198 جامع الأجوبة الفقهية ص 237
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : مس المرأة لفرجها
♢- جواب ناصر الريسي:
اختلف أهل العلم في نقض الوضوء من مس المرأة فرجها، على قولين:
♢- الأول: مس المرأة فرجها ينقض الوضوء، هو قول مالك في المشهور عنه وهو مذهب الشافعية والحنابلة، واختاره ابن باز
♢- القول الثاني: أنه لا ينقض الوضوء، وهو مذهب الحنفية، ومالك في رواية، ورواية عن أحمد
انظر: روضة الطالبين للنووي (1/75)، المجموع للنووي (2/43)، الإنصاف للمرداوي (1/156)، كشاف القناع للبهوتي (1/128)، المغني لابن قدامة (1/244)، تبيين الحقائق للزيلعي (1/12).
♢- واستدل أصحاب القول الأول بما يلي:
أولا: عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “أيما رجل مس فرجه، فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها، فلتتوضأ”.
أخرجه أحمد في المسند 2/223، والدارقطني 1/147 في الطهارة باب: ما روى في لمس القبل والدبر والذكر، والبيهقي 1/132، في الطهارة باب: الوضوء من مس المرأة فرجها وقال الحافظ في التلخيص الحبير 1/124: قال الترمذي في العلل عن البخاري هو عندي صحيح، وصححه الحازمي في الاعتبار في الناسخ والمنسوخ ص: (44) وقال: رواته ثقات معروفون، وقال الألباني في ارواء الغليل 1/152: الحديث حسن الإسناد صحيح المتن بما قبله.
كلام البخاري في العلل الكبير :
٥٥ – قالَ مُحَمَّدٌ: وحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي مَسِّ الذَّكَرِ هُوَ عِنْدِي صَحِيحٌ .
ثانياً: عائشة رضي الله عنها: “إذا مست المرأة فرجها توضأت”.
أخرجه الشافعي في «مسنده» (90)، والبيهقي (1/ 133)، وصحح الحاكم وقفه (1/ 138).
ما وراه ابن أبي شيبة من طريق مكحول، عن عنبسة ابن أبي سفيان، عن أم حبيبة قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: من مس فرجه فليتوضأ.
وجه الاستدلال:
قوله: (من مس فرجه) فكلمة (من) من ألفاظ العموم تشمل الرجل والمرأة، وسوأة المرأة يقال لها: فرج، كما قال تعالى: {والحافظين فروجهم والحافظات} (الأحزاب: 35)، والحديث وإن كان قد اختلف فيه: هل سمع مكحول من عنبسة أم لا؟ إلا أنه شاهد للحديث الأول من حديث عبد الله بن عمرو.
ثالثاً: قياسا على نقض الوضوء من مس الرجل ذكره
♢- ادلة أصحاب القول الثاني:
أولا: عن طلق بن علي رضي الله عنه قال: “خرجنا وفدا حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبايعناه، وصلينا معه، فلما قضى الصلاة جاء رجل كأنه بدوي، فقال: يا رسول الله، ما ترى في رجل مس ذكره في الصلاة؟ قال: هل هو إلا مضغة منك، أو بضعة منك؟ “.
رواه أبو داود (182)، والنسائي (165)، وأحمد (4/23) (16338)، وابن حبان (3/403) (1120). قال ابن المديني كما في ((شرح معاني الآثار)) للطحاوي (1/76): أحسن من حديث بسرة، وصححه الطحاوي في ((شرح معاني الآثار)) (1/76)، وابن حزم في ((المحلى)) (1/238)، وحسنه ابن القطان في ((بيان الوهم والإيهام)) (4/144)، وقال ابن حجر في ((فتح الباري)) (1/306): صحيح أو حسن، وقال محمد ابن عبدالهادي في ((تعليقة على العلل)) (83): حسن أو صحيح، وصححه الألباني في ((صحيح سنن النسائي)) (165).
وجه الدلالة:
أن قوله عليه الصلاة والسلام: “هل هو إلا بضعة منك؟” علة لا يمكن أن تزول، ولا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى.
ثانيا: أن النصوص إنما وردت في مس الذكر؛ فيبقى ما عداه على الأصل من بقاء الطهارة، وعدم النقض، ولا نخرج عن هذا الأصل إلا بدليل متيقن .
فالأصل بقاء الطهارة حتى يوجد دليل صحيح صريح في أن الطهارة قد انتقضت، ولا يوجد دليل هنا؛ لأن جميع الأحاديث التي وردت بمس الفرج لا تخلو من مقال، جاء في المغني لابن قدامة: قال المروذي: قيل لأبي عبد الله: الجارية إذا مست فرجها أعليها وضوء؟ قال: لم أسمع في هذا بشيء. قلت لأبي عبد الله: حديث عبد الله بن عمرو، عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ؟ فتبسم، وقال: هذا حديث الزبيدي، ليس حديثه بذاك. ولِأنَّ الحَدِيثَ المَشْهُورَ فِي مَسِّ الذَّكَرِ، ولَيْسَ مَسُّ المَرْأةِ فَرْجَها فِي مَعْناهُ؛ لِكَوْنِهِ لا يَدْعُو إلى خُرُوجِ خارِجٍ، فَلَمْ يَنْقُضْ. انتهى
وفي الجامع لعلوم أحمد :
٩٣ – ما جاء في مس المرأة فرجها
فيه حديثان: الأول: حديث عبد اللَّه بن عمرو -رضي الله عنهما-: «أيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ»
قال الإمام أحمد: ليس إسناده بذاك .
الثاني: حديث عائشة -رضي الله عنها-: «إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ للصلاة» .
قال الإمام أحمد: ليس بصحيح .
«المغني» ١/ ١٧٣، «الفروسية» ص ١٩٣
وأجيب:
بأن حديث عبد الله بن عمرو الذي أشار الإمام أحمد رحمه الله تعالى إلى ضعفه قد صححه البخاري فيما نقله عنه الترمذي، والإسناد إلى عمرو بن شعيب إسناد صحيح، ويبقى الحكم في عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده،
♢- وقال صاحب المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة (1/ 45):
مسألة: عند الشافعي وعطاء وابن المسيب وأبان بن عثمان وعروة بن الزبير وسليمان ابن يسار والزهري ومجاهد وأحمد وإسحاق والأوزاعي أن الرجل إذا مس ذكره ببطن كفه، أو مست المرأة فرجها ببطن كفها انتقض وضوءهما بذلك، وبه قال عمر وابن عمر وسعد بن أبي وقاص وعائشة وأبو هريرة وابن عباس. وعند مالك إن مسه بشهوة انتقض وإلا فلا، وسواء عنده كان ذلك ببطن كفه أو بظهره أو بغيره من سائر أعضائه هذا هو الرواية الصحيحة عنه، وفي رواية عنه ينتقض وضوء الرجل دون وضوء المرأة وعند أبي حنيفة وأصحابه والحسن البصري وقتادة وربيعة والثوري وابن المبارك وأحمد فى رواية لا ينتقض الوضوء بذلك، وبه قال علي وابن مسعود وعمار وعمران بن الحصين وأبي الدرداء، وإحدى الروايتين عن سعد بن أبي وقاص وابن عباس. انتهى
♢- وقد ساق ابن رشد في المقدمات (1/ 102) عن مالك أربع روايات، فقال: ” أحدها: سقوط الوضوء. والثانية: استحبابه. والثالثة: إيجابه. والرابعة: التفرقة بين أن تلطف أو لا تلطف، وهي رواية ابن أبي أويس عنه.
فأما الرواية الأولى والثانية فواحدة في إسقاط الوجوب، وذهب أبو بكر الأبهري: إلى أن ذلك كله ليس باختلاف رواية، وإنما هو اختلاف أحوال، فرواية ابن القاسم وأشهب في سقوط الوضوء، معناها: إذا لم تلطف، ولا قبضت عليه فالتذت. ورواية علي بن زياد عن مالك في وجوب الوضوء معناها: إذا ألطفت على ما بُيِّن في رواية ابن أبي أويس، عن مالك. ومن أصحابنا من يحمل الروايات كلها على روايتين: إحداهما: وجوب الوضوء. والثانية: سقوطه، والوجوب متعلق بالإلطاف والالتذاذ.
فإذا مست المرأة فرجها فلم تلطف ولم تلتذ فلا وضوء عليها عند مالك ولم يختلف عنه في ذلك، فإذا ألطفت والتذت وجب عليها الوضوء عند مالك بلا خلاف، وقيل: إن عنه في ذلك روايتين على ما بيناه. اهـ
وقال في أسهل المدارك (1/ 60): وفي مس المرأة فرجها خلاف، وقد علمت أن المعتمد الذي به الفتيا عدم النقض ولو ألطفت، وعليه مشى خليل. والإلطاف: أن تدخل المرأة يدها بين شفري فرجها “.
وفي الشرح الكبير المطبوع بهامش حاشية الدسوقي (1/ 123): ” ولا مس امرأة فرجها – يعني: ولا ينقض- ألطفت أم لا، قبضت عليه أم لا، وهذا هو المذهب، وأوِّلت أيضاً بعدم الإلطاف، فإن ألطفت انتقض، والإلطاف: أن تدخل شيئاً من يدها في فرجها. اهـ وانظر التاج والإكليل (1/ 302) المطبوع بهامش مواهب الجليل، الخرشي (1/ 158)، وصرح الصاوي في حاشيته على الشرح الصغير (1/ 145) بأن المذهب المالكي لا ينتقض بمس المرأة فرجها ولو ألطفت.
♢- قال ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (5/206،207): (مس الفرج ينقض الوضوء مطلقا، بشهوة وبغير شهوة، سواء كان الرجل أو المرأة، إذا مس الرجل فرجه أو فرج امرأته، أو فرج الطفل انتقض الوضوء، وهكذا المرأة إذا مست فرجها، أو فرج زوجها، أو فرج أطفالها انتقض الوضوء). انتهى
والله أعلم..