهم من مهر الزوجة ما قد يكون نصف المهر أو أكثر وخصوصا في البادية إذا خطب الرجل منهم قالوا نعم نعطيك البنت عشرة آلاف لها وعشرون ألفا لحليلها ولأبيها سيارة كاديلاك ولأخيها سيارة نقل، فيكون نصف المهر كله طلبات لغيرها هذا حرام إذ ليس يحل لهم أن يشترطوا لأنفسهم شيئا ولو شرطوا وتحاكموا للمحكمة قضت بأن المشروط للزوجة لا لهم فهم لا يملكون شرعا ولا حكما يعني عند التحاكم، وقال بعض العلماء إن شرط للأب فله وإن شرط لغيره فلها أي للزوجة وعللوا ذلك للأب أن يتملك من مال ولده ما شاء لقول النبي صلى الله عليه وسلم «أنت ومالك لأبيك»، ولكن هذا قياس في مقابلة النص فهو فاسد الاعتبار وهو قياس فاسد من أصله وذلك أن المرأة لا تملك الصداق إلا بالعقد والأب لا يمكن أن يتملك مالم تملكه البنت فهو قياس فاسد والصحيح أن ما يشترط قبل العقد للمرأة ولو كان الذي اشترطه أبوها لهذا الحديث.
ومن فوائد الحديث:
جواز شرط الكرامة للأب أو للابن بعد عقد النكاح وأن الزوج لو التزم بذلك ورضي لزمه ولكن هل يعتبر من المهر؟ لا يعتبر يعتبر كرامة للأب أو للأخ أو للعمما أشبه ذلك وبناء عليه فإذا وجد ما يسقط به المهر أو ما يتنصف فإن الزوج لا يرجع به على من أخذه مثال ذلك رجل تزوج امرأة بمهر قدره عشرة آلاف ريال وعقد له العشرة للزوجة لكن بعد العقد أكرم أباها بخمسة آلاف وأمها بألفين وأخاها بألف ثم قدر أن طلقها قبل الدخول لها فلها نصف المهر ويرجع عليه نصف المهر لكن هل يرجع بما أعطى أباها وأمها وأخاها؟ لا لأن هذا ليس من المهر.
ومن فوائد الحديث:
أن الرجل قد يكرم من أجل ابنته أو من أجل أخته وأنه إذا أكرم لهذا فليس ذلك من باب الرشوة ولا من باب أكل المال بالباطل لقوله «أحق ما أكرم الرجل عليه ابنته أو أخته».
ومن فوائد الحديث: أن الصداق يصح بالقليل والكثير لأن «على صداق» نكرة في سياق الشرط فتكون للعموم أي صداق كان قليلا كان أو كثيرا فهو جائز.
فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام ط المكتبة الإسلامية — ابن عثيمين (ت (1421))
____
المطلب الثالث: حكم عقد النكاح الذي لم يُسَم فيه المهر:
صورة المسألة:
نُقل الإجماع على أن الرجل إذا تزوج امرأة بدون أن يسمي لها مهرا، فإن النكاح صحيح وثابت.
حكاية الإجماع:
قال الإمام الشافعي: “ولم أعلم مخالفا مضى ولا أدركته في أن النكاح يثبت وإن لم يسم مهرا”. ()
وقال ابن العربي المالكي: “نكاح التفويض جائز، وهو كل نكاح عقد من غير ذكر الصداق؛ ولا خلاف فيه”. ()
وقال الكاساني الحنفي: ” ولا خلاف في أن النكاح يصح من غير ذكر المهر”. ()
وقال ابن رشد المالكي: ” وأجمعوا على أن نكاح التفويض جائز، وهو أن يعقد النكاح دون صداق”. ()
وقال ابن تيمية الحنبلي: ” واتفق العلماء على أن من تزوج امرأة ولم يقدر لها مهرا: صح النكاح”. ()
وقال البابرتي الحنفي: “لا خلاف لأحد في صحة النكاح بلا تسمية المهر”. ()
وقال بدر الدين ابن قاضي شهبة الحنفي: ” ويجوز إخلاؤه منه بالإجماع “. ()
وقال الرملي الشافعي: “ويجوز إخلاؤه منه، أي: من تسميته إجماعًا”. ()
مستند الإجماع:
1 – قول الله تعالى: {لا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً} [البقرة: (236)]
وجه الاستدلال: أن الله تعالى رفع الجناح عمن طلق في نكاح لا تسمية فيه، والطلاق لا يكون إلا بعد النكاح، فدل على جواز النكاح بلا تسمية. () قال الشافعي بعد ذكر الآية: “عقد النكاح يصح بغير فريضة صداق، وذلك أن الطلاق لا يقع إلا على من عقد نكاحه”. ()
2 – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود –رضي الله عنه- أنه سئل عن رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً فَمَاتَ عَنْهَا، وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا، وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا الصَّدَاقَ؟ فَقَالَ: “لَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا، وَعَلَيْهَا الْعِدَّةُ، وَلَهَا الْمِيرَاثُ”. فَقَالَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ: “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِهِ فِي بَرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ”. ()
وجه الاستدلال: الحديث واضح الدلالة على أنه تزوج ولم يفرض لها صداقا، وأقرَّ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – النكاح، ورتّب عليه آثاره، فدل على جوازه وصحته. ()
3 – عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ: (أَتَرْضَى أَنْ أُزَوِّجَكَ فُلَانَةَ؟) قَالَ: “نَعَمْ”. وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: (أَتَرْضَيْنَ أَنْ أُزَوِّجَكِ فُلَانًا؟) قَالَتْ: “نَعَمْ”. فَزَوَّجَ أَحَدَهُمَا صَاحِبَهُ، فَدَخَلَ بِهَا الرَّجُلُ وَلَمْ يَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ يُعْطِهَا شَيْئًا، وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ، وَكَانَ مَنْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ لَهُ سَهْمٌ بِخَيْبَرَ، فَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ: “إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَوَّجَنِي فُلَانَةَ، وَلَمْ أَفْرِضْ لَهَا صَدَاقًا، وَلَمْ أُعْطِهَا شَيْئًا، وَإِنِّي أُشْهِدُكُمْ أَنِّي أَعْطَيْتُهَا مِنْ صَدَاقِهَا سَهْمِي بِخَيْبَرَ”. فَأَخَذَتْ سَهْمًا فَبَاعَتْهُ بِمِائَةِ أَلْفٍ. ()
وجه الاستدلال: تضمن الحديث جواز النكاح من غير تسمية المهر، وجواز الدخول قبل التسمية، حيث إن الرجل دخل بها ولم يفرض لها صداقا ولم يعطها شيئا. () وبوب عليه البيهقي حيث قال:” باب: النكاح ينعقد بغير مهر”. ()
النتيجة:
تحقق الإجماع -والله أعلم- لعدم الوقوف على مخالف.
من رسالة الماجستير