206 فتح الاحد الصمد شرح الصحيح المسند
مجموعة: عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف: سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا).
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
الصحيح المسند
206) قال الإمام أبوداود رحمه الله (ج9 ص73): حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا ابن نمير حدثنا هاشم بن هاشم أخبرني عبد الله بن نسطاس من آل كثير بن الصلت أنه سمع جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار أو وجبت له النار.
……………………
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: قوله: [باب ما جاء في تعظيم اليمين عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم]، أي: تغليظها وتعظيمها في المكان، وأن ذلك قد يسبب هيبة ورهبة للشخص الحالف ويجعله يتخوف من العقوبة إذا كان كاذباً.
وقد أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر، إلا تبوأ مقعده من النار)].
أي: ولو كان على شيء يسير، فكيف بالكثير؟! وذكر السواك الأخضر فيه إشارة إلى يسره وسهولته وكثرته، بخلاف اليابس؛ فإن اليابس قد ينقل من بلد إلى بلد فيكون عزيزاً نفيساً، ولكنه في المكان الذي هو فيه مبذول وحاصل بكثرة، فهو شيء يسير، فالأمر فيه خطورة ولو كان بهذه المثابة، ولذا قال: (إلا تبوأ مقعده من النار)، فهذا فيه الوعيد الشديد في حق من حصلت منه هذه اليمين الآثمة الكاذبة ولو كان على الشيء اليسير، وفيه تعظيم اليمين عند منبره صلى الله عليه وسلم. اهـ
الأحاديث الصحيحة فى اليمين الغموس
[(1)] عن عبد الله بن عمرو بن العاص – رضي الله عنهما – قال: جاء أعرابي إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله ما الكبائر؟ , فقال: ” الإشراك بالله ” , قال: ثم ماذا؟ , قال: ” ثم عقوق الوالدين ” , قال: ثم ماذا؟ , قال: ” اليمين الغموس ” , قلت: وما اليمين الغموس؟ , قال: ” الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب ” (خ) 6522 , (ت) 3021 , (حم) 6884
[(2)] عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله – عز وجل – وقتل النفس بغير حق وبهت مؤمن والفرار يوم الزحف، ويمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق ”
البهت: القول عليه بما لم يفعله , حتى حيره في أمره وأدهشه. يقال: بهته بهتا وبهتانا , أي: قال عليه ما لم يفعل. ومقتضى تخصيص المؤمن أن الذمي ليس كذلك , ويحتمل إلحاقه به , وعليه , فإنما خص به المؤمن , لأن بهته أشد.
فيض القدير (3/ 610).
(حم) 8722 ,
والحديث حسنه الألباني في الإرواء: 2564، , وصحيح الترغيب والترهيب: 1339
قلت (سيف) رجح أبوحاتم أن الصواب طريق المتوكل عن أبي هريرة. كما في العلل (1005) والمتوكل مجهول كما في حاشية العلل.
[(3)] عن أبي العالية، عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه – قال: كنا نعد من الذنب الذي ليس له كفارة: اليمين الغموس , قيل: وما اليمين الغموس؟ , قال: الرجل يقتطع بيمينه مال الرجل. (ك) 7809 , (هق) 19668 , (مسند ابن الجعد) 1408 , انظر صحيح الترغيب والترهيب: 1833
ابو العالية رفيع كثير الإرسال
لكن قرر ابن رجب في جامع العلوم والحكم أنه ليس لها كفارة عند أكثر العلماء و القاتل العمد ليس عليه الكفارة إنما يؤمر بالكفارة استحبابا.
[(4)] عن عمران بن حصين – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” من حلف على يمين مصبورة كاذبا متعمدا , فليتبوأ بوجهه مقعده من النار ”
(مصبورة): أي ألزم بها , وحبس عليها , وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم , وقيل لها ” مصبورة ” وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور , لأنه إنما صبر من أجلها , أي: حبس , فوصفت بالصبر , وأضيفت إليه مجازا , ومن هذا قولهم: قتل فلان صبرا , أي: حبسا على القتل , وقهرا عليه. تحفة الأحوذي (ج7ص341)
والحديث أخرجه (ش) 22589 , (د) 3242 , (حم) 19926 , الصحيحة: 2332
وهو الحديث الذي نشرحه في الصحيح المسند 1023
[(5)] قال الحاكم 7884 حدثني محمد بن صالح بن هانئ ثنا ابوسعيد الحسن بن عبد الصمد القهندزي ثنا يحيى بن يحيى وعمرو بن زرارة قالا ثنا سعيد بن سلمة ثنا اسماعيل بن أمية عن عمر بن عطاء بن ابي الحوار عن عبيد بن جريج عن الحارث بن البرصاء – رضي الله عنه – قال: ” قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الحج بين الجمرتين: من اقتطع مال أخيه المسلم بيمين فاجرة فليتبوأ مقعده من النار ليبلغ شاهدكم غائبكم – مرتين أو ثلاثا-”
الفاجرة: الكاذبة.
فليتبوأ: أي: فليتخذ لنفسه منزلا فيها، وهو أمر بمعنى التهديد.
والحديث أخرجه (ك) 7803 , (حب) 5165 , (طب) 3330 , صحيح الترغيب والترهيب: 1834
وقال صاحب منتخب الأخبار في زوائد مشكل الآثار: إسناده صحيح رجاله ثقات
وسكت عنه شيخنا يعني الشيخ مقبل في تعليقه على المستدرك. انتهى
وصححه محقق المطالب العالية ط دار العاصمة وبين أن في رواية الحميدي التي أوردها ابن حجر عند الحميدي سقط عبيد بن جريج بين الحارث وبين ابن أبي الخوار.
ويحتمل إنه من المزيد في متصل الأسانيد سمعه من عبيد بن جريج ثم سمعه من الصحابي.
لكن أصحاب المسند المعلل لما ذكروه من مسند الحميدي ذكروا في الإسناد عبيد بن جريج
وهو في مسند الحميدي برقم 573 وقال محققه الأعظمي زدت عبيد بن جريج من عندي فإنه هو الذي يروي عن الحارث ….
فعلى هذا ما وقع في المطالب العالية بالاسقاط هو المروي عن الحميدي
المهم نحن اعتمدنا على سند الحاكم وكلهم ثقات إلا الحسن بن عبدالصمد إنما نقل عن السمعاني أنه من رجال نيسابور.
لكن يروي عنه عدد فكأنه مشهور ثم هو متابع
تابعه روح بن القاسم عن إسماعيل بن أمية به تفرد به عمر بن عبدالوهاب الرياحي أخرجه ابن حبان 5165 … وذكر التفرد
فهو على شرط المتمم على الصحيح المسند
[(6)] عن أبي أمامة الباهلي – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه , فقد أوجب الله له النار , وحرم عليه الجنة ” , فقال له رجل: وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله؟ , قال: ” وإن قضيبا من أراك ”
الحديث أخرجه (م)
[(7)] عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” لا يحلف أحد عند منبري (وفي رواية: على منبري) هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر , إلا وجبت له النار ”
الحديث أخرجه
(د) 3246 , (جة) 2325 , (حم) 8344 , صححه الألباني في الإرواء: 2697 , صحيح الجامع: 7637 , صحيح الترغيب والترهيب: 1842
وهو في الصحيح المسند 206
لفظة (على منبري) أخرجها (حم) 14747 , وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط: إسناده قوي.
[(8)] عن عبد الله بن أنيس – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” إن من أكبر الكبائر: الشرك بالله , وعقوق الوالدين , واليمين الغموس , وما حلف حالف بالله يمين صبر , فأدخل فيها مثل جناح بعوضة , إلا جعلت نكتة في قلبه إلى يوم القيامة ”
النكتة: النقطة , والعلامة , والأثر، وأصله من النكت في الأرض , وهو التأثير فيها بعصا أو بغيره.
(إلى يوم القيامة):أي أن أثر تلك النكتة التي هي من الرين تبقى إلى يوم القيامة , ثم بعد ذلك يترتب عليه وبالها والعقاب عليها , فكيف إذا كان ذلك كذبا محضا. فيض القدير – (ج 2 / ص 679)
والحديث أخرجه (ت) 3020 , (حم) 16086 , صحيح الترغيب والترهيب: 1832
قلت سيف: صححه محققو المسند دون قوله (وما حلف حالف بالله يمينا …. ) إلى آخر الحديث حيث أنها من طريق هشام بن سعد.
قلت: وذكر من طريق عبدالرحمن بن إسحاق وسمى الراوي عن الصحابي (عبدالله بن أبي أميه) وهو مجهول.
وانظر الحديث التالي
[(9)] عن كعب بن مالك – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة , كانت نكتة سوداء في قلبه , لا يغيرها شيء إلى يوم القيامة ”
الحديث أخرجه (ك) 7800 , (طب) 801 , الصحيحة: 3364 , صحيح الترغيب والترهيب: 1838
وذكره مرة الألباني في الضعيفة 3366
وذكر أنه لم يجد ترجمه لعبدالله بن ثعلبه. وليس هو ابن صعير.
وذهب محققو المسند في حديث البذاذة من الإيمان أن عبدالحميد يرويه عن عبد الله بن أبي أمامه بن ثعلبه نسب لجده ثم نقلوا أن عبدالحميد بن جعفر متكلم فيه.
ثم وقفت على جزم الطحاوي في مشكله على الجزم أنه هو ابن أبي أمامه الذي روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من اقتطع بيمينه مال مسلم حرم عليه الجنة واوجب له النار. انتهى
وقد روى عنه جمع وذكره ابن حبان في الثقات
[(10)] عن أبي وائل قال: قال عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه -: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (” من حلف على يمين صبر يقتطع بها) (مالا وهو فيها فاجر , إلا لقي الله وهو عليه غضبان) (ثم قرأ علينا رسول الله – صلى الله عليه وسلم – مصداقه من كتاب الله: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله , ولا ينظر إليهم يوم القيامة , ولا يزكيهم , ولهم عذاب أليم} (فلقيني الأشعث بن قيس الكندي – رضي الله عنه – فقال: ما حدثكم عبد الله اليوم؟ , قلت: كذا وكذا) (فقال: صدق، لفي والله أنزلت) (خاصمت ابن عم لي إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في بئر كانت لي في يده , فجحدني فقال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” بينتك أنها بئرك , وإلا فيمينه) (ألك بينة؟ ” قلت: لا) (قال: ” فيمينه “) (فقلت: يا رسول الله , ما لي بيمينه؟ , وإن تجعلها بيمينه تذهب بئري , إن خصمي امرؤ فاجر) (لا يبالي ما حلف عليه, وليس يتورع من شيء) (قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” ليس لك منه إلا ذلك “) (فتهيأ الكندي لليمين) (فلما قام ليحلف) (قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” إن هو اقتطعها بيمينه ظلما , كان ممن لا ينظر الله – عز وجل – إليه يوم القيامة , ولا يزكيه , وله عذاب أليم) (من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة، لقي الله وهو عليه غضبان) وفي رواية: (أما لئن حلف على مال ليأكله ظالما , ليلقين الله وهو عنه معرض) وفي رواية: (لقي الله يوم يلقاه وهو أجذم) ((فأنزل الله: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} “) (فورع الكندي) (فقال: ماذا لمن تركها يا رسول الله؟ , قال: ” الجنة ” , قال: فاشهد أني قد تركتها له كلها)
في رواية (حم) 3597: قال الأشعث بن قيس: كان بيني وبين رجل من اليهود أرض , فجحدني فقدمته إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال لي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ” ألك بينة؟ ” , قلت: لا , فقال لليهودي: ” احلف ” , قلت: يا رسول الله إذا يحلف ويذهب بمالي.
في هذه الرواية دليل على جواز تحليف أهل الكتاب
(خ) 6299 , (م) 220 – (138) (حم) 17752 , وغيرهم
وحصل دمج بين الروايات التي في الصحيحين وغيرهما
قال الحافظ: اختصم زيد بن ثابت وبن مطيع يعني عبد الله إلى مروان في دار فقضى باليمين على زيد بن ثابت على المنبر فقال أحلف له مكاني فقال مروان لا والله إلا عند مقاطع الحقوق فجعل زيد يحلف أن حقه لحق وأبى أن يحلف على المنبر وكأن البخاري احتج بأن امتناع زيد بن ثابت من اليمين على المنبر يدل على أنه لا يراه واجبا والاحتجاج بزيد بن ثابت أولى من الاحتجاج بمروان وقد جاء عن بن عمر نحو ذلك فروى أبو عبيد في كتاب القضاء بإسناد صحيح عن نافع أن بن عمر كان وصى رجل فأتاه رجل بصك قد درست أسماء شهوده فقال بن عمر يا نافع اذهب به إلى المنبر فاستحلفه فقال الرجل يا بن عمر أتريد أن تسمع بي الذي يسمعني هنا فقال بن عمر صدق فاستحلفه مكانه وقد وجدت لمروان سلفا في ذلك فأخرج الكرابيسي في أدب القضاء بسند قوي إلى سعيد بن المسيب قال ادعى مدع على آخر أنه اغتصب له بعيرا فخاصمه إلى عثمان فأمره عثمان أن يحلف عند المنبر فأبى أن يحلف وقال أحلف له حيث شاء غير المنبر فأبى عليه عثمان أن لايحلف إلا عند المنبر فغرم له بعيرا مثل بعيره ولم يحلف
قوله (وقال النبي صلى الله عليه وسلم شاهداك أو يمينه) تقدم موصولا قريبا قوله ولم يخص مكانا دون مكان هو من تفقه المصنف وقد اعترض عليه بأنه ترجم لليمين بعد العصر فأثبت التغليظ بالزمان ونفى هنا التغليظ بالمكان فإن صح احتجاجه بأن قوله شاهداك أو يمينه لم يخص مكانا دون مكان فليحتج عليه بأنه أيضا لم يخص زمانا دون زمان فإن قال ورد التغليظ في اليمين بعد العصر قيل له ورد التغليظ في اليمين على المنبر في حديثين:
أحدهما حديث جابر مرفوعا لا يحلف أحد عند منبري هذا على يمين آثمة ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار أخرجه مالك وأبو داود والنسائي وبن ماجة وصححه بن خزيمة وبن حبان والحاكم وغيرهم واللفظ الذي ذكرته لأبي بكر بن أبي شيبة
ثانيهما: حديث أبي أمامة بن ثعلبة مرفوعا من حلف عند منبري هذا بيمين كاذبة يستحل بها مال امرئ مسلم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا أخرجه النسائي ورجاله ثقات ويجاب عنه بأنه لا يلزم من ترجمة اليمين بعد العصر أنه يوجب تغليظ اليمين بالمكان بل له أن يقلب المسألة فيقول إن لزم من ذكر تغليظ اليمين بالمكان أنها تغلظ على كل حالف فيجب التغليظ عليه بالزمان أيضا لثبوت الخبر بذلك.
فتح الباري (5/ 285)