197 جامع الأجوبة الفقهية ص 236
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة: مس فرج الغير
–
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
– الأول: أن مس فرج الغير الكبير والصغير ذكرا كان أم أنثى ينقض الوضوء مطلقا؛ وهو مذهب الشافعية والحنابلة، واختاره ابن باز.
– القول الثاني: أن مس فرج الغير الكبير والصغير ذكرا كان أم أنثى لا ينقض الوضوء مطلقا؛ وهو مذهب الحنفية، والظاهرية.
القول الثالث: ويرى المالكية أن مس فرج الغير إن حصلت به شهوة أو قصدت انتقض الوضوء وإلا فلا. ففي مواهب الجليل على مختصر خليل في الفقه المالكي: قال في المدونة وإذا مست امرأة ذكر رجل فإن كان بشهوة فعليها الوضوء وبغير شهوة من مرض ونحوه فلا ينتقض وضوؤها. انتهى
وفي منحة الجليل:
ومَسُّ ذَكَرِ غَيْرِهِ يَجْرِي عَلى حُكْمِ اللَّمْسِ مِن تَقْيِيدِهِ بِالقَصْدِ أوْ الوِجْدانِ
وفي شرح التلقين:
قال القاضي رحمه الله: وأما مس الذكر فالمراعاة فيه اللذة عند بعض أصحابنا البغداديين، كلمس النساء، وعند المغاربة وبعض البغداديين بطن الكف والأصابع فقط
انظر: منح الجليل شرح مختصر خليل (1) / (113)
، شرح التلقين 1/ 190، روضة الطالبين للنووي (1/ 75)، مغني المحتاج للشربيني (1/ 35)، الإنصاف للمرداوي (1/ 151)، كشاف القناع للبهوتي (1/ 126)، المغني لابن قدامة (1/ 133)، تبيين الحقائق للزيلعي (1/ 12)، الفتاوى الهندية (1/ 13)، المحلى (1/ 221).
– واستدل أصحاب القول الأول بما يلي:
أولا: أن مس ذكر غيره- ممن لا يحل له مسه- أدعى إلى الشهوة.
ثانيا: أن الإنسان قد تدعوه الحاجة إلى مس ذكره، فإذا انتقض بمسه، فلأن ينتقض بمس ذكر غيره أولى
– ادلة أصحاب القول الثاني:
أولاً: عن بسرة بنت صفوان رضي الله عنها: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من مس ذكره؛ فليتوضأ”. أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ
وجه الدلالة:
أنه أمر بالوضوء من مس ذكره لا فرج غيره، والعلة غير معقولة المعنى، فلا يمكن قياس غيره عليه.
ثانيا: أن الأصل المجتمع عليه: أن الوضوء لا ينتقض إلا بإجماع أو سنة ثابتة غير محتملة للتأويل، فلا نخرج عن هذا الأصل إلا بدليل متيقن.
– قال ابن باز في فتاوى نور على الدرب بعناية الشويعر (5/ 206،207): (مس الفرج ينقض الوضوء مطلقا، بشهوة وبغير شهوة، سواء كان الرجل أو المرأة، إذا مس الرجل فرجه أو فرج امرأته، أو فرج الطفل انتقض الوضوء، وهكذا المرأة إذا مست فرجها، أو فرج زوجها، أو فرج أطفالها انتقض الوضوء). انتهى
– وجاء في جامع تراث العلامة الألباني في الفقه (1/ 247):
حال حديث من مس ذكر غيره فليتوضأ، وهل مس الذكر، أو مس فرج الغير ينقض الوضوء
السائل: «من مس ذكر غيره فليتوضأ» رواه الطبراني ما حال الحديث
الشيخ: “الحديث بهذا اللفظ شاذ، والحديث الذي تَعَدَّدت طرقه إنما هو: «من مس ذكره فليتوضأ»، ثم إذا كان الصواب في فَهم الحديث الصحيح المحفوظ: «من مس ذكره فليتوضأ»، أي من مس ذكره بشهوة فليتوضأ، فمن باب أولى لو صح الحديث اللفظ الأول «من مس ذكر غيره فليتوضأ» إنما المقصود إذا كان مَسُّه لذكر غيره من باب إثارة الشهوة لنفسه؛ حينئذٍ يكون تَحَقَّق العلة المفهومة من الحديث الصحيح، بالإضافة إلى حديث طلق بن علي الذي فيه أن النبي – صلى الله عليه وسلم – سأل عن رَجُل وهو يُصَلِّي فمد يده فحك جسده فمس عضوه، هل يتوضأ فقال: «هل هو إلا بضْعَة منك».
فجمعاً بين الحديث الأول: «من مس ذكره فليتوضأ»، وبين هذا الحديث الآخر، نفهم من الجمع بينهما أن المسّ الناقض للوضوء هو إذا كان بشهوة، لأن النبي – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الثاني أنكر على السائل أنه يجب الوضوء من مس الذكر، إذا ما كان مَسّه إياه كما لو مس قطعة من بدنه.
وقد أوضح هذا المعنى أحد أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – ألا وهو عبد الله ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- الذي قال فيه النبي – صلى الله عليه وسلم -: «من أحب أن يقرأ القرآن غَضًّا طَرِيًّا كما أُنْزل، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد»، ابن مسعود هذا ابن أم عبد سأل نفس السؤال الذي جاء في حديث طلق بن علي: «الرجل يَمسّ عضوه، هل يتوضأ»، قال: سواءً مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي سواء مَسَستُه أو مَسَستُ أنفي»، كأنه يُشِير أن الرجل حينما يَمَسّ أنفه، أو يمس أي عضو من أعضاء بدنه؛ لا يتصور وجود شهوة في هذا المس، كذلك إذا كان المَسّ لذاك العضو الذي هو عادةً مكان الشهوة، إذا كان المَسّ مَساًّ عادياً ليس مقرونا بالشهوة، فلا فرق مسسته أو مسست أي مكان من بدنك كالأنف مثلاً.
إذا كان هذا هو معنى الحديث الصحيح «من مس ذكره فليتوضأ» فأولى ثم أولى ثم أولى أن يكون المراد من الحديث الآخر الذي قلنا إنه شاذ «من مس ذكر غيره فليتوضأ» في بعض الأحاديث الثابتة بدل الذكر الفرج والفرج هنا أعم من الذكر لأنه يشمل الأنثى والذكر، حينئذٍ يمكننا أن نتصور أن رجلاً عبث بفرج امرأته، كما يمكننا أن نتصور أن زَوْجَةً عبثت بذكر زوجها، فإذا كان المقصود من هذا وذاك هو إثارة وتحريك الشهوة، فهذا هو الذي ينقض، وليس مجرد كما يتوهم بعض النسوة حينما يكثرن السؤال «أنا أغسل ابني الرضيع، مسست عضوه» سبحان الله، وأيُّ شيء في هذا، لا شيء في هذا ولا في شيء مما هو أعلى وأكثر من هذا ما دام أنه لم يقترن بذاك المَسّ إرادة إثارة الشهوة، وبهذا القدر كفاية لعله يكفي”. انتهى