20 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة عبدالله الديني
ومجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——‘——–”
——-‘——‘——-
مسند أسامة بن شَرِيْكٍ رضي الله عنه
20 – قال أبو داود رحمه الله (ج 10 ص 334): حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ النَّمَرِيُّ أخبرَنَا شُعْبَةُ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَأَنَّمَا عَلَى رُءُوسِهِمْ الطَّيْرُ فَسَلَّمْتُ ثُمَّ قَعَدْتُ فَجَاءَ الْأَعْرَابُ مِنْ هَاهُنَا وَهَاهُنَا فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ أَنَتَدَاوَى؟ فَقَالَ: «تَدَاوَوْا فَإِنَّ اللهَ تعالى لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ لَهُ دَوَاءً غَيْرَ دَاءٍ وَاحِدٍ الْهَرَمُ».
هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين.
الحديث أخرجه الترمذي (ج 6 ص 190) وقال: هذا حديث حسن صحيح.
* وقال الإمام البخاري رحمه الله في “الأدب المفرد” (ص 109): حدثنا أبو النعمان قال حدثنا أبو عوانة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجاءت الأعراب ناس كثير من هاهنا ومن هاهنا فسكت الناس لا يتكلمون غيرهم فقالوا: يا رسول الله أعلينا حرج في كذا وكذا؟ في أشياء من أمور الناس لا بأس بها فقال: «يا عباد الله وضع الله الحرج إلا امرءًا اقترض امرءًا ظلمًا فذاك الذي حرج وهلك» قالوا: يا رسول الله أنتداوى؟ قال: «نعم يا عباد الله تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاء غير داء واحد» قالوا: وما هو يا رسول الله؟ قال: «الهرم» قالوا: يا رسول الله ما خير ما أعطي [ص: 43] الإنسان؟ قال: «خُلُقٌ حسن».
* وقال أبو داود رحمه الله (ج 5 ص 495): حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أخبرَنَا جَرِيرٌ عَنْ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ حَاجًّا فَكَانَ النَّاسُ يَاتُونَهُ فَمَنْ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ سَعَيْتُ قَبْلَ أَنْ أَطُوفَ أَوْ قَدَّمْتُ شَيْئًا أَوْ أَخَّرْتُ شَيْئًا؟ فَكَانَ يَقُولُ: «لَا حَرَجَ لَا حَرَجَ إِلَّا عَلَى رَجُلٍ اقْتَرَضَ عِرْضَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ وَهُوَ ظَالِمٌ فَذَلِكَ الَّذِي حَرِجَ وَهَلَكَ».
هذا حديث صحيحٌ على شرط الشَّيخين، وهو من الأحاديث التي ألزم الدارقطني البخاري ومسلمًا أن يخرجاه كما في “الإلزامات” رقم (21).
* وقال الإمام أبو عبد الله بن ماجه رحمه الله (ج 2 ص 1137): حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: شَهِدْتُ الْأَعْرَابَ يَسْأَلُونَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا؟ أَعَلَيْنَا حَرَجٌ فِي كَذَا؟ فَقَالَ لَهُمْ: «عِبَادَ اللهِ وَضَعَ اللهُ الْحَرَجَ إِلَّا مَنْ اقْتَرَضَ مِنْ عِرْضِ أَخِيهِ شَيْئًا فَذَاكَ الَّذِي حَرِجَ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ هَلْ عَلَيْنَا جُنَاحٌ أَنْ لَا نَتَدَاوَى؟ قَالَ: «تَدَاوَوْا عِبَادَ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَضَعْ دَاءً إِلَّا وَضَعَ مَعَهُ شِفَاءً إِلَّا الْهَرَمَ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ مَا خَيْرُ مَا أُعْطِيَ الْعَبْدُ؟ قَالَ: «خُلُقٌ حَسَنٌ».
هذا حديث صحيحٌ، رجاله رجال الصحيح.
* وقال الإمام أبو بكر بن أبي شيبة رحمه الله (ج 8 ص 514): حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ سُفْيَانَ وَمِسْعَرٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، سمعه من أُسَامَةَ بْنِ [ص: 44] شَرِيكٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا أَفْضَلُ مَا أُعْطِيَ الْمُسْلِمُ؟ قَالَ: «خُلُقٌ حَسَنٌ».
هذا حديث صحيحٌ.
الحديث أخرجه الإمام أحمد (ج 4 ص 278)، وابن حبان (ج 2 ص 226).
…………………………….
——–‘—–‘——–
(اقترض) بالقاف أي اقتطع (عرض رجل مسلم) أي نال منه وقطعه بالغيبة أو غيرهـا (وهـو) أي والحال أن ذلك الرجل (ظالم) فيخرج حرج الرواة والشهود فإنه مباح (فذلك الذي) أي الرجل الموصوف (حرج) بكسر الراء أي وقع منه حرج (وهـلك) أي بالاثم والعطف تفسيري كذا في المرقاة
إباحة التداوي
قال المناوي: فإذا شاء الله الشفاء يسر ذلك الدواء على مستعمله بواسطة أو دونها فيستعمله على وجهه وفي وقته فيبرأ وإذا أراد هلاكه أذهله عن دوائه وحجبه بمانع فهلك وكل ذلك بمشيئته وحكمه. ” فيض القدير” (2/ 256)
ذكر الحافظ ابن حجر في الفتح طرق اخرى و بين مجموع هذه الالفاظ
عن ابن مسعود رفعه (أن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء فتداووا) وأخرجه النسائي وصححه بن حبان والحاكم ونحوه للطحاوي وأبي نعيم من حديث بن عباس
ولأحمد عن أنس (أن الله حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا) وفي حديث أسامة بن شريك (تداووا يا عباد الله فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء إلا داء واحدا الهرم) أخرجه أحمد والبخاري في الأدب المفرد والأربعة وصححه الترمذي وبن خزيمة والحاكم وفي لفظ (إلا السام) بمهملة مخففة يعني الموت
ووقع في رواية أبي عبد الرحمن السلمي عن بن مسعود نحو حديث الباب وزاد في آخره (علمه من علمه وجهله من جهله) أخرجه النسائي وبن ماجة وصححه بن حبان والحاكم
ولمسلم عن جابر رفعه (لكل داء دواء فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن الله تعالى)
ولأبي داود من حديث أبي الدرداء رفعه (إن الله جعل لكل داء دواء فتداووا ولا تداووا بحرام)
وفي مجموع هذه الألفاظ ما يعرف منه المراد بالإنزال في حديث الباب وهو إنزال علم ذلك على لسان الملك للنبي صلى الله عليه و سلم مثلا أو عبر بالإنزال عن التقدير وفيها التقييد بالحلال فلا يجوز التداوي بالحرام
وفي حديث جابر منها الإشارة إلى أن الشفاء متوقف على الإصابة بإذن الله وذلك أن الدواء قد يحصل معه مجاوزة الحد في الكيفية أو الكمية فلا ينجع بل ربما أحدث داء آخر
وفي حديث بن مسعود الإشارة إلى أن بعض الأدوية لا يعلمها كل أحد. وفيها كلها إثبات الأسباب وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وبتقديره وأنها لا تنجع بذواتها بل بما قدره الله تعالى فيها وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدر الله ذلك وإليه الإشارة بقوله في حديث جابر (بإذن الله) فمدار ذلك كله على تقدير الله وإرادته
والتداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب وكذلك تجنب المهلكات والدعاء بطلب العافية ودفع المضار وغير ذلك وسيأتي مزيد لهذا البحث في باب الرقية إن شاء الله تعالى.
ويدخل في عمومها أيضا الداء القاتل الذي اعترف حذاق الأطباء بأن لا دواء له وأقروا بالعجز عن مداواته ولعل الإشارة في حديث بن مسعود بقوله (وجهله من جهله) إلى ذلك فتكون باقية على عمومها ويحتمل أن يكون في الخبر حذف تقديره لم ينزل داء يقبل الدواء إلا أنزل له شفاء. والأول أولى
ومما يدخل في قوله (جهله من جهله) ما يقع لبعض المرضى أنه يتداوى من داء بدواء فيبرأ ثم يعتريه ذلك الداء بعينه فيتداوى بذلك الدواء بعينه فلا ينجع والسبب في ذلك الجهل بصفة من صفات الدواء فرب مرضين تشابها ويكون أحدهما مركبا لا ينجع فيه ما ينجع في الذي ليس مركبا فيقع الخطأ من هنا وقد يكون متحدا لكن يريد الله أن لا ينجع فلا ينجع ومن هنا تخضع رقاب الأطباء.
وقد أخرج بن ماجة من طريق أبي خزامة وهو بمعجمة وزاي خفيفة عن أبيه قال “قلت: يا رسول الله. أرأيت رقي نسترقيها ودواء نتداوى به هل يرد من قدر الله شيئا؟ قال: هي من قدر الله تعالى والحاصل أن حصول الشفاء بالدواء إنما هو كدفع الجوع بالأكل والعطش بالشرب وهو ينجع في ذلك في الغالب وقد يتخلف لمانع والله أعلم
ثم الداء والدواء كلاهما بفتح الدال وبالمد وحكى كسر دال الدواء واستثناء الموت في حديث أسامة بن شريك واضح ولعل التقدير إلا داء الموت أي المرض الذي قدر على صاحبه الموت واستثناء الهرم في الرواية الأخرى إما لأنه جعله شبيها بالموت والجامع بينهما نقص الصحة أو لقربه من الموت وإفضائه إليه ويحتمل أن يكون الاستثناء منقطعا والتقدير لكن الهرم لا دواء له والله أعلم. انتهى
قال الشوكاني في النيل (8/ 231): قوله: (علمه من علمه) فيه إشارة إلى أن بعض الأدوية لا يعلمه كل واحد.
وفي أحاديث الباب كلها إثبات الأسباب، وأن ذلك لا ينافي التوكل على الله لمن اعتقد أنها بإذن الله وبتقديره وأنها لا تنجع بذواتها بل بما قدره الله فيها، وأن الدواء قد ينقلب داء إذا قدر الله ذلك، وإليه الإشارة في حديث جابر حيث قال ” بإذن الله ” فمدار ذلك كله على تقدير الله وإرادته، والتداوي لا ينافي التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع والعطش بالأكل والشرب وكذلك تجنب المهلكات والدعاء بالعافية ودفع المضار وغير ذلك قوله: (وجهله من جهله) فيه دليل على أنه لا بأس بالتداوي لمن كان به داء قد اعترف الأطباء بأنه لا دواء له وأقروا بالعجز عنه.
قال ابن عبدالبر: وفي هذا الحديث إباحة التداوي وإباحة معالجة الأطباء وجواز الطب والتطبب. ” الإستذكار” (8/ 414).
قال ابن القيم: وفى الأحاديث الصحيحةِ الأمرُ بالتداوى، وأنه لا يُنَافى التوكل، كما لا يُنافيه دفْع داء الجوع، والعطش، والحرّ، والبرد بِأضدادها، بل لا تتم حقيقةُ التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التى نَصَبها الله مقتضياتٍ لمسبَّبَاتها قدراً وشرعاً، وأن تعطيلها يقَدَحُ فى نفس التوكل، كما يَقْدَحُ فى الأمر والحكمة، ويضعفه من حيث يظن مُعطِّلُها أنَّ تركها أقوى فى التوكل، فإن تركها عجزاً يُنافى التوكلَ الذى حقيقتُه اعتمادُ القلب على الله فى حصولِ ما ينفع العبد فى دينه ودنياه، ودفْعِ ما يضرُّه فى دينه ودنياه، ولا بد مع هذا الاعتماد من مباشرة الأسباب؛ وإلا كان معطِّلاً للحكمة والشرع، فلا يجعل العبدُ عجزه توكلاً، ولا توكُّلَه عجزاً ….
وفى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لكلِّ داءٍ دواء”، تقويةٌ لنفس المريضِ والطبيبِ، وحثٌ على طلبِ ذلك الدواءِ والتفتيشِ عليه، فإنَّ المريض إذا استشعرتْ نفسُه أن لِدائه دواءً يُزيله، تعلَّق قلبُه بروح الرجاء، وبَردت عنده حرارة اليأس، وانفتَحَ له بابُ الرجاء، ومتى قَويتْ نفسُه انبعثتْ حرارتُه الغريزية، وكان ذلك سبباً لقوة الأرواح الحيوانية والنفسانية والطبيعية، ومتى قويتْ هذه الأرواح، قويت القُوَى التى هى حاملةٌ لها، فقهرت المرضَ ودفعتْه. وكذلك الطبيبُ إذا علم أنَّ لهذا الداءِ دواءً أمكنه طلبُه والتفتيشُ عليه. وأمراضُ الأبدان على وِزَانِ أمراض القلوب، وما جعل الله للقلب مرضاً إلا جعل له شفاءً بضده، فإنْ علمه صاحبُ الداء واستعمله، وصادف داءَ قلبِه، أبرأه بإذن الله تعالى. ” زاد المعاد” (4/ 15 – 17)
قال الألباني: فإذا في الأمراض نستطيع أن نقسمها الآن ثلاثة أقسام و أظن أن هذا أمر لا نقاش فيه أمراض لها معالجات حاسمة و قاطعة فهذه المعالجات واجبة فرض إذا تركها المريض يكون آثما يكون مذنبا أمراض أخرى لها معالجات يترجح نفعها فهنا يأتي قوله عليه السلام (تداووا عباد الله فإن الله لم ينزل داءً إلا و أنزل له دواءً علمه من علمه و جهله من جهله) فيشرع هنا الأخذ بهذا العلاج الذي يترجح فائدته و لكن لا يجب إلا إذا كان من النوع الأول القاطع الحاسم.
يأتي العلاج الثالث مرجوح نفعه فهنا يأتي التوكل من هذه المرجوحية قضية طلبك من أخيك المسلم أنه يرقيك أو يدعو لك أو ما شابه ذلك فهذا و إن كان جائزا و لكنه جائز مرجوح هذا ما أردت لفت النظر إليه بالنسبة لسؤال الأخ محمد. ” سلسلة الهدى والنور من الشاملة”