(21) – نفح الطيب في شرح أحاديث صحيح الترغيب والترهيب
نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
صحيح الترغيب
(21) – ((21)) [حسن صحيح] وعن أبي الدرداء يبلغُ به النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:
«من أتى فراشهُ وهو يَنوي أنّ يقومَ يُصلي من الليل، فغلَبَتْه عينُه حتى أصبحَ؛ كُتِب له ما نوى، وكان نومُه صدقةً عليه من رَبِّه».
رواه النسائي وابن ماجه بإسناد جيّد، ورواه ابن حبان في «صحيحه» من حديث أبي ذرّ أو أبي الدرداء على الشك.
قال الحافظ عبد العظيم:
«وسيأتي أحاديث من هذا النوع متفرقة في أبواب متعددة من هذا الكتاب، إن شاء الله تعالى».
========
الشرح:
أصل الأجر يكتب بالنية:
مَنْ أَتَى فِرَاشَهُ وَهُوَ يَنْوِي أَنْ يَقُومَ يُصَلِّي مِنَ اللَّيْلِ فَغَلَبَتْهُ عَيْنُهُ حَتَّى يُصْبِحَ كُتِبَ لَهُ مَا نَوَى وَكانَ نَوْمُهُ صَدَقَةً عَلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ. حسنه الالباني.
(من أتى فراشه) لينام (وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه) أي نام قهرا عليه (حتى يصبح كتب له ما نوى) إنما الأعمال بالنيات وفيه أن الأمور بمقاصدها (وكان نومه صدقة عليه من ربه). فيض القدير (6/ 23).
قال ابن عبدالبر: وفي هذا الحديث ما يدل على أن المرء يجازى على ما نوى من الخير وإن لم يعمله كما لو أنه عمله وأن النية يعطى عليها كالذي يعطى على العمل إذا حيل بينه وبين ذلك العمل وكانت نيته أن يعمله ولم تنصرف نيته حتى غلب عليه بنوم أو نسيان أو غير ذلك من وجوه الموانع فإذا كان ذلك كتب له أجر ذلك العمل وإن لم يعمله فضلا من الله ورحمة جازى على العمل ثم على النية إن حال دون العمل حائل. التمهيد (12/ 264)
يكتب الأجر إذا كان من عادته القيام
قال الحافظ ابن حجر: قال ابن عبدالبر: أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة بالليل فغلبته عينه فنام فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته ونومه عليه صدقة. فتح الباري (3/ 26 – 27).
و قال السندي: وقال السيوطي في حاشية النسائي: الحزب هو الجزء من القرآن يصلى به وقوله كتب إلخ: تفضل من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه نوم أو عذر منعه من القيام مع أن نيته القيام فظاهره أن له أجره مكملا مضاعفا لحسن نيته وصدق تلهفه وتأسفه وهو قول بعض شيوخنا وقال بعضهم: يحتمل أن يكون غير مضاعف والتي يصليها أكمل وأفضل والظاهر هو الأول قلت: بل هو المتعين وإلا فأصل الأجر يكتب بالنية. حاشية السندي على سنن ابن ماجه (1/ 405).
[تنبيه]: ذكر الحافظ أبو الفضل العراقي في “شرح الترمذيّ” أن السرّ في استفتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين المبادرةُ إلى حلّ عُقَد الشيطان، وبناه على أن الحلّ لا يتمّ إلا بتمام الصلاة، وهو واضح؛ لأنه لو شرع في صلاة، ثم أفسدها لم يساو من أتمّها، وكذا الوضوء، وكأن الشروع في حلّ العقد يحصل بالشروع في العبادة، وينتهي بانتهائها.
وقد ورد الأمر بصلاة الركعتين الخفيفتين عند مسلم من حديث أبي هريرة – رضي اللَّه عنه -، فاندفع إيراد من أورد أن الركعتين الخفيفتين إنما وردتا من فعله – صلى اللَّه عليه وسلم -، وهو منزّه عن عقد الشيطان، حتى ولو لم يَرِد الأمر بذلك لأمكن أن يقال: يحمل فعله على تعليم أمته، وإرشادهم إلى ما يحفظهم من الشيطان. وقد وقع عند ابن خزيمة من وجه آخر عن أبي هريرة في آخر الحديث: “فحُلُّوا عقد الشيطان ولو بركعتين”. قاله في “الفتح”. وهو بحث نفيس جدًا. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان. انظر: ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (17/ 293).
مسألة: حكم قضاء قيام الليل
(وعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: «مَن نامَ عَنْ حِزْبِهِ مِن اللَّيْلِ أوْ عَنْ شَيْءٍ مِنهُ فَقَرَأهُ ما بَيْنَ صَلاةِ الفَجْرِ وصَلاةِ الظُّهْرِ، كُتِبَ لَهُ كَأنَّما قَرَأهُ مِن اللَّيْلِ» رَواهُ الجَماعَةُ إلّا البُخارِيَّ
بوب الإمام النسائي بابُ مَتى يَقْضِي مَن نامَ عَنْ حِزْبِهِ مِنَ اللَّيْلِ
قال القرطبي: هذا تفضل من الله تعالى، ودليل: على أن صلاةَ الليل أفضلُ من صلاة النهار. والحزبُ هنا الجزءُ من القرآن يُصلّى به. وهذه الفضيلةُ إنما تحصلُ لمن غلبه نوم، أو عذر منعه من القيام مع أن نيَّتَهُ القيام. وقد ذكر مالك في الموطأ عنه – رحمه الله – قال: ما مِن امرئ تكونُ له صلاة بليل فَغَلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجرَ صلاته، وكان نومُه صدقةَ عليه، وهذا أتَمُّ في التَّفضيل والمجازاة بالنية، وظاهِرُه أن له أجرَه مُكملا مُضاعَفًا، وذلك لحسن نيته، وصدق تلهّفه، وتأسّفه. وهذا قولُ بعضِ شيوخنا، وقال بعضُهم: يُحتمل أن يكونَ غيرَ مضاعَفٍ إذ الذي يُصليها أكمل وأفضل.
قلتُ: والظاهِرُ التمسُّكُ بالظّاهر، فإن الثوابَ فَضلٌ من الكريم الوهاب، وقد تقدَّم من حديث عائشة – رضي الله عنها -: أنه – صلى الله عليه وسلم – كان إذا غَلَبَهُ نوم، أو وجَعٌ، صلّى من النهار اثنتي عشرة ركعة. وهذا كلُّه إنما هو يبقى في تحصيل مثل ما غُلِب عليه، لا أنه قضاءٌ له، إذ ليس في ذمَّته شيء، ولا يُقضى إلا ما تعلَّق بالذمة، وقد رأى مالك أن يصلِّي حزبه مَن فاته بعد طُلُوع الفجر، وهو عنده وقتُ ضرورة لمن غُلِب على حزبه وفاته. كما يقول في الوتر
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم (2) / (383).
قال ابن هبيرة: وقوله: (من نام عن حزبه من الليل)، من لطف الله بعبده أنه إذا استمر في الأمور في الغالب فبدر منه ما يخالف تلك الحال الغالبة عليه سومح؛ فإن الله تعالى قد فسح لهذا النائم في الاستدراك ولم ينقصه من ميزان أجر ذلك الوقت الشريف شيئًا.
*وفيه من الفقه الحض على قضاء الفوائت من النوافل على سبيل التدارك؛ لئلا يعتاد إسقاط النوافل عند فواتها؛ فإن استدامة العمل عمل فوق العمل. الإفصاح عن معاني الصحاح (1) / (212)
قال العلامة العباد حفظه الله: قال الإمام أبو داود السجستاني رحمه تعالى: [باب من نام عن حزبه]، أي: ماذا يصنع؟ والمراد بحزبه القرآن الذي التزم به، أو حدده لنفسه بأن يقرأه كل ليلة، وقيل: إن المقصود بذلك ما كان يقرؤه في صلاته من الليل، ومعناه أنه يصلي صلوات ويقرأ فيها مقدارًا من القرآن، هذا هو الحزب، وإذا كان المقصود بذلك قراءة القرآن فإنه يقرأ حزبه بعد طلوع الفجر إلى وقت الظهر؛ لأن قراءة القرآن تكون في كل وقت، وأما الصلاة، وكونه يقرأ فيها فإنها لا تكون بعد الفجر إلى طلوع الشمس، وإنما تكون في الضحى إلى الزوال، وقد جاء عن النبي – صلى الله عليه وسلم – -كما ثبت في صحيح مسلم – أنه كان إذا مرض أو حصل له شيء يمنعه من صلاة الليل صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة قضاءً لصلاته في الليل، وكان من عادته أن يصلي إحدى عشرة ركعة، فيجعلها اثنتي عشرة ركعة لئلا يكون الوتر بالنهار، فيأتي بمقدار الصلاة ويزيدها ركعة حتى تكون في النهار شفعًا ولا تكون وترًا.
وعلى هذا فيحتمل أن يكون الحزب قراءة القرآن من غير صلاة، ويحتمل أن يكون قراءة القرآن داخل الصلاة، وأنه يصلي صلوات وركعات معلومة يقرأ فيها مقدارًا معينًا من القرآن يلتزم به في كل ليلة، فإذا نام عن ذلك أو عن بعضه فإنه يأتي به بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر. شرح سنن ابي داود
حكم من فاته قيام الليل ولم يتيسر له القضاء
السؤال
إنسان فاته قيام الليل ولم يتيسر له قضاؤه؛ لطلب العلم، ولأمر هام بين الفجر والظهر فهل يقضيه بعد الظهر؟
يقضيه ولو بعد الظهر لحديث: (من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها). لقاء الباب المفتوح لابن عثيمين رحمه الله.
قضاء الوتر هل يكون وترًا أم شفعًا؟
مداخلة: سمعت بأنك تقول في قضاء الوتر وترًا، أي: إذا كان يصلي من الليل ثلاث ركعات ولم يصلها من الليل ليقضها اليوم الثاني بنفس عدد الركعات، أي: ثلاث ركعات وليس أربع ركعات، وهناك حديث في صحيح مسلم بمعنى أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – كان يقضي صلاة الليل اثنا عشرة ركعة فما الدليل على قضاء الوتر وترًا؟ أرجو التوضيح وجزاك الله خيرًا.
الشيخ (الألباني): الدليل قوله: «إذا نسي أحدكم الوتر أو نام عنه فليصله حين يذكره أو حين يستيقظ له» فقد عامل النبي – صلى الله عليه وسلم – الوتر معاملته للفريضة فالحديث المروي في الصحيحين بلفظ: «من نسي صلاةً أو نام عنها فليصلها حين يذكرها لا كفارة لها إلا ذلك» فمن نام عن الوتر أو سها عن الوتر فحكمه حكم الفريضة التي نام عنها أو غفل عنها فحينئذٍ يصلي الوتر حين ساعة التذكر أو ساعة الاستيقاظ، أما الحديث المذكور والمعزو إلى صحيح مسلم فهذا مع كونه صحيحًا ومن فعله فلا معارضة بين الحديث الذي ذكرته وبين هذا الحديث؛ لأن هذا لا يكون فيمن نسي أو نام وإنما لمن لم يتيسر له صلاة الليل فحينئذٍ يعوض ما فاته من صلاة الليل ليس بعذر النوم والنسيان، وإنما لأنه لم يتيسر له ذلك فله أن يصلي في النهار اثني عشرة ركعة.
(رحلة النور: (33) ب/ (00): (37): (49))