196 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———
مسند أحمد:
14866 – حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ، عَنْ عَمِّهِ وَاسِعِ بْنِ حَبَّانَ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، ” أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِذَلِكَ، مِنْ كُلِّ جَادٍّ عَشَرَةُ أَوْسُقٍ مِنَ التَّمْرِ ”
إسناده حسن لأجل محمد بن إسحاق، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين.
وأخرجه أبو يعلى (1781)، وابن خزيمة (2469)، والطحاوي في “شرح معاني الآثار” 4/ 30، والبيهقي 5/ 311 من طرق عن ابن إسحاق، بهذا الإسناد.
قلت سيف:
على الشرط وأخرجه أحمد 14867 و أبو داود 1659 وقال ابن كثير: إسناد جيد قوي، وصححه الشيخ الألباني.
——–
جاد جودة صَار جيدا يُقَال جاد الْمَتَاع وجاد الْعَمَل فَهُوَ جيد ” المعجم الوسيط
قوله:” من كل جاد عشرة أوسق ” الجاد بالجيم وتشديد الدال بمعنى الجدود، والمعنى: من كل نخل يُجد منه، أي: يقطع عشرة أوسق، وهو مضاف إلى العشرة، المضافة إلى الأوسق، وهي جمع وسق، وقد مر تفسيره مستوفى، وكلمة “من” في قوله: ومن التمر، للبيان. وقوله: ” بقنو” متعلق بقوله: “أمر”، و” القنو” بكسر القاف، وسكون النون: هو العِذق- بكسر العين- بما عليه من الرطب والبسر يُعلق للمساكين يأكلونه، وهذا من المعروف دون الفرض، ومن الناس من ذهب إلى وجوب ذلك بظاهر الأمر، والجمهور أنه أمر ندب للمواساة، وإظهار الكرم والجود .. ” شرح سنن ابي داود للعيني” (6/ 416).
قال الخطابي في المعالم (ج2:ص75): قال إبراهيم الحربي: يريد قدراً من النخل يجذ منه عشرة أوسق، وتقديره مجذوذ فاعل بمعنى مفعول، وأراد بالقنوا العذق بما عليه من الرطب والبسر يعلق للمساكين يأكلونه، وهذا من صدقة المعروف دون الصدقة التي هي فرض واجب- انتهى.
قال العلامة العباد: أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كل جاد عشرة أوسق من التمر بقنوٍ يعلق في المسجد للمساكين)، وهذا غير الزكاة؛ لأن الزكاة -كما هو معلوم- يخرص فيها التمر وهو على رءوس النخل، وتؤخذ فيه الزكاة عندما يجذّ بالمقدار الذي جاءت به السنة، فإذا كان يُسقى بكلفة وبمشقة فنصف العشر، وإذا كان يسقى بغير كلفة ومشقة فالعشر. وأما هذا المذكور في هذا الحديث فإنه صدقة أخرى، وهي من باب الإحسان والإرفاق، وهي قليلة جداً بالنسبة للمقدار الذي أخرجت منه، فإنها تخرج من عشرة أوسق، وهذا كمقدار نصاب الزكاة مرتين؛ لأن نصاب الزكاة هو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعاً، والصاع ثلاثة كيلوهات، أي: أنه ألف وثمانمائة كيلو من مقدار ستمائة صاع، فيخرج قنواً واحداً يعلق في المسجد؛ كي يستفيد منه الفقراء، وفي هذا دليل أيضاً على جواز الأكل في المسجد، وعلى تعليق أو إحضار الطعام إلى المسجد لكن بشرط ألّا يحصل فيه تلويث للمسجد، وألّا يحصل بسببه إساءة إلى الناس لوجود أشياء يلحقهم بها مضرة أو تلحق بثيابهم إذا لم تكن هناك نظافة، وقد سبق أن مر بنا حديث ذلك الرجل الذي علق عذقاً وهو حشف، فطعنه إنسان بهذا وقال: إن صاحب هذا لو أراد أن يتصدق بخير من هذا لفعل، وقال: إن صاحبه يأكل حشفاً يوم القيامة. قوله: [(أمر من كل جاد عشرة أوسق)، أي: على كل من يجذّ من النخل مقدار عشرة أوسق من التمر، أي: ستمائة صاع، أن يخرج قنواً واحداً من هذا المقدار، ويعلق في المسجد، وهذا غير نصف العشر أو العشر.” شرح سنن ابي داود”