211 جامع الأجوبة الفقهية ص 248
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : هل يجوز حمل المصحف بعلاقته للمحدث؟
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: عدم جواز ذلك إلا بطهارة وهو قول مالك، والشافعي، وأحمد في رواية والأوزاعي.
القول الثاني: جواز ذلك وهو قول أبي حنيفة، وأحمد في المشهور، وروي ذلك عن الحسن وعطاء وطاوس والشعبي والقاسم وأبي وائل والحكم وحماد، وهو قول أهل الظاهر وافتى به شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ورجحه الشيخ ابن باز رحمه الله.
قال المستغفري : وذكر بإسناده
١٦٩- أبو مصعب، حَدَّثَنا مالك قال: لا يحمل المصحف بعلاقته، ولاَ على وسادة أحد إلا وهو طاهر ولو جاز ذلك لحمل في أخبيته ولم يكره ذلك لأن لا يكون في يد الذي يحمله شيء يدنس به المصحف ولكن إنما كره ذلك لمن حمله وهو على غير طهر إكراما للقرآن وتعظيما له.
فضائل القرآن للمستغفري ١/٢٢٠
وكذلك نقل أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن
بإسناده عَنْ مالِكٍ، قالَ: لا يَحْمِلُ المُصْحَفَ أحَدٌ بِعِلاقَتِهِ ولا عَلى وِسادَةٍ إلّا وهُوَ طاهِرٌ، إكْرامًا لِلْقُرْآنِ. -[٤٠١]- قالَ أبُو عُبَيْدٍ: وهَذا عِنْدَنا هُوَ المَعْمُولُ بِهِ. وقَدْ رَخَّصَ فِيهِ ناسٌ عُلَماءٌ
وبوب أبو داود في المصاحف :
الكافِرُ يَأْخُذُ المُصْحَفَ بِعِلاقَتِهِ
وذكر بإسناده القاسِمُ الأعْرَجُ قالَ: «كانَ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بأصْبَهانَ غُلامٌ مَجُوسِيُّ يَخْدُمُهُ، فَكانَ يَأْتِيهِ بِالمُصْحَفِ فِي عِلاقَتِهِ»
وبوب أيضا
الحائِضُ والجُنُبُ يَأْخُذانِ المُصْحَفَ بِعِلاقَتِهِ
وذكر بإسناده عَنِ الحَسَنِ، «أنَّهُ كانَ لا يَرى بَأْسًا أنْ يَتَعَلَّقَ الجُنُبُ بِالمُصْحَفِ، أوْ يَجُوزَ بِهِ مِن مَكانٍ إلى مَكانٍ آخَرَ»
وباسناده قالَ سُفْيانُ: «لا بَأْسَ بِأنْ يَأْخُذَ الجُنُبُ والحائِضُ والصَّبِيُّ بِعِلاقَةِ المُصْحَفِ»
وباسناده عَنْ عَطاءٍ قالَ: «لا بَأْسَ أنْ تَأْخُذَ الطّامِثُ بِعِلاقَةِ المُصْحَفِ»
وباسناده : عَنِ الحَكَمِ، وحَمّادٍ، عَنِ الرَّجُلِ يَمَسُّ المُصْحَفَ ولَيْسَ بِطاهِرٍ قالا: «إذا كانَ فِي عِلاقَةٍ فَلا بَأْسَ بِهِ»
وبوب المُسْتَحاضَةُ تَمَسُّ المُصْحَفَ
وذكر بإسناده عَنِ الحَسَنِ قالَ: «المُسْتَحاضَةُ يَغْشاها زَوْجُها وتَغْتَسِلُ وتُصَلِّي وتَقْرَأُ المُصْحَفَ، وتَكُونُ كالمَرْأةِ الطّاهِرَةِ فِي كُلِّ أمْرِها»
وبإسناده عَنْ إبْراهِيمَ، «أنَّهُ كَرِهَ أنْ تَمَسَّ المُسْتَحاضَةُ المُصْحَفَ»
قال ابن عبد البر في الاستذكار 2/472
وأمّا الحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ وحَمّادِ بْنِ أبِي سُلَيْمانَ فَلَمْ يَخْتَلِفْ عَنْهُما فِي إجازَةِ حَمْلِ المُصْحَفِ بِعِلاقَتِهِ لِمَن لَيْسَ عَلى طَهارَةٍ
وقَوْلُهُما عِنْدِي شُذُوذٌ عَنِ الجُمْهُورِ وما أعْلَمُ أحَدًا تابَعَهُما عَلَيْهِ إلّا داوُدُ بْنُ عَلِيٍّ ومَن تابَعَهُ
قالَ داوُدُ لا بَأْسَ أنْ يَمَسَّ المُصْحَفَ والدَّنانِيرَ والدَّراهِمَ الَّتِي فِيها اسْمُ اللَّهِ الجُنُبُ والحائِضُ
قالَ داوُدُ ومَعْنى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم (لا يمسه إلا المطهرون) الواقِعَةِ ٧٩ هُمُ المَلائِكَةُ ودَفَعَ حَدِيثَ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فِي أنْ لا يَمَسَّ القُرْآنَ إلّا طاهِرٌ بِأنَّهُ مُرْسَلٌ غَيْرُ مُتَّصِلٍ وعارَضَهُ بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ المُؤْمِنُ لَيْسَ بِنَجَسٍ
وقَدْ بَيَّنّا وجْهَ النَّقْلِ فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وأنَّ الجُمْهُورَ عَلَيْهِ وهُمْ لا يَجُوزُ عَلَيْهِمْ تَحْرِيفُ تَأْوِيلٍ ولا تَلَقِّي ما لا يَصِحُّ بِقَبُولٍ وبِما عَلَيْهِ الجُمْهُورُ فِي ذَلِكَ أقُولُ وبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ
جاء في «الموسوعة الفقهية» (٣٨/٧): «ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنه يمتنع على غير المتطهر مس جلد المصحف المتصل، والحواشي التي لا كتابة فيها من أوراق المصحف، والبياض بين السطور، وكذا ما فيه من صحائف خالية من الكتابة بالكلية، وذلك لأنها تابعة للمكتوب وحريم له، وحريم الشيء تبع له ويأخذ حكمه.
وذهب بعض الحنفية والشافعية إلى جواز ذلك» انتهى.
♢- استدل أصحاب القول الأول بما يأتي:
1- عموم الأدلة في منع مس المصحف لغير الطاهر
2- أن الحمل أبلغ من المس.
♢- واستدل أصحاب القول الثاني بما يأتي:
1- أن من حمل المصحف بعلاقة ونحوها غير ماس له، فلم يمنع منه كما لو حمله في رحله .
2- أن الأدلة التي ورد فيها المنع إنما تتناول المس والحمل ليس بمس فلا يتناوله المنع .
♢- انظر: لوامع الدرر (1/ 527)، شرح البخاري للسفيري (2/ 264)، المجموع (2/ 68)، المغني (1/ 109)، كشاف القناع (1/135)، فقه العبادات على المذهب الشافعي (1/ 146) وشرح ابن بطال على البخاري
♢- قال في لوامع الدرر في هتك استار المختصر (1/ 527):
“وإن بعلاقة يعني أنه يحرم على المحدث حمل المصحف مباشرة بواسطة علاقة يجعلها بيده، أو غيرها من أعضائه إن لم يجعل حرزا، وإلا جاز على أحد قولين، والآخر المنع. وعلل الجواز بأنه خرج عن هيئة المصحف، وصرف لجهة أخرى. قاله الشيخ عبد الباقي. أو وسادة يعني أن حمل المصحف بوسادته لا يجوز؛ أي يحرم، والوسادة مثلثة الواو المتكأ، وهذا أي حمله بعلاقة أو وسادة يفهم مما قبله بالأولى، كما قاله غير واحدا إلا بأمتعة الباء بمعنى مع أو للظرفية، قاله الخرشي؛ يعني أنه لا يجوز حمل المصحف إلَّا أن تكون معه أمتعة في صندوق، أو خرج فيجوز حمله حينئذ بشرط أن تكون الأمتعة قد قصدت بالحمل وحدها، فإن قصد المصحف بالحمل أو مع الأمتعة حرم حمله حينئذ على المرتضى. والمراد بقصده فقط أن يكون حمل الأمتعة لأجل حمله فقط، ولولا حمله ما حملها، وظاهر كلام ابن الحاجب أنه يجوز حمله حيث قصد هو والأمتعة بالحمل. انتهى
♢- قال النووي في المجموع (2/ 68):
“وأما إذا حمل المصحف في متاع فوجهان حكاهما الماوردي والخراسانيون أصحهما وبه قطع المصنف والجمهور ونقله الماوردي والبغوي عن نص الشافعي يجوز لأنه غير مقصود والثاني يحرم لأنه حامله حقيقة ولا أثر لكون غيره معه كما لو حمل المصلي متاعا فيه نجاسة فان صلاته تبطل قال الماوردي وصورة المسألة أن يكون المتاع مقصودا بالحمل فان كان بخلافه لم يجز وانما قاس المصنف على ما اذا كتب كتابا إلى دار الشرك فيه آيات لأن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى دار الشرك كتابا فيه شيء من القرآن مع نهيه صلى الله عليه وسلم عن المسافرة بالقرآن إلى دار الكفر فدل على أن الآيات في ضمن كتاب لا يكون لها حكم المصحف والله أعلم”. انتهى
♢- وجاء في شرح البخاري للسفيري (2/ 264):
“قال العلامة القاضي زكريا: محل تحريم مسه إذا لم تنقطع نسبته عن المصحف، فإن انقطعت كأن جعلت جلد كتاب لم يحرم مسه قطعاً، وكما يحرم مسه يحرم حمله لأنه أبلغ من مسه سواء حمله وحده أو في غلافه أو بعلاقته، هذا مذهب إمامنا الشافعي والإمام مالك. وقال أبو حنيفة: يجوز للمحدث حمله بعلاقته أو في علاقته، نعم يجوز لنا حمله في أمتعة أو متاع واحد إذا لم يكن مقصوداً بالحمل، لعدم الإخلال بتعظيمه حينئذ أما إذا كان مقصوداً بالحمل ولو مع الأمتعة فإنه يحرم حمله”. انتهى
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/ 109):
“ويجوز حمله بعلاقته. وهذا قول أبي حنيفة وروي ذلك عن الحسن وعطاء وطاوس والشعبي والقاسم وأبي وائل والحكم وحماد ومنع منه الأوزاعي ومالك والشافعي قال مالك أحسن ما سمعت أنه لا يحمل المصحف بعلاقته ولا في غلافه إلا وهو طاهر؛ وليس ذلك لأنه يدنسه، ولكن تعظيما للقرآن. واحتجوا بأنه مكلف محدث قاصد لحمل المصحف، فلم يجز، كما لو حمله مع مسه.
ولنا: أنه غير ماس له، فلم يمنع منه، كما لو حمله في رحله؛ ولأن النهي إنما يتناول المس، والحمل ليس بمس، فلم يتناوله النهي، وقياسهم فاسد؛ فإن العلة في الأصل مسه، وهو غير موجود في الفرع، والحمل لا أثر له، فلا يصح التعليل به. وعلى هذا لو حمله بعلاقة أو بحائل بينه وبينه مما لا يتبعه في البيع، جاز؛ لما ذكرنا. وعندهم لا يجوز”. انتهى
♢- قال في كشاف القناع (1/135) : “وللمحدث حمل المصحف بعلاقته وفي غلافه أي : كيسه من غير مس له ; لأن النهي ورد عن المس والحمل ليس بمس وله تصفحه بكمه أو بعود ونحوه كخرقة وخشبة ; لأنه غير ماس له . وله مسه أي : المصحف من وراء حائل لما تقدم “. انتهى
♢- وسئل شيخ الاسلام رحمه الله كما في مجموع الفتاوى (21/ 267): عمن معه مصحف وهو على غير طهارة كيف يحمله؟
فأجاب: ومن كان معه مصحف فله أن يحمله بين قماشه وفي خرجه وحمله سواء كان ذلك القماش لرجل أو امرأة أو صبي وإن كان القماش فوقه أو تحته. والله أعلم.
♢- وقال الشيخ ابن باز كما في مجموع فتاويه (4/ 383):
“لا يجوز للمسلم مس المصحف وهو على غير وضوء عند جمهور أهل العلم وهو الذي عليه الأئمة الأربعة رضي الله عنهم وهو الذي كان يفتي به أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، وقد ورد في ذلك حديث صحيح لا بأس به من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه: «أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن: أن لا يمس القرآن إلا طاهر » وهو حديث جيد له طرق يشد بعضها بعضا، وبذلك يعلم أنه لا يجوز مس المصحف للمسلم إلا على طهارة من الحدثين الأكبر والأصغر، وهكذا نقله من مكان إلى مكان إذا كان الناقل على غير طهارة لكن إذا كان مسه أو نقله بواسطة كأن يأخذه في لفافة أو في جرابة أو بعلاقته فلا بأس. انتهى
والله أعلم.