209 جامع الأجوبة الفقهية ص 245
مجموعة ناصر الريسي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : هل على من حمل ميتاً أن يتوضأ؟
♢- جواب ناصر الريسي:
سبق الحديث على مسألة مشروعية الغسل والوضوء على من غسل ميتاً، وفي هذه المسألة الكلام على من حمل الميت، فهل ينتقض وضوؤه، أم لا؟
مدار هذه المسألة على حديث الباب المتقدم وهو حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: النبي صلى الله عليه وسلم: من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ. أخرجه احمد والنسائي والترمذي وحسنه.
فمن صح عنده الحديث استحب الوضوء من حمل الميت ومن لم يصح عنده لم يجيز الوضوء.
وقد سبق الكلام على تخريج الحديث في المسألة السابقة وذكر خلاف العلماء في رفعه ووقفه مما يغني عن الإعادة هنا.
♢- ذكر من قال باستحباب الوضوء من حمل الميت:
♢- جاء في جامع تراث العلامة الألباني في الفقه (1/ 218)
[ذكر الإمام مما يتوضأ له] الوضوء على من حمل الميت لقوله عليه الصلاة والسلام: «من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ» أخرجه الطيالسي «305» وأحمد «2/ 454» من طريق ابن أبي ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة … وبالجملة فالحديث صحيح لا شك فيه وإن كان قد تُكُلِّم فيه. [الثمر المستطاب (1/ 12)].
♢- قال الشيخ أبو الحسن المباركفوري في كتابه مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح (2/ 239)، عند كلامه على حديث أبي هريرة: “هذا يدل على وجوب الوضوء على من حمل الميت. والظاهر أن الأمر فيه أيضاً للندب، يدل عليه قوله – صلى الله عليه وسلم -: فحسبكم أن تغسلوا أيديكم، في حديث ابن عباس المتقدم. وقال المناوي: معناه من أراد حمل الميت، فليكن على وضوء، ليتأهب للصلاة عليه حين وصوله المصلى خوف الفوت. قال المجد بن تيمية في المنتقى: وقال بعضهم: معناه من أراد حمله ومتابعته، فليتوضأ من أجل الصلاة عليه- انتهى. قال القاري: ويجوز أن يكون لمجرد الحمل فإنه قربة” انتهى.
♢- وجاء في المفاتيح في شرح المصابيح (1/ 455)
وأما الوضوء لحمل الجنازة: وإن لم يكن له الوضوء، فالوضوء عليه واجبٌ إذا أراد الصلاة على الميت، وإن كان له الوضوء قبل الحمل، ثم حمل الميت، فيستحبُّ له تجديدُ الوضوء بعد وضع الجنازة احتياطًا؛ لأنه ربما خرج منه ريحٌ لشدة دهشته وخوفه من حمل الجنازة وثقلِ حمل الجنازة، وهو لا يعلم بذلك من الدهشة، وربما يتغير وجهه من الخوف، فيستحب له الوضوء لإزالة التغير.
وقيل: قوله: (فليتوضأ)؛ يعني: ليكون على الوضوء حين حمل الجنازة؛ ليصلي على الميت. انتهى
وذهب ابن حزم إلى وجوب الوضوء من حمله كما في المحلى 167
♢- من قال بعدم مشروعية الوضوء من حمل الميت:
♢- قال ابن عبد البر في الاستذكار(ص: 445) معلقا على رواية مالك ” وإنما أدخل مالك هذا الحديث إنكارا لما روي عن النبي – عليه السلام – أنه قال: ( من غسل ميتا فليغتسل ومن حمله فليتوضأ ) وهو حديث يرويه بن أبي ذئب عن صالح مولى التوءمة عن أبي هريرة عن النبي – عليه السلام – وقد جاء من غير هذا الوجه أيضا، وإعلاما أن العمل عندهم بخلافه. ولم يختلف قوله أنه لا وضوء على من حمل ميتا، واختلف قوله في الغسل من غسل الميت (…) ومعنى الحديث المذكور عن أبي هريرة – والله أعلم – أن من حمل ميتا فليكن على وضوء لئلا تفوته الصلاة عليه وقد حمله وشيعه لا أن حمله حدث يوجب الوضوء فهذا تأويله والله أعلم”. انتهى
♢- قال ابن قدامة في المغني (1/ 155):
“وقال ابن المنذر ليس في هذا حديث يثبت، ولذلك لا يعمل به في وجوب الوضوء على من حمله. وقد ذكر لعائشة قول أبي هريرة ” ومن حمله فليتوضأ ” قالت: وهل هي إلا أعواد حملها، ذكره الأثرم بإسناده، ولا نعلم أحدا قال به في الوضوء من حمله”. انتهى
♢- قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى في الشرح المختصر على بلوغ المرام (2/ 106):
“ومن حمله فليتوضأ هذا أيضا إن صح الحديث فالمعني أن الذي يحمله ينبغي أن يحمله على وضوء حتى لا يتأخر في الصلاة على الميت لأنه إذا كان حاملا له من بيته إلى المسجد أو إلى مصلى الجنائز فإذا كان على وضوء لم يتأخر والا تأخر هذا إن صح الحديث لكن إذا كان الحديث لا يصح كما قال أمام أهل السنة احمد بن حنبل رحمه الله تعالى فقد كفينا همه وعلى هذا فمن غسل ميتا فلا يجب عليه الغسل ولا يؤمر به أيضا ومن حمله فلا يتوضأ لكن من أراد أن يصلي عليه فلابد من الوضوء لعموم قول النبي- صلى الله عليه وسلم – لا يقبل الله صلاة أحدا إذا احدث حتى يتوضأ. انتهى
♢- وقال الشيخ البسام كما في توضيح الأحكام (1/ 310):
أَمَّا قوله: “ومن حمله فليتوضَّأ” فقال الصنعاني: “لا أَعلَمُ قائلاً بالوضوء من حَمْلِ الميت، والوضوءُ يُفَسَّر بغسل اليدين فقطْ، فيكونُ غسلُ اليدين مندوبًا من حَمْلِ الميت، وهو يناسبُ نظافةَ الإسلام؛ ويدل على ندب غسل اليدين ما تقدَّم من حديث ابن عبَّاس: “حسبكم أنْ تغسلوا أيديكم”.
ولولا وجودُ هذا الحديثِ، وعدَمُ وجود قائلٍ بالوضوء مِنْ حمله، وضعفٌ ظاهرٌ في حديث الأصل أيضًا -لحملنا الحديث على الحقيقة الشرعية، وهي الوضوءُ الشرعيُّ بغَسْلِ الأعضاء الأربعة من حمل الميت؛ لأنَّ الأصل في ألفاظ الشرِع أنْ تُحْمَلَ على الحقائق الشرعية.
والله أعلم.