191 جامع الأجوبة الفقهية ص 232
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسألة : خروج البول والغائط من غير مخرجهما.
♢- جواب ناصر الريسي:
اجمع العلماء على أن البول والغائط إذا خرجا من السبيلين (مخرجهما المعتاد) فإنهما ناقضان للوضوء كما تقدم معنا.
♢-ثم اختلفوا – رحمهم الله – فيما إذا خرجا من غير مخرجهما.
وصورة المسألة: لو أن إنساناً فُتِحت له فتحةٌ يخرج منها الخارج، من بول أو غائط، سواءً وقعت فوق القُبُل أو فوق الدُّبُر، فهل نحكم بكون الخارج من هذه الفتحة خارجاً من السبيل، ويأخذ حكم ما قرره العلماء -رحمة الله عليهم- من كونه ناقضاً؟ أو نقول: نقتصر على السبيل المعتبر، وكل فتحة سواءً كانت لقُبُلٍ أو دُبُر، لا تؤثر؟
♢- القول الأول: أن خروجهما حدثاً مطلقاً، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة وهو ترجيح الشوكاني كما في السيل الجرار 1/92 واللجنة الدائمة وغيرهم
♢- والقول الثاني: فيه تفصيل: وهو إما أن ينسد المخرج المعتاد أو لا ينسد، فإن كان المخرج المعتاد لم ينسد، فلا ينقض الخارج مطلقاً. وإن كان المخرج المعتاد قد انسد، نظر: فإن كان مخرج البول والغائط فوق المعدة، لم ينقض، وإن كان المخرج تحت المعدة نقض.
وهذا التفصيل إذا كان انسداد المخرج عارضاً، أما لو كان أصلياً من أصل الخلقة فإن الخارج منه ناقض للوضوء مطلقاً، سواء كان خروجه فوق أو تحت المعدة، وهذا مذهب المالكية، والصحيح من قولي الشافعية.
انظر: بدائع الصنائع (1/ 24)، تبيين الحقائق (1/8)، حاشية الدسوقي (1/118)، مواهب الجليل (1/293)، المجموع (2/8)، مغني المحتاج (1/33)، الفروع (1/176)، الإنصاف (1/197)،
♢- وقد استدل أصحاب القول الأول على النقض مطلقاً بما يلي:
الأول: قوله تعالى: {أو جاء أحد منكم من الغائط} (المائدة: 6).
وجه الدلالة أنه جعل الاعتبار بالغائط: أي بالخارج لا بالمخرج، والبول مقيس عليه.
الثاني: عن زر بن حبيش، قال: أتيت صفوان، فقلت له: حك في صدري المسح على الخفين بعد الغائط والبول، وكنت امرأ من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأتيتك أسألك عن ذلك، هل سمعت منه في ذلك شيئاً؟ قال: نعم، كان يأمرنا إذا كنا سفراً، أو كنا مسافرين لا ننزع أخفافنا ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم …. الحديث. رواه عبد الرزاق في المصنف (795)
وجه الاستدلال: قوله: «ولكن من غائط وبول ونوم» فاعتبر الخارج دون المخرج.
الثالث: من النظر، قال: ابن تيمية رحمه الله في شرح العمدة (1/ 295): مَسْألَةٌ:
«والخارِجُ النَّجِسُ مِن غَيْرِهِما إذا فَحُشَ»
أمّا النَّجاسَةُ إذا خَرَجَتْ مِن غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ فَهِيَ قِسْمانِ: أحَدُهُما: البَوْلُ والعَذِرَةُ فَتَنْقُضُ سَواءٌ كانَ قَلِيلًا أوْ كَثِيرًا، وسَواءٌ خَرَجَ مِن تَحْتِ المَعِدَةِ أوْ مِن فَوْقِ المَعِدَةِ، وسَواءٌ اسْتَدَّ المَخْرَجُ أوْ لَمْ يَسْتَدَّ مِن غَيْرِ اخْتِلافٍ فِي المَذْهَبِ لِعُمُومِ حَدِيثِ صَفْوانَ ««ولَكِنْ مِن غائِطٍ وبَوْلٍ»» ولِأنَّ السَّبِيلَ إنَّما يَغْلُظُ حُكْمُهُ لِكَوْنِهِ مَخْرَجَهُما المُعْتادَ فَإذا تَغَلَّظَ حُكْمُهُ بِسَبَبِهِما فَلِأنْ يَتَغَلَّظَ حُكْمُ أنْفُسِهِما أوْلى وأحْرى،
وقال الزيلعي في تبيين الحقائق (1/ 8): خروج النجس مؤثر في زوال الطهارة: أما موضع الخروج فظاهر، وأما غيره فلأن بدن الإنسان باعتبار ما يخرج منه لا يتجزأ في الوصف، فإذا وصف موضع منه بالنجاسة وجب وصف كله بذلك، كالإيمان والكفر والكذب والصدق ونحو ذلك، فإنه يوصف به كله، وإن كان كل واحد من هذه الأشياء في محل مخصوص، فإذا صار كله نجساً وجب تطهيره كله، لكن ورد الشرع بالاقتصار على الأعضاء الأربعة في السبيلين، للحرج لتكرار ما يخرج منهما، فألحقنا به ما هو في معناه من كل وجه. انتهى
قال الشيخ ابن عثيمين في تعليقاته على الكافي لابن قدامة (1/ 129):
“يُعْمَل له عملية فتحة يخرج منها البول ويخرج منها الغائط فنقول هذه الفتحة ما خرج منها من البول والغائط فهو ناقض قليله وكثيره”. انتهى
قال الراجحي في شرح عمدة الفقه (4/ 4):
“الخارج الفاحش النجس من غير السبيلين، وهذا أيضاً نوعان: النوع الأول: أن يكون بولاً أو غائطاً كما إذا انسد المخرج ثم فتح فتحة أخرى لخروج البول والغائط منه، فهذا ناقض للوضوء”. انتهى
وفي فتاوى اللجنة الدائمة :
الخارج من غير السبيلين كالدم والقيء ونحوهما لا ينقض الوضوء على الصحيح، إلا إذا كان فاحشا نجسا أما البول والغائط فهما من نواقض الوضوء مطلقا، سواء خرجا من المخرج المعتاد أم لا.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو … نائب الرئيس … الرئيس
بكر أبو زيد … عبد العزيز آل الشيخ … عبد العزيز بن عبد الله بن باز
♢- دليل من قال بالتفصيل وهو اشتراط انسداد المخرج وكونه تحت المعدة.
قالوا: إذا انسد المخرج، وكانت الفتحة تحت المعدة، فإن الطعام لما انحدر إلى الأمعاء أصبح فضلة قطعاً، وصارت الفتحة التي تحت المعدة قائمة مقام السبيلين عند انسدادهما. ولأن الإنسان لا بد له من مخرج، فأقيم هذا مقامه.
ولأن المخرج إذا كان فوق المعدة أشبه القيء وأشبه التجشي: وهو خروج الريح من الفم فلم ينقض الخارج.
جاء في حاشية الدسوقي (1/ 118):
“فإن قلت مقتضى كون الخارج من الثقبة إذا كانت فوق المعدة لا ينقض على المعتمد ولو انسد المخرجان أن يكون الخارج من الفم كذلك لأنه بمثابة الثقبة المذكورة، قلت أجيب بأن الفم عهد مخرجا للفضلة في الجملة بالنسبة للتمساح بخلاف الثقبة هذا وذكر أن قولهم إذا كانت الثقبة فوق المعدة وانسد المخرجان فلا نقض على الراجح محمول على ما إذا كان انسداد المخرجين في بعض الأوقات لا دائما أما إذا كان انسدادهما دائما فالنقض كالفم وحينئذ فلا إشكال”. انتهى
قال الشيرازي كما المجموع شرح المهذب (ص: 5)
“فإن انسد المخرج المعتاد وانفتح دون المعدة مخرج انتقض الوضوء بالخارج منه، لأنه لا بد للإنسان من مخرج يخرج منه البول والغائط، فإذا انسد المعتاد صار هذا هو المخرج فانتقض الوضوء بالخارج منه، وإن انفتح فوق المعدة ففيه قولان: أحدهما: ينتقض الوضوء بالخارج منه لما ذكرناه، وقال في حرملة لا ينتقض لأنه في معنى القيء، وإن لم ينسد المعتاد وانفتح فوق المعدة لم ينقض الوضوء بالخارج منه، وإن كان دون المعدة ففيه وجهان: أحدهما: لا ينتقض الوضوء بالخارج منه لأن ذلك كالجائفة، فلا ينتقض الوضوء بما يخرج منه، والثاني: ينتقض؛ لأنه مخرج يخرج منه الغائط فهو كالمعتاد”. انتهى