209 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——–‘——-‘——–‘——–
مسند أحمد
23503 قال الإمام أحمد حدثنا الحكم بن نافع حدثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد أن أبا رهم السمعي كان يحدث أن أبا أيوب الأنصاري حدثه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول:
” إن كل صلاة تحط ما بين يديها من خطيئة”
أخرجه الامام أحمد من طريق الحكم بن نافع، والطبراني في المعجم الكبير وفي مسند الشاميين من طريق محمد بن إسماعيل بن عياش كلاهما عن إسماعيل به.
وعزاه السيوطي في الدر المنثور لابن مردويه أيضا،
وقال ابن كثير في جامع المسانيد تفرد به أي عن أصحاب الكتب الستة
قلت حسنه المنذري والهيثمي والمناوي والأمير الصنعاني وصححه الألباني.
ولم أجد لشريح تصريحا بالسماع من أبي رهم
وقد صرح البخاري في التاريخ الكبير أنه سمع من معاوية رضي الله عنه.
فهل يدخل في شرط المتمم على الذيل
قلت سيف: على شرط المتمم على الذيلعلى الصحيح المسند
والحديث صححه الألباني في صحيح الترغيب، وهو في غاية المقصد.
وقد توبع شريح عليه؛ تابعه مكحول عند الطبراني 3880 – 3881
————
تَكْفِيرُ الصَّلَوَاتِ لِلْخَطَايَا
(إن كل صلاة) من الفرائض إذ هي الفرد الكامل عند الإطلاق. (تحط ما بين يديها من خطيئة) أي ما بين كل صلاة إلى الصلاة الأخرى، وشواهد معناه كثيرة، وهل المراد ما اجتنبت الكبائر كما صرح به غيره؟ وأن المراد الصغائر فيه ما سلف؟ وفيه مأخذ للتوقيت. ” التنوير شرح الجامع الصغير”
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: ثُمَّ لَمْ يَخُصَّ اللَّهُ تَعَالَى عَمَلًا مِنْ أَعْمَالِ الدِّينِ فَجَعَلَهُ يُكَفِّرُ بِهِ الْخَطَايَا وَيُطَهِّرُ بِهِ الْمُذْنِبِينَ كَمَا خَصَّ الصَّلَاةَ بِذَلِكَ، فَقَالَ: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] فَجَاءَتِ الْأَخْبَارُ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ. ” تعظيم قدر الصلاة ” (1/ 139).
وَقَالَ الْبُخَارِيّ: حَدَّثَنَا قُتَيْبَة بْن سَعِيد حَدَّثَنَا يَزِيد بْن زُرَيْعٍ عَنْ سُلَيْمَان التَّيْمِيّ عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ عَنْ اِبْن مَسْعُود أَنَّ رَجُلًا أَصَابَ مِنْ اِمْرَأَة قُبْلَة فَأَتَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ فَأَنْزَلَ اللَّه ” وَأَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ” فَقَالَ الرَّجُلُ: يَا رَسُول اللَّه أَلِي هَذَا؟ قَالَ ” لِجَمِيعِ أُمَّتِي كُلِّهِمْ ” هَكَذَا رَوَاهُ فِي كِتَاب الصَّلَاة وَأَخْرَجَهُ فِي التَّفْسِير عَنْ مُسَدَّد عَنْ يَزِيد بْن زُرَيْعٍ بِنَحْوِهِ وَرَوَاهُ مُسْلِم وَأَحْمَد وَأَهْل السُّنَن إِلَّا أَبَا دَاوُدَ مِنْ طُرُق عَنْ أَبِي عُثْمَان النَّهْدِيّ وَاسْمه عَبْد الرَّحْمَن بْن مُلٍّ بِهِ.
وَرَوَاهُ الْإِمَام أَحْمَد وَمُسْلِم وَالتِّرْمِذِيّ وَالنَّسَائِيّ وَابْن جَرِير وَهَذَا لَفْظه مِنْ طُرُق عَنْ سِمَاك بْن حَرْب أَنَّهُ سَمِعَ إِبْرَاهِيم بْن يَزِيد يُحَدِّث عَنْ عَلْقَمَة وَالْأَسْوَد عَنْ اِبْن مَسْعُود قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه إِنِّي وَجَدْت اِمْرَأَة فِي بُسْتَان فَفَعَلْت بِهَا كُلّ شَيْء غَيْر أَنِّي لَمْ أُجَامِعهَا قَبَّلْتهَا وَلَزِمْتهَا وَلَمْ أَفْعَل غَيْر ذَلِكَ فَافْعَلْ بِي مَا شِئْت فَلَمْ يَقُلْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا فَذَهَبَ الرَّجُل. فَقَالَ عُمَر: لَقَدْ سَتَرَ اللَّه عَلَيْهِ لَوْ سَتَرَ عَلَى نَفْسه فَأَتْبَعَهُ رَسُول اللَّه بَصَره ثُمَّ قَالَ” رُدُّوهُ عَلَيَّ ” فَرَدُّوهُ عَلَيْهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ ” أَقِمْ الصَّلَاة طَرَفَيْ النَّهَار وَزُلَفًا مِنْ اللَّيْل إِنَّ الْحَسَنَات يُذْهِبْنَ السَّيِّئَات ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ ” فَقَالَ مُعَاذ: وَفِي رِوَايَة عُمَر: يَا رَسُول اللَّه الله وَحْده أَمْ لِلنَّاسِ كَافَّة؟ قَالَ ” بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّة ” انظر: ” تفسير ابن كثير”.
قال العلامة الألباني: فنحن نعلم إن الصلوات كفارات لما بينهما أو لما بينها والجمعة إلى الجمعة كفارة لما بينهما وهكذا حتى ضرب عليه الصلاة والسلام مثلا عظيما جدا لبيان أثر تكفير الصلاة للذنوب والمعاصي بالنسبة لذلك المصلي فقال عليه الصلاة والسلام: (مثل الصلوات الخمس كمثل نهر جار غمر أمام دار أحدكم يغتسل فيه كل يوم خمس مرات أترونه يبقى على بدنه من درنه شيء؟ قالوا لا يا رسول الله، قال فكذلك مثل الصلوات الخمس يكفر الله بهن الخطايا).
لكن أي صلاة هذه التي تكفر الخطايا؟ ويكون مثلها مثل من يغتسل خمس مرات في ذلك النهر الغمر العميق. طبعا ليست هذه الصلاة التي نحن نصليها لاسيما إذا كانت هذه الصلاة كصلاة المسيء صلاته، يا الله كأن شخصا يلحقه بالعصى الا يستعجل في أداء الصلاة؛ إنما هي الصلاة التي يأتي فيها المسلم بكل الأركان، وكل الواجبات، وكل السنن وكل المستحبات؛ هذه الصلاة التي تجمع هذه الكمالات هي التي تمحوا الذنوب من هذا المصلي وأنتم تلاحظون بأن الإتيان بمثل هذه الصلاة لا يكاد الإنسان يتمكن من تحقيقها لاسيما في آخر الزمان الذي نحن فيه اليوم؛ ولكن هل معنى ذلك أن المسلم ما يطمع في مغفرة الله عزوجل وهو يصلي وهو يعتقد أنه في صلاته لا يصل بها إلى القمة؟ لا، وإنما عليه أن يحاول في تحسين صلاته قدر استطاعته ليستحق بذلك مغفرة واسعة من ربه، تليق بصلاته فإن كانت كاملة فتكون المغفرة كاملة وإلا فكل شيء بحسبه وقد أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الحقيقة حين قال: (إن الرجل ليصلي الصلاة ما يكتب له منها إلا عشرها تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها نصفها). وقف عند النصف يعني هذا أحسن واحد هو الذي يكتب له نصف صلاة، ما هو معنى نصف صلاة؟ في الثواب والكمال؛ الحقيقة إذا لاحظنا هذا الكلام وهذا البيان فحينئذ يبعدنا ذلك على أن نغتر بصلاتنا ونفعل الأفاعيل ونرتكب المعاصي والذنوب بحجة أن صلاتنا بتكفر عنا؛ لكن نحن لسنا ضامنين أن هذه الصلاة التي لها تلك الفضيلة البالغة التي جاء ذكرها في بعض الأحاديث السابقة، ولذلك مثلا أنا أضرب لكم مثالا آخر يقول الرسول عليه السلام: (من سبح الله دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين وحمد الله ثلاثا وثلاثين وكبر الله ثلاثا وثلاثين ثم قال تمام المئة لا إله إلا الله وحدة لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) …… ” سلسلة الهدى و النور” انتهى
مسألة: هل الصلاة تكفر الكبائر أم الصغائر؟
قال ابن رجب في (الفتح): وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الصلاة إنما تكفر الصغائر دون الكبائر.
وكذلك الوضوء، غير أن الصلاة تكفر أكثر مما يكفر الوضوء، كما قال سلمان الفارسي – رضي الله عنه -: الوضوء يكفر الجراحات الصغار، والمشي إلى المسجد يكفر أكثر، والصلاة تكفر أكثر من ذلك.
قال ابن حجر في (الفتح) (8/ 357): قوله تعالى (أن الحسنات يذهبن السيئات).
المرجئة قالوا أن الحسنات تكفر كل سيئة كبيرة كانت أو صغيرة وحمل الجمهور هذا المطلق على المقيد في الحديث الصحيح أن الصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما اجتنبت الكبائر فقال طائفة إن اجتنبت الكبائر كانت الحسنات كفارة لما عدا الكبائر من الذنوب وأن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا وقال آخرون إن لم تجتنب الكبائر لم تحط الحسنات شيئا منها وتحط الصغائر.
وقيل المراد أن الحسنات تكون سببا في ترك السيئات كقوله تعالى (أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) لا أنها تكفر شيئا حقيقة وهذا قول بعض المعتزلة وقال بن عبد البر ذهب بعض أهل العصر إلى أن الحسنات تكفر الذنوب واستدل بهذه الآية وغيرها من الآيات والأحاديث الظاهرة في ذلك قال ويرد الحث على التوبة في أي كبيرة فلو كانت الحسنات تكفر جميع السيئات لما أحتاج إلى التوبة
واستدل بهذا الحديث على عدم وجوب الحد في القبلة واللمس ونحوهما وعلى سقوط التعزيز عمن أتى شيئا منها وجاء تائبا نادما واستنبط منه بن المنذر أنه لا حد على من وجد مع امرأة أجنبية في ثوب واحد.
قوله (تكفرها الصلاة) أي تكفر فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره أداء الصلاة قال تعالى إن الحسنات يذهبن السيئات يعني الصلوات الخمس إذا اجتنبت الكبائر هذا قول أكثر المفسرين وقال مجاهد هي قول العبد سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وقال ابن عبد البر قال بعض المنتسبين إلى العلم من أهل عصرنا أن الكبائر والصغائر تكفرها الصلاة والطهارة واستدل بظاهر هذا الحديث وبحديث الصنابحي (إذا توضأ خرجت الخطايا من فيه) الحديث وقال أبو عمر هذا جهل وموافقة للمرجئة وكيف يجوز أن تحمل هذه الأخبار على عمومها وهو يسمع قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا في آي كثير فلو كانت الطهارة وأداء الصلوات وأعمال البر مكفرة لما احتاج إلى التوبة) عمدة القاري” (7/ 313).
قال النووي رحمه الله:
” أجمع العلماء على أن المعاصي الموجبة للحدود لا تسقط حدودها بالصلاة ” ” شرح مسلم ” (17/ 81)
قال العلامة العباد: ومعلوم أن الصغائر تكفر باجتناب الكبائر، والحسنات تكفر الصغائر، وأما الكبائر فلا يكفرها إلى التوبة، كما قال الله عز وجل: إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ [النساء:31] وقال صلى الله عليه وسلم: (الجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)، فالصغائر تكفر بالأعمال الصالحة وتكفر بالصلاة، وما جاء في أن الحسنات يذهبن السيئات، إنما يكون ذلك في الصغائر وليس في الكبائر. شرح سنن أبي داود
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
” الزِّنَا مِنْ الْكَبَائِرِ وَأَمَّا النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ فَاللَّمَمُ مِنْهَا مَغْفُورٌ بِاجْتِنَابِ الْكَبَائِرِ فَإِنْ أَصَرَّ عَلَى النَّظَرِ أَوْ عَلَى الْمُبَاشَرَةِ صَارَ كَبِيرَةً وَقَدْ يَكُونُ الْإِصْرَارُ عَلَى ذَلِكَ أَعْظَمَ مِنْ قَلِيلِ الْفَوَاحِشِ فَإِنَّ دَوَامَ النَّظَرِ بِالشَّهْوَةِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الْعِشْقِ وَالْمُعَاشَرَةِ وَالْمُبَاشَرَةِ قَدْ يَكُونُ أَعْظَمَ بِكَثِيرِ مِنْ فَسَادِ زِنَا لَا إصْرَارَ عَلَيْهِ؛ وَلِهَذَا قَالَ الْفُقَهَاءُ فِي الشَّاهِدِ الْعَدْلِ: أَنْ لَا يَاتِيَ كَبِيرَةً وَلَا يُصِرَّ عَلَى صَغِيرَةٍ ”
“مجموع الفتاوى” (15/ 293)
قال العلامة ابن عثيمين: لكن صغائر الذنوب تكفرها حسنات الأعمال إذا أصلح الإنسان الحسنات كما قال الله {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهوداً} وقال {إن الحسنات يذهبن السيئات} أما الكبائر فلا ينفع فيها إلا التوبة.
على كل حال الفسق من أسباب انتفاء رضى الله عن العبد والطاعة من أسباب الرضا. ” شرح رياض الصالحين” انتهى
تبين من خلال النقولات أن الحسنات تكفر الصغائر، و الكبائر لا ينفع فيها الا التوبة، و على العبد أن يفعل ما يرضي الله و يحذر من سخطه، و أن يفعل ما أمره الله عزوجل و يجتنب ما نهى الله عنه، و أن يزداد من الاعمال الصالحة، و الأكثار من التوبة و الاستغفار، و أن يعتني بصلاح قلبه، و أن يجدد الأيمان في كل وقت وحين، و إذا أذنب بادر بالتوبة الى الله، و لا يقنط من رحمة الله تعالى، و أن يكون حال العبد بين الخوف و الرجاء ..