: 19 رياح المسك العطرة بمشاركات الأصحاب المباركة على صحيح البخاري
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير
ومراجعة سيف بن غدير النعيمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——-‘——-‘
——-‘——-‘——-‘
قال البخاري رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان من صحيحه:
بَابٌ: مِنَ الدِّينِ الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ
19 – حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ غَنَمٌ يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْرِ، يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَنِ»
———‘——–‘——–‘
فوائد الباب:
1 – حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أخرجه البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأشار إليه الترمذي في سننه بقوله ” وفي الباب عن أم مبشر وأبي سعيد الخدري وابن عباس رضي الله عنهم”.
2 – فيه أن الإيمان ينقص إذا خالط المسلم قرناء السوء، لذا ترجم ابن حبان عليه في صحيحه فقال ” ذكر الأمر بالإنفراد بالدين عند وقوع الفتن”.
3 – “هذا الحديث يدل على إباحة الانفراد والاعتزال عند ظهور الفتن، طلبًا لإحراز السلامة فى الدين، خشية أن تحل عقوبة فتعم الكل، وهذا كله من كمال الدين”. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري. قلت والدين يعم الإيمان بمعناه الشامل كما في حديث جبريل المشهور” جاءكم يعلمكم دينكم” ففهم سبب إيراد البخاري للحديث في كتاب الإيمان.
4 – قال ابن رجب: وليس في الحديث إلا الإشعار بفضل من يفر بدينه من الفتن؛ لكن لما جعل الغنم خير مال المسلم في هذه الحال دل على أن هذا الفعل من خصال الإسلام والإسلام هو الدين … وهذا فيه دلالة على أن الاعتزال عن الشر من الإيمان.
5 – فيه الصاحب ساحب.
6 – العُزْلَةُ رَاحَةٌ مِنْ خُلَّاطِ السُّوءِ قاله البخاري، وقال الخطابي كما في أعلام الحديث ” وفيه بيان فضيلة العزلة وأنها للدين عصمة”
7 – ” جواز” التَّعَرُّبِ فِي الفِتْنَةِ قاله البخاري وترجمه في صحيحه من غير لفظة الجواز.
8 – فيه النهي عن السعي في الفتنة من باب أولى.
9 – فيه من علامات النبوة في الإسلام قاله البخاري قلت وهي قوله (يوشك أن يكون) وفي رواية ” يَاتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ” قال ابن بطال ” لأنه أخبر عما يكون فى آخر الزمان”.
10 – قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يوشك) تقريب منه للفتنة، وقد وقع ذلك في زمن عثمان – رضي الله عنه-كما أخبر به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهذا من جملة أعلام نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
11 – عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” خَيْرُ النَّاسِ فِي الْفِتَنِ رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ – أَوْ قَالَ: بِرَسَنِ فَرَسِهِ – خَلْفَ أَعْدَاءِ اللَّهِ يُخِيفُهُمْ وَيُخِيفُونَهُ، أَوْ رَجُلٌ مُعْتَزِلٌ فِي بَادِيَتِهِ يُؤَدِّي حَقَّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي عَلَيْهِ ” أخرجه الحاكم في المستدرك 8447 و 8499 من طريق إسحق بن إبراهيم ويحيى بن جعفر كلاهما عن عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَنْبَأَ مَعْمَرٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وقال هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ ” ورواه بعضهم مرسلا ليس فيه ابن عباس وأورده الألباني في الصحيحة 698
وورد في مسند أحمد
2116 – حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا بن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب عن عطاء بن يسار عن بن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج عليهم وهم جلوس فقال ألا أحدثكم بخير الناس منزلة فقالوا بلى يا رسول الله قال رجل ممسك برأس فرسه في سبيل الله حتى يموت أو يقتل أفأخبركم بالذي يليه قالوا نعم يا رسول الله قال امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة ويعتزل شرور الناس أفأخبركم بشر الناس منزلة قالوا نعم يا رسول الله قال الذي يسأل بالله ولا يعطى به.
وهو على شرط الذيل على الصحيح المسند.
وهذا ظاهر أن العزلة مستحبة في أوقات الفتن لا في غيرها من الأوقات.
12 – قال الحافظ ابن رجب كما في الفتح له ” وقال الإمام أحمد: إذا كانت الفتنة فلا بأس أن يعتزل الرجل حيث شاء، فأما إذا لم يكن فتنة فالأمصار خير. فأما سكنى البوادي على وجه العبادة وطلب السياحة والعزلة فمنهي عنه”. وقرر ذلك ابن حجر أيضا.
13 – عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” غَشِيَتْكُمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، أَنْجَى النَّاسِ فِيهِ رَجُلٌ صَاحِبُ شَاهِقَةٍ يَاكُلُ مِنْ رَسَلِ غَنَمِهِ، أَوْ رَجُلٌ آخِذٌ بِعِنَانِ فَرَسِهِ مِنْ وَرَاءِ الدَّرْبِ يَاكُلُ مِنْ سَيْفِهِ ” أخرجه البزار في مسنده 8253 وأبو طاهر المخلص كما في المخلصيات 54 والحاكم في المستدرك2515 و 8634 وقال” هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ “ووافقه الذهبي والألباني كما في الصحيحة 1478 و1988 قلت وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه 21686 وابن أبي شيبة في مصنفه 38418 موقوفا وعزاه البوصيري في الإتحاف لمسدد موقوفا قلت لكن مثله لا يقال بالرأي فلا يعل المرفوع.
فيه نافع بن سرجس قال الإمام أحمد لا أعلم إلا خيرا، وقال ابن سعد وكان ثقة قليل الحديث، قلت وأورده ابن حبان في الثقات
14 – قوله (عن أبي سعيد الخدري) وعند البخاري من طريق الماجشون زيادة في أوله من كلام أبي سعيد قال التابعي” عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ لِي: إِنِّي أَرَاكَ تُحِبُّ الغَنَمَ، وَتَتَّخِذُهَا، فَأَصْلِحْهَا وَأَصْلِحْ رُعَامَهَا”.
15 – قوله (رعامها) قال أبو عبيد القاسم بن سلام قَوْله:” الرُّعام يَعْنِي مَا سَالَ من أنوفها يُقَال: شَاة رَعُومٌ.” قال القسطلاني كما في إرشاد الساري ” ” كأنه قال داوِ مرضها”.
وفي الحديث: ” صلوا في مراح الغنم و امسحوا رغامها , فإنها من دواب الجنة “
وقال العقيلي: وأما الصلاة في مراح الغنم فقد روي بإسناد جيد، وأما: الغنم من دواب الجنة، ففيه رواية: من غير هذا الوجه فيها لين.
وبعض اسانيده أعل بالوقف على أبي هريرة وأخرج الموقوف البخاري في الأدب المفرد 572 وهو صحيح موقوفا حيث قال ابوهريرة لحميد بن مالك بن خثيم: يا ابن أخي أحسن إلى غنمك وامسح الرغام عنها وأطب مراحها وصل في ناحيتها فإنها من دواب الجنة والذي نفسي بيده ليوشك أن يأتي على الناس زمان تكون الثلة من الغنم أحب إلى صاحبها من دار مروان) ورجح الموقوف البيهقي 4533 ثم ذكره مرفوعا من طريق إبراهيم بن عيينة سمعت اباحيان عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا وهو كذلك معل كما في علل ابن أبي حاتم وراجع تحقيق المسند 15/ 395
المراح: موضع اجتماع الغنم للراحة.
رغامها: التراب ويروى (رعامها) أي مخاط أنفها. والمراد حسن تعهدها (السندي)
– مع فضل الغنم وفضيلة البهائم إلا أنها يضرب بها المثل للكافر الذي لا ينتفع بالتذكير فكذلك البهائم لا تفهم نداء الراعي.
16 – قوله (يُوشِكُ أَنْ يَكُونَ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ) وفي رواية عند البخاري ” خير مال الرجل”، وفي رواية عند البخاري من طريق الماجشون ” يَاتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ، تَكُونُ الغَنَمُ فِيهِ خَيْرَ مَالِ المُسْلِمِ”.
17 – قَوْله (يَتْبَعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ) يَعْنِي رَأس الْجَبَل. قاله أبو عبيد القاسم بن سلام في غريب الحديث. قال ابن بطال وهي ” تعصم من لجأ إليها من عدو”.
18 – قوله (في مواقع القطر) أي في مواضع نزول المطر وهي بطون الأودية والصحارى. قاله القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري.
19 – قوله (يَفِرُّ بِدِينِهِ من الفتن) يعني: يهرب خشية على دينه من الوقوع في الفتن قاله الحافظ ابن رجب في الفتح له، وقال القسطلاني في إرشاد الساري ” بالفاء المكسورة أي يهرب مع دينه أو بسببه – قلت كل واحد مستلزم للآخر- (من الفتن) طلبًا لسلامته”.
20 – قوله: (من الدين الفرار من الفتن). ولم يقل من الإيمان لمراعاة لفظ الحديث، ولم يرد الحقيقة لأن الفرار ليس بدين، فالتقدير الفرار من الفتن شعبة من شعب الإيمان كما دل عليه أداة التبعيض.
قاله القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري
21 – وقد مدح الله من فر بدينه خشية الفتنة عليه فقال – حكاية عن أصحاب الكهف _ (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَاوُوا إِلَى الْكَهْفِ ([الكهف: 16] قاله ابن رجب في الفتح له.
22 – قال ابن بطال في شرح البخاري 1/ 71:
وقد جاء فى الحديث: أنه إذا فشا المنكر، وكان بالناس قوة على تغييره، فلم يغيروه امتحنهم الله بعقوبة، وبعث الصالحين على نياتهم، وكان نقمة للفاسقين، وتكفيرا للمؤمنين -. وقد اعتزل سلمة بن الأكوع عند قتل عثمان. اهـ
23 – وقال أبو الزناد – شارح البخاري-:” خص الغنم من بين سائر الأشياء حضًا على التواضع وتنبيهًا على إيثار الخمول وترك الاستعلاء والظهور، وقد رعاها الأنبياء والصالحون، وقال (صلى الله عليه وسلم):ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم -. وأخبر أن السكينة فى أهل الغنم”. نقله ابن بطال في شرحه.
24 – قال ابن عبدالبر في التمهيد 17/ 450:
وإنما جاءت هذه الأحاديث بذكر الشعاب والجبال واتباع الغنم والله أعلم لأن ذلك هو الأغلب في المواضع التي يعتزل فيها الناس فكل موضع يبعد عن الناس فهو داخل في هذا المعنى مثل اسم الاعتكاف في المساجد ولزوم السواحل للرباط والذكر ولزوم البيوت فرارا عن شرور الناس لأن من نأى عنهم سلموا منه وسلم منهم لما في مجالستهم ومخالطتهم من الخوض في الغيبة واللغو وأنواع اللفظ وبالله العصمة والتوفيق لا رب غيره.
25 – وقال في 19/ 220:
وهذا الحديث إنما ورد خبرا عن حال آخر الزمان وما المحمود في ذلك الوقت لكثرة الفتن وقد كان صلى الله عليه وسلم يحض في أول الإسلام على لزوم الخواص للجماعات والجمعات ويقول من بدا جفا.
والحديث المذكور في هذا الباب من أحسن حديث في العزلة والفرار من الفتنة والبعد عن مواضعها من الحواضر وغيرها.
وفي ذلك دليل على فضل العزلة والانفراد في آخر الزمان.
وفي هذا الحديث حض على كسب الغنم وفي ذلك فضل لها …. اهـ
26 – وقال في ابن رجب في شرحه للبخاري 1/ 108:
وقوله: (194 – أ / ف) ” يفر بدينه من الفتن ” يعني: يهرب خشية على دينه من الوقوع في الفتن؛ فإن من خالط الفتن، وأهل القتال على الملك لم يسلم دينه من الإثم إما بقتل معصوم أو أخذ مال معصوم أو المساعدة على ذلك بقول ونحوه وكذلك لو غلب على الناس من يدعوهم إلى الدخول في كفر أو معصية حسن الفرار منه. اهـ
27 – قال ابن حجر في 13/ 43:
قال الجمهور الاختلاط أولى لما فيه من اكتساب الفوائد الدينية للقيام بشعائر الإسلام وتكثير سواد المسلمين وإيصال أنواع الخير إليهم من إعانة وإغاثة وعيادة وغير ذلك وقال قوم العزلة أولى لتحقق السلامة بشرط معرفة ما يتعين …
28 – وقال النووي المختار تفضيل المخالطة لمن لا يغلب على ظنه أنه يقع في معصية فإن أشكل الأمر فالعزلة أولى وقال غيره يختلف باختلاف الأشخاص فمنهم من يتحتم عليه أحد الأمرين ومنهم من يترجح وليس الكلام فيه بل إذا تساويا فيختلف باختلاف الأحوال … وهذا حيث لا يكون هناك فتنة عامة فإن وقعت الفتنة ترجحت العزلة لما ينشأ فيها غالبا من الوقوع في المحذور وقد تقع العقوبة بأصحاب الفتنة فتعم من ليس من أهلها كما قال تعالى واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة …
29 – قال ابن تيمية: أن المخالطة إن كان فيها تعاون على البر والتقوى، فهي مأمور بها، وإن كان فيها تعاون على الإثم والعدوان فهي منهي عنها، فالاختلاط بالمسلمين في جنس العبادات كالصلوات الخمس والجمعة والعيدين وصلاة الكسوف والاستسقاء ونحو ذلك هو مما أمر الله به ورسوله.
وكذلك الاختلاط بهم في الحج وفي غزو الكفار والخوارج المارقين وإن كان أئمة ذلك فجارا، وإن كان في تلك الجماعات فجار. الفتاوى الكبرى (2/ 163)
قال الجامع (محمد بن ادم) – عفا اللَّه تعالى عنه -: الذي يترجّح عندي أن الأحاديث الواردة في العزلة محمولة على أيام الفتن، وأما في سائر الأزمان فالأفضل للمسلم أن يخالط جماعة المسلمين، ويكون معهم، بل ربّما يجب عليه ذلك، وذلك فيما إذا كان قادرًا على إزالة المنكر، ونحو ذلك. واللَّه تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب. شرح المجتبى (23/ 99)
30 – قال ابن كثير في معنى السائحين:
والسياحة يراد بها الصيام فقد سئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن السائحين؟ فقال: (هم الصائمون)، وهذا أصح الأقوال وأشهرها. وجاء ما يدل على أن السياحة الجهاد، وهو ما رواه أبو داود في سننه من حديث أبي أمامة أن رجلاً قال: يا رسول اللّه ائذن لي في السياحة، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (سياحة أمتي الجهاد في سبيل اللّه) وعن عكرمة أنه قال: هم طلبة العلم، وقال ابن أسلم: هم المهاجرون، وليس المراد من السياحة ما قد يفهمه بعض من يتعبد بمجرد السياحة في الأرض، والتفرد في شواهق الجبال، والكهوف والبراري، فإن هذا ليس بمشروع إلا في أيام الفتن والزلازل في الدين، كما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال، شعف الجبال: أي رؤوس الجبال””ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)،
31 – قال العثيمين في شرح رياض الصالحين 3/ 509:
واعلم أن الأفضل هو المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم، هذا أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم، ولكن أحياناً تحدث أمور تكون العزلة فيها خيراً من الاختلاط بالناس؛ من ذلك إذا خاف الإنسان على نفسه فتنة، مثل أن يكون في بلد يطالب فيها بأن ينحرف عن دينه، أو يدعو إلى بدعة، أو يرى الفسوق الكثير فيها، أو يخشى على نفسه من الفواحش، وما أشبه ذلك، فهنا العزلة خير له.
ولهذا أمر الإنسان أن يهاجر من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، ومن بلد الفسوق إلى بلد الاستقامة، فكذلك إذا تغير الناس والزمان؛ ولهذا صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يوشك أن يكون خير مال الرجل غنم يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن)). فهذا هو التقسيم؛ العزلة خير إن كان في الاختلاط شر وفتنة في الدين، وإلا فالأصل أن الاختلاط هو الخير، يختلط الإنسان مع الناس فيأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، يدعو إلى حق، يبين السنة للناس، فهذا خير. لكن إذا عجز عن الصبر وكثرت الفتن؛ فالعزلة خير ولو أن يعبد الله على رأس جبل أو في قعر وادٍ. اهـ
وقال في شرح البخاري:
يؤخذ من الحديث أن الواجب على المرء المحافظة على دينه قبل أن يحافظ على ترف بدنه، لأنه ربما يكون في ترف البدن التلف. اهـ
وكلام القرطبي قريب من هذا راجع تفسير سورة الكهف عند قوله تعالى: (إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشدا (10))
32 – فالعزلة عند الفتنة ممدوحة إلا لقادر على إزالتها فتجب الخلطة عينًا أو كفاية بحسب الحال والإمكان، واختلف فيها عند عدمها، فمذهب الشافعي تفضيل الصحبة لتعلمة وتعليمه وعبادته وأدبه وتحسين خلقه بحلم واحتمال وتواضع ومعرفة أحكام لازمة، وتكثير سواد المسلمين وعيادة مريضهم وتشييع جنازتهم وحضور الجمعة والجماعات، واختار آخرون العزلة للسلامة المحققة، وليعمل بما علم ويأنس بدوام ذكره، فبالصحبة والعزلة كمال المرء، نعم تجب العزلة لفقيه لا يسلم دينه بالصحبة، وتجب الصحبة لمن عرف الحق فاتبعه والباطل فاجتنبه، وتجب على من جهل ذلك ليعلمه فافهم.
قاله القسطلاني في إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري
34 – تبويبات الأئمة على الحديث:
الترغيب في العزلة لمن لا يأمن على نفسه عند الاختلاط).
قاله المنذري في الترغيب والترهيب
_باب ما يرخص فيه من البداوة فى الفتنة.
قاله أبوداود في سننه
_بَابُ الْعُزْلَةِ
قاله ابن ماجه في سننه
_الفرار بالدين من الفتن
قاله النسائي في السنن
– باب استحباب العزلة عند فساد الناس والزمان أَو الخوف من فتنة في الدين ووقوع في حرام وشبهات ونحوه
قاله النووي في رياض الصالحين
35 – فوائد قيمة متفرقة للإمام ابن القيم من كتاب الفوائد:
-بساط لا يطأ عليه الا مقرب والمحبة نشيد لا يطرب عليه الا محب مغرم الحب غدير في صحراء ليست عليه جادة فلهذا قل وارده المحب يهرب الى العزلة والخلوة بمحبوبه والأنس بذكره كهرب الحوت الى الماء والطفل الى أمه
-عزلة الجاهل فساد واما عزلة العالم فمعها حذاؤها وسقاؤها.
-اذا اجتمع العقل واليقين في بيت العزلة واستحضر الفكر وجرت بينهم مناجاة.
– من فقد أنسه بالله بين الناس ووجده في الوحدة فهو صادق ضعيف ومن وجده بين الناس وفقده في الخلوة فهو معلول ومن فقده بين الناس وفي الخلوة فهو ميت مطرود ومن وجده في الخلوة وفي الناس فهو المحب الصادق القوى في حاله.
-ومن كان فتحه في الخلوة لم يكن مزيده الا منها ومن كان فتحه بيت الناس ونصحهم وارشادهم كان مزيده معهم ومن كان فتحه في وقوفه مع مراد الله حيث أقامه وفي أي شيء استعمله كان مزيده في خلوته ومع الناس
36 – الغنم بركة فقد ورد في الصحيح المسند
925 قال ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني حدثنا أبوبكر، نا ابن إدريس، عن حصين عن الشعبي عن عروة البارقي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الغنم بركة، والإبل عز لأهلها)
هذا حديث صحيح
37 – قوله (حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ) تابعه إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ كما عند البخاري 3300 تابعه عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ كما عند البخاري 7088 تابعه معن وابن القاسم كما عند النسائي في السنن الصغرى 5036 تابعه عبد الله بن المبارك كما في مسنده 261 تابعه أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ كما عند ابن حبان في صحيحه 5958 تابعه إِسْحَاقُ بْنُ الْحَسَنِ كما عند ابن مندة في الإيمان 457
38 – قوله (عَنْ مَالِكٍ) وعند البخاري عن إسماعيل ” حدثني مالك” … وقد أخرجه الإمام مالك في الموطأ تابعه عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ المَاجِشُونِ كما عند البخاري 3600 تابعه يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ كما عند ابن ماجه 3980 ونعيم بن حماد في الفتن 217 وابن مندة في الإيمان 458
39 – قوله (عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة) وعند نعيم بن حماد في الفتن من طريق يحيى بن سعيد ” حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ” وقال بعضهم من غير طريق مالك “عبد الله بن عبد الرحمن” وهو خطأ.
40 – قوله (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ) وعند ابن ماجه من طريق يحيى بن سعيد ” َأنَّهُ سَمِعَ أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ”.
41 – قوله (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) وعند البخاري من طريق عبد العزيز بن أبي سلمة ” سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ”
===