212،213 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة.
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
وناصر الكعبي
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
53 باب الوضوء من النوم، ومن لم ير من النعسة والنعستين أو الخفقة وضوءا.
212 – حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن هشام عن أبيه عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم؛ فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه.
213 – حدثنا أبو معمر قال حدثنا عبد الوارث حدثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا نعس أحدكم في الصلاة فلينم حتى يعلم ما يقرأ.
______
فوائد الباب:
1 – سبق ذكر فوائد تتعلق بالوضوء من النوم في الباب (37): باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل.
2 – حديث عائشة رضي الله عنها أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه.
3 – حديث أنس رضي الله عنه أخرجه البخاري والنسائي وأشار إليه الترمذي بقوله: وفي الباب عن أنس.
4 – قال ابن الملقن في التوضيح: قال الإسماعيلي في حديث أنس: ورواه حماد بن زيد، عن أيوب فوقفه. ورواه عبد الوهاب، عن أيوب، فلم يجاوز أبا قلابة، ووافق عبد الوارث وهيب والطفاوي.
5 – قال ابن بطال كما في شرح صحيح البخاري: قال المهلب: قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا نعس أحدكم فليرقد)، هو في صلاة الليل، لأن صلوات الفرض ليست من نهاية الطول، ولا في أوقات النوم فيحدث فيها مثل هذا، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم العلة الموجبة لقطع الصلاة، وذلك أنه خاف عليه إذا غلب عليه النوم أن يخلط الاستغفار بالسب.
6 – قال المهلب: ومن صار في مثل هذه الحال من ثقل النوم؛ فقد انتقض وضوؤه بإجماع، فأشبه من نهاه الله تعالى عن مقاربة الصلاة في حال السكر بقوله تعالى: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) [النساء: 43]. نقله ابن بطال في شرح صحيح البخاري له.
واعترض على المهلب في قوله ينقض الوضوء بالإجماع، فقال ابن حجر: كَذا قالَ وفِيهِ نَظَرٌ فَإنَّ الإشارَةَ إنَّما هِيَ إلى جَوازِ قَطْعِ الصَّلاةِ أوْ الِانْصِرافِ إذا سَلَّمَ مِنها وأمّا النَّقْضُ فَلا يَتَبَيَّنُ مِن سِياقِ الحَدِيثِ
7 – وأجمع الفقهاء على أن النوم القليل الذي لا يزيل العقل لا ينقض الوضوء، إلا المزني وحده، فإنه جعل قليل النوم وكثيره حدث. قاله المهلب، ونقله ابن بطال في شرحه، وأضاف:” وكذلك أجمعوا أن نوم المضطجع ينقض الوضوء”.
واعترض ابن حجر في الفتح على ما ذكروه عن المزني أنه هو الوحيد الذي خالف الإجماع .. أن هذا تحامل عليه، فله سلف وليس هو الوحيد.
8 – قوله (فليرقد حتى يذهب عنه النوم) وعند عبد الرزاق عن الثوري: ” فلينم على فراشه”.
9 – قوله (لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه) وعند الإمام مالك في الموطأ (3): ” لعله يذهب يستغفر” وهي عند مسلم 786وذكر الحديث من ثلاثة طرق أحدها طريق الإمام مالك، وعند عبد الرزاق في المصنف 4222، ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 4917 عن الثوري: «فإنه لا يدري أيدعو على نفسه أم يدعو لها».
وعند النسائي في السنن الكبرى من طريق أيوب: ” لعله يدعو على نفسه وهو لا يدري”.
10 – ذكره للعلة من أمره بالانصراف من الصلاة؛ إشارة إلى أن الوضوء لا ينتقض من النعاس.
11 – قوله في حديث أنس: (فلينم حتى يعلم ما يقرأ). وعند أبي يعلى في مسنده 2800 من طريق عبد الوارث: “فلينصرف حتى يعقل ما يقول”.
12 – عن ابن إسحاق، قال: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم الحولاء بنت تويت؛ فقيل له: يا رسول الله، إنها تصلي بالليل صلاة كثيرة، فإذا غلبها النوم ارتبطت بحبل، فتعلقت به. قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فلتصل ما قويت على الصلاة فإذا نعست فلتنم “. أخرجه الإمام أحمد في مسنده 26309 ومحمد بن نصر كما في مختصر قيام الليل، وإسناده حسن من أجل محمد بن إسحاق صاحب السيرة وهو مدلس، وقد صرح بالتحديث.
وبوب البخاري: باب ما يكره من التشديد في العبادة، وذكر (1151) – عن عائشة رضي الله عنها، قالت: كانت عندي امرأة من بني أسد، فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: «من هذه؟» قلت: فلانة لا تنام بالليل، فَذُكِر من صلاتها، فقال: «مه، عليكم ما تطيقون من الأعمال، فإن الله لا يمل حتى تملوا». وقال بعض الشراح: أنها بنت تويت.
تنبيه: هناك اختلاف في ضبط (فَذُكِر)
قال ابن حجر في الفتح:
قوله: (تذكر) للمستملي بفتح أوله بلفظ المضارع المؤنث، وللحموي بضمه على البناء للمفعول بالتذكير، وللكشميهني “فذكر ” بفاء، وضم المعجمة، وكسر الكاف، ولكل وجه. وعلى الأول يكون ذلك قول عروة، أو من دونه، وعلى الثاني والثالث يحتمل أن يكون من كلام عائشة، وهو على كل حال تفسير لقولها: “لا تنام الليل”.
13 – عن ابن عباس، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نام في سجوده ونفخ، فقيل له: يا رسول الله، نمت في سجودك وصليت، ولم تتوضأ؟ فقال: إنما الوضوء على من نام مضطجعا.
قال ابن بطال: وهذا حديث منكر، قد ضعفه ابن حنبل وأبو داود، وقال أحمد: ما لأبي خالد يدخل نفسه في أصحاب قتادة، ولم يلقه؟!
وأيضا؛ لم يروه أحد من أصحاب قتادة عنه، وقيل: لم يسمع قتادة من أبي العالية إلا أربعة أحاديث ليس هذا منها. انتهى.
وقال الألباني في زيادة: ” الوضوء على من نام مضطجعا”. زيادة منكرة كما في الصحيحة 2925 بعد أن عزاه لأبي داود موافقا لأبي داود في تصريحه بأن الزيادة منكرة.
14 – لما أوجب -صلى الله عليه وسلم- قطع الصلاة بغلبة النوم والاستغراق فيه، دل أنه إذا كان النعاس أقل من ذلك ولم يغلب عليه أنه معفو عنه، لا وضوء فيه، على ما يذهب إليه الجمهور. قاله ابن بطال في شرحه.
15 – استنبط ابن سعدي -رحمه الله- من هذه الآية؛ وهي قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون} (النساء: 43) منع دخول المصلي في الصلاة في حال النعاس المفرط. – قال السعدي – رحمه الله -: (ويؤخذ من المعنى منع الدخول في الصلاة في حال النعاس المفرط، الذي لا يشعر صاحبه بما يقول ويفعل) ا. هـ
قاس عليه حالة النعاس المفرط التي يكون فيها المصلي في حالة لا يدري ما يقوله.
قال السيوطي-عند هذه الآية-: (ففيه كراهة الصلاة حال النعاس)، وممن قال بنحو ذلك: ابن العربي،
ومما يؤيد هذا المعنى المستنبط ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها.
16 – وقد أطال صاحب موسوعة أحكام الطهارة الكلام عن نقض الوضوء من النوم وأتى بدليل كل مذهب وما رد عليه في:
المبحث الثاني: انتقاض الوضوء بزوال العقل بالنوم.
ثم قال:
هذه أهم الأقوال في المسألة، وهناك أقوال أخرى لم أتعرض لها لضعفها، والراجح في مسألة النوم أن مداره على الإحساس، فإن فقد الإحساس بحيث لو أحدث لم يشعر انتقض وضوؤه، وإن كان إحساسه معه لكن معه مقدمات النوم، ويشعر بالأصوات من حوله، ولا يميزها من النعاس فإن طهارته باقية بذلك؛ لأن النوم ليس حدثا في نفسه.
قال ابن تيمية: «ويدل على هذا ما في الصحيحين: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان ينام حتى ينفخ، ثم يقوم، فيصلي، ولا يتوضأ؛ لأنه كانت تنام عيناه، ولا ينام قلبه. فكان يقظان، فلو خرج منه شيء لشعر به، وهذا يبين أن النوم ليس حدثا في نفسه؛ إذ لو كان حدثا لم يكن فيه فرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين غيره كما في البول والغائط وغيرهما من الأحداث».
وبهذا تجتمع الأدلة، فحديث صفوان بن عسال دل على أن النوم ناقض للوضوء، وحديث أنس دل على أن النوم ليس بناقض، فيحمل حديث أنس على أن الإحساس ليس مفقودا، فلو أحدث الواحد منهم لأحس بنفسه، والله أعلم
«موسوعة أحكام الطهارة» (2/ 601 ط 3).
وابن تيمية يقرر أنه من كان متوضئاً أن اليقين لا يزول بالشك؛ فمن شك هل نام مستغرقا فتُنتقض طهارته أم لا؟ فالأصل بقاء الطهارة.
[مجموع الفتاوى 21/ 394].
17 – قال الصنعاني في “سبل السلام” (1/ 97):
” والأقرب: القول بأنّ النوم ناقض لحديث صفوان. . . ولكن لفظ النوم في حديثه مطلق، وورود حديث أنس بنوم الصحابة، وأنهم كانوا لا يتوضؤون ولو غطوا غطيطاً، وبأنهم كانوا يضعون جنوبهم، وبأنهم كانوا يوقظون، فيقيد مطلق حديث صفوان بالنوم المستغرق الذي لا يبقى معه إدراك، ويؤول ما ذكره أنس من الغطيط ووضع الجنوب والإيقاظ بعدم الاستغراق، فقد يغطّ من هو في مبادئ نومه قبل استغراقه، ووضع الجَنْب لا يستلزم الاستغراق ” انتهى باختصار.
تنبيه: سبق بيان تعليل لفظة: (يضعون جنوبهم). في 37 باب من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل.
وعلى فرض صحتها فالصنعاني ذكر توجيهها.
18 – وقال أعضاء اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية بأن النوم المستغرق مظنة لنقض الوضوء خلافاً للنوم الغير المستغرق، فقالوا في الفتاوى (5/ 262):
” النوم المستغرق مظنة لنقض الوضوء فمن نام نوماً مستغرقاً في المسجد أو غيره وجب عليه إعادة وضوئه، سواء كان قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً وسواء كان في يده سبحة أم لا، أما إن كان غير مستغرق كالنعاس الذي لا يفقد معه الشعور فلا تجب عليه إعادة الوضوء لما ورد في ذلك من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم الدالة على التفصيل المذكور ” انتهى.
وقالوا أيضاً: “إن النوم الخفيف الذي لا يزول معه الشعور لا ينقض الوضوء، فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤخر صلاة العشاء بعض الأحيان حتى كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضئون ” انتهى. “فتاوى اللجنة الدائمة” (5/ 263).
وهو -كذلك- قول ابن عثيمين رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (11/ 200) وكذلك عبدالمحسن العباد حفظه الله كما في شرح سنن أبي داود (33/ 7).
وأما الشيخ الألباني رحمه الله فقد اختار أن النوم ناقض للوضوء على كل حال.
قال في السلسلة الضعيفة (2/ 370):
“ذكر الصنعاني اختلاف العلماء، في هذا المسألة، وجمع الأقوال فيها فبلغت ثمانية، الصواب منها القول الأول وهو أن النوم ناقض مطلقا على كل حال قليلا كان أو كثيرا، ونصره ابن حزم بأدلة قوية فراجعه”.
راجع جامع الأجوبة الفقهية مسألة هل النوم ناقض للوضوء في شرح حديث أنس رقم (83) من البلوغ
19 – عن همام بن منبه، قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة، عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قام أحدكم من الليل، فاستعجم القرآن على لسانه، فلم يدر ما يقول، فليضطجع». رواه مسلم 787.
20 – عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ما هذا الحبل قالوا هذا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد.
أخرجه البخاري 1150 وترجم عليه فقال: باب ما يكره من التشديد في العبادة.
21 – عن أبي الدرداء، أو أبي ذر قال: «ما من رجل يريد أن يقوم ساعة من الليل، فيغلبه عيناه عنها، إلا كتب الله له أجرها، وكان نومه صدقة تصدق بها الله عليه». أخرجه عبد الرزاق في المصنف 4224 عن الثوري، عن عبدة بن أبي لبابة، عن سويد بن غفلة به وأخرجه النسائي 1787 من طريق حبيب بن أبي ثابت عن عبدة مرفوعا ثم قال خالفه سفيان أي الثوري ثم أخرجه موقوفا على أبي الدرداء وأبي ذر 1788 وصححه الألباني وهو في حكم المرفوع.
22 – قال عبد الله- هو ابن مسعود رضي الله عنه-: «لا تغالبوا هذا الليل؛ فإنكم لا تطيقونه، فإذا نعس أحدكم في صلاته فلينصرف فلينم على فراشه فإنه أسلم له». أخرجه عبد الرزاق في المصنف 4223 وابن أبي شيبة في المصنف 34566 وأبو داود في الزهد 138 والطبراني في الكبير 8554 من طريق الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص به. وقال الهيثمي في المجمع: رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
23 – في حديث عائشة قوله (أخبرنا مالك) تابعه عبد الله بن نمير كما عند مسلم 786 وابن ماجه 1370 تابعه أبو أسامة كما عند مسلم 786 تابعه عبدة بن سليمان الكلابي كما عند الترمذي 355 تابعه عبد العزيز بن أبي حازم كما عند ابن ماجه 1370 تابعه يحيى هو ابن سعيد القطان كما عند الإمام أحمد 25661 تابعه وكيع كما عند الإمام أحمد في المسند 25661 تابعه سفيان هو الثوري كما عند عبد الرزاق في المصنف 4222 والإمام أحمد 25699 تابعه حماد بن سلمة كما عند الإمام أحمد 26231 والدارمي في سننه 1423 تابعه شعبة كما عند إسحق بن راهويه في مسنده 617 تابعه أيوب كما عند النسائي في السنن الكبرى 153 تابعه أنس بن عياض كما عند أبي عوانة في مستخرجه 2273 تابعه يحيى بن عبد الله العمري وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي كما عند ابن وهب في جامعه ومن طريقه البيهقي في السنن الكبرى 4916 تابعه زائدة كما عند أبي عوانة في مستخرجه 2274 تابعه سفيان بن عيينة كما عند في السنن الكبرى النسائي أبي عوانة في مستخرجه 2275.
24 – قوله في حديث أنس ” حدثنا عبد الوارث” تابعه محمد بن عبد الرحمن الطفاوي كما عند النسائي في السنن الصغرى 443 والإمام أحمد في مسنده 11971 تابعه وهيب كما عند الإمام أحمد 13611.
25 – عن ابن عمر رضي الله عنهما؛ أنه كان ينام قاعدا ثم يصلي ولا يتوضأ.
أخرجه الإمام مالك في الموطأ (58) عن نافع به.