198و 199 و 200 و 201 و 202 عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
23 – باب في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
عبق
198 – الْعاشرُ: عَنْ حذيفةَ رضي اللَّه عنه أَنَّ النَّبيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتَامُرُنَّ بالْمعرُوفِ، ولَتَنْهَوُنَّ عَنِ المُنْكَرِ، أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّه أَنْ يَبْعثَ عَلَيْكمْ عِقَاباً مِنْهُ، ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجابُ لَكُمْ “رواه الترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.
الحديث حسن لغيره قال الألباني:” وسنده حسن أو قريب من الحسن “ (هداية الرواة)
(قوله والذي نفسي بيده) قال ابن عثيمين:”هذا قسم، يقسم فيه النبي صلى الله عليه وسلم بالله؛ لأنه هو الذي أنفُس العباد بيده جل وعلا، يهديها إن شاء، ويضلها إن شاء، ويميتها إن شاء، ويبقيها إن شاء، فالأنفس بيد الله هدايةً وضلالة، وإحياءً وإماتة، كما قال الله تبارك وتعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا) (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس: 7، 8)، فالأنفس بيد الله وحده، ولهذا أقسم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يقسم كثيراً بهذا القسم: (والذي نفسي بيده) وأحياناً يقول: ” (والذي نفس محمد بيده).” (شرح رياض الصالحين 2/ 450)
وقال أيضا:” في هذا الحديث دليلٌ على جواز القسم دون أن يُطلب من الإنسان أن يقسم، ولكن هذا لا ينبغي إلا في الأمور التي لها أهمية.” (المصدر نفسه)
قوله: (أو ليوشكن) أي ليسرعن قال ابن فارس:” (وشك) الواو والشين والكاف: كلمة واحدة هي من السرعة. وأوشك فلان خروجا: أسرع وعجل. ووشكان ما كان ذلك، في معنى عجلان. وأمر وشيك. (مقاييس اللغة)
قال المباركفوري:” (عذابا منه). وفي بعض النسخ عقابا منه ”
قوله (فلا يستجاب لكم) قال المباركفوري:” والمعنى والله أن أحد الأمرين واقع إما الأمر والنهي منكم، وإما إنزال العذاب من ربكم، ثم عدم استجابة الدعاء له في دفعه عنكم، بحيث لا يجتمعان ولا يرتفعان فإن كان الأمر والنهي لم يكن عذاب، وإن لم يكونا كان عذاب عظيم.
قال ابن علان:” (فلا يستجاب لكم) لكون الحكمة الإلهية جعلته جزاء لما فرطتم فيه من ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفيه أن المنكر إذا لم ينكر عمّ شؤمه وبلاؤه فاعله وغيره، وتقدم حديث «أنهلك وفينا الصالحون» وأن إنكاره على قدر ما يتمكن منه دافع لذلك” (دليل الفالحين 1/ 355)
قال ابن تيمية:” تَركُ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب لعقوبة الدنيا قبل الآخرة، فلا يَظُن الظانُ أنها تُصيبُ الظالمَ الفاعلَ للمعصية دونَه مع سكوتِه عن الأمر والنهي، بل تعمُّ الجميعَ. ” (جامع المسائل 3/ 381)
قال فيصل آل مبارك:” في هذا الحديث: أنه إذا لم يُنْكَر المنكر عمَّ شؤمه وبلاؤه بجَوْر الولاة أو تسليط الأعداء، أو غير ذلك.” (تطريز رياض الصالحين ص 153)
قال ابن باز:” يعني بادروا بالأعمال الصالحة قبل أن تقع الكارثة الواجب على أهل الإسلام أمراء وعلماء وأعيانا وعامة، الواجب التعاون في هذا الأمر والحرص على إزالة المنكر والقضاء عليه بين الناس بما أقدرهم الله” (شرح رياض الصالحين 1/ 404)
199 – الْحَادي عشَرَ: عنْ أَبِي سَعيد الْخُدريِّ رضي اللَّه عنه عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قَالَ: “أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عندَ سلْطَانٍ جائِرٍ “رواه أَبُو داود، والترمذي وَقالَ: حديثٌ حسنٌ.
200 – الثَّاني عَشَر: عنْ أَبِي عبدِ اللَّه طارِقِ بنِ شِهابٍ الْبُجَلِيِّ الأَحْمَسِيِّ رضي اللَّه عنه أَنَّ رجلاً سأَلَ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، وقَدْ وَضعَ رِجْلَهُ في الغَرْزِ: أَيُّ الْجِهادِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: “كَلِمَةُ حقٍّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جائِر” رَوَاهُ النسائيُّ بإسنادٍ صحيحٍ.
“الْغَرْز”بِغيْنٍ مُعْجَمةٍ مَفْتُوحةٍ ثُمَّ راءٍ ساكنة ثُمَّ زَاي، وَهُوَ ركَابُ كَورِ الْجمَلِ إِذَا كَانَ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خَشَبٍ، وَقِيلَ: لاَ يَخْتَصُّ بِجِلدٍ وَخَشَبٍ.
الحديث الأول قال الألباني:” في إسناده ضعف لكن الحديث صحيح فقد رواه أحمد والنسائي عن طارق بن شهاب بإسناد صحيح” (انظر هداية الرواة 3/ 468) و الصحيحة 491)
طارق بن شهاب البجلي: قال البخاريّ: له صحبة، (الاصابة لابن حجر) قال الأتيوبي:”طارق بن شهاب البجليّ الأحمسيّ، أبو عبد الله الكوفيّ، رأى النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلم، ولم يسمع منه” (ذخيرة العقبى 32/ 337) فحديثه من مراسيل الصحابة قال الألباني في الصحيحة (1/ 888):” إسناده صحيح ومراسيل الصحابة حجة ”
وهذا الحديث مقيد بما ورد من أحاديث سابقة وضوابط من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم “من أراد أن ينصح لذي سلطان فلا يُبْدِه علانية ولكن يأخذ بيده فيخلوا به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه” (السنة لابن أبي عاصم وصححه الألباني.)
وعن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: قِيلَ لَهُ: أَلَا تَدْخُلُ عَلَى عُثْمَانَ فَتُكَلِّمَهُ؟ فَقَالَ: أَتَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ، وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ، مَا دُونَ أَنْ أَفْتَتِحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ. (البخاري ومسلم)
وقوله: (قَدْ وَضَع رِجْلَهُ فِي الْغَرْزِ) قال ابن الأثير:” -بفتح الغين المعجمة، وسكون الراء، آخره زاي-: هو ركاب كُورِ الجمل، إذا كَانَ منْ جلد، أو خشب، وقيل: هو الْكُورُ مطلقًا، مثلُ الركاب للسرج.” (النهاية لابن الاثير) أي الموضع الذي يضع فيه الراكب رجله ليصعد على الدابة.
فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم يستفتى في كل الفرص التي يقدر عليها السائل فهنا أراد الركوب فسئل، و فيه حرص الصحابة رضي الله عنهم على معرفة معالي الأمور حيث سأل (أي الجهاد أفضل)
(أفضل الجهاد) أي: من أفضله بدليل رواية الترمذي (إن من أعظم الجهاد)
(كلمة عدل) وفي رواية لابن ماجه {كلمة حق}، والمراد بالكلمة ما أفاد أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر من لفظ أو ما في معناه ككتابة ونحوها. (تحفة الأحوذي)
فكلمة حق أو عدل هي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فعن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله) (أخرجه الحاكم وحسنه الألباني 374)
(عند سلطان جائر) قال المباركفوري:” أي صاحب جور وظلم. قال الخطابي: وإنما صار ذلك أفضل الجهاد؛ لأن من جاهد العدو كان مترددا بين الرجاء والخوف لا يدري هل يغلب أو يغلب. وصاحب السلطان مقهور في يده فهو إذا قال الحق وأمره بالمعروف فقد تعرض للتلف، وأهدف نفسه للهلاك، فصار ذلك أفضل أنواع الجهاد من أجل غلبة الخوف. وقال المظهر: وإنما كان أفضل لأن ظلم السلطان يسري في جميع من تحت سياسته وهو جم غفير، فإذا نهاه عن الظلم فقد أوصل النفع إلى خلق كثير بخلاف قتل كافر انتهى” (تحفة الأحوذي)
قال ابن علان:” إنما كان أفضل الجهاد لأنه يدل على كمال يقين فاعله وقوة إيمانه وشدة إيقانه حيث تكلم بتلك الكلمة عند ذلك الأمير الجائر المهلك عادة بجوره وظلمه ولم يخف منه ولا من جوره وبطشه، بل باع نفسه من الله وقدم أمر الله وحقه على حق نفسه، وهذا بخلاف المجاهد للقوم فإنه ليس في المخاطرة كمخاطرة من تكلم بكلمة حق عند سلطان جائر” (دليل الفالحين 1/ 356)
قال العباد:” والمقصود من ذلك: أنه عندما يقول كلاماً باطلاً في مجلسه لا يسكت عليه، وإنما يبين أن الحق هو كذا، ولا يقر الباطل ويسكت عليه، وإنما يبين الحق وأنه خلاف ما يقول، وأن الذي قاله ليس بصحيح وإنما الصحيح هو كذا وكذا، لأن هذا هو الذي جاء عن الله وعن رسوله عليه الصلاة والسلام)) شرح سنن أبي داود – عبدالمحسن العباد – (25/ 184).
قال ابن عثيمين:” فللسطان بطانتان: بطانة السوء، وبطانة الخير.
بطانة السوء: تنظر ماذا يريد السلطان، ثم تزينه له وتقول: هذا هو الحق، … ولو كان – والعياذ بالله – من أجور ما يكون، تفعل ذلك مداهنة للسلاطين وطلباً للدنيا.
أما بطانة الحق: فإنها تنظر ما يرضي الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وتدل الحاكم عليه، هذه هي الباطنة الحسنة، وكلمة الباطل عند سلطان جائر، هذه – والعياذ بالله- ضد الجهاد. وقول كلمة الحق عند سلطان جائر من أعظم الجهاد.” (شرح رياض الصالحين 2/ 453)
قال ابن عثيمين:” عندنا أربع أحوال:1 – كلمة حق عند سلطان عادل، وهذه سهلة.2 – كلمة باطل عند سلطان عادل، وهذه خطيرة؛ لأنك قد تفتن السلطان العادل بكلمتك، بما تزينه له من الزخارف.3 – كلمة حق عند سلطان جائر، وهذه أفضل الجهاد.4 – كلمة باطل عند سلطان جائر، وهذه أقبح ما يكون، فهذه أقسام أربعة، لكن أفضلها كلمة الحق عند السلطان الجائر.” (شرح رياض الصالحين 2/ 454)
201 – الثَّالِثَ عشَرَ: عن ابن مَسْعُودٍ رضي اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: “إِنَّ أَوَّلَ مَا دخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّه كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ: يَا هَذَا اتَّق اللَّه وَدعْ مَا تَصْنَعُ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ، ثُم يَلْقَاهُ مِن الْغَدِ وَهُو عَلَى حالِهِ، فَلا يمْنَعُه ذلِك أَنْ يكُونَ أَكِيلَهُ وشَرِيبَهُ وَقعِيدَهُ، فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّه قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ” ثُمَّ قَالَ: {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لا يَتَنَاهَوْناَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ تَرَى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ} إِلَى قوله {فَاسِقُونَ} [المائدة: 78،81]
ثُمَّ قَالَ: “كَلاَّ، وَاللَّه لَتَامُرُنَّ بالْمعْرُوفِ، وَلَتَنْهوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، ولَتَاخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، ولَتَاطِرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً، ولَتقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْراً، أَوْ لَيَضْرِبَنَّ اللَّه بقُلُوبِ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ، ثُمَّ لَيَلْعَنكُمْ كَمَا لَعَنَهُمْ” رواه أَبُو داود، والترمذي وَقالَ: حديث حسن.
هَذَا لفظ أَبي داود, ولفظ الترمذي: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: “لما وقعت بنو اسرائيل في المعاصي نهتهم علمائهم فَلَمْ يَنْتَهُوا فَجَالَسُوهُمْ في مَجَالِسِهمْ وَوَاكَلُوهُمْ وَشَارَبُوهُمْ فَضَربَ اللهُ قُلُوبَ بَعضِهِمْ بِبعْضٍ, وَلَعَنَهُمْ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَكَانُوا يَعتَدُونَ” فَجَلَسَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم وكان مُتَّكِئاً فَقَالَ: “لا والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى تَأطِرُوهُمْ عَلَى الحَقِّ أطراً”.
قوله:”تَأطِرُوهم”أي: تعطفوهم.”ولتقْصُرُنَّهُ”أي: لتحبِسُنَّه.
قال الألباني في تحقيق رياض الصالحين على الرواية الأولى، فيما نقله النووي عن الترمذي وقال حديث حسن:” كذا قال فيه نظر ظاهر لأن مداره على أبي عبيدة بن عبدالله بن مسعود، ولم يسمع من أبيه كما ذكره الترمذي مرارا فهو منقطع ثم إنهم اضطربوا في إسناده على وجوه أربعة ” راجع الوجوه في الضعيفة 1105، ومعنى الحديث صحيح.
وجاء في بعض نسخ الترمذي قال: حسن غريب.
روى أبوداود عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يقول:”ما مِنْ رجلٍ يكونُ في قومٍ يُعملُ فيهم بالمعاصي، يقدِرونَ على أنْ يُغَيِّروا عليهِ، ولا يُغَيِّرونَ؛ إلاَّ أصابَهُم الله منهُ بِعِقابٍ قَبْلَ أنْ يَمُوتوا”. (صحيح الترغيب 2316)
وكذلك روي أبو داود عن عُرس بن عَميرة الكِنْديِّ رضي الله عنه؛ أنَّ النبيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: “إذا عُمِلَتِ الخطيئَةُ في الأرضِ؛ كان مَنْ شَهدَها وكرِهَها -وفي رواية: فأنكرها- كَمنْ غابَ عنها، ومَنْ غابَ عنها فَرَضِيَها؛ كان كَمَنْ شَهِدَها”. (صحيح الترغيب 2323)
قوله في الحديث (فلا يمنعه ذلك) أي: ما رآه من ذلك أمس. (عون المعبود)
(أن يكون أكيله وشريبه وقعيده) قال العظيم آبادي:” أي: من أن يكون أكيله وشريبه وقعيده، والكل على وزن فعيل بمعنى فاعل، هو من يصاحبك في الأكل والشرب والقعود.” (عون المعبود)
وفي الرواية الأخرى (وواكلوهم) من المواكلة مفاعلة للمشاركة في الأكل.
قال ابن علان:” أي لا يمنعه ملازمة صاحب لما نهاه الله عنه وحرمه عليه من مصاحبته ومداخلته ومباسطته وهو مأمور بمهاجرته حينئذٍ وترك ولائه إلا أن خاف محذوراً فيداريه ولا يباسطه ويداخله” (دليل الفالحين 1/ 357)
قال ابن باز:” الإنسان إذا أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ولم يستجب المأمور لا يكون جليسه ولا أكيله حتى يستجيب، إذا كان المنكر باقيًا يُشاهده الناس فالواجب إنكاره، وعدم مجالسة صاحبه، فلا تكن صاحبًا له، أكيلًا له، شريبًا له؛ لأنَّك إذا فعلتَ هذا كأنَّك لم تُنكر، لكن يجب الإنكار والهجر عند الحاجة إذا لم يمتثل؛ لأنَّ هذا أردع.
ولهذا لما تخلَّف كعبُ بن مالكٍ وصاحباه عن غزوة تبوك بغير عذرٍ هجرهم النبيُّ عليه الصلاة والسلام خمسين ليلة حتى تابوا فتاب الله عليهم، نزلت توبتهم من عند الله عز وجل.” (موقع الشيخ)
(فلما فعلوا ذلك) قال ابن علان:” وأتى فيه باسم الإشارة الموضوع للبعيد تفخيماً لما أتوا به وتشنيعاً له، أو لأن اللفظ لما لم يبق زمانين صار كالبعيد فأشير إليه بما يشار به إلى البعيد” (دليل الفالحين 1/ 357)
(ضرب الله قلوب بعضهم ببعض) قال العظيم آبادي:” يقال: ضرب اللبن بعضه ببعض أي: خلطه. ذكره الراغب. وقال ابن الملك رحمه الله: الباء للسببية أي: سود الله قلب من لم يعص بشؤم من عصى فصارت قلوب جميعهم قاسية بعيدة عن قبول الحق والخير أو الرحمة بسبب المعاصي ومخالطة بعضهم بعضا. انتهى. قال القاري: وقوله: قلب من لم يعص ليس على إطلاقه لأن مؤاكلتهم ومشاربتهم من غير إكراه وإلجاء بعد عدم انتهائهم عن معاصيهم معصية ظاهرة؛ لأن مقتضى البغض في الله أن يبعدوا عنهم ويهاجروهم. انتهى. قلت: ما قال القاري حق صراح.” (عون المعبود)
(على لسان داود) بأن دعا عليهم فمسخوا قردة وهم أصحاب أيلة (وعيسى ابن مريم) بأن دعا عليهم فمسخوا خنازير وهم أصحاب المائدة (ذلك) أي اللعن (بما عصوا) أي بسبب عصيانهم مباشرة ومعاشرة (وكانوا يعتدون) أي يتجاوزون عن الحد. (تحفة الأحوذي)
وتفسير الآية مر معنا في بداية الباب.
وفي الرواية الأخرى (قال) أي ابن مسعود (فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان متكئا) أي على أحد شقيه أو مستندا إلى ظهره قبل ذلك فجلس مستويا للاهتمام بإتمام الكلام (فقال لا) أي لا تعذرون أو لا تنجون من العذاب، أنتم أيها الأمة خلف أهل تلك الأمة وفي رواية أبي داود (ثُمَّ قَالَ: “كَلاَّ، وَاللَّه لَتَامُرُنَّ بالْمعْرُوفِ، وَلَتَنْهوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ، ولَتَاخُذُنَّ عَلَى يَدِ الظَّالِمِ، ولَتَاطِرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْراً، … )
” قال الخطابي: أي: لتردنه على الحق، وأصل الأطر العطف والتثني. وقال في النهاية: وتأطروه على الحق أطرا تعطفوه عليه. (عون المعبود)
قال المباركفوري:” (أطرا) بفتح الهمزة مفعول مطلق للتأكيد أي حتى تمنعوا أمثالهم من أهل المعصية. قال في المجمع: أي لا تنجون من العذاب حتى تميلوهم من جانب إلى جانب من أطرت القوس آطرها بكسر طاء أطرا بسكونها إذا حنيتها، أي تمنعوهم من الظلم وتميلوهم عن الباطل إلى الحق. وقال الطيبي: حتى متعلقة بلا كأن قائلا قال له عند ذكر مظالم بني إسرائيل هل يعذر في تخلية الظالمين وشأنهم، فقال لا حتى تأطروهم وتأخذوا على أيديهم. والمعنى لا تعذرون حتى تجبروا الظالم على الإذعان للحق وإعطاء النصفة للمظلوم. واليمين معترضة بين لا وحتى وليست لا هذه بتلك التي يجيء بها المقسم تأكيدا لقسمه” (تحفة الأحوذي)
(ولتقصرنه) بضم الصاد المهملة (أي لتحبسنه) والقصر: الحبس ومنه قوله تعالى: {حور مقصورات في الخيام} (دليل الفالحين 1/ 359)
قال فيصل آل مبارك:” هؤلاء الملعونون جمعوا بين فعل المنكر والتجاهرَ به، وفي الحديث: وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والنهي عن مجالسة أهل المعاصي.” (تطريز رياض الصالحين ص 154)
قال ابن باز:” المعنى أنه جرهم تساهلهم بالأمر المعروف والنهي عن المنكر جرهم ذلك إلى أن والوا الكفار واتخذوهم أصحابا وبطانة فحل بهم من أمر الله ما حل بهم من العقاب، هذا يدل على أن التساهل بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يجر إلى بلاوي كثيرة ويجر إلى أخطار عظيمة، حتى أنه يجر إلى الكفر بالله وترك الدين بالكلية فيقتدى بعضهم ببعض ويضرب الله قلوب بعضهم ببعض، فكل واحد يشبه الآخر في ظلمة قلبه وقسوته وبسبب تعاونهم على المعاصي وتساكتهم وعدم إنكار بعضهم على بعض” (شرح رياض الصالحين لاباز 1/ 408)
فيه وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
202 – الرَّابعَ عَشَر: عن أَبي بَكْرٍ الصِّدِّيق، رضي اللَّه عنه. قَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تقرءونَ هَذِهِ الآيةَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} [المائدة:105] وإِني سَمِعت رَسُول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَقُولُ: “إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوْا الظَّالِمَ فَلَمْ يَاخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّه بِعِقَابٍ مِنْهُ” رواه أَبُو داود، والترمذي والنسائي بأسانيد صحيحة.
صححه الألباني في صحيح، ابن ماجة (4005)
أبو بكر رضي الله عنه قال هذا في خطبته بعدما تولى الخلافة.
(عليكم أنفسكم) انتصب أنفسكم بعليكم وهو من أسماء الأفعال أي: الزموا إصلاح أنفسكم.
(لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) هذه الآية كثير من الناس يضعها في غير موضعها.
قال النووي: وأما قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم}. الآية فليس مخالفا لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ لأن المذهب الصحيح عند المحققين في معنى الآية أنكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم مثل قوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وإذا كان كذلك فمما كلف به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإذا فعله ولم يمتثل المخاطب فلا عتب بعد ذلك على الفاعل لكونه أدى ما عليه.
قال ابن تيمية:” هنا يغلط فريقان من الناس فريق يترك ما يجب عليه من الأمر والنهي تأويلا لهذه الآية كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه في خطبته (أيها الناس إنكم تقرأون هذه الآية (عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وإنكم تضعونها على غير موضعها وإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه)
والفريق الثاني من يريد أن يأمر وينهى إما بلسانه وإما بيده مطلقا من غير فقه ولا حلم ولا صبر ولا نظر فيما يصلح من ذلك وما لا يصلح وما يقدر عليه وما لا يقدر … فيأتي بالأمر والنهي معتقدا أنه مطيع لله ولرسوله وهو معتد في حدوده … ولهذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر على جور الأئمة ونهى عن قتالهم ما أقاموا الصلاة، … جماع ذلك داخل في القاعدة العامة فيما إذا تعارضت المصالح والمفاسد والحسنات والسيئات أو تزاحمت فإنه يجب ترجيح الراجح منها فيما إذا ازدحمت المصالح والمفاسد وتعارضت المصالح والمفاسد فإن الأمر والنهي وإن كان متضمنا لتحصيل مصلحة ودفع مفسدة فينظر في المعارض له فإن كان الذي يفوت من المصالح أو يحصل من المفاسد أكثر لم يكن مأمورا به بل يكون محرما إذا كانت مفسدته أكثر من مصلحته لكن اعتبار مقادير المصالح والمفاسد هو بميزان الشريعة فمتى قدر الإنسان على إتباع النصوص لم يعدل عنها وإلا اجتهد رأيه لمعرفة الأشباه والنظائر وقل أن تعوز النصوص من يكون خبيرا بها وبدلالته على الأحكام” (الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ص 29)
وقال أيضا:” ما ذكره الصديق ظاهر؛ فإن اللّه تعالى قال: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ} أي: الزموها وأقبلوا عليها، ومن مصالح النفس فعل ما أمرت به من الأمر والنهي، وقال: {لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} وإنما يتم الاهتداء إذا أطيع الله وأدى الواجب من الأمر النهي وغيرهما، ولكن فى الآية فوائد عظيمة:
أحدها: ألا يخاف المؤمن من الكفار والمنافقين فإنهم لن يضروه إذا كان مهتديا.
الثاني: ألا يحزن عليهم ولا يجزع عليهم؛ فإن معاصيهم لا تضره إذا اهتدى، والحزن على ما لا يضر عبث، وهذان المعنيان مذكوران فى قوله: {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ} [النحل: 127].
الثالث: ألا يركن إليهم، ولا يمد عينه إلى ما أوتوه من السلطان والمال والشهوات، كقوله: {لاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ} [الحجر: 88]، فنهاه عن الحزن عليهم والرغبة فيما عندهم فى آية، ونهاه عن الحزن عليهم والرهبة منهم فى آية، فإن الإنسان قد يتألم عليهم ومنهم، إما راغبا وإما راهباً.
الرابع: ألا يعتدى على أهل المعاصي بزيادة على المشروع فى بغضهم أو ذمهم، أو نهيهم أو هجرهم، أو عقوبتهم، بل يقال لمن اعتدى عليهم: عليك نفسك لا يضرك من ضل إذا اهتديت، كما قال: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} الآية [المائدة: 8]، وقال: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ} [البقرة: 190]، وقال: {فَإِنِ انتَهَوا فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ} [البقرة: 193]، فإن كثيراً من الآمرين الناهين قد يتعدى حدود اللّه، إما بجهل وإما بظلم، وهذا باب يجب التثبت فيه، وسواء في ذلك الإنكار على الكفار والمنافقين والفاسقين والعاصين.
الخامس: أن يقوم بالأمر والنهي على الوجه المشروع، من العلم والرفق، والصبر، وحسن القصد، وسلوك السبيل القصد؛ فإن ذلك داخل في قوله: {عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ} وفى قوله: {إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.” (مجموع الفتاوى 14/ 481)
قال ابن كثير في تفسيره:” وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مسْتَدلٌّ عَلَى تَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، إِذَا كَانَ فِعْلُ ذَلِكَ مُمْكِنًا”
قال المباركفوري”: (قال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية) {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم}
أي الزموا حفظ أنفسكم عن المعاصي فإذا حفظتم أنفسكم لم يضركم إذا عجزتم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضلال من ضل بارتكاب المناهي إذا اهتديتم إلى اجتنابها” (تحفة الأحوذي)
قال ابن علان:” أي: وتتوهمون منها أن الإنسان إذا فعل ما أمر به وترك ما نهي عنه في نفسه ورأى غيره بضد ذلك فلم يأمره ولم ينهه لا حرج عليه وليس كذلك، وفي رواية زيادة «وتضعونها على غير موضعها» ” (دليل الفالحين 1/ 359)
قال الشنقيطي:” قد يتوهم الجاهل من ظاهر هذه الآية الكريمة عدم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن نفس الآية فيها الإشارة إلى أن ذلك فيما إذا بلغ جهده، فلم يقبل منه المأمور؛ وذلك في قوله: {إذا اهتديتم} ; لأن من ترك الأمر بالمعروف لم يهتد.” [الشنقيطي: (1) / (459)]
قال ابن عثيمين:” هذه الآية ظاهرها أن الإنسان إذا اهتدى بنفسه فإنه لا يضره ضلالُ الناس؛ لأنه استقام بنفسه، فإذا استقام بنفسه فشأن غيره على الله عزّ وجلّ. فقد يفسرها بعض الناس ويفهم منها معنى فاسداً، يظن أن هذا هو المراد بالآية الكريمة وليس كذلك، فإن الله اشترط لكون من ضلّ لا يضرنا أن نهتدي فقال: (لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمَْ)
ومن الاهتداء: أن نأمر بالمعروف ونهى عن المنكر، فإذا كان هذا من الاهتداء، فلابد أن نسلم من الضرر، وذلك بالأمر المعروف والنهي عن المنكر” (شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 2/ 455)
(فلم يأخذوا على يديه) أي: لم يمنعوه عن ظلمه مع القدرة على منعه
(أن يعمهم الله بعقاب) أي: بنوع من العذاب. قال المباركفوري:” إما في الدنيا أو الآخرة أو فيهما، لتضييع فرض الله بلا عذر. قال أبو عبيدة: خاف الصديق أن يتأول الناس الآية غير تأويلها، فيدعوهم إلى ترك الأمر بالمعروف فأعلمهم أنها ليست كذلك، وأن الذي أذن في الإمساك عن تغييره عن المنكر هو الشرك الذي ينطق به المعاهدون من أجل أنهم يتدينون به، وقد صولحوا عليه، فأما الفسوق والعصيان والريب من أهل الإسلام فلا يدخل فيه. ” (تحفة الأحوذي)
قال ابن علان:” يقع على الظالم لظلمه وعلى غيره لإقراره عليه وقد قدر على منعه، أما المعذور فلا يتناوله بفضل اهذا المحذور {لا يكلف الله نفساً إلا وسعها} (البقرة: 44) والجملة خبر إن، والآية على هذا البيان عامة شاملة جميع الناس فيجب العمل بذلك.
قال العاقولي: والقول الصحيح أن الآية ليست مخالفة لوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذ المعنى: لا يضركم تقصير غيركم بعد سماع ذلك منكم فقد أديتم الواجب عليكم.” (دليل الفالحين 1/ 360)
فيه دلالاة على فقه الصديق
قال ابن باز:” الناس إذا رأوا المنكر ولم يغيروه ولم يأخذوا على يد الظالم فهم قد أحلوا بأنفسهم نقمة الله و غضبا لعقابه” (شرح رياض الصالحين 1/ 409)
قال ابن عثيمين:” في هذا دليلٌ على أنه يجب على الإنسان العناية بفهم كتاب الله عزّ وجلّ، حتى لا يفهمه على غير ما أراد الله، وأن الناس قد يظنون المعنى على خلاف ما أراد الله في كتابه، فيضلوا بتفسير القرآن، ولهذا جاء في الحديث الوعيد على من قال في القرآن برأيه، أي فسره بما يرى ويهوى، لا بمقتضى اللغة العربية والشريعة الإسلامية، فإذا فسر الإنسان القرآن بهواه ورأيه فليتبوأ مقعده من النار.
أما من فسره بمقتضى اللغة العربية، وهو ممن يعرف اللغة العربية، فهذا لا إثم عليه؛ إن القرآن نزل باللسان العربي، فيفسر بما يدل عليه. وكذلك إذا كانت الكلمات قد نقلت من المعنى اللغوى إلى المعنى الشرعي، وفسرها بمعناها الشرعي فلا حرج عليه.” (شرح رياض الصالحين 2/ 456)