19 – بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ سُلَيْمٍ، أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبِلَالٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا
104 – (2455) حَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَا يَدْخُلُ عَلَى أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِ، إِلَّا أُمِّ سُلَيْمٍ، فَإِنَّهُ كَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهَا، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: «إِنِّي أَرْحَمُهَا قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي»
105 – (2456) وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ يَعْنِي ابْنَ السَّرِيِّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ” دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ”
106 – (2457) حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَرَجِ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ، أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ امْرَأَةَ أَبِي طَلْحَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً أَمَامِي فَإِذَا بِلَالٌ»
الفوائد
======
تنبيه: شرح الأحاديث سيأتي إن شاء الله ضمن ترجمة بلال وأم سليم:
بسم الله الرحمن الرحيم
أم سليم
أولاً: اسمها ونسبها: هي ((أُمُّ سُلَيْمٍ الغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ الأَنْصَارِيَّةُ * (خَ، م، د، ت، س) وَيُقَالُ: الرُّمَيْصَاءُ. – وَيُقَالُ: سَهْلَةُ، وَيُقَالُ: أُنَيْفَةُ، وَيُقَالُ: رُمَيْثَةُ – بِنْتُ مِلْحَانَ بنِ خَالِدِ، بنِ زَيْدِ بنِ حَرَامِ، بنِ جُنْدُبِ بنِ عَامِرِ، بنِ غَنْمِ بنِ عَدِيِّ، بنِ النَّجَّارِ)، الأَنْصَارِيَّةُ، الخَزْرَجِيَّةُ. [انظر سير أعلام النبلاء للذهبي]
وهي أم أنس بن مالك رضي الله عنه خَادِمِ النَّبِيِّ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مشهورة بكنيتها، واختلف في اسمها، فقيل: سهلة. وقيل رميلة. وقيل رميثة.
وقيل مليكة، ويقال الغميصاء أَوِ الرميصاء الإصابة 8/ 227، والاستيعاب
وأختها: أم حرام – قال ابن عبد البر: لا أقف لها على اسم صحيح-.
أَخُوْهَا هُوَ حَرَامُ بنُ مِلْحَانَ الشَّهِيْدُ، الَّذِي قَالَ يَوْمَ بِئْرِ مَعُوْنَةَ: فُزْتُ وَرَبِّ الكَعْبَةِ، لَمَّا طُعِنَ مِنْ وَرَاءِهِ، فَطَلَعَتِ الحَرْبَةُ مِنْ صَدْرِهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.
وقول ابن ملحان: ” فزت ورب الكعبة ” أخرجه البخاري 7/ 297، 299، ومسلم (677) ص 1511، وأحمد 3/ 137 و210 و270 و289. [انظر سير أعلام النبلاء للذهبي، مع الحاشية].
وكانت من فضلاء النساء وعقلائهن.
ثانياً: قصة زواجها:
تزوجها مالك بن النضر، فولدت له أنس بن مالك، ثم قتل فخطبها ابو طلحة.، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا أَبُو طَلْحَةَ زَيْدُ بنُ سَهْلٍ الأَنْصَارِيُّ، فَوَلَدَتْ لَهُ أَبَا عُمَيْرٍ، وَعَبْدَ اللهِ، شَهِدَتْ حُنَيْناً وَأُحُداً، مِنْ أَفَاضِلِ النِّسَاءِ. [سير أعلام النبلاء]
قال أبو عمر ابن عبد البر في (الاستيعاب في معرفة الصحابة): كانت تحت مالك بْن النضر أبي أنس بْن مالك فِي الجاهلية، فولدت له أنس بْن مالك، فلما جاء اللَّه بالإسلام أسلمت مَعَ قومها وعرضت الإسلام عَلَى زوجها، فغضب عليها، وخرج إِلَى الشام، فهلك هناك، ثم خلف عليها بعده أَبُو طلحة الأَنْصَارِيّ، خطبها مشركًا. فلما علم أنه لا سبيل له إليها إلا بالإسلام أسلم وتزوجها وحسن إسلامه. فولد له منها غلام كَانَ قد أعجب به فمات صغيرًا، فأسف عَلَيْهِ. ويقال: إنه أَبُو عمير صاحب النغير، ثم ولدت له عَبْد اللَّهِ بْن أبي طلحة، فبورك فيه، وهو والد إسحاق ابن عَبْد اللَّهِ بْن أبي طلحة الفقيه وإخوته، وكانوا عشرة، كلهم حمل عنه العلم. انتهى.
وفي سير أعلام النبلاء، جاء: عن هَمَّامُ بنُ يَحْيَى: عَنْ إِسْحَاقَ بنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ سُلَيْمٍ: أَنَّهَا آمَنَتْ بِرَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
قَالَتْ: فَجَاءَ أَبُو أَنَسٍ وَكَانَ غَائِباً، فَقَالَ: أَصَبَوْتِ؟
فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ، وَلَكِنِّي آمَنْتُ.
وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ، قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلَ اللهِ، فَفَعَلَ، فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي.
فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ أُفْسِدُهُ.
فَخَرَجَ مَالِكٌ، فَلَقِيَهُ عَدُوٌّ لَهُ، فَقَتَلَهُ.
فَقَالَتْ: لاَ جَرَمَ، لاَ أَفْطِمُ أَنَساً حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ، وَلاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَامُرُنِي أَنَسٌ.
فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ، وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ، فَأَبَتْ. [أخرجه ابن سعد]
وهذا فيه ما كان يعلمه الصحابة لأبنائهم في الصغر.
قلت سيف بن دورة: إسحاق بن عبدالله بن أبي طلحة من الطبقة الرابعة روايته عن جدته مرسلة بينهما عكرمة كما في الجامع للمراسيل. راجع علل أبي حاتم 163 حيث حكم أبوحاتم بأنه لم يسمع منها حديثا آخر
وكذلك الدارقطني 2342
وجاء في (السير) عن خَالِدُ بنُ مَخْلَدٍ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بنُ مُوْسَى، عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ:
خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي قَدْ آمَنْتُ، فَإِنْ تَابَعْتَنِي تَزَوَّجْتُكَ.
قَالَ: فَأَنَا عَلَى مِثْلِ مَا أَنْتِ عَلَيْهِ. فَتَزَوَّجَتْهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، وَكَانَ صَدَاقَهَا الإِسْلاَمُ.
قال محقق سير أعلام النبلاء في الحاشية: رجاله ثقات خلا خالد بن مخلد وهو القطواني، فقد قال الحافظ في “التقريب”: صدوق له أفراد: وهو في ” طبقات ابن سعد ” 8/ 426.
وورد من طريق جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس وفيه (ولا يحل لي أن أتزوجك)
وهذه الزيادة أوردها مقبل في الصحيح المسند 98. وكذلك أورد الطريق التالية عند النسائي من طريق قتيبة
وأخرجه النسائي 6/ 114 في النكاح: باب التزويج على الإسلام من طريق قتيبة، عن محمد بن موسى، عن عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس قال: تزوج أبو طلحة أم سليم، فكان صداق ما بينهما الإسلام، أسلمت أم سليم قبل ابي طلحة فخطبها، فقالت: إني قد أسلمت، فإن أسلمت، نكحتك، فأسلم، فكان صداق ما بينهما.
[وهذا سند صحيح]. سير 2/ 20. انتهى.
ونقلنا اعلال العراقي للفظة (ولا يحل لي أن أتزوجك) قال المعروف بأن تحريم المسلمات على الكفار إنما نزل بين الحديبية وبين فتح مكة وإسلام أبي طلحة في أوائل الهجرة … والاثيوبي نقل أن جعفر بن سليمان عنده مناكير
فهذه اللفظة شاذة تصلح على أحاديث معلة ظاهرها الصحة. وبقية الحديث صحيح
قال ابن حجر في شرح باب من هاجر أو عمل خيرا لتزوج امرأة فله ما نوى: وعزاه للنسائي وقال: ووجه دخوله أن أم سليم رغبت في تزوج أبي طلحة ومنعها من ذلك كفره فتوصلت إلى بلوغ غرضها ببذل نفسها فظفرت بالخيرين. انتهى
ثالثاً: قصة مع ولدها:
أخرجه مسلم (2144) في الآداب، من طريق عبد الأعلى بن حماد، عن حماد بن سلمة، عن ثابت عن أنس قال: ذهبت بعبد الله بن أبي طلحة الأنصاري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولد، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في عباءة يهنأ بعيرا له، فقال: هل معك تمر؟ فقلت: نعم، فناولته تمرات، فألقاهن في فيه، فلاكهن، ثم فغر فا الصبي، فمجه في فيه، فجعل الصبي يتلمظه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” حب الأنصار التمر ” وسماه عبد الله.
ويتلمظ: يحرك لسانه يتتبع ما في فيه من آثار التمر استطابة له، وتلذذا به.
وجاء في (السير): قَالَ حُمَيْدٌ: قَالَ أَنَسٌ: ثَقُلَ ابْنٌ لأُمِّ سُلَيْمٍ، فَخَرَجَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى المَسْجِدِ، فَتُوُفِّيَ الغُلاَمُ، فَهَيَّأَتْ أُمُّ سُلَّيْمٍ أَمْرَهُ، وَقَالَتْ: لاَ تُخْبِرُوْهُ. فَرَجَعَ، وَقَدْ سَيَّرَتْ لَهُ عَشَاءهُ، فَتَعَشَّى، ثُمَّ أَصَابَ مِنْ أَهْلِهِ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، قَالَتْ:
يَا أَبَا طَلْحَةَ! أَلَمْ تَرَ إِلَى آلِ أَبِي فُلاَنٍ اسْتَعَارُوا عَارِيَّةً، فَمَنَعُوْهَا، وَطُلِبَتْ مِنْهُم، فَشَقَّ عَلَيْهِم؟
فَقَالَ: مَا أَنْصَفُوا.
قَالَتْ: فَإِنَّ ابْنَكَ كَانَ عَارِيَّةً مِنَ اللهِ، فَقَبَضَهُ.
فَاسْتَرْجَعَ، وَحَمِدَ اللهَ، فَلَمَّا أَصْبَحَ غَدَا إِلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمَّا رَأَىهُ، قَالَ: (بَارَكَ اللهُ لَكُمَا فِي لَيْلَتِكُمَا).
فَحَمَلَتْ بِعَبْدِ اللهِ بنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَوَلَدَتْ لَيْلاً، فَأَرْسَلَتْ بِهِ مَعِي، وَأَخَذْتُ تَمَرَاتٍ عَجْوَةٍ، فَانْتَهَيْتُ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَهْنَأُ أَبَاعِرَ لَهُ، وَيَسِمُهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُوْلَ اللهِ! وَلَدَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ اللَّيْلَةَ.
فَمَضَغَ بَعْضَ التَّمَرَاتِ بِرِيْقِهِ، فَأَوْجَرَهُ إِيَّاهُ، فَتَلَمَّظَ الصَّبِيُّ، فَقَالَ: (حِبُّ الأَنْصَارِ التَّمْرُ).
فَقُلْتُ: سَمِّهِ يَا رَسُوْلَ اللهِ. قَالَ: (هُوَ عَبْدُ اللهِ). [قال محقق السير: إسناده صحيح، وهو في ” الطبقات ” 8/ 431، 432 من طريق محمد بن عبد الله الأنصاري وعبد الله بن بكر السهمي، عن حميد به. وأخرجه البخاري 9/ 509].
وَرَوَى: سَعِيْدُ بنُ مَسْرُوْقٍ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبَايَةَ بنِ رِفَاعَةَ، قَالَ: كَانَتْ أُمُّ أَنَسٍ تَحْتَ أَبِي طَلْحَةَ … ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ، وَفِيْهِ:
فَقَالَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمَا فِي لَيْلَتِهِمَا).
قَالَ عَبَايَةُ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ لِذَلِكَ الغُلاَمِ سَبْعَ بَنِيْنَ، كُلُّهُمْ قَدْ خَتَمَ القُرْآنَ. [قال محقق السير: أخرجه ابن سعد 8/ 434 من طريق سعيد بن منصور، عن أبي الاحوص بهذا الإسناد. ورجاله ثقات.]
قلت سيف بن دورة: أخرجه أحمد 12028 هو على شرط الذيل على الصحيح المسند. وهو في الصحيحين وعند أحمد زيادات كما سيأتي بيانها في شرح الحديث في فضائل أبي طلحة.
رابعاً: لها صحبة ورواية:
قال الذهبي: رَوَتْ: أَرْبَعَةَ عَشَرَ حَدِيْثاً، اتَّفَقَا لَهَا عَلَى حَدِيْثٍ، وَانْفَرَدَ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثٍ، وَمُسْلِمٌ بِحَدِيْثَيْنِ. [انظر البخاري 1/ 331، 332 ومسلم (311) و (2332) والبخاري 11/ 117 ومسلم (2480).].
وقال أبو نعيم في (معرفة الصحابة): رَوَتْ عَنْهَا عَائِشَةُ، وَأُمُّ سَلَمَةَ، وَخَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَأَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ.
- قال عبد الله بن أحمد: وجدت في كتاب أبي: ممن روى عن النبي صلى الله عليه وسلم من نساء أهل المدينة وذكر منهن: أم سليم أم أنس بن مالك، بنت ملحان. «العلل» (5784).
خامساً: فضائل أم سليم رضي الله عنها:
1 – زيارة النبي صلى الله عليه وسلم لها، والمبيت عندها دون النساء سوى أزواجه.
حديث أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ بَيْتًا بِالْمَدِينَةِ، غَيْرَ بَيْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ، إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِ فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ: «إِنِّي أَرْحَمُهَا، قُتِلَ أَخُوهَا مَعِي».
[متفق عليه: أخرجه البخاري في 56 كتاب الجهاد والسير، 38 باب فضل من جهز غازيًا أو خلفه بخير، ومسلم في44 كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، 19 باب من فضائل أم سليم، أم أنس بن مالك، وبلال، رضي الله عنهما، حديث رقم 2455].
قال النووي في شرحه: ” قَدْ قَدَّمْنَا فِي كِتَابِ الْجِهَادِ عِنْدَ ذِكْرِ أُمِّ حَرَامٍ أُخْتِ أُمِّ سُلَيْمٍ أَنَّهُمَا كَانَتَا خَالَتَيْنِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْرَمَيْنِ، إِمَّا مِنَ الرَّضَاعِ، وَإِمَّا مِنَ النَّسَبِ فَتَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَةُ بِهِمَا.
وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا خَاصَّةً لَا يَدْخُلُ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا أَزْوَاجِهِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ:
فَفِيهِ: جَوَازُ دُخُولِ الْمَحْرَمِ عَلَى مَحْرَمِهِ.
وَفِيهِ: إِشَارَةٌ إِلَى مَنْعِ دُخُولِ الرَّجُلِ إِلَى الْأَجْنَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ صَالِحًا، وَقَدْ تَقَدَّمَتِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ فِي تَحْرِيمِ الْخَلْوَةِ بِالْأَجْنَبِيَّةِ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: أَرَادَ امْتِنَاعَ الْأَمَةِ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى الْأَجْنَبِيَّاتِ.
فِيهِ: بَيَانُ مَا كَانَ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الرَّحْمَةِ، وَالتَّوَاضُعِ، وَمُلَاطَفَةِ الضُّعَفَاءِ.
وَفِيهِ: صِحَّةُ الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الِاسْتِثْنَاءِ، وَقَدْ رَتَّبَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا مَسَائِلَ فِي الطَّلَاقِ، وَالْإِقْرَارِ، وَمِثْلُهَ فِي الْقُرْآنِ: {إِنَّا أُرْسِلْنَا إِلَى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا امْرَأَتَهُ} قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”. انتهى.
فرع: إشكال والرد عليه: أن الحديث يدل أن الخلوة جائزة:
أولاً: الأحاديث الواردة.
أ – هذا الحديث.
ب – ما رواه البخاري (2789) ومسلم (1912) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، – وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَاسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ)) أَوْ ((مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ))، – شَكَّ إِسْحَاقُ -، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ وَضَعَ رَاسَهُ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ، وَهُوَ يَضْحَكُ. فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ،-كَمَا قَالَ فِي الأَوَّلِ-، قَالَتْ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ، قَالَ: ((أَنْتِ مِنْ الأَوَّلِينَ)).
فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ.
ج – جاء عند مسلم: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا – وَلَيْسَتْ فِيهِ-.
قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا، فَأُتِيَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ فِي بَيْتِكِ عَلَى فِرَاشِكِ، قَالَ: فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ عَلَى الْفِرَاشِ، فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا، فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ، فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا، فَفَزِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((مَا تَصْنَعِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟)) فَقَالَتْ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا”. قَالَ: ((أَصَبْتِ)).
وغيرها من الأحاديث الواردة في هذا.
ثانياً: جاوب العلماء على هذا الإشكال والشبهة من عدة جوانب:
قال النووي رحمه الله:” اتفق العلماء على أن أم حرام كانت محرما له صلى الله عليه وسلم. واختلفوا في كيفية ذلك، فقال ابن عبد البر وغيره: كانت إحدى خالاته من الرضاعة. وقال آخرون: بل كانت خالة لأبيه أو لجده؛ لأن عبد المطلب كانت أمه من بنى النجار”. انتهى.
وقال أيضاً: ” أُمّ حَرَام أُخْت أُمّ سُلَيْم، وقد كَانَتَا خَالَتَيْنِ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَحْرَمَيْنِ إِمَّا مِنْ الرَّضَاع, وَإِمَّا مِنْ النَّسَب, فَتَحِلُّ لَهُ الْخَلْوَة بِهِمَا, وَكَانَ يَدْخُلُ عَلَيْهِمَا خَاصَّةً, لا يَدْخُلُ عَلَى غَيْرهمَا مِنْ النِّسَاء إِلا أَزْوَاجه”. انتهى.
وقال ابن الجوزي: سمعت بعض الحفاظ يقول: كانت أم سليم أخت آمنة بنت وهب، أم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، قال ابن عبد البر: وأيهما كان فهي محرم له.
وقال بعضهم: لم تكن أم حرام محرما له صلى الله عليه وسلم، ولكن من خصوصياته صلى الله عليه وسلم ذلك؛ لأنه كان يملك إربه عن زوجته، فكيف عن غيرها مما هو المنزه عنه، وهو المبرأ عن كل فعل قبيح، وعن قول الرفث، ورد القاضي عياض هذا القول بأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال، وثبوت العصمة مسلم، لكن الأصل عدم الخصوصية، وجواز الاقتداء به في أفعاله حتى يقوم على الخصوصية دليل، ومال الحافظ ابن حجر إلى هذا القول، فقال: وأحسن الأجوبة دعوى الخصوصية، ولا يردها كونها لا تثبت إلا بدليل؛ لأن الدليل على ذلك واضح.
ثم قال الدمياطي: على أنه ليس في الحديث ما يدل على الخلوة بأم حرام، ولعل ذلك كان مع ولد أو خادم أو زوج أو تابع، والعادةُ تقتضي المخالطة بين المخدوم وأهل خادم، سيما كنَّ مسنات مع ما ثبت له عليه الصلاة والسلام من العصمة.
قال الحافظ ابن حجر: وهو احتمال قوي، لكنه لا يدفع الإشكال من أصله، لبقاء الملامسة في تفلية الرأس وكذا النوم في الحجر. اهـ.
وقال ابن العربي: يحتمل أن ذلك كان قبل الحجاب، ورد بأن ذلك كان بعد الحجاب قطعا، فقد كان هذا بعد حجة الوداع، وكان الحجاب في زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش.
مسألة: وقد جمع الحافظ ابن حجر بين ما ذكر من زيارة أم سليم، وزيارة أم حرام، فقال ما حاصله: إنهما أختان كانتا في دار واحدة، وكانت كل واحدة منهما في بيت من تلك الدار، وحرام بن ملحان أخوهما معا، فالعلة مشتركة فيهما، وقد انضم إلى العلة المذكورة -علة الرحمة- كون أنس خادم النبي صلى الله عليه وسلم وقد جرت العادة بمخالطة المخدوم خادمه وأهل خادمه، ورفع الحشمة التي تقع بين الأجانب عنهم.
قلت سيف بن دورة: وتوسعنا في دفع شبهة الخلوة في مشكل الحديث.
2 – دخولها الجنة:
عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ((دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَسَمِعْتُ خَشْفَةً، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: هَذِهِ الْغُمَيْصَاءُ بِنْتُ مِلْحَانَ – أُمُّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -)).
[أخرجه مسلم في صحيحه، 44 كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، 19 باب من فضائل أم سليم، أم أنس بن مالك، وبلال، رضي الله عنهما، حديث رقم 2456].
وعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُرِيتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ امْرَأَةَ أَبِي طَلْحَةَ، ثُمَّ سَمِعْتُ خَشْخَشَةً أَمَامِي فَإِذَا بِلَالٌ»
[أخرجه مسلم في صحيحه، 44 كتاب فضائل الصحابة رضي الله تعالى عنهم، 19 باب من فضائل أم سليم، أم أنس بن مالك، وبلال، رضي الله عنهما، حديث رقم (2457)].
قال النووي في شرحه: ” أَمَّا (الْخَشْفَةُ) فَبِخَاءٍ مَفْتُوحَةٍ، ثُمَّ شِينٍ سَاكِنَةٍ، مُعْجَمَتَيْنِ، وَهِيَ: حَرَكَةُ الْمَشْيِ وَصَوْتُهُ. وَيُقَالُ أَيْضًا: بِفَتْحِ الشِّينِ.
(وَالْغُمَيْصَاءُ): بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَبِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ مَمْدُودَةٌ، وَيُقَالُ لَهَا: الرُّمَيْصَاءُ أَيْضًا، وَيُقَالُ: بالسين. قال بن عبد البر: أم سُلَيْمٍ هِيَ الرُّمَيْصَاءُ، وَالْغُمَيْصَاءُ، وَالْمَشْهُورُ فِيهِ الْغَيْنُ.
وَأُخْتُهَا أُمُّ حَرَامٍ الرُّمَيْصَاءُ، وَمَعْنَاهُمَا مُتَقَارِبٌ، وَالرَّمْصُ وَالْغَمْصُ: قَذًى يَابِسٌ وَغَيْرُ يَابِسٍ يَكُونُ فِي أَطْرَافِ الْعَيْنِ. وَهَذَا مَنْقَبَةٌ ظَاهِرَةٌ لِأُمِّ سُلَيْمٍ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”. انتهى.
قال السيوطي رحمه الله عند ((خشخشة)): ” هي صوت الشيء اليابس إذا حك بعضه بعضا “. انتهى.
3 – دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأختها أم حرام:
ما جاء في البخاري (2789) ومسلم (1912) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ، – وَكَانَتْ أُمُّ حَرَامٍ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ -، فَدَخَلَ عَلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَطْعَمَتْهُ، وَجَعَلَتْ تَفْلِي رَاسَهُ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَضْحَكُ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَمَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: ((نَاسٌ مِنْ أُمَّتِي عُرِضُوا عَلَيَّ غُزَاةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ)) أَوْ ((مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ))، – شَكَّ إِسْحَاقُ -، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهمْ، فَدَعَا لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ …
فَرَكِبَتْ الْبَحْرَ فِي زَمَانِ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنْ الْبَحْرِ فَهَلَكَتْ.
” فقه الحديث:
قال القاضي: وروي عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز منع ركوبه، وقيل: إنما منعاه للتجارة وطلب الدنيا، لا للطاعات، وقد روي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم النهي عن ركوب البحر إلا لحاج أو معتمر أو غاز، وضعف أبو داود هذا الحديث، وقال: رواته مجهولون.
4 – تبركها بعرق النبي صلى الله عليه وسلم أو (تصنع من عرق رسول الله صلى الله عليه وسلم عطراً وطيباً)
جاء عند مسلم: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْخُلُ بَيْتَ أُمِّ سُلَيْمٍ، فَيَنَامُ عَلَى فِرَاشِهَا – وَلَيْسَتْ فِيهِ-.
قَالَ: فَجَاءَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَنَامَ عَلَى فِرَاشِهَا، فَأُتِيَتْ فَقِيلَ لَهَا: هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَامَ فِي بَيْتِكِ عَلَى فِرَاشِكِ، قَالَ: فَجَاءَتْ وَقَدْ عَرِقَ وَاسْتَنْقَعَ عَرَقُهُ عَلَى قِطْعَةِ أَدِيمٍ عَلَى الْفِرَاشِ، فَفَتَحَتْ عَتِيدَتَهَا، فَجَعَلَتْ تُنَشِّفُ ذَلِكَ الْعَرَقَ، فَتَعْصِرُهُ فِي قَوَارِيرِهَا، فَفَزِعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: ((مَا تَصْنَعِينَ يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟)) فَقَالَتْ: “يَا رَسُولَ اللَّهِ نَرْجُو بَرَكَتَهُ لِصِبْيَانِنَا”. قَالَ: ((أَصَبْتِ)).
فيه: بركة عرقه صلى الله عليه وسلم.
((استنقع)) أي اجتمع. استخرجت قال ابن الأثير في شرح حديث ((إذا استنقعت نفس المؤمن جاءه ملك الموت)) أي: إذا اجتمعت في فيه تريد الخروج، كما يستنقع الماء في قراره. ((عتيدتها)) أي كالصندوق الصغير تجعل المرأة فيه ما يعز من متاعها. ((ففزع))، أي: استيقظ من نومه.
وجاء أيضاً عند مسلم في [صحيحه، كما في كتاب الفضائل، 22 باب طيب عرق النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك به] عدة أحاديث وهي:
– عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: دَخَلَ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عِنْدَنَا، فَعَرِقَ، وَجَاءَتْ أُمِّي بِقَارُورَةٍ، فَجَعَلَتْ تَسْلِتُ الْعَرَقَ فِيهَا، فَاسْتَيْقَظَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا الَّذِي تَصْنَعِينَ؟» قَالَتْ: هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ.
فقال ((عندنا)) أي نام القيلولة ((تسلت العرق)) أي تمسحه.
وجاء أيضاً: عَنْ أَنَسٍ، عَنْ أُمِّ سُلَيْمٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَاتِيهَا فَيَقِيلُ عِنْدَهَا فَتَبْسُطُ لَهُ نِطْعًا فَيَقِيلُ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَثِيرَ الْعَرَقِ، فَكَانَتْ تَجْمَعُ عَرَقَهُ فَتَجْعَلُهُ فِي الطِّيبِ وَالْقَوَارِيرِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((يَا أُمَّ سُلَيْمٍ مَا هَذَا؟)) قَالَتْ: عَرَقُكَ أَدُوفُ بِهِ طِيبِي.
(نِطَعًا): بالكسر، وبالفتح وبالتحريك: بساط من الأديم. قاله الفيروز آبادي في [القاموس المحيط: (باب: العين، فصل: النون) ص (991)].
(أدوف) هو بالدال المهملة وبالمعجمة والأكثرون على المهملة وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين ومعناه أخلط.
في قولها: ” (عَرَقُكَ أَدُوفُ بِهِ طِيبِي)، (هَذَا عَرَقُكَ نَجْعَلُهُ فِي طِيبِنَا، وَهُوَ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ): طيب عرقه صلّى الله عليه وسلّم حيث كانت أم سليم رضي الله عنها تأخذ هذا العرق فتخلط به طيبها، ورد عند البخاري: (فإذا نام النبي صلّى الله عليه وسلّم أخذت من عرقه وشعره فجمعته في قارورة ثم جمعته في سك). والسك هو: طيب مركب”.
وجاء في (المسند) عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقِيلُ عِنْدَ أُمِّ سُلَيْمٍ – وَكَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ عَرَقًا-، فَاتَّخَذَتْ لَهُ نِطَعًا، فَكَانَ يَقِيلُ عَلَيْهِ، وَخَطَّتْ بَيْنَ رِجْلَيْهِ خَطًّا فَكَانَتْ تُنَشِّفُ الْعَرَقَ، فَتَاخُذُهُ، فَقَالَ: ((مَا هَذَا يَا أُمَّ سُلَيْمٍ؟)) فَقَالَتْ: “عَرَقُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَجْعَلُهُ فِي طِيبِي”، فَدَعَا لَهَا بِدُعَاءٍ حَسَنٍ. [أخرجه أحمد في المسند، برقم (13447)]
قال شعيب الأرناؤوط: “حديث صحيح، وهذا إسناد حسن في المتابعات، والشواهد؛ من أجل عمارة بن زادان، وباقي رجاله ثقات رجال الشيخين”.
ويقول أنس: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يزور أم سليم فتتحفه بالشيء وتصنعه له، وأخ لي أصغر مني يكنى أبا عمير، فزارنا يوماً فقال: “ما لي أرى أبا عمير خاثر النفس”، قالت: ماتت صعوة له كان يلعب بها -طائر صغير- فجعل النبي -صلى الله عليه وسلم- يمسح رأسه، ويقول: “يا أبا عمير، ما فعل النغير” أخرجه ابن سعد في الطبقات وأصله في الصحيحين.
——–
في حبها لفلذة كبدها:
فيه أنها جاءت أم سليم بأعز ما تملك؛ ابنها وفلذة كبدها ووضعته في خدمة النبي صلى الله عليه وسلم، كانت أم سليم ترجو بذلك إرضاء ربها ورسوله وتأمل أن يتعلم ابنها العلم من النبي مباشرة،، أحبه النبي صلى الله عليه وسلم وقربه وطلبت من النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو له … قالت: خويدمك ألا تدعو له فقال: اللهم أكثر ماله وولده وأطل حياته واغفر له … فدعا له بقوله: «اللهم أكثر له ماله وولده وأطل عمره واغفر ذنبه»
أخرجه البخاري.140. 6344، ومسلم، 660 عن أنس … باب جواز الجماعة في النافلة … ، … و 2480 عن أم سليم باب من فضائل أنس
وأخرجه البخاري في الأدب المفرد 507. وراجع الصحيحة 2241؛
وقد استجاب الله دعاء نبيه فكان أنس آخر من مات من الصحابة بالبصرة، وقد قارب المائة من عمره، وأكثر الله ماله وأولاده، وكان أنس يقول كما في صحيح مسلم 2481 (ثلاث دعوات قد رأيت منها اثنتين في الدنيا وأنا أرجو الثالثة في الآخرة).
ويقول أنس -رضي الله عنه- دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- على أم سليم فأتته بسمن وتمر، فقال: إني صائم؛ ثم قال لهم: قوموا فلأصَلِّ بكم، فقام في ناحية البيت، فصلَّى بهم صلاة غير المكتوبة هي وابنها وأختها أم ملحان — فصلى بهم، ودعا لأم سليم وأهل بيتها، فقالت: يا رسول الله، إن لي خويصة، قال: “ما هي” قالت: خادمك أنس، يقول أنس: فما ترك خير آخرة ولا دنيا إلا دعا لي به، ثم قال: “اللهم ارزقه مالاً وولداً وبارك له”، فإني لمن أكثر الأنصار مالاً، ودفن لي من صلبي إلى مقدم حُجَّاج البصرة بضعة وعشرون ومائة. أخرجه البخاري.
وفي رواية “وإني والله لأرجو الرابعة أي أرجو مغفرة الله تعالى” … أخرجه ابن سعد 7/ 19، والبخاري في الأدب المفرد 653. وراجع الصحيحة 2241.
كرمها وشمائلها
كانت أم سُليم تتفقد النبي وتبعث إليه بالهدية والطعام، قال أنس: كانت لها شاة فجمعت من سمنها في عُكة (آنية السمن) وأرسلتها مع ربيبة إلى رسول الله، فقال: أفرغوا لها عُكتها، وجاءت فعلقتها على وتد، فأتت أم سُليم وكانت غائبة فرأت العُكة ممتلئة سمنًا، فلما أخبرت النبي بذلك قال:” أتعجبين إن كان الله أطعمك كما أطعمت نبيه، كلي وأطعمي ”
قلت سيف بن دورة: فيه هلال بن أبي هلال القسملي ضعيف جدا يراجع إكمال تهذيب الكمال
وقد أُثر عنها أنها احتفظت بفم قِرْبة شرب منها رسول الله وصانته عندها، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاها شيئًا من شعره، وكان يخصها بالزيارة والسلام والدعاء والصلاة في بيتها
قلت سيف بن دورة: حديث قطع فم القربة هو قي الصحيح المسند 1639. وهو الطريق الصحيحة الوحيدة كما في تحقيقنا لكشف الأستار 2898
في صحيح البخاري:
# عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ المُهَاجِرُونَ المَدِينَةَ مِنْ مَكَّةَ، وَلَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ – يَعْنِي شَيْئًا – وَكَانَتِ الأَنْصَارُ أَهْلَ الأَرْضِ وَالعَقَارِ، فَقَاسَمَهُمُ الأَنْصَارُ عَلَى أَنْ يُعْطُوهُمْ ثِمَارَ أَمْوَالِهِمْ كُلَّ عَامٍ، وَيَكْفُوهُمُ العَمَلَ وَالمَئُونَةَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أُمُّ أَنَسٍ أُمُّ سُلَيْمٍ كَانَتْ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، فَكَانَتْ أَعْطَتْ أُمُّ أَنَسٍ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِذَاقًا فَأَعْطَاهُنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَوْلاَتَهُ أُمَّ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ – قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ – أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَرَغَ مِنْ قَتْلِ أَهْلِ خَيْبَرَ، فَانْصَرَفَ إِلَى المَدِينَةِ رَدَّ المُهَاجِرُونَ إِلَى الأَنْصَارِ مَنَائِحَهُمُ الَّتِي كَانُوا مَنَحُوهُمْ مِنْ ثِمَارِهِمْ، فَرَدَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أُمِّهِ عِذَاقَهَا، وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُمَّ أَيْمَنَ مَكَانَهُنَّ مِنْ حَائِطِهِ، وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ شَبِيبٍ: أَخْبَرَنَا أَبِي، عَنْ يُونُسَ بِهَذَا، وَقَالَ: مَكَانَهُنَّ مِنْ خَالِصِهِ.
# عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنَّ أُمَّ سُلَيْمٍ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحِي مِنَ الحَقِّ، هَلْ عَلَى المَرْأَةِ غُسْلٌ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ فَضَحِكَتْ أُمُّ سَلَمَةَ، فَقَالَتْ: أَتَحْتَلِمُ المَرْأَةُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَبِمَ شَبَهُ الوَلَدِ
=========
=========
ونقل باحث آخر في سيرة الصحابي بلال بن رباح رضي الله عنه
الصحابي الجليل
بلال بن رباح رضي الله عنه
هو بلال بن رباح الحبشي القرشي التيمي، مولى سيدنا أبي بكر رضي الله عنهما، وقد ذكروا في ترجمته عدة كنى له؛ فهو أبو عبدالله، ويقال: أبو عبدالكريم، ويقال: أبو عبدالرحمن، ويقال: أبو عمرو.
كان حبشيًّا من الأرقَّاء الذين يعيشون في مكة، وقد ولد فيها، وأمه حمامة مولاة لبني جمح، وأشهر صفة له أنه كان مؤذِّن رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا وحضرًا، وكان من السابقين الأوَّلين الذين عُذِّبوا في الله، كان من الذين أظهروا إسلامهم في وقت مبكِّر؛ ذلك أن أول من أظهر إسلامه: أبو بكر، وعمار، وسمية، وبلال، وصهيب، والمقداد ….
فاشتراه أبوبكر وأعتقه، فأنزل الله فيه وفي أمية في سورة الليل: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى * لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى} [الليل: 14، 15]؛ أيْ: أميَّة بن خلف {الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى * وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى} [الليل: 16، 17]: الصدِّيق {الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى * وَمَا لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى * إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى * وَلَسَوْفَ يَرْضَى} [الليل: 18 – 21] بما يعطيه الله في الأخرى جزاء أعماله”
وقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح.
فمِن هذه الروايات: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عندما بلغه ما يلقى بلال من التعذيب: ((لو كان عندنا شيء، لابتعنا بلالاً))، فلقي أبو بكر العبَّاسَ: فقال اشتر لي بلالاً، فاشتراه العباس، وبعث به إلى أبي بكر، فأعتقه.
قلت سيف بن دورة: هو في الإبانة لابن بطة 127 وهو من طريق معمر عن عطاء الخراساني عن ابن المسيب مرسلا.
ومنها: أن أبا بكر اشترى بلالاً وهو مدفون في الحجارة بخمس أواقٍ ذهبًا، فقالوا: لو أبيت إلا أوقية واحدة لبعناكه، فقال أبو بكر: لو أبيتم إلا مائة أوقيه لأخذته.
قلت سيف بن دورة: أخرجه ابن أبي شيبة من طريق إسماعيل عن قيس قال اشترى أبوبكر ….. مرسلا وذكره كذلك مرسلا بهذا الإسناد في الإبانة
ومنها: أن مواليه لما عرَفوا أنه أسلم فجعلوه في الشمس وعذَّبوه وهو يقول: أحد أحد، فبلغ ذلك أبا بكر فاشتراه وأعتقه.
قلت سيف بن دورة: هو في الصحيح المسند:
847 – قال الإمام أحمد رحمه الله: حدثنا يحيى بن أبي بكير حدثنا زائدة بن قدامة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله بن مسعود قال كان أول من أظهر إسلامه سبعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبي طالب وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون وألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم في الشمس فما منهم من أحد إلا وقد واتاهم على ما أرادوا إلا بلالا فإنه هانت عليه نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة وهو يقول أحد أحد.
لكن أعله الدارقطني وابن معين والبزار والدوري، ورجحوا رواية الوقف عن مجاهد من قوله؛ فرواه سفيان وجرير بن عبدالحميد وشيبان موقوفاً ورفعه يحيى بن أبي بكير والحسين بن علي الجعفي.
حتى قال ابن معين: هذا عن منصور عن مجاهد، هكذا حدث به الناس
وذكر ابن أبي عاصم رواية الوقف بعد الرواية
- وروى الحاكم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
السُّبَّاق أربعة: أنا سابق العرب، وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة، وصهيب سابق الروم.
المستدرك 3/ 285 وقال: “صحيح” ووافقه الذهبي.
قلت سيف بن دورة: قال أبو زرعة وأبو حاتم: حديث باطل لا أصل له بهذا الإسناد. … العلل 2577. وراجع الضعيفة 2953
- وأخرج مسلم (2413) (46) في فضائل الصحابة عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: كنا ستة نفر، فقال المشركون: اطرد هؤلاء عنك، فلا يجترئون علينا، وكنت أنا وابن مسعود وبلالٌ ورجلٌ من هذيل وآخران، فأنزل الله – عز وجلَّ -: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ} [الأنعام: 52].
- كان خازن رسول الله الأمين:
أخرج أبو نعيم بسنده عن عبدالله الهوزني قال:
لقيت بلالاً، فقلت: يا بلال، حدِّثني كيف كانت نفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: ما كان له شيء، كنت أنا الذي ألي له ذاك منذ بعثه الله عز وجل، حتى توفي، وكان إذا أتاه الإنسان المسلم، فرآه عاريًا، يأمرني به، فأنطلق، فأستقرض، وأشتري البردة، فأكسوه وأطعمه.
الحلية 1/ 149.
وهو في الصحيح المسند وعزاه لأبي داود 8/ 306 3055 … وقال الألباني صحيح الاسناد
وأخرج بسنده عن أنس أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
((لقد أُخفت في الله تعالى وما يخاف أحدٌ، ولقد أُوذيت في الله وما يؤذى أحدٌ، ولقد أتت عليَّ ثلاثون من بين ليلة ويوم، وما لي ولبلال طعامٌ يأكله ذو كبد، إلا شيءٌ يواريه إبط بلال)) الحلية 1/ 150 والمسند 3/ 120 و286 وجامع الترمذي برقم 2472 وابن ماجه برقم 151 وابن حبان 14/ برقم 6560
- وكان رضي الله عنه من المجاهدين، فلقد شهد بدرًا والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له بلاء عظيم يوم بدر، فقد قُتل أمية بن خلف في ذاك اليوم بتحريض بلال، وأمية هذا هو الذي كان يُعذِّبه ويتابع عليه العذاب.
- وفضائله كثيرة جدًّا:
- فقد شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بأنه من أصحاب الجنة.
- ومن فضائله: ما أخرجه البخاري أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول:
“أبو بكر سيدنا، وأعتق سيدنا” البخاري برقم 3754، ابن هشام 2/ 283 – 285.
وهذا الأثر يدل على فضل بلال؛ فهو من السادة الذين يستحقون هذا اللقب (سيدنا)، ويدل أيضًا على تواضع سيدنا عمر رضي الله عنه.
- ومن فضائله: حرصه على الجهاد منذ أن أسلم، فقد أخرج البخاري أن بلالاً قال لأبي بكر:
“إن كنت إنما اشتريتني لنفسك فأمسكني، وإن كنتَ إنما اشتريتني لله فدعني وعملي لله”. البخاري برقم 3755.
وجاء في رواية أحمد للحديث: قال بلال لأبي بكر حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر ابن سعد في الطبقات في هذه القصة من الزيادة أنه قال:
رأيت أفضل عمل المؤمن الجهاد، فأردت أن أرابط في سبيل الله، وأن أبا بكر قال لبلال: أنشدك الله وحقي، فأقام معه بلال حتى توفي، فلما مات أذن له عمر فتوجه إلى الشام مجاهدًا، فمات بها في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة، وقيل: سنة عشرين.
وكانت وفاته بدمشق، ودفن في باب الصغير.
قلت سيف بن دورة: قال محقق المنتخب من مسند عبد بن حميد. ونقل عن ابن حجر هذه الزيادة وعزاها لابن سعد: فيه الحفصي وهو ان شاء الله حفص بن عمر بن سعد لم يوثقه معتبر. … وابوه لم يوثقه معتبر.
والسند هو من طريق شيخ يقال له الحفص عن أبيه عن جده: قال أذن بلال في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أذن لأبي بكر حياته …..
قلت سيف بن دورة: وفي معرفة الصحابة ذكرها من طرق عن عبدالرحمن بن سعد عن عبدالله بن محمد وعمار وعمر عن آبائهم عن اجدادهم عن سعد
قال النبي صلى الله عليه وسلم بارك الله فيك يا سعد. إذا لم تر معي بلال فاذن فأذن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء ثلاث مرار. فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلال إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: يا خليفة رسول الله إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أفضل عمل المؤمن الجهاد في سبيل الله. …..
- ومن فضائله: ما أخرجه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلال عند صلاة الفجر: ((يا بلال، حدِّثني بأرجى عمل عملتَه في الإسلام؛ فإني سمعتُ دَفَّ نعليك بين يديَّ في الجنة))، قال بلال: ما عملت عملاً في الإسلام أرجى عندي من أني لا أتطهَّر طهورًا في ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لي أن أصلي
قال البخاري: دف نعليك: يعني تحريك ..
البخاري برقم 1149، ومسلم برقم 2458، وأحمد 2/ 439 و2/ 354.
وقال ابن حجر:
“وقوله: (عند صلاة الفجر) فيه إشارةٌ إلى أن ذلك وقع في المنام؛ لأن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يقصُّ ما رآه، ويعبُر ما رآه أصحابه … بعد صلاة الفجر”.
وجاء في صحيح مسلم: ((رأيت الليلة))، ووقع في رواية مسلم وأحمد: ((خشف نعليك))، والخشف: الحركة الخفيفة، ووقع في رواية لأحمد: ((خشخشة)).
وقوله: “صلَّيت ما كُتب لي أن أصلي”؛ أيْ: ما قُدِّر لي، وهو أعمُّ من الفريضة والنافلة.
وفيه الحثُّ على الصلاة عقب الوضوء؛ لئلا يبقى الوضوء خاليًا عن مقصوده، وفيه فضيلة الأعمال التي يُسرُّ منها الإنسان.
- وفي رواية الترمذي وابن خزيمة في هذه القصة أنه قال: “ما أصابني حدث إلا توضأت عندها”.
- وفي رواية أحمد: “ما أحدثت إلا وتوضأت وصليت ركعتين”.
وينبغي أن نقرِّر أن رؤيا الأنبياء حقٌّ.
- وفي حديث بريدة قوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((بمَ سبقتَني إلى الجنة؟))؛ رواه أحمد 5/ 354.
- ومن أخباره رضي الله عنه أنه نزل داريا، وهي قرية قرب دمشق، وتزوج من بني خولان من أهلها، ولم يعقب.
- وأخرج البخاري عن عائشة (رضي الله عنها) قالت: لما قدم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم المدينة، وُعك أبو بكر وبلال، فكان أبو بكر إذا أخذته الحمى يقول:
كلُّ امرئٍ مصبَّحٌ في أهله “”” والموتُ أدنى من شراك نعلهِ
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته ويقول:
ألا ليت شعري هل أبيتنَّ ليلة
بوادٍ وحولي إِذخِرٌ وجَليلُ؟
وهل أَرِدَنْ يومًا مياه مجنَّةٍ
وهل يبدوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيلُ؟
[مجنة: مكان قريب من مكة كان يقام فيه سوق.
شامة وطفيل: جبلان بقرب مكة، أو عينان.
قالت عائشة: فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم فأخبرته، فقال: ((اللهم حبِّب إلينا المدينة كحبِّنا مكة، أو أشد، وصحِّحْها، وبارك لنا في صاعها ومُدِّها، وانقل حُمَّاها، فاجعلها بالجُحْفة)) صحيح البخاري برقم 1889 و3926 و5654.
- وقدِمَ مرَّة إلى المدينة من الشام في عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فأذَّنَ فلم يُرَ باكٍ أكثر من ذلك اليوم.
- عاش رضي الله عنه بضعًا وستِّين سنة.
وكما سبق مات في طاعون عمواس