194 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
مسند أحمد:
14786 – حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا عَمَّارٌ، سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، يَقُولُ: أَكَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ رُطَبًا وَشَرِبُوا مَاءً، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ ”
قال محققو المسند:
إسناده صحيح على شرط مسلم. حماد: هو ابن سلمة، وعمَّار: هو ابن أبي عمَّار مولى بني هاشم. وانظر (14637)
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند.
—————‘———–‘
[سؤال الله للعبد عّن النعيم يوم القيامة]
سبحان الله سنسأل عّن النعيم كالإكل و الشرب و الصحة و الماء البارد فالنعمة تحتاج إلى شكر فكيف بالذي يتنعم بالحرام، و سؤال المؤمن سؤال تذكير، و سؤال الكافر سؤال توبيخ
قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:
والصواب: أن المراد المؤمن والكافر كل يسأل عن النعيم، لكن الكافر يسأل سؤال توبيخ وتقريع، والمؤمن يسأل سؤال تذكير، والدليل على أنه عام ما جرى في قصة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأبي بكر وعمر، فعن أبي هريرة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم أو ليلة، فإذا هو بأبي بكر وعمر، فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟» قالا: الجوع، يا رسول الله! قال: «وأنا، والذي نفسي بيده! لأخرجني الذي أخرجكما، قوموا» فقاموا معه، فأتى رجلا من الأنصار، فإذا هو ليس في بيته، فلما رأته المرأة قالت: مرحبا! وأهلا! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أين فلان؟» قالت: ذهب يستعذب لنا من الماء، إذ جاء الأنصاري فنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ثم قال:
الحمد لله، ما أحد اليوم أكرم أضيافا مني، قال: فانطلق فجاءهم بعذق فيه بسر وتمر ورطب، فقال: كلوا من هذه، وأخذ المدية، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك! والحلوب» فذبح لهم، فأكلوا من الشاة، ومن ذلك العذق، وشربوا، فلما أن شبعوا ورووا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر وعمر: «والذي نفسي بيده! لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة، أخرجكم من بيوتكم الجوع، ثم لم ترجعوا حتى أصابكم هذا النعيم». وفي رواية أخرى: «هذا والذي نفسي بيده من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، ظل بارد، ورطب طيب، وماء بارد». وهذا دليل على أن الذي يسأل المؤمن والكافر.
ولكن يختلف السؤال، سؤال المؤمن سؤال تذكير بنعمة الله عز وجل عليه حتى يفرح، ويعلم أن الذي أنعم عليه في الدنيا ينعم عليه في الاخرة، بمعنى أنه إذا تكرم بنعمته عليه في الدنيا تكرم عليه بنعمته في الآخرة، أما الكافر فإنه سؤال توبيخ وتنديم. نسأل الله تعالى أن يستعملنا في طاعته، وأن يجعل ما رزقنا عونا على طاعته، إنه على كل شيء قدير. [تفسير جزء عم]
قال السعدي في تفسير قوله تعالى: {ثم لتسألن يومئذ عن النعيم} الذي تنعمتم به في دار الدنيا، هل قمتم بشكره، وأديتم حق الله فيه، ولم تستعينوا به، على معاصيه، فينعمكم نعيما أعلى منه وأفضل.
أم اغتررتم به، ولم تقوموا بشكره؟ بل ربما استعنتم به على معاصي الله فيعاقبكم على ذلك، قال تعالى: {ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون} الآية.
[كل لذة من لذات الدنيا سيسأل عنها العبد يوم القيامة]
قال الطبري في تفسيره (30/ 370): ” والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر أنه سائل هؤلاء القوم عن النعيم، ولم يخصص في خبره أنه سائلهم عن نوع من النعيم دون نوع، بل عمّ بالخبر في ذلك عن الجميع، فهو سائلهم كما قال عن جميع النعيم، لا عن بعض دون بعض “.
و فيه رد على الصوفية قالوا لا يحل للآكل أن يأكل تلذذا، و لا على سبيل التشهي و الإعجاب!
قال الأمير الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير (8/ 544):
أن أكل الطيبات لا ينافي الزهادة، ومنها أنه – صلى الله عليه وسلم – أشرف خلق الله فلا تميل نفسه ولا يحب إلا ما هو شريف في نوعه محبوب للطباع السليمة، ومنها أن من أكل من النوع الذي أكله محبة له – صلى الله عليه وسلم – لحب ما يحبه ورغبة فيما رغب فيه كان سببًا لصلاح قلبه وإشراق أنوار الإيمان فيه ووفق إلى فعل كل خير، ومنها بيان منافع الأشياء مثل أكله البطيخ بالرطب وتعليله بأن برد هذا إلى آخره، ومنها غير ذلك وقد تأسى به أصحابه في حب ما يحبه من المأكولات.
و يؤخذ من الحديث اجتماع العالم مع طلبته في الأكل و الشرب و هذه مؤانسة طيبة، ويحثهم فيما ينفعهم في أمر دينهم و دنياهم و هذا نشاهده في وقتنا أن بيوت العلماء مفتوحة لطلبة العلم و الإجتماع على الأكل و خاصة في رمضان ..
و يؤخذ من الحديث جواز مدارسة العلم و مذاكرته و الكلام على مائدة الطعام بخلاف اليهود لا يتكلمون، فالعلماء هم ورثة الأنبياء حتى في وقتنا نسمع أشرطة العلامة الالباني يحدث و هم في مجلس الطعام.
و يؤخذ أيضا أن الرطب من الطعام الذي يحبه النبي عليه الصلاة و السلام و حث الصائمون بالإفطار على الرطب.
و فيه الإقتصاد في الطعام و أن لا يتكلف العبد بالإكثار ثم يذهب به إلى القمامة.
و فيه الإعتراف بالنعم و هذا حقيقة الشكر.