19 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
شرح نورس الهاشمي
الذيل على الصحيح المسند:
مسند أحمد:
11780 حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ، حَدَّثَنَا مَسَرَّةُ بْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ، حَاجِبُ سُلَيْمَانَ قَالَ رَأَيْتُ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِيَّ قَائِمًا يُصَلِّي، مُعْتَمًّا بِعِمَامَةٍ سَوْدَاءَ، مُرْخٍ طَرَفَهَا مِنْ خَلْفِهِ، مُصْفَرَّ اللِّحْيَةِ، فَذَهَبْتُ أَمُرُّ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَرَدَّنِي: ثُمَّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فَصَلَّى صَلَاةَ الصُّبْحِ، وَهُوَ خَلْفَهُ، فَقَرَأَ، فَالْتَبَسَتْ عَلَيْهِ الْقِرَاءَةُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ قَالَ: ” لَوْ رَأَيْتُمُونِي وَإِبْلِيسَ، فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي، فَمَا زِلْتُ أَخْنُقُهُ حَتَّى وَجَدْتُ بَرْدَ لُعَابِهِ بَيْنَ إِصْبَعَيَّ هَاتَيْنِ الْإِبْهَامِ وَالَّتِي تَلِيهَا وَلَوْلَا دَعْوَةُ أَخِي سُلَيْمَانَ، لَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الْمَسْجِدِ، يَتَلَاعَبُ بِهِ صِبْيَانُ الْمَدِينَةِ، فَمَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ لَا يَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ أَحَدٌ فَلْيَفْعَلْ
11780 فيه مسرة بن معبد قال ابوحاتم شيخ ما به بأس وقال ابن حبان لا يجوز ان يحتج به اذا انفرد.
قلت سيف: وانا متوقف فيه
________
سترة المصلي في الصلاة
عن مَسَرَّة بن معبد: ثني أبو عبيد صاحب سليمان قال: رأيت عطاء بن يزيد الليثي قائماً يصلي معتماً بعمامة سوداء، مُرْخٍ طرفها من خلف، مصفِّراً اللحية، فذهبت أمرُّ بين يديه، فردني. ثم قال: ثني أبو سعيد الخدري:
أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قام فصلى صلاة الصبح وهو خلفه، فقرأ، فالتبست عليه القراءة، فلما فرغ من صلاته؛ قال: ” لو رأيتموني وإبليس، فأهويت بيدي، فما زلت أخنقه؛ حتى وجدت برد لعابه بين
أصبعي هاتين الإبهام والتي تليها ، ولولا دعوة أخي سليمان؛ لأصبح مربوطاً بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القبلة أحد؛ فليفعل “.]
قوله (مصفرا) من التصفير (لَوْ رَأَيْتُمُونِي وَإِبْلِيسَ) بالنصب عطف على المعطوف، وجعله مفعولًا معه بعيدًا (فَأَهْوَيْتُ بِيَدِي) أي: أخذته بيدي (بَرْدَ لُعَابِهِ) ظاهره: أن لعابه ليس على صفة النار في الحرارة مع خلقه منها، ولأنه ليس بنجس يمنع جواز الصلاة، وأن خنق الشيطان لا يبطل الصلاة، وقد جاء في غير هذا الحديث أنه خاطب باللعن، فيدل على أن خطاب الشيطان لا يبطلها أيضًا، ويرد هذا على إطلاق الفقهاء أن الفعل الكبير أو خطاب غير الله تعالى مفسد (لَأَصْبَحَ مَرْبُوطًا) لم يرد أن الدعوة منعت عن ربط الشيطان، لأنه يلزم منه عدم استجابتها، لأن الدعوة كانت بتمام الملك، وربط شيطان لا يوجب عدم استجابتها، وإنما أراد أنه كان من أخص ملك سليمان: ربط الشياطين والتصرف فيها، فربطه كان موهمًا لعدم استجابة الدعوة، فتركه دفعًا للإيهام الغير اللائق، والله تعالى أعلم. حاشية السندي على مسند الامام احمد.
قال ابن رجب: وفي هذا الحديث من العلم: أن دفع المؤذي في الصلاة جائز، وإن لم يندفع إلا بعنف وشدة دفع جاز دفعه بذلك. وقد سبق في دفع المار بين يدي المصلي، أنه ((إن أبى فليقاتله؛ فإنه شيطان)).
وهذا إذا كانَ أذاه يختص بالصلاة كالمار، والشيطان الملهي عن الصَّلاة وكذلك إن كانَ أذاه لايختص بالصلاة كالحية والعقرب.
وروى يحيى بن أبي كثير، عن ضمضم بن جوس، عن أبي هريرة، أن رسول الله (أمر بقتل الأسودين في الصلاة: الحية والعقرب). خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي.
وأخذ أكثر العلماء بهذا الحديث، ورخصوا في قتل الحية والعقرب في الصلاة، منهم: ابن عمر، والحسن، وهو قول أبي حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وغيرهم. وكرهه النخعي خاصة، ولعل السنة لم تبلغه في ذلك.
وقال سفيان: لابأس أن يقتل الرجل يعني: في صلاته الحية والعقرب والزنبور والبعوضة والبق والقمل، وكل ما يؤذيه.
وفي الحديث: دليل على إمكان ربط الشيطان وحبسه وإيثاقه، وعلى جواز ربطه في المسجد، كما يربط الأسير فيه، وعلى جواز رؤية غير الأنبياء للجن والشياطين، وتلاعب الصبيان بهم. فتح الباري (3/ 397 398) بتصرف يسير.
قال الألباني: قلت وفيه من الفقه وجوب اتخاذ السترة في الصلاة، ولو كان في مكان
يظن أنه لا يمر أحد بين يديه، كما نسمع ذلك من كثير من الناس حينما تأمرهم بالصلاة إلى سترة، فيستغربون ذلك ويبادروننا بقولهم: يا أخي ما في أحد!! فنذكرهم بهذه القصة وقوله تعالى في إبليس: (إنه يراكم هو وقَبِيلُهُ مِن حيثُ لا ترونهم) [الأعراف:27]. و (إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد) [ق: 37].السلسلة الصحيحة (13/ 54).
[السترة]
قال العباد: والسترة إما أن تكون عموداً، أو جداراً، وهذه من الأشياء الثابتة المستقرة، أو تكون من الأشياء المتحركة أو المتنقلة، كالحجر الكبير، أو العصا التي تغرز، أو الدابة ونحوها، فكل هذا تصلح أن تكون سترة. شرح سنن ابي داود
حكم السترة:
اختلف أهل العلم في سترة المصلي على قولين:
القول الأول: بالوجوب و هو قول الشوكاني و ابن حزم و الألباني والاثيوبي و هو الظاهر لقوة الأدلة
و القول الثاني: هو قول الجمهور وقول ابن باز والعثيمين والعباد.
و من أدلة القول الأول: عَن سهل بن أبي حثْمَة قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ إِلَى سُتْرَةٍ فَلْيَدْنُ مِنْهَا لَا يَقْطَعِ الشَّيْطَانُ عَلَيْهِ صَلَاتَهُ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، و صححه الألباني.
عن ابن عمر رضي الله عنهما يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تصل إلا إلى سترة، ولا تدع أحدا يمر بين يديك، فإن أبى فلتقاتله؛ فإن معه القرين» صحيح ابن خزيمة، حكم الألباني و قال سند جيد.
قال الشيخ علي القاري (1/ 491): ” واستفيد منه أن السترة تمنع استيلاء الشيطان على المصلي، وتَمَكُّنِهِ من قلبه بالوسوسة، إمَّا كُلاً أو بعضاً؛ بحسب صدق المصلي وإقباله في صلاته على الله تعالى، وأن يُمَكِّنُ الشيطانَ من إزلاله عما هو بصدده من الخشوع والخضوع وتدبره القراءة والذكر.
قلت: فانظر إلى متابعة السنة وما يترتب عليها من الفوائد الجمة “. انتهى.
و ” كان أحياناً يتحرى الصلاة عند الأُسْطُوَانَةِ التي في مسجده ” أخرجه البخاري (2/ 457)، ومسلم (2/ 59).
قال الشوكاني: وظاهر الأمر الوجوب فإن وجد ما يصرف هذه الأوامر عن الوجوب إلي الندب فذاك ولا يصلح للصرف قوله صلى الله عليه وسلم: “فإنه لا يضره ما مر بين يديه” [أحمد “2/ 249″، ابن ماجة “943”]، لأن تجنب المصلي لما يضره في صلاته ويذهب بعض أجرها واجب عليه.
قال الألباني: وإن مما يؤكد وجوبها أنها سبب شرعي لعدم بطلان الصلاة بمرور المرأة البالغة والحمار والكلب الأسود كما صح ذلك في الحديث ولمنع المار من المرور بين يديه وغير ذلك من الأحكام المرتبطة بالسترة وقد ذهب إلى القول بوجوبها الشوكاني في ” نيل الأوطار ” (3/ 2) و ” السيل الجرار ” (1/ 176) وهو الظاهر من كلام ابن حزم في ” المحلى ” (4/ 8 15)، تمام المنة (300).
قال الشيخ محمد آدم الاثيوبي: الراجح عندي ما قاله القاضي عياض رحمه الله تعالى من أن الخط لا يكفي في السترة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلمبَيَّنَ أقل مقدار السترة لمَّا سئل عنها، فلو كان يكفي أقل من ذلك لبينه، فاتضح بذلك أن ما كان أقل من مؤخرة الرحل لا يعتبر ساترًا للمصلي. والله أعلم. شرح المجتبى (9/ 328).
ومن ادلة القول الثاني:
وحمله جمهور الفقهاء على الاستحباب، بدليل حديث ابن عباس رضي الله عنهما، أنه قال: أقبلت راكباً على أتان، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام، ورسول الله صلى الله عليه وسلميصلي بالناس بمنى إلى غير جدار، فمررت بين يدي بعض الصف، فنزلت، وأرسلت الأتان ترتع، فدخلت في الصف، فلم ينكر ذلك عليّ أحد”. متفق عليه.
قال الشافعي رحمه الله تعالى: المراد بقوله: “إلى غير جدار” إلى غير سترة. قال الحافظ رحمه الله: وسياق الكلام يدل على ذلك؛ لأن ابن عباس أورده في معرض الاستدلال على أن المرور بين يدي المصلي لا يقطع صلاته. ويؤيده رواية البزار بلفظ: “والنبي صلى الله عليه وسلميصلي المكتوبة، ليس لشيء يستره”. اهـ “فتح”. جـ 1 ص 231.
قال الجامع: حديث ابن عباس رضي الله عنهما لا يصلح لصرف الأمر إلى الاستحباب؛ لأن التفسير المذكور غير متفق عليه، حيث إن بعض أهل العلم فسره بأنه صلى إلى سترة غير جدار، وهو الذي يدل عليه عمل البخاري حيث استدل بالحديث على أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، وقد تبعه النووي فقال في شرح مسلم في كلامه على فوائد هذا الحديث: “فيه أن سترة الإمام سترة لمن خلفه”.
وعندي أن حمل قول ابن عباس رضي الله عنهما: “إلى غير جدار” على ظاهره كما فهمه البخاريهو المتعين، فيكون المراد أنه صلى إلى سترة غير جدار، ولا تنافيه رواية البزار “إلى غير سترة” لإمكان حملها على سترة عريضة تستر الصفوف، أو هي رواية بمعنى ما فهمه الراوي.
والحاصل أنه أراد بذلك أن سترته غير كافية للصفوف؛ إذ لو صلى إلى جدار لستره، وستر الصفوف، فالظاهر أن ابن عباس رضي الله عنه لا يرى سترة الإمام سترة لمن خلفه.
وجملة الأمر أن الاستدلال بهذا الحديث على صرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب غير صحيح. والله أعلم. ذخيرة العقبى في شرح المجتبى (9/ 335 – 336).
قلت: ومن أدلتهم جعلوا الوجوب مصروفا للندب حديث الخط، والحديث ضعفه النووي والعراقي وابن الصلاح والالباني وقال عنه مضطرب.
قال النووي رحمه الله تعالى: وحديث الخط رواه أبو داود، وفيه ضعف، واضطراب، واختلف قول الشافعي رحمه الله تعالى فيه، فاستحبه في سنن حرملة، وفي القديم، ونفاه في البويطي. وقال جمهور أصحابنا باستحبابه، وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط. والله أعلم. اهـ.
تنبيه: {قلت: والسترة لا بد منها للإمام والمنفرد؛ ولو في المسجد الكبير. قال ابن هانئ في ” مسائله عن الإمام أحمد ” (1/ 66): ” رآني أبو عبد الله (يعني: الإمام أحمد) يوماً وأنا أصلي، وليس بين يدي سترة وكنت معه في المسجد الجامع ؛ فقال لي: استتر بشيء. فاستترت برجل “. اصل الصفة (1/ 116).
[الحكمة من السترة]
قال العلماء والحكمة في السترة كف البصر عما وراءه ومنع من يجتاز بقربه. شرح النووي على مسلم (4/ 216).
عن أبي جهيم بن الحارث رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الإثم لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه» متفق عليه. واللفظ للبخاري، ووقع في البزار من وجه آخر ” أربعين خريفا “.
[مقدار السترة]:
عن موسى بن طلحة، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا وضع أحدكم بين يديه مثل مؤخرة الرحل فليصل، ولا يبالي من مر وراء ذلك». [حكم الألباني]: حسن صحيح
قال الحافظ في الفتح اعتبر الفقهاء مؤخرة الرحل في مقدار أقل السترة واختلفوا في تقديرها بفعل ذلك فقيل ذراع وقيل ثلثا ذراع وهو أشهر لكن في مصنف عبد الرزاق عن نافع أن مؤخرة رحل بن عمر كانت قدر ذراع انتهى
وقال النووي في شرح مسلم في هذا الحديث بيان أن أقل السترة مؤخرة الرحل وهي قدر عظم الذراع هو نحو ثلثي ذراع ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه هكذا وشرط مالك أن يكون في غلظ الرمح انتهى. تحفة الأحوذي (2/ 253).
هل من حق المصلي الذي ليس له سترة أن يمنع المرور بين يديه؟
سئل العباد حفظه الله:
الجواب نعم، له أن يمنع المرور فيما بينه وبين موضع سجوده، وإذا كان المار بمسافة تزيد على ثلاثة أذرع فلا يمنعه.
[بين موضع سجوده والجدار ممر شاة]
وعن سهل بن سعد قال: (كان بين مصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبين الجدار ممر شاة) متفق عليه.
[قال الالباني في سلسلة الهدى والنور مقدار المسافة من شبر ونصف الى شبرين]
قلت سيف: تنبيه: رواية (والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي إلى غير شئ يستره)
قال بعض مشايخنا: أخرجها ابن خزيمة 838 وفيها عبدالكريم بن أبي المخارق ضعيف جدا،
وكذلك رواية (أكان بين يديه عنزة؟ قال: لا). من حديث ابن عباس، لكن علي بن الجعد وإن كان ثقة فقد خالفه عفان ومحمد بن جعفر عن شعبة فلم يذكراها، وكذلك يحيى الجزار لم يسمعه من ابن عباس بينهما ابو الصهباء، وحين ذكر الواسطة لم يذكر الزيادة. انتهى