193 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
——–
20309 – حدثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن، حدثنا يونس يعني ابن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عمرو بن ميمون، شهد عمر قال: وقد كان جمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته وصحته، فناشدهم الله من، سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر في الجد شيئا، فقام معقل بن يسار، فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ” أتي بفريضة فيها جد، فأعطاه ثلثا أو سدسا “، قال: وما الفريضة؟ قال: لا أدري، قال: ما منعك أن تدري؟
قلت سيف:
على الشرط (قسم الزيادات على الصحيح المسند)
هو في الصحيح المسند
لكن هنا زيادة (ما منعك أن تدري) يعني قاله عمر لمعقل وضح ذلك البيهقي 6/ 244، وابن حجر في أطراف المسند.
وهذه وإن كانت موقوفة لكن تدل على انتهاء الحديث مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأنه لم يأخذ منه إلا ذلك القدر.
—‘——””———”’-
[لا أدري نصف العلم]
كان النبي عليه الصلاة و السلام و صحابته الكرام و من تبعهم باحسان و من بعدهم اذا سئلوا عّن أشياء لا يعلمونها فيقولون (لا ادري)، جِبْرِيل يسأله النبي عليه الصلاة و السلام عّن أمر و لم يعلم جوابه فيقول لا ادري و هكذا النبي ثم الصحابة تعلموا ذلك من النبي عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا هو دأب العلماء، و هذا يفيد خطورة الفتوى.
و الكلام بلا علم خطره عظيم، و جرمه أعظم من الشرك، بل هو افتراء على الله، و إياك أن تقدم على الفتوى و أنت لست أهل ذلك، ستسأل يوم القيامة عّن ذلك، فكن حريصا على مدافعتها، و إذا تكلمت فتكلم بعلم و إلا فقل لا اعلم.
قلت سيف: قوله (جرمه أعظم من الشرك) يقصد كما في قوله تعالى ((قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ))
[سورة الاعراف 33]
أخرج الإمام أحمد في ((مسنده)) قَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ؟ قَالَ: فَقَالَ: «لَا أَدْرِي» فَلَمَّا أَتَاهُ جِبْرِيلُ عليه السلام قَالَ: «يَا جِبْرِيلُ، أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ؟» قَالَ: «لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ» فَانْطَلَقَ جِبْرِيلُ عليه السلام ثُمَّ مَكَثَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: «يَا مُحَمَّدُ، إِنَّكَ سَأَلْتَنِي أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ؟ فَقُلْتُ: لَا أَدْرِي، وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أَيُّ الْبُلْدَانِ شَرٌّ؟ فَقَالَ: أَسْوَاقُهَا»
قلت سيف: الحديث ذكره الذهبي فيما أنكر على زهير، وعبدالله بن محمد بن عقيل الأكثر على تضعيفه، والحديث في مسلم 671 من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها) انتهى
قال الذهبي في السير (ج (8) / (169)):
قال الهيثم بن جميل: سمعت مالكا سئل عن ثمان وأربعين مسألة، فأجاب في اثنتين وثلاثين منها بـ: لا أدري.
وعن خالد بن خداش، قال: قدمت على مالك بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا في خمس مسائل.
ابن وهب عن مالك، سمع عبد الله بن يزيد بن هرمز يقول: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه قول: “لا أدري”، حتى يكون ذلك أصلا يفزعون إليه.
قال ابن عبد البر: صح عن أبي الدرداء أن: “لا أدري” نصف العلم.
سنن الدارامي:
186 – أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ , عَنْ مُغِيرَةَ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: لاَ أَدْرِي نِصْفُ الْعِلْمِ.
عن إسحاق بن راهويه عن يحيى بن آدم، وأنه قال في معنى قولهم ” لا أدري ” نصف العلم: إن العلم إنما هو ” أدري ولا أدري “، فأحدهما نصف الآخر. رواه المروزي في كتاب الصلاة.
قال ابن القيم في ” اعلام الموقعين ” (ج (2) / (127)).
وقال الزهري عن خالد بن أسلم وهو أخو زيد بن أسلم: خرجنا مع ابن عمر نمشي، فلحقنا أعرابي فقال: أنت عبد الله بن عمر؟ قال: نعم، قال: سألت عنك فدللت عليك، فأخبرني أترث العمة؟ قال: لا أدري، قال: أنت لا تدري؟ قال: نعم؛ اذهب إلى العلماء بالمدينة فاسألهم؛ فلما أدبر قبل يديه قال: نعما قال أبو عبد الرحمن؛ سئل عما لا يدري فقال: لا أدري.
وقال ابن مسعود: من كان عنده علم فليقل به؛ ومن لم يكن عنده علم فليقل: ” الله أعلم ” فإن الله قال لنبيه: {قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين} [ص: (86)]
وقال مالك: من فقه العالم أن يقول: ” لا أعلم ” فإنه عسى أن يتهيأ له الخير. وقال: سمعت ابن هرمز يقول: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده ” لا أدري “، حتى يكون ذلك أصلا في أيديهم يفزعون إليه.
وقال الشعبي: ” لا أدري ” نصف العلم.
وقال ابن جبير: ويل لمن يقول لما لا يعلم: إني أعلم.
وقال الشافعي: سمعت مالكا يقول: سمعت ابن عجلان يقول: إذا أغفل العالم ” لا أدري ” أصيبت مقاتله.
وورد عن ابن عباس ومحمد بن عجلان إذا أغفل العالم لا أدري أصيبت مقاتله. المجموع 1/ 40
قال ابن حجر في الفتح (ج (8) / (518)):
إن من العلم أن يقول لما لا يعلم لا أعلم أي أن تمييز المعلوم من المجهول نوع من العلم وهذا مناسب لما اشتهر من أن لا أدري نصف العلم ولأن القول فيما لا يعلم قسم من التكلف.
قال أبو عبد الله: قال إسحاق: قال يحيى بن آدم: وذكر لأبي حنيفة قول من قال: لا أدري نصف العلم، قال: فليقل مرتين لا أدري حتى يستكمل العلم، قال يحيى: وتفسير قوله لا أدري نصف العلم، لأن العلم إنما هو أدري ولا أدري فأحدهما نصف الآخر. انظر ” تاريخ بغداد ” (ج (15) / (530)).
قال الذهبي في السير (ج (7) / (142)): قال أبو مسهر: سمعته يقول: لا أدري، لما لا أدري، نصف العلم.
قال ابن جماعة: اعلم أن قول المسؤول (لا أدري) لا يضع من قدره كما يظن بعض الجهلة، بل يرفعه؛ لأنه دليل عظيم على عظم محله، وقوة دينه، وتقوى ربه، وطهارة قلبه، وكمال معرفته، وحسن تثبته، وقد روينا ذلك عن جماعة من السلف.
وإنما يأنف من قول (لا أدري) من ضعفت ديانته، وقلَّت معرفته؛ لأنه يخاف سقوطه من أعين الحاضرين.
وهذه جهالة ورقة دين، وربما يشهر خطؤه بين الناس، فيقع فيما فرَّ منه، ويتصف عندهم بما احترز عنه. تذكرة السامع والمتكلم ص79.
وسئل الشعبي رحمه الله عن شيء؛ فقال: لا أدري. فقيل: ألا تستحي من قولك: لا أدري وأنت فقيه العراق؟ فقال: لكن الملائكة لم تستحِ حين قالت: (لا علم لنا إلا ما علمتنا) (البقرة: 32) ((الفقيه والمتفقه)).