212 جامع الأجوبة الفقهية ص 248
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : كتب التفسير والفقه.
♢- جواب ناصر الريسي:
بمعنى هل يجب الوضوء على من أراد مس كتب التفسير والفقه؟
♢- اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يجوز وهو قول الجمهور من المالكية والحنابلة ونقل شيخ الاسلام ابن تيمية الاتفاق عليه واختاره الشيخ ابن باز.
الثاني: عدم الجواز وهذا قول الحنفية، والشافعية في وجه لديهم، والحنابلة في رواية، ووافقهم ابن عرفة من المالكية.
الثالث: التفصيل فقالوا: بحرمة حمل التفسير ومسه إذا كان القرآن أكثر من التفسير، وكذلك إن تساويا، ويحل مسه إذا كان التفسير أكثر، وبهذا قال الشافعية ورجح هذا القول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.
انظر: بدائع الصنائع (1/33)، والفتاوى الهندية (1/39)، حاشية الدسوقي (1/125)، ونهاية المحتاج (1/125- 126)، والمجموع (2/69)، الإنصاف (1/225- 226)، والفروع (1/191).
♢- استدل الجمهور بما يلي:
1- أن الأصل الجواز، والآية والحديث في المنع من مس المصحف إلا بالطهارة لا تنطبق على مسألتنا، حيث إن كتب التفسير ليست مصاحف، فيجوز إذا مسها دون طهارة.
2- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى هرقل، أخرجه البخاري (الفتح 1 / 32) ومسلم (3 / 1394) من حديث ابن عباس. وكان فيما كتب آيات من القرآن الكريم، وهرقل على الكفر، والتفاسير هكذا فيها آيات، ولكنها ليست مصاحف، فيجوز إذاً مسها دون طهارة.
♢- واحتج المانعون: بأنها متضمنة قرآنا كثيرا؛ فتأخذ حكمه، وأنه يصير بمسها ماسا للقرآن.
♢- جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (13/97):
“يجوز عند جمهور الفقهاء للمحدث مس كتب التفسير وإن كان فيها آيات من القرآن وحملها والمطالعة فيها، وإن كان جنبا، قالوا: لأن المقصود من التفسير: معاني القرآن، لا تلاوته، فلا تجري عليه أحكام القرآن.
وصرح الشافعية بأن الجواز مشروط فيه أن يكون التفسير أكثر من القرآن لعدم الإخلال بتعظيمه حينئذ، وليس هو في معنى المصحف. وخالف في ذلك الحنفية، فأوجبوا الوضوء لمس كتب التفسير”.
وفي موضع أخر (16/ 53): “ويحرم عند الحنفية مس كتب التفسير؛ لأنه يصير بمسها ماسا للقرآن، وهو قول ابن عرفة من المالكية، والعبرة عند الشافعية بالقلة والكثرة، فإن كان القرآن أكثر كبعض كتب غريب القرآن حرم مسه، وإن كان التفسير أكثر لا يحرم مسه في الأصح. وأجاز ذلك المالكية – غير ابن عرفة – والحنابلة لأنه لا يقع عليها اسم مصحف”.
♢- وجاء في الفتاوى الهندية (1/39): “ويكره مس كتب التفسير والفقه والسنة ولا بأس بمسها بالكم”. انتهى
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/109):
“ويجوز مس كتب التفسير والفقه وغيرها، والرسائل، وإن كان فيها آيات من القرآن، بدليل أن النبي – صلى الله عليه وسلم – كتب إلى قيصر كتابا فيه آية؛ ولأنها لا يقع عليها اسم مصحف، ولا تثبت لها حرمته”. انتهى
♢- وقال ابن تيمية في مجموع الفتاوى (6/542): “اتَّفَقَ المُسْلِمُونَ عَلى جَوازِ مَسِّ المُحْدِثِ لِكُتُبِ التَّفْسِيرِ “. انتهى
ذكر في موسوعة الإجماع [٤١ – ٢٣١] بعد أن نقلوا كلام ابن تيمية ثم ذكروا من خالف:
النتيجة:
أن الاتفاق غير متحقق؛ لوجود المخالف في المسألة، واللَّه تعالى أعلم.
قال الحافظ ابن حجر: (إن الكتاب اشتمل على أشياء غير الآيتين، فأشبه ما لو ذكر بعض القرآن في كتاب في الفقه أو التفسير، فإنه لا يمنع قراءته ولا مسه عند الجمهور؛ لأنه لا يقصد منه التلاوة، ونص أحمد: أنه يجوز مثل ذلك في المكاتبة لمصلحة التبليغ وقال به كثير من الشافعية، ومنهم من خص الجواز بالقليل كالآية والآيتين) . فتح الباري، ١/٤٠٨.
♢- قال الشيخ ابن باز في مجموع الفتاوى (24/348):
س: هل يجوز الإمساك بالمصحف المفسر بدون طهارة، والمقصود هو المصحف الذي على جوانبه تفسير للقرآن الكريم؟ أي أنه ” قرآن وتفسير “؟ نرجو من سماحتكم إفادتنا.
ج: يجوز إمساك كتب التفسير من غير حائل، ومن غير طهارة؛ لأنها لا تسمى مصحفا، أما المصحف المختص بالقرآن فقط فلا يجوز مسه لمن لم يكن على طهارة، لقول الله عز وجل: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ}، {فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ}، {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ}.
وقال الشيخ ابن باز مرة:
كتب إلى هرقل عظيم الروم قوله جل وعلا: (قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ تَعالَوْا إلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وبَيْنَكُمْ) الآية،
قالوا: هذه الآية العظيمة آية من كتاب الله وقد كتبها إلى هرقل.
والصواب أنه ليس بحجة، وإنما يدل على جواز الكتابة للآية والآيتين من كتاب الله. أما تسليم المصحف فليس بثابت عنه ﷺ.
أما بالنسبة لكتاب ترجمة معاني القرآن فلا حرج في أن يمسه الكافر؛ لأن المترجم معناه أنه كتاب تفسير وليس بقرآن، أي أن الترجمة تفسير لمعاني القرآن، فإذا مسه الكافر أو من ليس على طهارة فلا حرج؛ لأنه ليس له حكم القرآن، وحكم القرآن يختص بما إذا كان مكتوبا بالعربية وحدها وليس فيه تفسير، أما إذا كان معه الترجمة فحكمه حكم التفسير، والتفسير يجوز أن يحمله المحدث والمسلم والكافر؛ لأنه ليس كتاب القرآن ولكنه يعتبر من كتب التفسير» انتهى من «مجموع فتاوى الشيخ ابن باز» (٢٤/٣٤٠).
♢- ويقول الشيخ ابن عثيمين تعليقاته على الكافي (1/155):
“في حكم مس كتب التفسير الراجح في ذلك أنه إذا كان الذي فيه من القرآن أكثر من التفسير فإنه لا يمس وإذا كان مثله أو أقل فإنه يمس وقد ذكروا أن تفسير الجلالين إذا كان مجردا عن القرآن يعني معناه ما كتب القرآن فيه كاملا في الوسط قالوا إن التفسير أكثر من القرآن وعلى هذا فإذا وجدنا تفسير الجلالين مجرداً عن القرآن جاز مسه”. انتهى
والله أعلم..
وذكر عمر السبيل الأقوال بتفصيل أكثر فذكر الأقوال السابقة ثم ذكر أن بعضهم قال بالحرمة وبعضهم بالكراهة وبعضهم منع في كتب التفسير دون بقية كتب العلم لأن القرآن في كتب التفسير كثير وهو قول في المذاهب الأربعة: الحنفية ،والمالكية ، والشافعية ، والحنابلة .
؛ وقال:
والذي يظهر لي أن الراجح من هذه الأقوال هو القول بجواز مس كتب العلم كلها، تفسيرًا كانت أو غيرها، لقوة أدلته، ورجحانها على استدلالات القولين الآخرين، ولما في اشتراط الطهارة لذلك مع عدم النص الموجب، من مشقة وحرج.
ومع هذا فإن الأولى والمستحب للمحدث أن لا يمس كتب العلم المتضمنة لآيات من القرآن إلا على طهارة، كما نص على ذلك كثير من العلماء .
من أحكام مس القرآن الكريم – دراسة فقهية مقارنة- للشيخ عمر السبيل