196 جامع الأجوبة الفقهية ص 236
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة: هل ينتقض الوضوء إذا مسه بذراعه
اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
– الأول: أنه لا ينقض الوضوء، وإلى هذا القول ذهب الجمهور، مالك والشافعي وإسحاق، والليث بن سعد.
– القول الثاني: أنه ينتقض وضوئه، وبه قال أحمد والأوزاعي في رواية عنهما، وبه قال عطاء.
انظر: الأوسط (1/ 207)، المدونة (1/ 118)، الأم للشافعي (1/ 34)، المغني (1/ 133)، المجموع (ص: 33).
– حجة أصحاب القول الأول:
1) عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من أفضى بيده إلى ذكره ليس بينهما ستر، فقد وجب عليه الوضوء» رواه أحمد (2/ 333) واللفظ له، وابن حبان رقم (1118)، والدارقطني (1/ 147)، والبيهقي (2/ 131) والحديث صححه: الحاكم، وابن حبان، وابن عبد البر، وعبد الحق الإشبيلي، والنووي.
قالوا: والإفضاء باليد إنما هو ببطنها كما تقول أفضى بيده مبايعا وأفضى بيده إلى الأرض ساجدا أو إلى ركبتيه راكعا.
2) أن النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما أمر بالوضوء منه إذا أفضى به إلى ذكره فمعلوم أن ذكره يماس فخذيه وما قارب من ذلك من جسده فلا يوجب ذلك عليه بدلالة السنة – وضوءً
3) أن الحكم المعلق على مطلق اليد في الشرع لا يتجاوز الكوع، بدليل قطع السارق، لقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38]، أي: أكفهما. كذلك غسل اليد من نوم الليل، والمسح في التيمم.
4) قالوا: إنما وجب غسله –الذراع- في الوضوء؛ لأنه قيده بالمرافق؛ ولأنه ليس بآلة للمس، أشبه العضد، وكونه من يده يبطل بالعضد فإنه لا خلاف بين العلماء فيه.
– وحجة أصحاب القول الثاني:
1 – ظاهر حديث بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ». صححه الشيخ الألباني كما في الإرواء برقم (116)، صحيح أبي داود برقم (175).
2 – أن الذراع من اليد فيشمله الحكم.
– قال في الأوسط (1/ 207):
“أجمع الذين أوجبوا الوضوء من مس الذكر على إيجاب الوضوء على من مس ذكره ببطن كفه عامدا. واختلفوا فيمن مس ذكره بظهر كفه أو بساعده فقالت طائفة: عليه الوضوء. قيل لعطاء: إن مست الذراع الذكر أيتوضأ قال: نعم. وكان الأوزاعي يقول فيمن مس ذكره بساعده قال: الساعد يد فليتوضأ. وقال أحمد: إذا مسه بساعده أو ظهر كفه فعليه الوضوء. ولعل من حجة من يقول هذا القول أن ظاهر الحديث وهو قوله: «إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ». يوجب الوضوء إذ لم يقل بظهر كفه ولا ببطنها. وقالت طائفة: إنما يجب الوضوء على من مس ذكره ببطن كفه هذا قول مالك والشافعي وإسحاق، وقال مالك والليث بن سعد فيمن مس ذكره بذراعيه أو بقدميه: لا وضوء عليه. واحتج الشافعي بحديث رواه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره وليس بينه وبينها شيء فليتوضأ». انتهى
– وجاء في المدونة (1/ 118):
“في الوضوء من مس الذكر قلت: فهل ينتقض وضوءه إذا غسل دبره فمس الشرج
قال: قال مالك: لا ينتقض وضوءه من مس شرج ولا رفغ ولا شيء مما هنالك إلا من مس الذكر وحده بباطن الكف، فإن مسه بظاهر الكف أو الذراع فلا ينتقض وضوءه”. انتهى
وقال صاحب جواهر الإكليل المالكي عند قول خليل: ومطلق مس ذكره المتصل ولو خنثى مشكلًا ببطن أو جنب لكف. قال: فالمس بظهر الكف لا ينقض، وأما ببطن الكف أو جنب الأصبع ورأسه فإنه ينقض. انتهى منه بتصرف قليل.
– قال الشافعي في الأم (1/ 34):
“وإن مس ذكره بظهر كفه أو ذراعه أو شيء غير بطن كفه لم يجب عليه الوضوء فإن قال قائل: فما فرق بين ما وصفت قيل: الإفضاء باليد إنما هو ببطنها كما تقول أفضى بيده مبايعا وأفضى بيده إلى الأرض ساجدا أو إلى ركبتيه راكعا، فإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما أمر بالوضوء منه إذا أفضى به إلى ذكره فمعلوم أن ذكره يماس فخذيه وما قارب من ذلك من جسده فلا يوجب ذلك عليه بدلالة السنة – وضوءا فكل ما جاوز بطن الكف كما ماس ذكره مما وصفت، وإذا كان مماستان توجب بأحدهما ولا توجب بالأخرى وضوءا كان القياس على أن لا يجب وضوء مما لم يمسا؛ لأن سنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – تدل على أن ما ماس ما هو أنجس من الذكر لا يتوضأ”. انتهى
– قال ابن قدامة في المغني (1/ 133):
“ولا ينقض مسه بذراعه. وعن أحمد أنه ينقض؛ لأنه من يده، وهو قول عطاء والأوزاعي. والصحيح الأول؛ لأن الحكم المعلق على مطلق اليد في الشرع لا يتجاوز الكوع، بدليل قطع السارق، وغسل اليد من نوم الليل، والمسح في التيمم، وإنما وجب غسله في الوضوء؛ لأنه قيده بالمرافق؛ ولأنه ليس بآلة للمس، أشبه العضد، وكونه من يده يبطل بالعضد فإنه لا خلاف بين العلماء فيه”. انتهى
وفي الفتاوى المصرية المعاصرة:
وبناء على الحديث الخامس ذهب بعض الصحابة والتابعين، وعليه أبو حنيفة والثورى إلى أن مس الذكر غير ناقض للوضوء وردوا على رأى الجمهور بأن الوضوء الوارد فى الأحاديث الأولى هو الوضوء اللغوى أى غسل اليدين.
أما الجمهور فردوا رأى الأحناف بأن الحديث الخامس الذى اعتمدوا عليه ضعفه الإمام الشافعى وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطنى والبيهقى وابن الجوزى، وادعى ابن حبان والطبرانى واَخرون أنه منسوخ، وقالوا: إن راوى هذا الحديث وهو طلق بن على روى أيضا حديث «من مس فرجه فليتوضأ» كما صححه الطبرانى، فقيل سمع. أولا عدم النقض، ثم سمع آخرا النقض.
وبهذا يظهر رجحان رأى الجمهور وهو النقض
فتاوى دار الإفتاء المصرية (8) / (406)
ويقصد بالحديث الخامس حديث:
(5) -سئل النبى -صلى الله عليه وسلم- عن الرجل يمس ذكره: أعليه وضوء فقال: «إنما هو بضعة منك» رواه أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وأحمد، وصححه عمر بن القلاس، وقال: هو عندنا أثبت من حديث بسرة، وصححه ابن حبان
وفي فتاوي ابن تيمية:
وسُئِلَ:
هَلْ لَمْسُ كُلِّ ذَكَرٍ يَنْقُضُ الوُضُوءَ مِن الآدَمِيِّينَ والحَيَوانِ وهَلْ باطِنُ الكَفِّ هُوَ ما دُونَ باطِنِ الأصابِعِ
فَأجابَ:
لَمْسُ فَرْجِ الحَيَوانِ غَيْرُ الإنْسانِ لا يَنْقُضُ الوُضُوءَ حَيًّا ولا مَيِّتًا بِاتِّفاقِ الأئِمَّةِ وذَكَرَ بَعْضُ المُتَأخِّرِينَ مِن أصْحابِ الشّافِعِيِّ فِيهِ وجْهَيْنِ. وإنَّما تَنازَعُوا فِي مَسِّ فَرْجِ الإنْسانِ خاصَّةً. وبَطْنُ الكَفِّ يَتَناوَلُ الباطِنَ كُلَّهُ بَطْنَ الرّاحَةِ والأصابِعِ. ومِنهُمْ مَن يَقُولُ: لا يَنْقُضُ بِحالِ: كَأبِي حَنِيفَةَ وأحْمَد فِي رِوايَةٍ.
وسُئِلَ:
عَنْ رَجُلٍ وقَعَتْ يَدُهُ بِباطِنِ كَفِّهِ وأصابِعِهِ عَلى ذَكَرِهِ: فَهَلْ يَنْتَقِضُ وُضُوؤُهُ أمْ لا
فَأجابَ:
إذا لَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوءُهُ.
مجموع الفتاوى (21) / (231)