211 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–‘———‘——-‘
مسند أحمد:
13767 – حدثنا عبد الله بن بكر، حدثنا حميد، عن أنس، قال: لما نزلت هذه الآية {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92] أو {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}
[البقرة: 245] قال أبو طلحة: وكان له حائط، فقال: يا رسول الله، حائطي لله، ولو استطعت أن أسره لم أعلنه، (1) فقال: ” اجعله في قرابتك ” أو ” أقربيك ” (2)
______
محققو المسند:
(1) في (ظ 4): لم أعلمه، وضبب عليها.
(2) إسناده صحيح على شرط الشيخين. عبد الله بن بكر: هو السهمي.
وأخرجه الترمذي (2997) من طريق عبد الله بن بكر، بهذا الإسناد. وانظر (12144).
فيه زيادة: (ولو استطعت أن أسره لم أعلنه)
قلت (سيف)
الجواب: على الشرط، الحديث في البخاري4555، ومسلم، وراجع الصحيحة 3982، وهنا زيادة، وتوبع أحمد عليه أخرجه الترمذي 2997 حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبدالله بن بكر السهمي
وعبد بن حميد كما في المنتخب ثنا يزيد بن هارون أنا حميد الطويل به ومن طريق عبد بن حميد أخرجه ابن عساكر 19/ 415
وأخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق من طريق يزيد بن هارون أنبأنا حميد الطويل به
وابن زنجويه في الأموال ثنا عبدالله بن بكر
والدارقطني في سننه 4421 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري نا حميد
والحديث ذكره ابن حجر في الفتح بالزيادة وعزاه لأبي نعيم من طريق الأنصاري
وذكر أنه وقع في بعض رواياته زيادة (فقراء قرابتك)
وذكرها القطان في بيان الوهم وعزاها لابن أبي شيبه عن أبي خالد الأحمر عن حميد عن أنس وفيه ( …. اجعله في فقراء قرابتك … )
وأخرجه الطحاوي ثنا إبراهيم بن مرزوق ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا حميد عن أنس وفيه ( … اجعلها في فقراء اقاربك … )
وكذلك الطبري 6/ 589 ثنا ابن بشار ثنا ابن أبي عدي عن حميد وفيه ( … اجعلها في فقراء اهلك …
وابن خزيمة 2458 من طريق خالد بن الحارث ثنا حميد
وكذلك أحمد 12144 ثنا يحيى بن سعيد عن حميد
———‘———‘———
[الصدقة على الأقارب]
ومن فوائد هذا الحديث: أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب إذا كانوا محتاجين وأن القرابة يراعى حقها في صلة الأرحام وإن لم يجتمعوا إلا في أب بعيد؛ لأنه -عليه السلام- أمر أبا طلحة أن يجعل صدقته في الأقربين، فجعلها في أُبي بن كعب وحسان بن ثابت، وإنما يجتمعان معه في الجد السابع. ” شرح النووي على مسلم” (7/ 86).
قال المناوي: ففيه حث على الصدقة على الأقارب وتقديمهم على الأباعد لكن هذا غالبي وقد يقتضي الحال العكس ولهذا قال ابن حجر: عقب الخبر لا يلزم من ذلك أن يكون هبة ذي الرحم أفضل مطلقا لاحتمال كون المسكين محتاجا ونفعه بذلك متعديا والآخر بعكسه. ” فيض القدير” (4/ 237).
قال القاضي عياض: وأن الصدقة على الأقارب وأولي الأرحام أفضل من الأباعد لقوله: ” فاجعلها فى الأقربين. ” اكمال المعلم ” (3/ 517).
قال ابن عبدالبر: وأن الصدقة على الأقارب وأولي الأرحام أفضل من الأباعد لقوله: ” فاجعلها فى الأقربين. ” الإستذكار” (8/ 599).
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهل العلم في جواز دفع الزكاة إلى الأقارب:
قال الإمام ابن قدامة نقلًا عن ابن المنذر -رحمهما اللَّه تعالى-: أجمع أهل العلم على أن الزكاة لا يجوز دفعها إلى الوالدين في الحال التي يُجبر الدافع إليهم على النفقة عليهم؛ لأن دفع زكاته إليهم تُغنيهم عن نفقته، وتُسقطها عنه، ويعود نفعها إليه، فكأنه دفعها إلى نفسه، فلم تجز، كما لو قضى بها دينه.
قال: ونصّ أحمد، فقال: لا يعطي الوالدين من الزكاة، ولا الولد، ولا ولد الولد، ولا الجدّ، ولا الجدّة، ولا ولد البنت.
قال: وأما سائر الأقارب، فمن لا يُوَرَّثُ منهم يجوز دفع الزكاة إليه، سواء كان انتفاء الإرث لانتفاء سببه، لكونه بعيد القرابة، أو لمانع، مثل الأخ المحجوب بالابن، فيجوز دفع الزكاة إليه؛ لأنه لا قرابة جزئيّة بينهما، ولا ميراث، فأشبها الأجانب، وإن كان بينهما ميراث، كالأخوين الذين يرث أحدهما الآخر، ففيه روايتان عن أحمد:
[إحداهما]: يجوز دفع زكاته إلى الآخر، وهي الظاهرة عنه، رواها عنه جماعة، فقد سئل: أيُعطِي الأخ، والأختَ، والخالة من الزكاة؟ قال: يعطي كلَّ القرابة إلا الأبوين والولد. وهذا قول أكثر أهل العلم. قال أبو عبيد: هو القول عندي؛ لقول النبيّ – صلى اللَّه عليه وسلم -: “الصدقة على المسكين صدقةٌ، وهي لذي الرحم اثنان، صدقة وصلة”. فلم يشترط نافلة، ولا فريضة، ولم يفرّق بين الوارث وغيره.
[الرواية الثانية]: لا يجوز دفعها إلى الْمُوّرَّثِ؛ لأنه يلزمه مؤنته، فيغنيه بزكاته عن مؤنته، ويعود نفع زكاته إليهم، فلم يجز، كدفعها إلى والده، أو قضاء دينه بها. والحديث يحتمل صدقة التطوّع، فيُحمل عليها. انتهى مختصر كلام ابن قدامة بتصرف.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: عندي القول الراجح هو الأول، كما اختاره أبو عبيد، واحتجّ له بإطلاق حديث: “الصدقة على المسكين الخ”، وكذلك إطلاق حديث زينب المذكور في الباب، فإن ترك الاستفصال ينزّل منزل العموم، كما هو مبيّن في محلّه.
والحاصل أن الحقّ جواز دفع الزكاة لعموم الأقارب، فإن صحّ الإجماع على أنه لا يجوز دفعها للوالدين -كما ادعاه ابن المنذر- قلنا به، وإلا فهما داخلان في عموم النصوص أيضًا.
قال العلامة الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى-: ويؤيّد الجواز، والإجزاء الحديث الذي تقدّم عند البخاريّ، بلفظ: “زوجك، وولدك أحقّ من تصدّقت عليهم”. وترك الاستفصال في مقام الاحتمال، ينزّل منزلة العموم في المقال. ثم الأصل عدم المانع، فمن زعم أن القرابة، أو وجوب النفقة مانعان، فعليه الدليل، ولا دليل انتهى.
قال الجامع – عفا اللَّه تعالى عنه -: هذا الذي قاله الشوكانيّ -رحمه اللَّه تعالى-، هو عين التحقيق الحقيق بالقبول، المؤيَّد بأدلّة النقول. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. أنظر ” ذخيرة العقبى” (23/ 159). انتهى
قال العلامة الشنقيطي رحمه الله:
والواقع أن للإنفاق في القرآن مراتب ثلاثة:
الأولى: الإنفاق من بعض المال بصفة عامة، كما في قوله تعالى: ومما رزقناهم ينفقون.
الثانية: الإنفاق مما يحبه الإنسان ويحرص عليه، كما في قوله تعالى: وآتى المال على حبه [2\ 177]، وهذا أخص من الأول، وقوله: ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا الآية [76\ 8].
الثالثة: الإنفاق مع الإيثار على النفس كهذه الآية: ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة فهي أخص من الخاص الأول.
وتعتبر المرتبة الأولى هي الحد الأدنى في الواجب، حتى قيل: إن المراد بها الزكاة، وهي تشمل النافلة، وتصدق على أدنى شيء ولو شق تمرة، وتدخل في قوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره [99\ 7]، وتعتبر المرتبة الثالثة هي الحد الأقصى؛ لأنها إيثار للغير على خاصة النفس، والمرتبة الثانية هي الوسطى بينهما، وهي الحد الوسط بين الاكتفاء بأقل الواجب، وبين الإيثار على النفس وهي ميزان التوسط لعامة الناس، كما بينه تعالى بقوله: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط) [17\ 29]، وكما امتدح الله تعالى قوما بالاعتدال في قوله: (والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) [25\ 67].
وهذا هو عين تطبيق قاعدة الفلسفة الأخلاقية القائلة: الفضيلة وسط بين طرفين أي: طرفي الإفراط والتفريط، فالشجاعة مثلا وسط بين التهور والجبن، والكرم وسط بين التبذير والتقتير.
وللإنفاق جوانب متعددة، وأحكام متفاوتة، قد بين الشيخ – رحمه الله – جانبا من الأحكام، وقد بين القرآن الجوانب الأخرى، وتنحصر في الآتي: نوع ما يقع منه الإنفاق، الجهة المنفق عليها، موقف المنفق، وصورة الإنفاق.
أما ما يقع منه الإنفاق: قد بينه تعالى أولا من كسب حلال لقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه واعلموا أن الله غني حميد) [2\ 267].
وقوله تعالى: (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) [3\ 92].
أما الجهة المنفق عليها: فكما في قوله تعالى: (يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم)
[2\ 215] فبدأ بالوالدين برا لهما، وثنى بالأقربين.
وقال صلى الله عليه وسلم: «الصدقة على القريب صدقة وصلة، وعلى البعيد صدقة» ثم اليتامى وهذا واجب إنساني وتكافل اجتماعي، لأن يتيم اليوم منفق الغد، وولد الأبوين اليوم قد يكون يتيما غدا، أي: أن من أحسن إلى اليتيم اليوم قد يترك أيتاما، فيحسن عليهم ذلك اليتيم الذي أحسنت إليه بالأمس، «والمساكين وابن السبيل» أمور عامة.
وجاء بالقاعدة العامة التي يحاسب الله تعالى عليها ويجازي صاحبها (وما تفعلوا من خير أي: مطلقا فإن الله به عليم) [2\ 215]، وكفى في ذلك علمه تعالى.
أما موقف المنفق وصورة الإنفاق: فإن هذا هو سر النفقة في الإسلام، وفلسفة الإنفاق كلها تظهر في هذا الجانب، مما تميز به الإسلام دون غيره من جميع الأديان أو النظم.
لأنه يركز على الحفاظ على شعور وإحساس المسكين، بحيث لا يشعره بجرح المسكنة، ولا ذلة الفاقة كما في قوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله ثم لا يتبعون ما أنفقوا منا ولا أذى لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [2\ 262].
ثم فاضل بين الكلمة الطيبة والصدقة المؤذية في قوله تعالى: (قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حليم) [2\ 263] يعطي ولا يمن بالعطاء.
وأفهم المنفقين أن المن والأذى يبطل الصدقة: (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى) [2\ 264] لما فيه من جرح شعور المسكين.
وقد حث على إخفائها إمعانا في الحفاظ على شعوره وإحساسه: (إن تبدوا الصدقات فنعما هي) أي: مع الآداب السابقة (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) [2\ 271] أي: لكم أنتم في حفظ ثوابها.
وقد جعل صلى الله عليه وسلم من السبعة الذين يظلهم الله تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله «رجل تصدق بصدقة فأخفاها، حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه»، وكما قال تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) [2\ 274]. ” أضواء البيان ” (8/ 47 – 48).
وَقَالَ الْحَسَنُ: كُلُّ إِنْفَاقٍ يَبْتَغِي بِهِ المسلم وجه الله حتى التمرة يَنَالُ بِهِ هَذَا الْبِرَّ، وَقَالَ عَطَاءٌ: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ، أَيْ: شَرَفَ الدِّينِ وَالتَّقْوَى حَتَّى تَتَصَدَّقُوا وَأَنْتُمْ أَصِحَّاءُ أَشِحَّاءُ. ” تفسير البغوي” (1/ 468).
قال أبو جعفر: فتأويل الكلام: لن تنالوا، أيها المؤمنون، جنة ربكم “حتى تنفقوا مما تحبون”، يقول: حتى تتصدقوا مما تحبون وتهوَوْن أن يكون لكم، من نفيس أموالكم. ” تفسير الطبري” (6/ 568).
(21) / (11) / (2017) (9): (43) م – سيف بن دورة الكعبي: تخريجنا لسنن أبي داود
4323 – حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ مَعْدَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ حَدِيثِ أَبِي الدَّرْدَاءِ، يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ، عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ» قَالَ أَبُو دَاوُدَ: وَكَذَا قَالَ هِشَامٌ الدَّسْتُوَائِيُّ، عَنْ قَتَادَةَ، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: «مَنْ حَفِظَ مِنْ خَوَاتِيمِ سُورَةِ الْكَهْفِ»، وَقَالَ شُعْبَةُ: عَنْ قَتَادَةَ «مِنْ آخِرِ الْكَهْفِ»
——————————
* أخرجه مسلم 582،ووقع عنده في رواية هشام
(اوائل الكهف) وحكم الشيخ الألباني على رواية أواخر بالشذوذ. (راجع الصحيحة 2651).
ولو قلنا بأن هشام حفظه على الوجهين فممكن نقول بالتخيير يعني يحفظ أوائلها أو أواخرها، وبعضهم قال المقصود حفظها كلها وهذا من باب التسهيل والتدرج (راجع عون المعبود).