194 جامع الأجوبة الفقهية ص 234
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——‘——-‘——–‘
وَعَنْ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ – رضي الله عنه – قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: مَسَسْتُ ذَكَرِي أَوْ قَالَ: الرَّجُلُ يَمَسُّ ذَكَرَهُ فِي الصَّلَاةِ، أَعَلَيْهِ وُضُوءٌ? فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم -: «لَا، إِنَّمَا هُوَ بَضْعَةٌ مِنْكَ» أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ ابْنُ الْمَدِينِيِّ: هُوَ أَحْسَنُ مِنْ حَدِيثِ بُسْرَةَ.
وَعَنْ بُسْرَةَ بِنْتِ صَفْوَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ: «مَنْ مَسَّ ذَكَرَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» أَخْرَجَهُ الْخَمْسَةُ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: هُوَ أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ.
—
مسألة : مس الذكر، هل يعد ناقضاً من نواقض الوضوء؟
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- اختلف العلماء في مس الذكر على أقوال منها:
الأول: أنه ينتقض وضوءه، وهذا قول الإمام مالك، والشافعي، وأحمد، واسحاق، وأبي ثور، وداود وابن حزم
الثاني: أنه لا ينتقض، وهذا قول الحنفية وابن سحنون من المالكية، وابن المنذر.
الثالث: يستحب الوضوء من مس الذكر، رواية عن أحمد، واختاره ابن خزيمة ورجحه شيخ الاسلام ابن تيمية، وابن عثيمين.
الرابع: قالوا ينتقض إذا كان المس بشهوة وإلا فلا، وهذه رواية عن أحمد ورواية عن مالك، ورجحه الألباني.
♢- انظر: الإنصاف (1/202)، المغني (1/240)، مسائل الإمام أحمد لابنه عبد الله ص: (16)، المحلى (1/235)، شرح معاني الآثار (1/76)، الأوسط (1/455)، الاستذكار (1/315)، المبسوط (1/66)، بدائع الصنائع (1/30)، مجموع الفتاوى (21/241)، تمام المنة (ص: 103)، الشرح الممتع (1/230).
♢- استدل أصحاب القول الأول بالأدلة التالية:
الأول: حديث بسرة بنت صفوان أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من مس ذكره فليتوضأ”
قال الشيخ البسام: الحديث صحيح. رواه مالك (93)، والشَّافعي (2/ 12)، وأبو داود، والنسائي، والترمذي والدَّارقطني والحاكم، وصحَّحه أحمد والبخاري والترمذي والدَّارقطني وابن معين والحازمي والبيهقي (1/ 132) وغيرهم. قال في التلخيص: قال البيهقي: يكفي في ترجيح حديث بُسْرة على حديث طَلْق: أنَّ حديث طلق لم يخرجه الشيخان، ولم يحتجَّا بأحد رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته، إلاَّ أنَّهما لم يخرجاه. انظر: توضيح الأحكام (1/ 297)، وصححه الألباني في إرواء الغليل (1/150).
الثاني: حديث أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من مس فرجه فليتوضأ”.
أخرجه ابن ماجة (1/162)، والبيهقي (1/130)، والطحاوي (1/75)، وقال الحافظ في التلخيص (1/124): أما حديث أم حبيبة فصححه أبو زرعة والحاكم، وأعله البخاري بأن مكحولاً لم يسمع من عنبسة بن أبي سفيان، وكذا قال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي أنه لم يسمع منه، وخالفهم دحيم وهو أعرف بحديث الشاميين، فأثبت سماع مكحول من عنبسة، وقال الخلال في العلل: صحح أحمد حديث أم حبيبة. أخرجه ابن ماجة من حديث العلاء بن الحارث عن مكحول. وقال ابن السكن: لا أعلم به علة. وقال الألباني في إرواء الغليل (1/151): والحديث صحيح على كل حال؛ لأنه إن لم يصح بهذا السند فهو شاهد جيد لما ورد في الباب من أحاديث.
الثالث: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره ليس بينهما شيء فليتوضأ وضوءه للصلاة”.
أخرجه أحمد في المسند (2/333)، والدارقطني (1/147)، والبيهقي (1/133)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/74)، قال النووي في المجموع (2/35)، وفي إسناده ضعف لكنه يقوى بكثرة طرقه. قال الحافظ في التلخيص (1/12): قال ابن السكن: هو أجود ما روي في هذا الباب.
الرابع: ولأنه لمس يفضي إلى خروج المذي فأشبه مس الفرج بالفرج.
الخامس: أن الذكر يختلف عن سائر الجسد لأنه تتعلق به أحكام ينفرد بها من وجوب الغسل بإيلاجه والحد والمهر وغير ذلك. انظر: المغني لابن قدامة (1/ 132).
♢- واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية:
الأول: حديث قيس بن طلق، عن أبيه قال: “قدمنا على نبي الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل كأنه بدوي فقال: يا نبي الله، ما ترى في مس الرجل ذكره بعدما يتوضأ؟ فقال: “هل هو إلا مضغة منه؟ أو قال: بضعة منه”
قال الشيخ البسام: الحديث صحيحٌ، قال في التلخيص: رواه أحمد، وأصحاب السنن، والدَّارقطني، وقال ابن المديني: هو عندنا أحسن من حديث بسرة، وقال الطحاوي: إسناده مستقيمٌ غيرُ مضطرب، بخلاف حديث بسرة، وصحَّحه أيضًا ابن حبَّان، والطبراني، وابن حزم، وضعَّفه الشَّافعي، وأبو حاتم، وأبو زرعة، والدَّارقطني، والبيهقي، وابن الجوزي، وأوضَحَ ابنُ حِبَّان ذلك. انظر: توضيح الأحكام (1/ 295)
الثاني: ما روى جعفر بن الزبير عن القاسم، عن أبي أمامه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني مسست ذكري وأنا أصلي، فقال: “لا بأس إنما هو حذية منك”
أخرجه ابن ماجه (1/163) في الطهارة باب: الرخصة في ذلك، وفي سنده جعفر بن الزبير متروك، والقاسم ضعيف كما في التقريب 140، ونصب الراية (1/69).
الثالث: إجماع أهل العلم على أن لا وضوء على من مس بولاً أو غائطاً أو دماً فمس الذكر أولى أن لا يوجب وضوءاً. انظر: الأوسط (1/203).
الرابع: أنَّ الأصل بقاءُ الطَّهارة، وعدمُ النقض، فلا نخرج عن هذا الأصل إِلا بدليل متيقَّن. وحديث بُسرة وأبي هريرة ضعيفان، وإِذا كان فيه احتمالٌ؛ فالأصل بقاءُ الوُضُوء.
♢- استدل أصحاب القول الثالث الذين قالوا بالاستحباب:
بالجمع بين الأدلة فحمل الأمر بالوضوء من مس الذكر على الاستحباب للقرينة الصارفة في حديث طلق وهي: “وهل هو إلا بضعة منك” وليس فيه نسخ، وحمل الأمر على الاستحباب أولى من النسخ.
قال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع (1/ 284):
“والخلاصة: أن الإنسان إذا مس ذكره استحب له الوضوء مطلقا، سواء بشهوة أم بغير شهوة، وإذا مسه لشهوة فالقول بالوجوب قوي جدا، لكني لا أجزم به، والاحتياط أن يتوضأ”. انتهى
♢- أما استدلال أصحاب القول الرابع الذين قالوا أنه ينتقض إذا كان بشهوة:
أيضاً الجمع بين حديث بسرة، وحديث طلق بن علي، قالوا: وإذا أمكن الجمع وجب المصير إليه قبل الترجيح والنسخ؛ لأن الجمع فيه إعمال الدليلين، وترجيح أحدهما إلغاء للآخر.
ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما هو بضعة منك»، لأنك إذا مسست ذكرك بدون تحرك شهوة صار كأنما تمس سائر أعضائك، وحينئذ لا ينتقض الوضوء، وإذا مسسته لشهوة فإنه ينتقض؛ لأن العلة موجودة، وهي احتمال خروج شيء ناقض من غير شعور منك، فإذا مسه لشهوة وجب الوضوء، ولغير شهوة لا يجب الوضوء، ولأن مسه على هذا الوجه يخالف مس بقية الأعضاء.
قال الشيخ الألباني في تمام المنة (ص: 103):
” قوله صلى الله عليه وسلم: “إنما هو بضعة منك” فيه إشارة لطيفة إلى أن المس الذي لا يوجب الوضوء إنما هو الذي لا يقترن معه شهوة لأنه في هذه الحالة يمكن تشبيه مس العضو بمس عضو آخر من الجسم بخلاف ما إذا مسه بشهوة فحينئذ لا يشبه مسه مس العضو الآخر لأنه لا يقترن عادة بشهوة وهذا أمر بين كما ترى وعليه فالحديث ليس دليلا للحنفية الذين يقولون بأن المس مطلقا لا ينقض الوضوء بل هو دليل لمن يقول بأن المس بغير شهوة لا ينقض وأما المس الشهوة فينقض بدليل حديث بسرة وبهذا يجمع بين الحديثين وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية في بعض كتبه على ما أذكر. والله أعلم”. انتهى
—
جواب سيف بن دوره :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية :
“والأظهر أن الوضوء من مس الذكر مستحب لا واجب، وهكذا صرّح به الإمام أحمد في إحدى الروايتين عنه، وبهذا تجتمع الأحاديث والآثار، بحمل الأمر به على الاستحباب ليس فيه نسخ قوله: “وهل هو إلا بضعة منك”.
وحمل الآخر على الاستحباب أولى من النسخ”اهـ (مجموع الفتاوى (21/ 241).).
فإن قيل: ألا يمكن الجمع والتوفيق بين الحديثين بأن يقال: المس بشهوة للذكر ينقض الوضوء، وبغير شهوة لا ينقض الوضوء.
فالجواب: هذا وجه من الجمع بين الحديثين، لكن ما اخترناه من طريق للجمع أولى، إذ له نظائر.
ويترجح القول بعدم نقض الوضوء بمس الذكر بالأمور التالية:
1ـ لأنه مع ثبوت الحديثين لا مجال لرد أحدهما بدعوى ضعفه.
2ـ ولأن القول بالنسخ أو الترجيح لا يصار إليه مع إمكان الجمع والتوفيق.
3ـ ولأن الذكر عضو من الجسد فلمسه كلمس أي عضو، خاصة وأن لمس النجاسة ذاتها ليس بناقض فأولى منه لمس العضو الطاهر.
4ـ ولأن النقض إما بخارج أو بمظنة خارج، وكلاهما مفقود هنا (مجموع الفتاوى (21/ 241).).
قال ابن عباس رضي الله عنه: “الوضوء مما خرج وليس مما دخل” (أخرجه عبدالرزاق (1/ 169)، وابن أبي شيبة (1/ 85).
وروي مرفوعاً والمحفوظ أنه من كلام ابن عباس. انظر: بدائع الصنائع 01/ 32)، شرح العمدة لابن تيمية (1/ 328)، التنقيح (1/ 502).).
5ـ ولأن الحديث الوارد غايته الأمر بالوضوء من مس الذكر، ولم يحكم فيه صراحة بالنقض، وقد ورد الأمر بالغسل من غسل الميت، والوضوء من حملها ولم يعتبر الأمر حكماً بنقض الوضوء (أحكام الجنازة وبدعها ص52.).
هذا بحث للشيخ محمد بن عمر بازمول.
وراجع موسوعة الفقهية الكويتية
قلت سيف بن دوره : حديث طلق بن علي رضي الله عنه : إنما هو بضعة منك .
قال ابن المديني هو أحسن من حديث بسرة . كما في البدر المنير .
لكن ضعفه الشافعي كما في السنن الكبرى 1/135 بجهالة قيس بن طلق . وكذا أبوحاتم وأبو زرعة ، وقالا : قيس ليس ممن تقوم به الحجة. ووهناه كما في العلل 1/48
وقال البخاري عن حديث بسرة : هو أصح شئ في هذا الباب العلل الكبير 5
وصححه أحمد في علل الخلال كما في البدر المنير 2/464 . والدارقطني وقال : هذا صحيح. . وصححه ابن معين والترمذي والبيهقي والحازمي وابن حبان وابن خزيمة .
قال الشوكاني : والحق الانتقاض. وقد ورد ما يدل على أنه ينتقض الوضوء بمس الفرج وهو أعم من القبل والدبر كما أخرجه ابن ماجه من حديث أم حبيبة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : من مس فرجه فليتوضأ . وصححه أحمد وأبو زرعة . وقال ابن السكن : لا أعلم له علة .
ثم نقل الشوكاني أحاديث فيها : إذا مست أحداكن فرجها فلتتوضأ.
لكن ضعفها محقق الدراري ونقل عن ابن شاهين أنه قال : لا اعلم هذه الزيادة في مس المرأة فرجها غير حديث عبد الله بن عمرو .
ونقل عن أحمد تضعيف حديث عبدالله بن عمرو . وكذلك ضعفه ابن المنذر كما في الأوسط
فالحديث المشهور في مس الذكر وليس مس المرأة فرجها في معناه . راجع المغني 1/173
وعلى تصحيح الحديثين فالقول
بالاستحباب أقوى لعدم وجود دليل يقيد المس بشهوة . راجع فتح العلام شرح بلوغ المرام 1/235