192 جامع الأجوبة الفقهية ص 232
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : خروج النادر من السبيلين.
♢- جواب ناصر الريسي:
سبق وأن بحثنا في المسألة رقم (190) خروج المعتاد من السبيلين، ونقلنا إجماع اهل العلم على أنه ينقض الوضوء، ومن هؤلاء العلماء الإمام العيني رحمه الله حيث قال كما في البناية (1/257): “أجمع العلماء على أن الخارج المعتاد من أحد السبيلين؛ كالغائط، والريح من الدبر، والبول، والمذي من القبل ناقضٌ للوضوء”. انتهى
وفي هذه المسألة سيكون البحث في غير المعتاد إذا خرج من السبيلين كالدم والدود والحصا وغيرها، هل ينقض الوضوء أم لا؟
♢- اختلف أهل العلم في هذه المسألة على قولين:
الأول: أنه ينقض الوضوء وهذا قول جماهير أهل العلم من الحنفية والشافعية والحنابلة، وهو قول الثوري وإسحاق وعطاء والحسن وابو مجلز والحكم وحماد والأوزاعي وابن المبارك، ورجحه ابن عثيمين والفوزان .
الثاني: أنه لا ينقض الوضوء وهذا مذهب المالكية وبه قال النخعي وقتادة.
انظر: بدائع الصنائع (1/ 24)، البحر الرائق (1/ 31)، مغني المحتاج (1/ 32)، المجموع (2/ 4)، الفروع (1/ 174)، الإنصاف (1/ 195)، الخرشي (1/ 152)، مواهب الجليل (1/ 291) فتاوى فضيلة الشيخ صالح بن فوزان ١/٢٢٣ —
♢- استدل الجمهور على قولهم بانتقاض الوضوء بما يلي:
الأول: قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: 43] الآية.
وجه الدلالة: أن الإتيان من الغائط يكون للمعتاد وللنادر ولا فرق ما دام المخرج واحد.
الثاني: أنه خارج من مخرج الحدث المعتاد فوجب أن ينقض الوضوء كالخارج المعتاد.
الثالث: أن الدود والحصى ونحوهما لا يخلو عن بلةٍ تتعلق به.
♢- قال النووي في المجموع (2/ 4):
“فالخارج من قبل الرجل أو المرأة أو دبرهما ينقض الوضوء سواء كان غائطا أو بولا أو ريحا أو دودا أو قيحا أو دما أو حصاة أو غير ذلك ولا فرق في ذلك بين النادر والمعتاد”. انتهى
♢- قال في المقنع في فقه الإمام أحمد (ص: 30)
“باب نواقض الوضوء، وهي ثمانية: الأول: الخارج من السبيلين قليلاً كان أو كثيراً، نادراً أو معتاداً”. انتهى
قال ابن قدامة قي المغني 1/230 وذكر الخلاف : ولنا أنه خارج من السبيل أشبه المذي ولأنه لا يخلو من بلة تتعلق به فينتقض الوضوء بها .
قال ابن المنذر في الأوسط 1/193 : ولولا أن الدودة لا تخرج إلا بندوة من غائط وكذا الحصى لا يكاد يخرج إلا بندوة من بول ؛ لكان أصح القولين في النظر قول من لا يرى وضوءًا ، فأي ذلك خرج ومعه ندوة من غائط أو بول ففيه الوضوء . أه
قال ابن المنجى التنوخي الحنبلي في الممتع في شرح المقنع (1/ 168)
“وأما كون الخارج من السبيلين النادر كالدم والدود والشعر والحصا من نواقض الوضوء؛ فلأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «المستحاضة تتوضأ عند كل صلاة» رواه أبو داود، ودمها غير معتاد”. انتهى
♢- وجاء في التلقين في الفقه المالكي (1/ 22):
“يوجب الوضوء شيئان أحداث وأسباب للأحداث فأما الأحداث الموجبة للوضوء فهي ما خرج من السبيلين من المعتاد دون النادر الخارج على وجه المرض … وكذلك ما خرج من السبيلين من غير المعتاد كالحصى والدم والدود فلا وضوء فيه”. انتهى
قال الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ :
خروج الدود من الدبر ينقض الوضوء، وحكمه سلس البول يلزمه الوضوء
فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم بن عبد اللطيف آل الشيخ ٢/٧٣
قال الفوزان :
خروج الدم إذا كان من أحد السبيلين، فإنه ينقض الوضوء مطلقًا، سواءً كان قليلًا أو كثيرًا.
♢- وقد فصل ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 34) الأقوال والاعتبارات وذكر اسباب الخلاف في المسألة فقال:
“فاعتبر قوم في ذلك الخارج وحده من أي موضع خرج وعلى أي جهة خرج, … فقالوا: كل نجاسة تسيل من الجسد وتخرج منه يجب منها الوضوء كالدم والرعاف الكثير والفصد والحجامة والقيء … واعتبر قوم آخرون المخرجين الذكر والدبر فقالوا: كل ما خرج من هذين السبيلين فهو ناقض للوضوء من أي شيء خرج من دم أو حصا أو بلغم وعلى أي وجه خرج كان خروجه على سبيل الصحة أو على سبيل المرض … واعتبر قوم آخرون الخارج والمخرج وصفة الخروج فقالوا: كل ما خرج من السبيلين مما هو معتاد خروجه وهو البول والغائط والمذي والودي والريح إذا كان خروجه على وجه الصحة فهو ينقض الوضوء فلم يروا في الدم والحصاة والبول وضوءا ولا في السلس … والسبب في اختلافهم أنه لما أجمع المسلمون على انتقاض الوضوء مما يخرج من السبيلين من غائط وبول وريح ومذي لظاهر الكتاب ولتظاهر الآثار بذلك. تطرق إلى ذلك ثلاثة احتمالات: أحدها أن يكون الحكم إنما علق بأعيان هذه الأشياء فقط المتفق عليها على ما رآه مالك رحمه الله. الاحتمال الثاني أن يكون الحكم إنما علق بهذه من جهة أنها أنجاس خارجة من البدن لكون الوضوء طهارة والطهارة إنما يؤثر فيها النجس. والاحتمال الثالث أن يكون الحكم أيضا إنما علق بها من جهة أنها خارجة من هذين السبيلين”. انتهى
والله أعلم..