19 – بَابُ قُرْبِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنَ النَّاسِ وَتَبَرُّكِهِمْ بِهِ
74 – (2324) حَدَّثَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ النَّضْرِ بْنِ أَبِي النَّضْرِ، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، جَمِيعًا، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، قَالَ: أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ يَعْنِي هَاشِمَ بْنَ الْقَاسِمِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ جَاءَ خَدَمُ الْمَدِينَةِ بِآنِيَتِهِمْ فِيهَا الْمَاءُ، فَمَا يُؤْتَى بِإِنَاءٍ إِلَّا غَمَسَ يَدَهُ فِيهَا، فَرُبَّمَا جَاءُوهُ فِي الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ، فَيَغْمِسُ يَدَهُ فِيهَا»
75 – (2325) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو النَّضْرِ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: لَقَدْ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحَلَّاقُ يَحْلِقُهُ، وَأَطَافَ بِهِ أَصْحَابُهُ، فَمَا يُرِيدُونَ أَنْ تَقَعَ شَعْرَةٌ إِلَّا فِي يَدِ رَجُلٍ»
76 – (2326) وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، فَقَالَ: «يَا أُمَّ فُلَانٍ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ، حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ» فَخَلَا مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ، حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا
الفوائد
——–
التعليق على الحديث الأول:
(فربما جاءوه في الغداة الباردة، فيغمس يده فيها) أي في الأواني، وهذه الجملة تصوير للمبالغة في الإجابة، أي حتى ولو صاحبت الإجابة مشقة شديدة، والغداة الباردة وقت الفجر والصبح في الشتاء.
التعليق على الحديث الثاني:
(وأطاف به أصحابه) يقال: طاف به، وأطاف به أصحابه، أي أحاطوا به
(فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل) أي فيسارعون إلى التقاط شعره صلى الله عليه وسلم الذي يتساقط من الحلاق.
التعليق على الحديث الثالث:
قوله: (خلا معها في بعض الطرق) أي وقف معها في طريق مسلوك ليقضي حاجتها ويفتيها في الخلوة ولم يكن ذلك من الخلوة بالأجنبية فان هذا كان في ممر الناس ومشاهدتهم إياه وإياها لكن لا يسمعون كلامها لأن مسألتها مما لا يظهره
فوائد أحاديث الباب:
1 – فيها تواضع النبي صلى الله عليه وسلم.
2 – وفيها خلقه صلى الله عليه وسلم وأنه ما كان يردهم.
3 – وفيها بروزه صلى الله عليه و سلم للناس وقربه منهم ليصل أهل الحقوق إلى حقوقهم ويرشد مسترشدهم ليشاهدوا أفعاله وحركاته فيقتدي بها
4 – وفيها صبره صلى الله عليه و سلم على المشقة في نفسه لمصلحة المسلمين.
5 – وفيها تبرك الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم
6 – وفيها بركة النبي صلى الله عليه وسلم
7 – وفيها تعظيم الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم.
8 – وفيه حجة على طهارة الشعر من الميت والحى، وقد مضى الكلام فيه، واختلاف العلماء فى شعر الحى وشعر الميت قاله قاضي عياض في إِكمَالُ المُعْلِمِ بفَوَائِدِ مُسْلِم.
وأرسل حسين بحث لأحد الباحثين مختصرا، ولخص مصطفى الموريتاني بحثا، من كتاب التبرك أنواعه وأحكامه وأظن المختصر الأول منه:
البركة لا تطلب إلا من الله لأنه هو سبحانه يجعلها فيما يشاء القرآن الكريم مبارك والملائكة مباركون والأنبياء مباركون والصالحون مباركون والمساجد مباركة ورمضان مبارك وهكذا الأزمنة التي حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على العبادة فيها. ونلتزم بما ورد الشرع في طلب البركة من الأشياء التي جعل الله عزوجل فيها البركة فنحب الأنبياء والملائكة، ونبتعد عن المعاصي التي تؤذي الملائكة عموماً وعن الصور والكلاب خصوصا لننال دعاء الملائكة لنا، وناتي بالطاعات عموماً لننال استغفار الملائكة ومنها البقاء في المصلى، ونحاول نحرص على العمل في الأزمنة والامكنة الفاضلة لننال بركة الثواب ومضاعفة الأجور، ونعمل بالقرآن فنأتمر بأوامره وننتهي عن نواهيه لننال بركة العمل، وإلا لم يرد الشرع بالتمسح بالقرآن لننال بركته، ولا التمسح بالمساجد لننال بركتها بل نصلي فيها ونعمل الطاعات خاصة المساجد الثلاثة بل ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال للحجر الأسود إنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا رسول الله قبلك ما قبلتك. فنقتصر على ما ورد اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.
ووردت النصوص ببركة الشام؛ لأنها محط أكثر الرسالات، فيتبارك المكان بطاعة أهله لذا قال بعض الصحابة (إن الأرض لا تقدس أحدا … ) وورد في أهل اليمن (الإيمان يمكن … ) والمقصود أهل الطاعة منهم، والمطر مبارك قال تعالى (وأنزلنا من السماء ماء مباركاً) وشجرة الزيتون وزيتها مبارك كما في القرآن، وورد أن الخيل في نواصيها الخير فهي مباركة، والنخلة كذلك ففي الحديث إن من الشجر ما بركته كبركة المسلم … )، حتى إن رب العزة يبارك في البيوع بالكيل كما في الحديث (كيلو طعامكم يبارك لكم فيه) … وبالصدق ففي الحديث في البيعان ( … إن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما) بل الطعام يبارك فيه إذا اجتمع عليه الناس، وذكروا اسم الله وأكلوا من جوانب الصحفة، وتحصل البركة كذلك في التبكير في طلب الرزق، وكذلك إذا أخذت المال بسخاوة نفس وغيرها من الصفات الحميدة ويمحق المال إذا طلبته بحرص وجشع، وكذلك المعاصي عموماً تمحق البركة وخاصة الربا. بل ذكر لي صاحبنا أبوصالح أن البركة تحصل بلزوم الاكابر لحديث (البركة مع أكابركم). ومنهم الصحابة حيث كان حرصهم على نشر الدين وإخلاصهم لله بركة ومنه حديث (ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر) فلما فقدت عائشة عقدها وحبس النبي صلى الله عليه وسلم الناس من أجل البحث عنه انزل الله عزوجل رخصة التيمم، وكذلك بثبات أبي بكر في حروب الردة نال المسلمين بركة هذا العمل، فرجع كثير منهم للإسلام وكذلك بثبات أحمد بن حنبل في فتنة خلق القرآن نال المسلمون بركة هذا الثبات. فسلم كثير من المسلمين من الوقوع في البدع.
والنبي صلى الله عليه وسلم جمع له ربه البركة المعنوية والحسية، فدعاءه صلى الله عليه الله عليه وسلم لأمته بركة، وبوجوده صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم تدفع عنهم أنواع من الشرور، وأعطاه رب العزة بركة حسية.
أحاديث في تبرك الصحابة بذات النبي صلى الله عليه وسلم وما انفصل من جسده كالشعر والنخامة وما شابه ذلك:
– عَنْ الْحَكَمِ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا جُحَيْفَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْهَاجِرَةِ إِلَى الْبَطْحَاءِ فَتَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ رَكْعَتَيْنِ وَالْعَصْرَ رَكْعَتَيْنِ وَبَيْنَ يَدَيْهِ عَنَزَةٌ قَالَ شُعْبَةُ وَزَادَ فِيهِ عَوْنٌ عَنْ أَبِيهِ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ كَانَ يَمُرُّ مِنْ وَرَاءِهَا الْمَرْأَةُ وَقَامَ النَّاسُ فَجَعَلُوا يَاخُذُونَ يَدَيْهِ فَيَمْسَحُونَ بِهَا وُجُوهَهُمْ قَالَ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ فَوَضَعْتُهَا عَلَى وَجْهِي فَإِذَا هِيَ أَبْرَدُ مِنْ الثَّلْجِ وَأَطْيَبُ رَائِحَةً مِنْ الْمِسْكِ ” أخرجه البخاري.
– عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالصبيان فيبرك عليهم ويحنكهم فأتي بصبي فبال عليه فدعا بماء فأتبعه بوله ولم يغسله” أخرجه مسلم
– عن أنس بن مالك قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه قال: فجاء ذات يوم فنام على فراشها فأتيت فقيل لها: هذا النبي صلى الله عليه وسلم نام في بيتك على فراشك قال: فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش ففتحت عتيدتها فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره في قواريرها ففزع النبي صلى الله عليه وسلم فقال: [ما تصنعين يا أم سليم] فقالت: يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا قال: [أصبت] أخرجه مسلم
*أحاديث في اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالرعية ومراعاة حالهم والاستماع لما عندهم:
– عن أنس بن مالك قال إن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت من المدينة في حاجتها.
تحقيق الألباني:
صحيح مختصر الشمائل (285)
– عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أُقِيمَتْ الصَّلَاةُ وَرَجُلٌ يُنَاجِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَمَا زَالَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى ” أخرجه البخاري.
وهي كثيرة لعلنا إن شاء الله نتوسع فيها في مكان آخر
- مسائل في التبرك:
كثير من الناس لا يعرف من البركة إلا التمسح لكي يشفى أو ما شابه ذلك
البركة: هي كثرة الخير وثبوته، وهي مأخوذة من البركة بالكسر، والبركة: مجمع الماء، ومجمع الماء يتميز عن مجرى الماء بأمرين:
الكثرة. الثبوت.
والتبرك طلب البركة، وطلب البركة لا يخلو من أمرين:
أن يكون التبرك بأمر شرعي معلوم، مثل القرآن، قال تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ [ص: 29] , فمن بركته أن من أخذ به حصل له الفتح، فأنقذ الله بذلك أمماً كثيرة من الشرك، ومن بركته أن الحرف الواحد بعشر حسنات، وهذا يوفر للإنسان الوقت والجهد، إلى غير ذلك من بركاته الكثيرة.
أن يكون بأمر حسي معلوم، مثل: التعليم، والدعاء، ونحوه، فهذا الرجل يتبرك بعمله ودعوته إلى الخير، فيكون هذا بركة لأننا نلنا منه خيراً كثيراً.
وقال أسيد بن حضير: (ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر) (1)، فإن الله يجري على بعض الناس من أمور الخير ما لا يجريه على يد الآخر. القول المفيد على كتاب التوحيد لمحمد بن صالح بن عثيمين – ص245
قلت: فمن الغلط أن يحمل مثل هذا الحديث على التبرك الذي يعرفه البعض بأن يتمسح بذات الصديق أو آله بل هذا لم يفهمه أهل العلم من الحديث.
والتبرك ينقسم من جهة حكمه إلى قسمين:
أ تبرك مشروع:
وهو أن يفعل المسلم العبادات المشروعة طلباً للثواب المترتب عليها، ومن ذلك أن يتبرك بقراءة القرآن والعمل بأحكامه.
ب- تبرك ممنوع:
وهو ينقسم من حيث حكمه إلى قسمين: تبرك شركي، وتبرك بدعي
ونذكر هنا بعض أنواع القسم الأول
التبرك بذكر الله
ولذكر الله تعالى فضائل عظيمة وبركات كثيرة، دينية ودنيوية.
(أ) فمن البركات الدنيوية ما يأتي:
1 – اطمئنان القلب وزوال الخوف عنه، كما قال تعالى: (أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ القُلُوبُ) [الرعد: 28].
2 – الذكر يعطي الذاكرة قوة، حتى أنه ليفعل مع الذكر ما لا يطيق فعله بدونه.
3 – من منافع الاستغفار الدنيوية ما جاء في قول الله تعالى في سورة نوح اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا [نوح: 10 – 12].
4 – من بركات الذكر الدنيوية الرقية باسم الله تعالى، وبالأذكار الشرعية للاستشفاء والعلاج.
(ب) ومن البركات الدينية ما يأتي:
1 – مغفرة الذنوب ومضاعفة الأجر.
2 – ومن المنافع الدينية أيضاً أن مجالس الذكر من أسباب نزول السكينة وغشيان الرحمة، وحفوف الملائكة.
وأما التبرك الممنوع فهو على قسمين كما سبق ونذكر هنا التفصيل:
1 – تبرك شركي:
وهو أن يعتقد المتبرك أن المتبرك به – وهو المخلوق – يهب البركة بنفسه، فيبارك في الأشياء بذاته استقلالاً، أو أن يطلب منه الخير والنماء فيما لا يقدر عليه إلا الله تعالى؛ لأن الله تعالى وحده موجد البركة وواهبها، فقد ثبت في صحيح البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((البركة من الله))، فطلبها من غيره، أو اعتقاد أن غيره يهبها بذاته شرك أكبر.
2 – تبرك بدعي:
وهو التبرك بما لم يرد دليل شرعي يدل على جواز التبرك به، معتقداً أن الله جعل فيه بركة، أو التبرك بالشيء الذي ورد التبرك به في غير ما ورد في الشرع التبرك به فيه.
وهذا بلا شك محرم؛ لأن فيه إحداث عبادة لا دليل عليها من كتاب أو سنة، ولأنه جعل ما ليس بسبب سبباً، فهو من الشرك الأصغر؛ ولأنه يؤدي إلى الوقوع في الشرك الأكبر.
أنواع التبرك البدعي
النوع الأول: التبرك البدعي بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته:
– أداء بعض العبادات عند القبر النبوي:
من أشهر هذه العبادات الدعاء والصلاة عند القبر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية عن هذا الفعل ونحوه: (فهذا من المنكرات المبتدعة باتفاق أئمة المسلمين، وهي محرمة، وما علمت في ذلك نزاعاً بين أئمة الدين). ((الرد على البكري)) لابن تيمية (ص: 56).
– التمسح بالقبر أو تقبيله، ونحو ذلك:
وذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله اتفاق العلماء على أن من زار قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو قبر غيره من الأنبياء والصالحين – الصحابة وأهل البيت وغيرهم – أنه لا يتمسح به، ولا يقبله ((مجموع الفتاوى)) (27/ 79).
التبرك بالمواضع التي جلس أو صلى فيها صلى الله عليه وسلم:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحاً حكم هذه المسألة: (لم يشرع الله تعالى للمسلمين مكاناً يقصد للصلاة إلا المسجد، ولا مكاناً يقصد للعبادة إلا المشاعر، فمشاعر الحج، كعرفة ومزدلفة ومنى تقصد بالذكر والدعاء والتكبير لا الصلاة، بخلاف المساجد، فإنها هي التي تقصد للصلاة، وما ثم مكان يقصد بعينه إلا المساجد والمشاعر، وفيها الصلاة والنسك … وما سوى ذلك من البقاع فإنه لا يستحب قصد بقعة بعينها للصلاة ولا الدعاء ولا الذكر، إذ لم يأت في شرع الله ورسوله قصدها لذلك، وإن كان مسكناً لنبي أو منزلاً أو ممراً.
فإن الدين أصله متابعة النبي صلى الله عليه وسلم وموافقته بفعل ما أمرنا به وشرعه لنا وسنه لنا، ونقتدي به في أفعاله التي شرع لنا الاقتداء به فيها، بخلاف ما كان من خصائصه.
فأما الفعل الذي لم يشرعه هو لنا، ولا أمرنا به، ولا فعله فعلاً سن لنا أن نتأسى به فيه، فهذا ليس من العبادات والقرب، فاتخاذ هذا قربة مخالفة له صلى الله عليه وسلم) ((مجموعة الرسائل والمسائل)) (5/ 263، 264).
وأما فعل ابن عمر رضي الله عنهما فكان من شدة اتباعه للنبي صلى الله عليه وسلم فكان يحب فعل كل ما يحبه النبي صلى الله عليه وسلم فكان يفعل كل فعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم على قدر استطاعته وإن خولف في هذا فقد خالفه كبار الصحابة ولم يفعلوا ذلك وهو الصواب.
قلت سيف: ثم هو لم يتبرك بالأماكن، إنما يتذكرها، كما في قصة عتبان لما طلب منه صلى الله عليه وسلم الصلاة في بيته. لكن سيأتي إنكار عمر على بعض من قصد الصلاة في مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم انتهى
وأما التبرك بالأماكن التي جلس النبي صلى الله عليه وسلم أو مشى فيها فممنوع والاستدلال على عدم شرعية التبرك بهذه المواضع – على الوجه المتقدم – من عدة أوجه:
أحدها: لا يوجد دليل من النصوص الشرعية يفيد جواز ذلك الفعل أو استحبابه.
الثاني: أن الصحابة رضي الله عنهم لم ينقل عن أحد منهم أنه تبرك بشيء من المواضع التي جلس فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه: (المكان الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فيه بالمدينة النبوية دائماً، لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يقبله، ولا المواضع التي صلى فيها بمكة وغيرها) ((اقتضاء الصراط المستقيم)) (2/ 800).
الوجه الثالث: نهي السلف الصالح عن هذا التبرك قولاً وفعلاً.
لقد أنكر هذا التبرك السلف الصالح رحمهم الله، من الصحابة والتابعين فمن بعدهم.
وكان على رأس هؤلاء أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الراشد.
فعن المعرور بن سويد رحمه الله قال: (خرجنا مع عمر بن الخطاب، فعرض لنا في بعض الطريق مسجد، فابتدره الناس يصلون فيه، فقال عمر: ما شأنهم؟ فقالوا: هذا مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: أيها الناس، إنما هلك من كان قبلكم باتباعهم مثل هذا، حتى أحدثوها بِيَعاً، فمن عرضت له فيه صلاة فليصل، ومن لم تعرض له فيه صلاة فليمض) أخرجه عبد الرزاق.
قال ابن تيمية رحمه الله معلقاً على هذه القصة: (لما كان النبي لم يقصد تخصيصه بالصلاة فيه، بل صلى فيه لأنه موضع نزوله، رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة، بل تخصيص ذلك المكان بالصلاة من بدع أهل الكتاب التي هلكوا بها، ونهى المسلمين عن التشبه بهم في ذلك، ففاعل ذلك متشبه بالنبي صلى الله عليه وسلم في الصورة، ومتشبه باليهود والنصارى في القصد، الذي هو عمل القلب وهذا هو الأصل، فإن المتابعة في السنة أبلغ من المتابعة في صورة العمل) ((مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية)) (1/ 281).
وقد قال ابن وضاح القرطبي رحمه الله بعد أن روى القصة وغيرها: (وكان مالك بن أنس، وغيره من علماء المدينة يكرهون إتيان تلك المساجد، وتلك الآثار للنبي صلى الله عليه وسلم ما عدا قباء وأحد) وبعضهم قال (قباء وحده) وأن لفظ (أحد) تصحيف وسيأتي.
ثم قال: (وسمعتهم يذكرون أن سفيان الثوري دخل مسجد بيت المقدس، فصلى فيه، ولم يتبع تلك الآثار، ولا الصلاة فيها، وكذلك فعل غيره أيضاً ممن يقتدى به، وقدم وكيع أيضاً مسجد بيت المقدس فلم يعد فعل سفيان).
ثم قال أخيراً: (فعليكم بالاتباع لأئمة الهدى المعروفين، فقد قال بعد من مضى: كم من أمر هو اليوم معروف عند كثير من الناس كان منكراً عند من مضى) الخ. ((البدع والنهي عنها)) لابن وضاح القرطبي (ص: 43).
الوجه الرابع: أن منع هذا التبرك من باب سد الذريعة، ويمكن إيضاح ذلك من عدة وجوه:
أحدها: أن النهي عن هذا الفعل سد لذريعة الشرك والفتنة، فهو وسيلة إلى الفتنة بتلك المواضع، وتعظيمها، وربما أفضى ذلك إلى جعلها معابد.
الثاني: أن ذلك الفعل يشبه الصلاة عند المقابر، إذ هو ذريعة إلى اتخاذ تلك الآثار مساجد.
والنصوص الشرعية تحرم اتخاذ قبور الأنبياء مساجد
الثالث: أن هذا الفعل ذريعة إلى التشبه بأهل الكتاب في أفعالهم، كما حذر عمر رضي الله عنه.
تنبيه: المقصود إتيان قبور شهداء أحد لزيارتهم والسلام عليهم، وفي كتاب ((الاعتصام)) للشاطبي (1/ 347) هكذا (ما عدا قباء وحده) نقلاً عن ابن وضاح.
الوجه الخامس: أن بركة ذوات الأنبياء والمرسلين لا تتعدى إلى الأمكنة الأرضية، والله أعلم، وإلا لزم أن تكون كل أرض وطئها النبي، أو جلس عليها، أو طريق مر بها تطلب بركتها، ويتبرك بها، وهذا لازم باطل قطعًا، فانتفى الملزوم إذاً.
- أسباب التبرك الممنوع
1 – الجهل بالدين, وفي هذا بيان لأهمية العلم لأنه سبب النجاة وأن الجهل سبب الهلاك.
2 – التشبه بالكفار, وفيها الحذر كل الحذر من اتباع طرقهم فهي طرق الهلاك والفساد وقد نهينا عن التشبه بهم.
3 – تعظيم الآثار, المقصود بالآثار هنا: الآثار المكانية، ونحوها.
وقد تقدم أنه لا يجوز تعظيم مكان لم يعظمه الشرع، كما أن هذا التعظيم يجب أن يكون على وفق الشرع أيضاً، وما جاوز ذلك من التعظيم والتبرك بالأماكن فممنوع.
وقد لاحظنا … أن تعظيم الآثار المكانية وتقديسها هو السبب الباعث على التبرك بها وطلب الخير عندها.
4 – دعوة أهل البدع والأهواء وتأثير الفرق المبتدعة, فتجد أن أهل البدع يدعون إلى مثل هذه الأمور ويزينونها للعامة
لغرض من الأغراض كالجاه أو المال أو ما شابه ذلك.
5 – التمسك بالأحاديث الموضوع والواهية التي لا تقوم بها الحجة.
6 – قياس الممنوع من التبرك بالمشروع وهذا والذي قبله راجع بالسبب الأول وهو الجهل بالدين.
- آثار التبرك الممنوع
لاشك أن التبرك الممنوع يفضي إلى شرور كثيرة، اعتقادية وعملية، وإلى مفاسد عظيمة، دينية ودنيوية، فله آثار سيئة وخطيرة.
وسأتكلم عن أهم هذه الآثار
أولا: الشرك:
من آثار التبرك الممنوع: الشرك، والمقصود به الشرك الأكبر.
وهو أعظم الآثار وأشدها خطراً، كيف لا وهو أكبر الكبائر، يخرج من ملة الإسلام ويحصل ذلك يحصل من إحدى حالتين:
الأولى: أن يكون التبرك الممنوع في حد ذاته شركاً.
ومن أبرز الأمثلة على ذلك: التبرك بالأموات – من الأنبياء والصالحين وغيرهم – في دعائهم لقضاء الحاجات الدينية أو الدنيوية
الحالة الثانية: أن يؤدي التبرك الممنوع إلى الشرك، فيكون التبرك الممنوع من وسائله، ويكون الشرك من نتائج التبرك الممنوع ومن آثاره. فالتبرك بأمكنة وآثار الأنبياء والصالحين، وتعظيمها وتقديسها. معتقدا أن البركة من الله
فإن هذه الأمور ونحوها من أعظم الذرائع والأسباب المؤدية إلى وقوع الشرك بأصحاب القبور والآثار في وقت من الأوقات مع تطاول الأيام.
ثانياً: أنه بدعة في الدين
ثالثاً: كما أن التبرك الممنوع بدعة في حد ذاته فهو أيضاً يجر إلى بدع أخرى.
وأكتفي هنا من الشواهد على ذلك بمثالين فقط.
أحدهما: أن من النتائج السيئة للتبرك الممنوع بقبور الأنبياء والصالحين بناء المساجد عليها، وبناء القباب فوقها، وزخرفة القبور وتشييدها، وكذا بناء المساجد على آثار الأنبياء والصالحين.
الثاني: أن التبرك الممنوع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته قد أدى إلى إحداث عيد المولد النبوي والاحتفال به، ثم تدرج الأمر، فأقيمت الاحتفالات لأعياد أخرى كثيرة مبتدعة، في مواسم متفرقة، كليلة الإسراء والمعراج, وذكرى الهجرة، وغير ذلك من الأعياد المبتدعة التي تفعل باسم الدين، وكأنها من شعائر الإسلام، والتي يزداد عددها مع مرور الأيام.
رابعا: اقتراف المعاصي:
ما تتضمنه غالباً أعياد المولد النبوي، وأعياد موالد الأولياء، وكذا الأعياد المبتدعة الأخرى من أنواع المعاصي والمنكرات الظاهرة.
ومنها استعمال الأغاني وآلات اللهو والطرب، وما يتبع ذلك من الرقص.
وإقامة حلقات الذكر على الوجه المحرم شرعاً، مع قلة احترام كتاب الله تعالى.
ومنها اختلاط الرجال بالنساء، وما ينتج عن ذلك من الفتنة.
ومنها إضاعة الأموال وتبذيرها لإقامة الحفلات، والإسراف في إيقاد الشموع في المساجد والطرقات, ونفقات الزينة.
خامسا: الوقوع في أنواع من الكذب:
الأول: الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويتنوع الكذب هنا على الرسول صلى الله عليه وسلم: فقد يكون في أقواله، للاستدلال على شرعية التبرك ببعض الأمور، وهذا هو الكثير، وقد يكون الكذب في آثاره صلى الله عليه وسلم.
ومن نماذج الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في أقواله ما يأتي:
1 – إيراد الأخبار الموضوعة لأجل تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم في القصص التي تقرأ ليلة المولد النبوي.
2 – الأحاديث الموضوعة في فضل زيارة قبره صلى الله عليه وسلم.
3 – وضع الأحاديث في فضائل القبور كحديث: ((إذا أعيتكم الأمور فعليكم بالقبور)).
4 – الأحاديث المكذوبة في فضل الصخرة بالقدس.
5 – أحاديث فضل الجامع الأموي بدمشق ومضاعفة الصلاة فيه.
أما الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في آثاره فإن المقصود به ما قد ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم كذباً – لا سيما في العصر الحاضر – من آثاره الحسية، للتبرك بها، كشعراته مثلاً.
الثاني: الكذب على غير الرسول صلى الله عليه وسلم، كالكذب على الصحابة رضي الله عنهم، أو التابعين رحمهم الله، وغيرهم من الصالحين.
الثالث: الكذب في تعيين موضع التبرك.
ويكثر هذا النوع في تعيين مواضع قبور بعض الصالحين من الصحابة وغيرهم.
ولعل خير مثال على ذلك هو تعدد أسماء المدن التي يقال إن رأس الحسين بن علي رضي الله عنهما موجود فيها، فقد بلغ عددها ثمانية أسماء.
سادسا: ادعاء بركة بعض المواضع دون مستند شرعي.
ومن النماذج على ذلك: زعمهم أن دار خديجة رضي الله عنها بمكة أفضل المواضع بعد المسجد الحرام، وأن الدعاء يستجاب فيها.
سابعا: تحريف النصوص:
ومن الأمثلة على ذلك ما يأتي:
1 – استدلالهم على مشروعية التبرك بالمواضع التي صلى فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بحديث صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم في بيت عتبان بن مالك رضي الله عنه. وإنما طلب عتبان من النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة في بيته ليتذكر عبادة النبي صلى الله عليه وسلم. وإلا هو لم يدع أحد للتمسح بذلك المكان.
2 – استدلالهم على جواز اتخاذ المساجد على القبور بقوله تعالى في قصة أصحاب الكهف: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا [الكهف: 21].وقد رد الألباني هذه الشبهة في تحذير الساجد من ثلاثة أوجه منها: أن الظاهر أن هؤلاء من الذين حرفوا دين انبيائهم.
ثامنا: إضاعة السنن:
من المفاسد في الدين التي يشتمل عليها التبرك الممنوع إضاعة السنن. بل يؤدي لإضاعة الواجبات، فمما ضيعوا من الواجبات والسنن ما يأتي:
التبرك بقبور الأنبياء والصالحين، والعكوف عندها ومجاورتها، ونحو ذلك من المظاهر المبتدعة يشغل عن كثير من الفرائض والواجبات, والسنن المشروعة في الدين.
حتى لقد أصبح العكوف عند بعضهم في المسجد المبني على القبر أحب إليه من العكوف في المسجد الحرام، بل حرمة ذلك المسجد المبني على القبر الذي حرمه الله ورسوله أعظم عندهم من حرمة بيوت الله التي أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.
وبلغ الأمر ببعض الغلاة إلى تفضيل زيارة المشاهد التي على القبور على حج البيت الحرام، وإلى اعتقاد أن السفر لزيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من حج البيت
تاسعا: التغرير بالجهال، وإضلال الأجيال:
من الآثار السيئة للتبرك الممنوع أنه يؤدي إلى التغرير بالجهال وإضلالهم. فمن المعلوم أن هذا التبرك يحتوي على مظاهر بارزة جذابة.
ومن أكثر تلك المظاهر: الأبنية المقامة على بعض القبور، كالمساجد والقباب.
- بعض أنواع التبرك الجائز
– كان الصحابة يتبركون بجسده صلى الله عليه وسلم ويده ويمسحونها على أنفسهم رجاء البركة.
– وكان الصحابة يتبركون بما انفصل من جسده صلى الله عليه وسلم كالشعر والعرق.
وهذه الأمور جعل الله فيها البركة فالصحابة كانوا يستعملونها في العلاج
– وكان الصحابة يتبركون بما لبسه النبي صلى الله عليه وسلم وبفضل وضوءه صلى الله عليه وسلم.
- استدل بعض المتأخرين بأحاديث الباب على جواز التبرك بالصالحين وهو باطل لوجوه:
1 – أنه ما ورد إلا بحق النبي صلى الله عليه وسلم:
فأبو بكر وعمر وذو النورين عثمان وعلي، وبقية العشرة المبشرين بالجنة، وبقية البدريين، وأهل بيعة الرضوان، ما فعل السلف هذا مع واحد منهم فاقتصارهم على النبي يدل على أنه من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم. (قرره الشاطبي في الاعتصام)
2 – سد ذريعة الشرك، لأن جواز التبرك بآثار الصالحين يفضي إلى الغلو فيهم وعبادتهم من دون الله، فوجب المنع من ذلك.
3 – هذه من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم التي هي خاصة به أو بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام ولا يشاركه فيها عموم الناس.
4 – غير النبي صلى الله عليه وسلم قد يدخل في قلبه الرياء والعجب ويفسد قلبه بتبرك الناس به.
5 – غير النبي صلى الله عليه وسلم قد يظهر الاستقامة وهو فاسق فاجر وأما النبي صلى الله عليه وسلم فهو أكمل الناس إيمانا فلا يقاس ذاك بهذا فهذا قياس مع الفارق
6 – إجماع الصحابة والتابعين على ترك التبرك بغير النبي صلى الله عليه وسلم كما نبهنا في الوجه الأول وإجماعهم حجة قاطعة.
- أنواع التبرك المحرم بالصالحين.
- أ) التمسح بهم, ولبس ثيابهم, أو الشرب بعد شربهم طلباً للبركة.
- ب) تقبيل قبورهم، والتمسح بها، وأخذ ترابها طلباً للبركة، وقد حكى جمع من أهل العلم إجماع العلماء على أن هذا كله منهي عنه، وذكر بعض علماء الشافعية والحنفية أن هذه الأفعال من عادات النصارى، وذكر بعض علماء الشافعية وبعض علماء الحنفية أن استلام القبور تبركاً كبيرة من كبائر الذنوب. (راجع تحذير الساجد)
- ج) عبادة الله عند قبورهم تبركاً بها، معتقداً فضل التعبد لله تعالى عندها، وأن ذلك سبب لقبول هذه العبادة، وسبب لاستجابة الدعاء.
- هل يوجد شيء من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم في العصر الحاضر
يقول الشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله: (ونحن نعلم أن آثاره صلى الله عليه وسلم، من ثياب، أو شعر، أو فضلات، قد فقدت، وليس بإمكان أحد إثبات وجود شيء منها على وجه القطع واليقين) ((التوسل أنواعه وأحكامه)) للألباني (ص: 146)
- تنبيهات حول المسألة
– ينبغي على الإنسان أن يهتم بالشرع والدين وما جاء به سيد المرسلين ولا يكون همه وشغله الشاغل التبرك بالآثار فالنبي صلى الله عليه وسلم أرسل لتحقيق التوحيد والدعوة إلى إفراد الله عز وجل بالعبادة ولم يرسل لكي يتبرك به فقط وبآثاره.
وإن الأمر جائزا ومشروعا وفعله الصحابة على التفصيل المتقدم لكن ليس هذا هو السبب في خلق الله عز وجل للخلق بل خلقت لغاية هي أفضل الغايات وأعظمها وهي توحيد الله عز وجل بالعبادة وإخلاص الدين له سبحانه.
– بركة النبي صلى الله عليه وسلم من الله وليس من النبي صلى الله عليه وسلم فالله عز وجل هو الذي يجعل البركة فيما يشاء سبحانه وتعالى والنبي صلى الله عليه وسلم لا يستطيع أن يهدي أحدا ببركته حتى يشاء الله سبحانه وتعالى
وهذا يتبين لنا في عم النبي صلى الله عليه وسلم وفي بعض أقاربه فهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم ولمسوا النبي صلى الله عليه وسلم وجالسوه لكن لم يشأ الله عز وجل هدايتهم فما انتفعوا بشيء فلذلك ينبغي على العبد أن يعلق قلبه بالله واحد الأحد الصمد لا بمخلوقاته.
– الناس في هذا الباب يغلون غلوا شديدا حتى بعضهم يتبرك بالمسجد النبوي وبمكة وبعضهم بأهل الحجاز عموما وبعضهم بالصالحين فينبغي على طالب العلم وعلى الدعاة أن يضبطوا هذا الباب وأن يبينوا للناس هذه المسألة ببيان شاف كاف بالأدلة والبراهين.