20 فتح المنان في شرح أصول الإيمان
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين وحكام الإمارات ووالديهم ووالدينا والمسلمين جميعا).
——–
القواعد في باب الأسماء و الصفات
1 – والله سبحانه وتعالى بعث رسله بإثبات مفصَّل، ونفي مجمل، فأثبتوا له الصفات على وجه التفصيل، ونفوا عنه ما لا يصلح له من التشبيه والتمثيل، كما قال تعالى: {فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا}، قال أهل اللغة: (هل تعلم له سميًا) أي نظيرًا يستحق مِثْل اسمه، ويقال مُسامِيًا يُسامِيه.
2 – القول في الصفات كالقول في الذات، فإن الله ليس كمثله شيء، لا في ذاته، ولا في صفاته، ولا في أفعاله، فإذا كان له ذات حقيقة لا تماثل الذوات، فالذات متصفة بصفات حقيقة لا تماثل صفات سائر الذوات.
3 – القول في بعض الصفات كالقول في بعض.
4 – وينبغي أن يُعلم أن النفي ليس فيه مدح ولا كمال، إلا إذا تضمن إثباتًا، وإلا فمجرد النفي ليس فيه مدح ولا كمال، لأن النفي المحض عدم محض، والعدم المحض ليس بشيء، وما ليس بشيء هو كما قيل ليس بشيء، فضلاً عن أن يكون مدحًا أو كمالا.
مثال على ذلك
فنفي السِنة والنوم يتضمن كمال الحياة والقيام، فهو مبيِّن لكمال أنه الحي القيوم.
5 – والله سبحانه وتعالى لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله لا مثل له، بل له المَّثَل الأعلى، فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يُستعمل في حقه المثل الأعلى، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال فالخالق أَوْلَى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص فالخالق أَوْلَى بالتنزيه عنه. أ نظر ” التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية”. أخترت بعض القواعد و من أراد المزيد فليرجع الى الكتاب.
6 – وكل فعل يسند إلى الله فهو قائم به لا بغيره، هذه القاعدة في اللغة العربية، والقاعدة في أسماء الله وصفاته كل ما أسنده الله إلى نفسه فهو له نفسه لا لغيره، وعلى هذا فالذي يأتي هو الله عز وجل.
” تفسير العلامة العثيمين جزء عم “.
7 – الأسماء و الصفات توقيفية لا مجال للعقل فيها.
قال ابن القيم –رحمه الله- في ” بدائع الفوائد” (169 – 171):
ويجب أن تعلم هنا أمور
أحدها: أن ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود والقائم بنفسه فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا
الثاني: أن الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل في أسمائه ولهذا غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا
الثالث: أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق كما غلط فيه بعض المتأخرين فجعل من أسمائه الحسنى المضل الفاتن الماكر تعالى الله عن قوله فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها
الرابع: أن أسماءه عز و جل الحسنى هي أعلام وأوصاف والوصف بها لا ينافي العلمية بخلاف أوصاف العباد فإنها تنافي علميتهم لأن أوصافهم مشتركة فنافتها العلمية المختصة بخلاف أوصافه تعالى
الخامس: أن الإسم من أسمائه له دلالات دلالة على الذات والصفة بالمطابقة ودلالة على أحدهما بالتضمن ودلالة على الصفة الأخرى باللزوم.
السادس: أن أسماءه الحسنى لها اعتباران اعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فهي بالإعتبار الأول مترادفة وبالإعتبار الثاني متباينة
السابع: أن ما يطلق عليه في باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من الأخبار لا يجب أن يكون توقيفا كالقديم والشيء والموجود والقائم بنفسه
فهذا فصل الخطاب في مسألة أسمائه هل هي توقيفية أو يجوز أن يطلق عليه منها بعض ما لم يرد به السمع
الثامن: أن الإسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا ومصدرا ونحو السميع البصير القدير يطلق عليه منه السمع والبصر والقدرة ويخبر عنه بالأفعال من ذلك نحو (قد سمع الله المجادلة) 1 (وقدرنا فنعم القادرون) المرسلات 23
هذا إن كان الفعل متعديا فإن كان لازما لم يخبر عنه به نحو الحي بل يطلق عليه الإسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حي
التاسع: أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم فالرب تبارك وتعالى فعاله عن كماله.
والمخلوق كماله عن فعاله فاشتقت له الأسماء بعد أن كمل بالفعل
فالرب لم يزل كاملا فحصلت أفعاله عن كماله لأنه كامل بذاته وصفاته فأفعاله صادرة عن كماله كمل ففعل والمخلوق فعل فكمل الكمال اللائق به.
العاشر إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم فإن المعلومات سواه إما أن تكون خلقا له تعالى أو أمرا إما علم بما كونه أو علم بما شرعه ومصدر الخلق والأمر عن أسمائه الحسنى وهما مرتبطان بها ارتباط المقتضى بمقتضيه فالأمر كله مصدره عن أسمائه الحسنى وهذا كله حسن لا يخرج عن مصالح العباد
والرأفة والرحمة بهم والإحسان إليهم بتكميلهم بما أمرهم به ونهاهم عنه فأمره كله مصلحة وحكمة ولطف وإحسان إذ مصدره أسماؤه الحسنى وفعله كله لا يخرج عن العدل والحكمة والمصلحة والرحمة إذ مصدره أسماؤه الحسنى فلا تفاوت في خلقه ولا عبث ولم يخلق خلقه باطلا ولا سدى ولا عبثا
وكما أن كل موجود سواه فبإيجاده فوجود من سواه تابع لوجوده تبع المفعول المخلوق لخالقه فكذلك العلم بها أصل للعلم بكل ما سواه فالعلم بأسمائه وإحصاؤها أصل لسائر العلوم فمن أحصى أسماءه كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم إذ إحصاء أسمائه أصل لإحصاء كل معلوم لأن المعلومات هي من مقتضاها ومرتبطة بها وتأمل صدور الخلق والأمر عن علمه وحكمته تعالى ولهذا لا تجد فيها خللا ولا تفاوتا لأن الخلل الواقع فيما يأمر به العبد أو يفعله إما أن يكون لجهله به أو لعدم حكمته
وأما الرب تعالى فهو العليم الحكيم فلا يلحق فعله ولا أمره خلل ولا تفاوت ولا تناقض
الحادي عشر: أن أسماءه كلها حسنى ليس فيها اسم غير ذلك أصلا وقد تقدم أن من أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق والرازق والمحيي والمميت وهذا يدل على أن أفعاله كلها خيرات محض لا شر فيها لأنه لو فعل الشر لاشتق له منه اسم ولم تكن أسماؤه كلها حسنى وهذا باطل فالشر ليس إليه فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل في أفعاله فالشر ليس إليه لا يضاف إليه فعلا ولا وصفا وإنما يدخل في مفعولاته
وفرق بين الفعل والمفعول فالشر قائم بمفعوله المباين له لا بفعله الذي هو فعله
فتأمل هذا فإنه خفي على كثير من المتكلمين وزلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وهدى الله أهل الحق لما اختلفوا فيه بإذنه والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
و قال العلامة الشنقيطي المفسر رحمه الله:
وَلَا بُد فِي هَذَا الْمقَام من نقط يتَنَبَّه إِلَيْهَا طَالب الْعلم:
القَوْل فِي الصِّفَات جَمِيعهَا من بَاب وَاحِد أَولا أَن يعلم طَالب الْعلم أَن جَمِيع الصِّفَات من بَاب وَاحِد إِذْ لَا فرق بَينهَا الْبَتَّةَ لِأَن الْمَوْصُوف بهَا وَاحِد وَهُوَ جلّ وَعلا لَا يشبه الْخلق فِي شَيْء من صفاتهم الْبَتَّةَ فَكَمَا أَنكُمْ أثبتم لَهُ سمعا وبصرا لائقين بجلاله لَا يشبهان شَيْئا من أسماع الْحَوَادِث وأبصارهم فَكَذَلِك يلْزم أَن تجروا هَذَا بِعَيْنِه فِي صفة الاسْتوَاء وَالنُّزُول والمجيء إِلَى غير ذَلِك من صِفَات الْجلَال والكمال الَّتِي أثنى الله بهَا على نَفسه وَاعْلَمُوا أَن رب السَّمَوَات وَالْأَرْض يَسْتَحِيل عقلا أَن يصف نَفسه بِمَا يلْزمه مَحْذُور وَيلْزمهُ محَال أَو يُؤَدِّي إِلَى نقص كل ذَلِك مُسْتَحِيل عقلا فَإِن الله لَا يصف نَفسه إِلَّا بِوَصْف بَالغ من الشّرف والعلو والكمال مَا يقطع جَمِيع علائق أَوْهَام المشابهة بَينه وَبَين صِفَات المخلوقين على حد قَوْله لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير [الشورى 11].
القَوْل فِي الصِّفَات كالقول فِي الذَّات:
الثَّانِي أَن تعلمُوا أَن الصِّفَات والذات من بَاب وَاحِد فَكَمَا أننا نثبت ذَات الله جلّ وَعلا إِثْبَات وجود وإيمان لَا إِثْبَات كَيْفيَّة مكيفة محددة فَكَذَلِك نثبت لهَذِهِ الذَّات الْكَرِيمَة المقدسة صِفَات إِثْبَات وإيمان وَوُجُود لَا إِثْبَات كَيْفيَّة وتحديد
هَل آيَات الصِّفَات هِيَ من الْمُتَشَابه وَاعْلَمُوا أَن آيَات الصِّفَات كثير من النَّاس يُطلق عَلَيْهَا اسْم الْمُتَشَابه وَهَذَا من جِهَة غلط وَمن جِهَة قد يسوغ كَمَا بَينه الإِمَام مَالك بن أنس بقوله الاسْتوَاء غير مَجْهُول والكيف غير مَعْقُول وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب (5) كَذَلِك يُقَال فِي النُّزُول النُّزُول غير مَجْهُول والكيف غير مَعْقُول وَالسُّؤَال عَنهُ بِدعَة وَالْإِيمَان بِهِ وَاجِب واطرده فِي جَمِيع الصِّفَات لِأَن هَذِه الصِّفَات مَعْرُوفَة عِنْد الْعَرَب إِلَّا أَن مَا وصف بِهِ خَالق السَّمَوَات وَالْأَرْض مِنْهَا أكمل وَأجل وَأعظم من أَن يشبه شَيْئا من صِفَات المخلوقين كَمَا أَن ذَات الْخَالِق جلّ وَعلا حق والمخلوقون لَهُم ذَوَات وَذَات الْخَالِق جلّ وَعلا أكمل وأنزه وَأجل من أَن تشبه شَيْئا من ذَوَات المخلوقين فعلى كل حَال الشَّرّ كل الشَّرّ فِي تَشْبِيه الْخَالِق بالمخلوق وتنجيس الْقلب بقذر التَّشْبِيه فالإنسان الْمُسلم إِذا سمع صفة وصف بهَا الله أول مَا يجب عَلَيْهِ أَن يعْتَقد أَن تِلْكَ الصّفة بَالِغَة من الْجلَال والكمال مَا يقطع علائق أَوْهَام المشابهة بَينه وَبَين صِفَات المخلوقين فَتكون أَرض قلبه طيبَة طَاهِرَة قَابِلَة للْإيمَان بِالصِّفَاتِ على أساس التَّنْزِيه على نَحْو لَيْسَ كمثله شَيْء وَهُوَ السَّمِيع الْبَصِير. ” منهج ودراسات لآيات الأسماء و الصفات ” (38 – 39).
تنبيه: و للمزيد أكثر يراجع كتاب القواعد المثلى للعلامة الفقيه أبن عثيمين رحمه الله و الاعتناء بفهمه و شروحات أهل العلم.