2016/ 5/2، 11:25 ص سيف الكعبي: سُورَةِ القتال تفسير آيات 19 16
تهذيب تفسير ابن كثير
(بالتعاون مع الإخوة بمجموعات؛ السلام،1،2،3 والمدارسة، والاستفادة) تهذيب سيف بن دورة الكعبي وأحمد بن علي وبعض طلاب العلم (من لديه تعقيب أو فائدة من تفاسير أخرى فليفدنا)
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
{وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ (16) وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِل السَّاعَةَ أَنْ تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَهَ إِل اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ (19)}
يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنِ الْمُنَافِقِينَ فِي بَ صلى الله عليه وسلم دَتِهِمْ وَقِلَّةِ فَهْمِهِمْ حَيْثُ كَانُوا يَجْلِسُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَسْتَمِعُونَ كَ صلى الله عليه وسلم مَهُ وَ صلى الله عليه وسلم يَفْهَمُونَ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِهِ {قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ}
مِنَ الصَّحَابَةِ: {مَاذَا قَالَ آنِفًا}
أَيِ: السَّاعَةَ، صلى الله عليه وسلم يَعْقِلُونَ مَا يُقَالُ، وَ صلى الله عليه وسلم يَكْتَرِثُونَ لَهُ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ}
أَيْ: فَ صلى الله عليه وسلم فَهْمٌ صَحِيحٌ، وَ صلى الله عليه وسلم قَصْدٌ صَحِيحٌ.
ثُمَّ قَالَ: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى}
أَيْ: وَالَّذِينَ قَصَدُوا الْهِدَايَةَ وَفَّقَهُمُ اللَّهُ لَهَا فَهَدَاهُمْ إِلَيْهَا، وَثَبَّتَهُمْ عَلَيْهَا وَزَادَهُمْ مِنْهَا، {وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ} أَيْ: أَلْهَمَهُمْ رُشْدَهُمْ.
وَقَوْلُهُ: {فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِل السَّاعَةَ أَنْ تَاتِيَهُمْ بَغْتَةً} أَيْ: وَهُمْ غَافِلُونَ عَنْهَا، {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}.
أَيْ: أَمَارَاتُ اقْتِرَابِهَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الولَى أَزِفَتِ الزِفَةُ} [النَّجْمِ: 56، 57]، وَكَقَوْلِهِ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ}
[الْقَمَرِ: 1] وَقَوْلُهُ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَل تَسْتَعْجِلُوهُ} [النَّحْلِ: 1]، وَقَوْلِهِ: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [ا صلى الله عليه وسلم نْبِيَاءِ: 1]، فَبِعْثَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ؛ صلى الله عليه وسلم نَّهُ خَاتَمُ الرُّسُلِ الَّذِي أَكْمَلَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ، وَأَقَامَ بِهِ الْحُجَّةَ عَلَى الْعَالَمِينَ. وَقَدْ أَخْبَرَ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَ صلى الله عليه وسلم مُهُ عَلَيْهِبِأَمَارَاتِ السَّاعَةِ وَأَشْرَاطِهَا، وَأَبَانَ عَنْ ذَلِكَ وَأَوْضَحَهُ بِمَا لَمْ يُؤْتَهُ نَبِيٌّ قَبْلَهُ، كَمَا هُوَ مَبْسُوطٌ فِي مَوْضِعِهِ.
وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: بَعْثَةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ. وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي أَسْمَائِهِ عَلَيْهِ السَّ صلى الله عليه وسلم مُ، أَنَّهُ نَبِيُّ التَّوْبَةِ، وَنَبِيُّ الْمَلْحَمَةِ (1)،وَالْحَاشِرُ الَّذِي يُحشَر النَّاسُ عَلَى قَدَمَيْهِ، وَالْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدَهُ نَبِيٌّ (2).
وروى الْبُخَارِيُّ: عن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بِأُصْبُعَيْهِ هَكَذَا، بِالْوُسْطَى وَالَّتِي تَلِيهَا: “بُعِثْتُ أَنَا وَالسَّاعَةُ كَهَاتَيْنِ” (3).
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ}
أَيْ: فَكَيْفَ لِلْكَافِرِينَ بِالتَّذَكُّرِ إِذَا جَاءَتْهُمُ الْقِيَامَةُ، حَيْثُ صلى الله عليه وسلم يَنْفَعُهُمْ ذَلِكَ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ النْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} [الْفَجْرِ: 23]، {وَقَالُوا آمَنَّا بِهِ وَأَنَّى لَهُمُ التَّنَاوُشُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ} [سَبَأٍ: 52]
وَقَوْلُهُ: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَهَ إِل اللَّهُ}
هَذَا إِخْبَارٌ: بِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم إِلَهَ إِ صلى الله عليه وسلم اللَّهُ، وَ صلى الله عليه وسلم يَتَأَتَّى كَوْنُهُ آمِرًا بِعِلْمِ ذَلِكَ؛ وَلِهَذَا عَطَفَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}
وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي وَجَهْلِي، وَإِسْرَافِي فِي أَمْرِي، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي هَزْلي وَجِدِّي، وخَطَئي وعَمْدي، وَكُلَّ ذَلِكَ عِنْدِي” (4). وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي آخِرِ الصَّ صلى الله عليه وسلم ةِ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ، وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَسْرَفْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي، أَنْتَ إِلَهِي صلى الله عليه وسلم إِلَهَ إِ صلى الله عليه وسلم أَنْتَ” (5) وَفِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ قَالَ: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ، تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَإِنِّي أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً” (6)
وَروى أَحْمَدُ: عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَرْجِسَ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكَلْتُ مَعَهُ مِنْ طَعَامِهِ، فَقُلْتُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقُلْتُ: أَسْتَغْفَرَ لَكَ؟ فَقَالَ: “نَعَمْ، وَلَكُمْ”، وَقَرَأَ: {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ}،
ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى نُغْض كَتِفِهِ ا صلى الله عليه وسلم يْمَنِ أَوْ: كَتِفِهِ ا صلى الله عليه وسلم يْسَرِ شُعْبَةُ الَّذِي شَكَّفَإِذَا هُوَ كَهَيْئَةِ الْجَمْعِ عَلَيْهِ الثَّآلِيلُ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (7)
وَا صلى الله عليه وسلم حَادِيثُ فِي فَضْلِ السْتِغْفَارِ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
وَقَوْلُهُ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}
أَيْ: يَعْلَمُ تَصَرُّفَكُمْ فِي نَهَارِكُمْ وَمُسْتَقَرَّكُمْ فِي لَيْلِكُمْ، كَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ} [ا صلى الله عليه وسلم نْعَامِ: 60]
، وَكَقَوْلِهِ: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الرْضِ إِل عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [هُودٍ: 6]. وَهَذَا الْقَوْلُ ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: مُتَقَلَّبَكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَثْوَاكُمْ فِي الخِرَةِ.
وَقَالَ السُّدِّيُّ: مُتَقَلَّبَكُمْ فِي الدُّنْيَا، وَمَثْوَاكُمْ فِي قُبُورِكُمْ.
وَا صلى الله عليه وسلم وَّلُ أَوْلَى وَأَظْهَرُ، وَاللَّهُ أعلم.
=============
(1) أشار بعضهم أنه وقع في نسخه لصحيح مسلم وإلا وقع في كل ما وقفنا عليه من المطبوع (نبي الرحمة) ووردت متابعات للراوي وشواهد فورد بلفظ (نبي الملاحم) ويشهد له حديث (وجعل رزقي تحت ظل رمحي) وفيه ضعف.
(2) {أخرجه البخاري 3532، ومسلم 2354}
(3) أخرجه البخاري 4936، ومسلم 2950
(4) أخرجه البخاري 6398 ومسلم 2719
(5) أخرجه مسلم 771، وأبو داود 761 عن علي بن أبي طالب
(6) أخرجه البخاري 6307 من حديث أبي هريرة وليس في أوله (يا أيها الناس إلى ربكم …. )، وأخرج مسلم 2702 من حديث الأغر المزني بلفظ: (يا أيها الناس توبوا إلى الله فإني أتوب في اليوم مائة مرة)
(7) أخرجه مسلم 2346