195 جامع الأجوبة الفقهية ص 236
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة 2: الانتقاض بباطن الكف أم بظاهره
بعد أن بحثنا في المسألة السابقة خلاف العلماء في مس الذكر هل ينقض الوضوء أو لا ينقض، فإننا سنبحث هنا هل الانتقاض يكون بباطن الكف أم بظاهره بالنسبة لمن قالوا أن مس الذكر ينقض الوضوء.
– قولين لأهل العلم:
الأول: أنه لا ينقض مسه إلا بباطن الكف، وهذا قول مالك والليث والشافعي وإسحاق.
القول الثاني: أنه لا فرق بين ظاهر الكف وباطنه، وإلى هذا القول ذهب أحمد والأوزاعي وعطاء ورجحه ابن حزم.
– وجاء في المدونة (1/ 8ـ9): “قلت: فهل ينتقض وضوءه إذا غسل دبره فمس الشرج
قال: قال مالك: لا ينتقض وضوءه من مس فرج و لا رفغ، و لا شيء مما هنالك، إلا من مس الذكر وحده بباطن الكف، فإن مسّه بظاهر الكف أو الذراع فلا ينتقض وضوءه. قلت: فإن مسّه بباطن الأصابع
قال: أرى باطن الأصابع بمنزلة باطن الكف. قال: لأن مالكاً قال لي: إن باطن الأصابع وباطن الكف بمنزلة واحدة. انتهى
– قال الشافعي الأم (1/ 20):
الإفضاء باليد إنما هو ببطنها كما تقول: أفضى بيده مبايعاً، وأفضى بيده إلى الأرض ساجداً أو إلى ركبتيه راكعاً، فإذا كان النبي – صلى الله عليه وسلم – إنما أمر بالوضوء إذا أفضى به إلى ذكره فمعلوم أن ذكره يماس فخذيه، وما قارب ذلك من جسده فلا يوجب ذلك عليه بدلالة السنة وضوءاً. انتهى
– قال الشيرازي كما في المجموع شرح المهذب (2/ 34):
“وأما مس الفرج فإنه إن كان ببطن الكف نقض الوضوء لما روت بسرة بنت صفوان رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا مس أحدكم ذكره فليتوضأ) وروت عائشة رضي الله عنها إن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ويل للذين يمسون فروجهم ثم يصلون ولا يتوضؤن) قالت بأبي وأمي هذا للرجال أفرأيت النساء فقال (إذا مست إحداكن فرجها فلتتوضأ) وإن كان بظهر الكف لم ينتقض لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينهما شيء فليتوضأ وضوءه للصلاة) والإفضاء لا يكون إلا ببطن الكف ولأن ظهر الكف ليس بآلة لمسه فهو كما لو أولج الذكر في غير الفرج وإن مس بما بين الأصابع ففيه وجهان المذهب أنه لا ينتقض لأنه ليس بباطن الكف: والثاني ينتقض لأن خلقته خلقة الباطن”. انتهى
– وروى الطبراني في المعجم الصغير (1/ 42)، قال: قال: حدثنا أحمد بن عبد الله ابن العباس الطائي البغدادي، حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، حدثنا أصبغ بن الفرج، حدثنا عبد الرحمن بن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب، فقد وجب عليه الوضوء.
قال الطبراني: لم يروه عن نافع إلا عبد الرحمن بن القاسم الفقيه المصري، ولا عن عبد الرحمن إلا أصبغ، تفرد به أحمد بن سعيد.
– وقال النووي المجموع (2/ 40): قال ابن فارس في الجمل: أفضى بيده إلى الأرض إذا مسها براحته في سجوده، ونحوه في صحاح الجوهري وغيره. انتهى
– قال الحافظ في التلخيص (1/ 220): «احتج أصحابنا بهذا الحديث في أن النقض إنما يكون إذا مس الذكر بباطن الكف لما يعطيه لفظ الإفضاء؛ لأن مفهوم الشرط يدل على أن غير الإفضاء لا ينقض فيكون تخصيصاً لعموم المنطوق، لكن نازع في دعوى أن الإفضاء لا يكون إلا ببطن الكف غير واحد، قال ابن سيدة في المحكم: أفضى فلان إلى فلان: وصل إليه، والوصول أعم من أن يكون بظاهر الكف أو باطنها. وقال ابن حزم: الإفضاء يكون بظهر اليد كما يكون ببطنها، وقال بعضهم: الإفضاء فرد من أفراد المس، فلا يقتضي التخصيص». انتهى
– قال صاحب موسوعة أحكام الطهارة (10/ 757):
وهذا هو الحق (النقض يشمل باطن وظاهر اليد)؛ لأن اليد تطلق على الكف كلها، قال تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} سورة المائدة، الآية:38، والقطع إنما هو للكف.
وقال تعالى: {فامسحوا بوجوهكم وأيديكم} سورة المائدة، الآية:6، وإنما يمسح الكف كما دل عليه حديث عمار في الصحيح، فإذا ذكر الإفضاء بباطن الكف، وهو فرد من أفراد المطلق لم يقتض تقييداً للمطلق. انتهى
– قال ابن قدامة في المغني (1/ 132):
“ولا فرق بين بطن الكف وظهره. وهذا قول عطاء والأوزاعي وقال مالك والليث والشافعي وإسحاق: لا ينقض مسه إلا بباطن كفه؛ لأن ظاهر الكف ليس بآلة للمس، فأشبه ما لو مسه بفخذه.
واحتج أحمد بحديث النبي – صلى الله عليه وسلم – «إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه ليس بينهما سترة فليتوضأ» وفي لفظ: «إذا أفضى أحدكم إلى ذكره فقد وجب عليه الوضوء» رواه الشافعي في مسنده وظاهر كفه من يده، والإفضاء: اللمس من غير حائل؛ ولأنه جزء من يده تتعلق به الأحكام المعلقة على مطلق اليد، فأشبه باطن الكف”. انتهى
– قال ابن حزم في المحلى (1/ 222):
“فأما قول الأوزاعي والشافعي ومالك في مراعاة باطن الكف دون ظاهرها فقول لا دليل عليه لا من قرآن ولا من سنة ولا من إجماع ولا من قول صاحب ولا من قياس ولا من رأي صحيح”.
قال ايضاً رحمه الله: وحتى لو كان الإفضاء بباطن اليد لما كان في ذلك ما يسقط الوضوء عن غير الإفضاء إذا جاء أثر بزيادة على لفظ الإفضاء، فكيف والإفضاء يكون بجميع الجسد، قال تعالى: {وقد أفضى بعضكم إلى بعض} سورة النساء، الآية:21. انتهى
– قال الشيخ الراجحي في شرح جامع الترمذي (8/ 18):
قلت: والصواب أن المس خاص باليد، ففي بعض الروايات: (من مس فرجه بيده فليتوضأ)، واليد إذا أطلقت فالمراد بها الكف، كما قال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة:38]، والمراد الكف إلى الرسغ، والمراد بالكف ظاهره وباطنه. وهذا قول عطاء والأوزاعي، وقال مالك والليث والشافعي وإسحاق: لا ينقض مسه إلا بباطن كفه؛ لأن ظاهر الكف ليس بآلة اللمس، فأشبه ما لو مسه بفخذه. ولكن الصواب أن الباطن والظاهر سواء، فلا فرق في الكف بين ظاهرها وباطنها. انتهى
والله أعلم.
—-
حديث أبي هريرة::
(7) – ((7)) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إذا أفْضى أحَدُكُم بِيَدِهِ إلى ذَكَرِهِ، ليس بَيْنَهُ وبينه شيءٌ، فَلْيَتَوَضَّأ».
ذكر ابن القَيِّم – رحمه الله – هذا الحديث، وعزاه إلى الشافعي، ثم نقل قول ابن السكن، وابن عبد البر، والحازمي في تصحيحه (3). وسيأتي بيان ذلك.
قلت: هذا الحديث أخرجه: الشافعي في (مسنده) (4) – ومن طريقه الحازمي (1) – وأحمد في (مسنده) (2)، والدارقطني والبيهقي في (سننيهما) (3)، من طرق عن:
يزيد بن عبد الملك (4)، عن سعيد المقبري، عن أبي هريرة رضي الله عنه به، واللفظ الذي ساقه ابن القَيِّم هو لفظ الشافعي، إلا أن فيه «ليس بينه وبينه شيء»، لكنه عند الحازمي – من طريق الشافعي – كما ساقه ابن القَيِّم
ولفظ الإمام أحمد: «من أفْضى بِيَدِهِ إلى ذَكَرِهِ، ليس دونه سِتْرٌ، فقد وجَبَ عليه الوضوء». وهو عند البيهقي مختصر، ولفظه: «مَن مَسَّ ذَكَرَهُ فعليهِ الوضوء»، لكن أخرجه من وجه آخر، ولفظه: «من أفضى بيده إلى فرجه ليس دونها حجاب، فقد وجَبَ عليه وضوء الصلاة».
والحديث من هذا الطريق ضعيف؛ لضعف يزيد بن عبد الملك النوفلي، لكن تابعه عليه نافع بن أبي نعيم (5).
فقد أخرجه ابن حبان في (صحيحه) (6)، والطبراني في (الصغير)
قال أبو حاتم ابن حبان – رحمه الله – عقب إخراجه: «احتجاجنا في هذا الخبر بنافع بن أبي نعيم دون يزيد بن عبد الملك النوفلي؛ لأن يزيد بن عبد الملك تَبَرَّانا من عهدته في كتاب الضعفاء» (1).
وصَحَّحَ رواية نافع بن أبي نعيم هذه أيضًا: ابن السكن، فقال: «هذا الحديث من أجودِ ما رُوِي في هذا الباب، لرواية ابن القاسم صاحب مالك، عن نافع بن أبي نعيم، وأما يزيد: فضعيف» (2).
وقال ابن عبد البر: «كان حديث أبي هريرة هذا لا يعرف إلا بيزيد بن عبد الملك النوفلي، عن سعيد، عن أبي هريرة، حتى رواه أصبغ ابن الفرج، عن ابن القاسم، عن نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك جميعًا، عن سعيد، عن أبي هريرة
فَصَحَّ الحديث بنقل العدل عن العدل على ما ذكر ابن السكن، إلا أن أحمد بن حنبل كان لا يرضى نافع بن أبي نعيم، وخالفه ابن معين فيه، فقال: هو ثقة، وقال أحمد بن حنبل: هو ضعيف، منكر الحديث» (3).
انتهى من كتاب ابن القيم وجهوده في خدمة السنة وصحح المؤلف الحديث من طريق نافع بن أبي نعيم حيث رجح توثيق نافع بن أبي نعيم عن جمع من أهل العلم.
قلت سيف بن دوره: ورد في بعض طرق حديث بسرة بلفظ اذا أفضى أحدكم. …. راجع علل الدارقطني 15/ 349