186 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
باب مسح الرأس كله لقول الله تعالى {وامسحوا برءوسكم} وقال ابن المسيب المرأة بمنزلة الرجل تمسح على رأسها وسئل مالك أيجزئ أن يمسح بعض الرأس فاحتج بحديث عبد الله بن زيد
185 – حدثنا عبد الله بن يوسف قال أخبرنا مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن رجلا قال لعبد الله بن زيد وهو جد عمرو بن يحيى أتستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فقال عبد الله بن زيد نعم فدعا بماء فأفرغ على يديه فغسل مرتين ثم مضمض واستنثر ثلاثا ثم غسل وجهه ثلاثا ثم غسل يديه مرتين مرتين إلى المرفقين ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه.
———–
فوائد الباب:
1 – قوله (باب مسح الرأس كله) فيه تصريح لاختيار البخاري بتعميم مسح الرأس
2 – وقوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ} قال الحافظ ابن كثير في التفسير له:” اختلفوا في هذه الباء: هل هي للإلصاق؟ وهو الأظهر، أو للتبعيض؟ وفيه نظر، على قولين. قلت وفي حديث الباب (ثم مسح رأسه بيديه) كالشرح في أين تقع الباء في قوله (برؤوسكم)، ومن الأصوليين من قال: هذا مجمل فليرجع في بيانه إلى السنة، وقد ثبت في الصحيحين” ثم ذكر حديث الباب وسيأتي شرحه بإذن الله. قال الكرماني في الكواكب الدراري:” واعلم أن ميل البخاري رضي الله عنه إلى وجوب الاستيعاب حيث جعل ظاهر القرآن دالاً عليه في ترجمة الباب”
3 – وقال الإمام البغوي في شرح السنة: ظاهر القرآن يوجب مسح جميع الرأس والسنة خصته بمسح قدر الناصية – يشير إلى حديث المغيرة وستأتي الإشارة إليه – ولا يسقط الفرض عنه بأقل من قدر الناصية، والسنة أن يمسح جميع الرأس، ويبدأ بمقدم رأسه، ويذهب إلى مؤخره، ثم يرد إلى مقدمه. “.
4 – عن عروة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال * تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلفت معه فلما قضى حاجته قال أمعك ماء فأتيته بمطهرة فغسل كفيه ووجهه ثم ذهب يحسر عن ذراعيه فضاق كم الجبة فأخرج يده من تحت الجبة وألقى الجبة على منكبيه وغسل ذراعيه ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى خفيه ثم ركب وركبت فانتهينا إلى القوم وقد قاموا في الصلاة يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف وقد ركع بهم ركعة فلما أحس بالنبي صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخر فأومأ إليه فصلى بهم فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم وقمت فركعنا الركعة التي سبقتنا. رواه مسلم 274
5 – عن بلال رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار رواه مسلم 275
6 – عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ وعليه العمامة يؤخرها عن رأسه، ولا يحلها، ثم مسح برأسه فأشار الماء بكف واحد على اليافوخ قط، ثم يعيد العمامة ” أخرجه عبد الرزاق في المصنف 739. وهذا مرسل صحيح الإسناد.
7 – قوله (وقال ابن المسيب المرأة بمنزلة الرجل تمسح على رأسها) ” أي في وجوب مسح جميع الرأس وهذا اللفظ يحتمل أن يراد به أنها بمنزلته في وجوب أصل المسح.” قاله الكرماني في الكواكب الدراري، والأثر عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، قَالَ: الْمَرْأَةُ وَالرَّجُلُ فِي مَسْحِ الرَّاسِ سَوَاءٌ. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 242 حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم عن سعيد بن المسيب به قال ابن الملقن في التوضيح لشرح الجامع الصحيح إسناده صحيح، وصرح ابن الملقن أن عبد الكريم هو ابن مالك الثقة.
8 – عن أم علقمة مولاة عائشة زوج النبي -صلى الله عليه وسلم- عن عائشة: أنها كانت إذا توضأت تدخل يدها من تحت الوقاية تمسح برأسها كله. أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 286 من طريق ابن وهب عن ابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن أم علقمة به قلت قال العلامة الألباني في إسناد فيه أم علقمة “قلت: وإسناده محتمل للتحسين، رجاله ثقات، غير أم علقمة هذه واسمها مرجانة وثقها العجلي وابن حبان، وروى عنها ثقتان.” قال الذهبي في الكاشف وثقت. وقال الحافظ في التقريب علق لها البخاري في الحيض وهي مقبولة. انتهى قلت علق لها البخاري بصيغة الجزم وقال الترمذي في إسناد فيه علقمة عن أمه حسن صحيح.
9 – عن أبي عبد الله سالم سبلان قال -وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره -: أرتني – أي عائشة- كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يتوضأ فتمضمضت واستنثرت ثلاثا وغسلت وجهها ثلاثا ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثا واليسرى ثلاثا ووضعت يدها في مقدم رأسها ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره ثم أمرت يديها بأذنيها ثم مرت على الخدين أخرجه النسائي 100 وقال الألباني صحيح الإسناد
10 – عَنْ نَافِعٍ، قَالَ: رَأَيْتُ صَفِيَّةَ بِنْتَ أَبِي عُبَيْدٍ تَوَضَّأَتْ، فَأَدْخَلَتْ يَدَيْهَا تَحْتَ خِمَارِهَا، فَمَسَحَتْ بِنَاصِيَتِهَا. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 243 قال 243 – حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ، عَنْ نَافِعٍ به
11 – قوله (وسئل مالك أيجزئ أن يمسح بعض الرأس فاحتج بحديث عبد الله بن زيد) عن إسحاق بن عيسى قال: سألت مالكا، عن الرجل مسح مقدم رأسه في الوضوء أيجزيه ذلك؟ فقال: حدثني عمرو بن يحيى بن عمارة، عن أبيه، عن عبد الله بن زيد المازني قال: «مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في وضوئه من ناصيته إلى قفاه، ثم رد يديه إلى ناصيته ومسح رأسه كله» أخرجه ابن خزيمة في صحيحه 157 قال نا محمد بن رافع، نا إسحاق بن عيسى به تابعه على المرفوع أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا إسحق بن عيسى به كما في كتاب الطهور له 333، قلت وقوله في آخر الحديث ” ومسح رأسه كله” يتطابق مع أول ترجمة المصنف. وقال الكرماني في الكواكب الدراري وقوله” (فاحتج) أي على عدم الأجزاء”.
12 – قال أبو جعفر الطحاوي: لما احتمل قوله تعالى: (وامسحوا برءوسكم) [المائدة: 6] مسح جميع الرأس واحتمل مسح بعضه، ودلت السنة في حديث المغيرة أن بعضه يجزئ دل أن ذلك هو الفرض. نقله ابن بطال في شرح صحيح البخاري وفيه نظر.
13 – حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أخرجه الستة.
14 – عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، ” أَنَّهُ كَانَ يَمْسَحُ رَاسَهُ هَكَذَا، مِنْ مُقَدَّمِهِ إلَى مُؤَخَّرِهِ، ثُمَّ رَدَّ يَدَيْهِ إلَى مُقَدَّمِهِ ” أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 152 قال حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَة به
15 – وأخرج أصحاب السنن الأربعة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعا وفيه ” فمسح برأسه مرة واحدة” وفي رواية «ثم مسح رأسه مقدمه ومؤخره مرة» وصححه الألباني
16 – عن أبي الأزهر المغيرة بن فروة ويزيد بن أبي مالك أن معاوية توضأ للناس كما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ فلما بلغ رأسه غرف غرفة من ماء فتلقاها بشماله حتى وضعها على وسط رأسه حتى قطر الماء أو كاد يقطر ثم مسح من مقدمه إلى مؤخره ومن مؤخره إلى مقدمه أخرجه أبو داود 124 وصححه الألباني
17 – عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ، قَالَ: حدَّثَتْنِي الرُّبَيِّعُ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَاتِينَا فَيُكْثِرُ، قَالَتْ: فَوَضَعْنَا لَهُ الْمِيضَأَةَ، فَأَتَانَا فَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ رَاسَهُ بَدَأَ بِمُؤَخَّرِهِ، ثُمَّ رَدَّ يَدَيْهِ عَلَى نَاصِيَتِهِ أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 153 قال حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل به
18 – فيه سؤال المتعلم ممن لديه علم قاله ابن الملقن في التوضيح. وفيه ملاطفة الطالب للشيخ بقوله (أتستطيع) قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
19 – فيه استحباب غسل اليد قبل إدخالها الإناء في ابتداء الوضوء. قاله ابن الملقن في التوضيح.
20 – جواز إدخال اليدين الإناء بعد غسلهما، وأنه لا يفتقر إلى نية الاغتراف. قاله ابن الملقن في التوضيح.
21 – فيه استيعاب الرأس بالمسح، والإجماع قائم على مطلوبيته، لكن هل ذلك على وجه الوجوب أو الندب؟ فيه خلاف قاله ابن الملقن في التوضيح.
22 – فيه جواز غسل بعض أعضاء الوضوء مرتين، وبعضهما ثلاثا في وضوء واحد قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري.
23 – فيه من الأحكام غسل اليد قبل ادخالها الإناء ولو كان من غير نوم كما تقدم مثله في حديث عثمان قاله الحافظ ابن حجر في الفتح.
24 – يلزم من استدل بهذا الحديث على وجوب تعميم الرأس بالمسح أن يستدل به على وجوب الترتيب للإتيان بقوله ثم في الجميع لأن كلا من الحكمين مجمل في الآية بينته السنة بالفعل قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري، قلت إن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر المضمضة والاستنشاق عن غسل اليدين فهذا يخرجه من الوجوب إلى الاستحباب وبه استدل العلامة الألباني في تمام المنة بعد أن صحح الحديث المشار إليه فليراجع.
25 – ومما احتج به على عدم وجوب الاستيعاب حديث المغيرة بن شعبة أنه – صلى الله عليه وسلم – مسح بناصيته وعلى عمامته
وأجاب ابن القصار عنه فقال يحتمل أن يراد البعض، وأن يرد الكل، كقوله تعالى: (فيؤخذ بالنواصي والأقدام) [الرحمن: 41]، فالنواصي هاهنا الرؤوس، ولا يجوز أن يراد بعضها، والحديث غير صحيح، لأن راويه عن أنس معقل بن مسلم، وصحيحه مرسل عن المغيرة، ولو صح كانت لنا فيه حجة، لأن النبي، (صلى الله عليه وسلم)، لما لم يقتصر على مسح الناصية حتى قرن إلى ذلك مسح العمامة علم أنه لا يجوز الاقتصار على الناصية، ويصرف مسحه على العمامة إلى العذر. وأيضا فإن الصحابة بأجمعها نقلت وضوء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قولا وفعلا أنه مسح رأسه كله، وشذت رواية أنه مسح بناصيته، وحكت منه فعلة وقعت في بعض الأوقات، فكان حملها على العذر أولى، لأنه لو أراد أن يعلم الناس الواجب لبين ذلك، كما قال لما توضأ مرة مرة: هذا صفة الوضوء الذى لا يقبل الله الصلاة إلا به – نقله ابن بطال في شرح صحيح البخاري له.
26 – “ولم ينقل عنه أنه مسح بعض رأسه إلا في حديث المغيرة أنه مسح على ناصيته وعمامته فإن ذلك دل على أن التعميم ليس بفرض” قاله الحافظ ابن حجر في الفتح
27 – قال الزرقاني في شرحه على الموطأ ” قال علماؤنا: ولعل ذلك كان لعذر بدليل أنه لم يكتف بمسح الناصية حتى مسح على العمامة، إذ لو لم يكن مسح كل الرأس واجبا ما مسح على العمامة
28 – قال أبو عبيد القاسم بن سلام كما في كتاب الطهور له 334 ” وَهَذَا قَوْلُ أَهْلِ الْأَثَرِ وَالِاتِّبَاعِ: يَرَوْنَ مَسْحَ الرَّاسِ أَجْمَعَ، وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الرَّايِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ يُجْزِئُهُ أَنْ يَمْسَحَ الرُّبُعَ مِنْهُ فَصَاعِدًا. وَبَعْضُهُمْ يَسْتَحْسِنُ النِّصْفَ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ غَيْرِهِمْ: أَيَّ جَوَانِبِ رَاسِكَ مَسَحْتَ أَجْزَأَكَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَهَذَا يُرْوَى عَنِ الشَّعْبِيِّ , وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَإِنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِمَسْحِ مَا قَبُلَ مِنْهُ وَمَا دَبُرَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَإِنَّ الَّذِي عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ: الْأَخْذُ بِالْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَا فِي صَدْرِ هَذَا الْبَابِ , مِنْ مَسْحِ الرَّاسِ كُلِّهِ يَتَوَخَّى الرَّجُلُ أَنْ لَا يَبْقَى مِنْهُ شَيْءٌ , كَمَا يَفْعَلُهُ فِي مَسْحِ الْوَجْهِ لِلتَّيَمُّمِ , لِأَنَّهُمَا فِي التَّنْزِيلِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ , ثُمَّ فَسَّرَتْهُ السُّنَّةُ بِالْأَخْبَارِ الَّتِي ذَكَرْنَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَمَّا تَوْقِيتُ النِّصْفِ وَالرُّبُعِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ إِلَّا أَنْ يُوجِدَ عِلْمَهُ فِي كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ أَوْ إِجْمَاعٍ.
29 – عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي وُضُوئِهِ: أَنَّهُ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِي الْمَاءِ فَرَفَعَهُمَا بِمَا حَمَلَتْ مِنَ الْمَاءِ , ثُمَّ مَسَحَهَا بِيَدِهِ الْيُسْرَى , ثُمَّ مَسَحَ رَاسَهُ بِيَدِهِ , وَقَالَ فِي آخِرِ طَهُورِهِ: «هَذَا طَهُورُ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أخرجه أبو داود 111واللفظ له وبقية أصحاب السنن.
30 – قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في مجموع الفتاوى 21/ 122: اتفق الأئمة كلهم على أن السنة مسح جميع الرأس كما ثبت في الأحاديث الصحيحة والحسنة عن النبي صلى الله عليه وسلم فإن الذين نقلوا وضوءه لم ينقل عنه أحد منهم أنه اقتصر على مسح بعض رأسه وما يذكره بعض الفقهاء – كالقدوري في أول مختصره وغيره – أنه توضأ ومسح على ناصيته: إنما هو بعض الحديث الذي في الصحيح من حديث المغيرة بن شعبة: {أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ عام تبوك ومسح على ناصيته}. ولهذا ذهب طائفة من العلماء إلى جواز مسح بعض الرأس وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وقول في مذهب مالك وأحمد. وذهب آخرون إلى وجوب مسح جميعه وهو المشهور من مذهب مالك وأحمد وهذا القول هو الصحيح.
31 – … “وأما حديث المغيرة بن شعبة فعند أحمد وغيره من فقهاء الحديث يجوز المسح على العمامة للأحاديث الصحيحة الثابتة في ذلك وإذا مسح عنده بناصيته وكمل الباقي بعمامته أجزأه ذلك عنده بلا ريب. وأما مالك فلا جواب له عن الحديث إلا أن يحمله على أنه كان معذورا لا يمكنه كشف الرأس فتيمم على العمامة للعذر. ومن فعل ما جاءت به السنة من المسح بناصيته وعمامته أجزأه مع العذر بلا نزاع وأجزأه بدون العذر عند الثلاثة” قاله شيخ الإسلام ابن تيمية كما في المصدر المذكور.
32 – وقال ابن القيم في زاد المعاد ” لم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة، ولكن كان إذا مسح بناصيته كمل على العمامة.”.
33 – قال ابن العثيمين في التعليق على البخاري:
قوله تعالى: ((وامسحوا برؤوسكم)) والباء هنا للإلصاق وليس للتبعيض.
قال ابن برهان: ” من زعم أنها تأتي للتبعيض يعني فقد قال ما ليس في اللغة العربية ” فيقال مسحت بكذا أي ألصقت يدي به ماسحا , والرأس إذا أطلق يشمل كل منابت الشعر المعتاد وهو من منحنى الجبهة إلى أعلى العنق , ومن الأذن إلى الأذن , والبياض الذي بين الأذنين من الرأس , والأذنان من الرأس لأن النبي صلّى الله عليه وسلم كان لا يدع مسحهما.
يقول: وقال ابن المسيب: ” المرأة بمنزلة الرجل تمسح على رأسها ” لكنه لا يلزمها أن تمسح ما نزل عن منابت الشعر، ما نزل عن منابت الشعر فإنه لا يجب مسحه لأنه ليس من الرأس.
فإن قال قائل: هو ليس من الرأس حال نزوله , لكنه من الرأس في جذوره؟.
فالجواب على هذا أن نقول نحن مسحنا جذوره التي في الرأس , أما ما نزل فليس من الرأس , وبهذا استدل من قال أن المسترسل من اللحية لا يجب غسله مع الوجه لأنه ليس من الوجه نازل , ولكن الصحيح وجوب ذلك، وجوب غسل ما استرسل من اللحية لا وجوب مسح ما استرسل من شعر الرأس , وذلك لأن ما استرسل من اللحية داخل في الوجه , فإنه تحصل به المواجهة بلا شك , وأما ما استرسل من شعر الرأس فإنه لا يحصل به الترأس أي التعلي على البدن كله، ثم هذا النازل في حكم المنفصل لأن الشعر في حكم المنفصل كالسن والظفر.
لكن إذا كان على الإنسان عمامة ومسح عليها أجزأه وإن كان قد ظهر شيئ من الرأس ولم يمسح عليه؛ لأنه لما كان عليه عمامة صار الحكم للعمامة …. إلى آخر كلامه رحمه الله
34 – قال ابن باز: ذوائب المرأة النازلة عن الرأس لا تمسح
الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (1/ 62)
35 – عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ «كَانَ يَاخُذُ لِرَاسِهِ مَاءً جَدِيدًا» أخرجه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الطهور له 349 قال: ثنا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ نَافِعٍ به.
36 – قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: فَقَدْ بَيَّنَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ أَنَّ الْوَاجِبَ فِي مَسْحِ الرَّاسِ تَجْدِيدُ الْمَاءِ , وَهَذَا هُوَ الْأَمْرُ الَّذِي عَلَيْهِ النَّاسُ مِنْ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالْعِرَاقِ , وَمَنْ يَقُولُ بِالْأَثَرِ , وَأَصْحَابُ الرَّايِ كُلُّهُمْ بِهِ , لَا يُجْزِئُ فِي الْمَسْحِ إِلَّا مَاءٌ جَدِيد
37 – قوله (ثم) تكرر في الحديث ” في جميع الحديث لم يرد بها المهلة، وإنما أراد بها الإخبار عن صفة الغسل، و ثم – هاهنا بمعنى الواو” قاله ابن بطال، قلت مع العناية بالترتيب.
38 – … قال إسحاق بن راهويه “إلى” في الآية يحتمل أن تكون بمعنى الغاية وأن تكون بمعنى “مع” فبينت السنة أنها بمعنى مع انتهى وقد قال الشافعي في الأم لا أعلم مخالفا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء قاله الحافظ ابن حجر في فتح الباري
39 – قوله (أن رجلا قال لعبد الله بن زيد) وعند البخاري 186 من طريق وهيب ” شهدت عمرو بن أبي حسن سأل عبد الله بن زيد”
40 – قوله (فدعا بماء) وعند البخاري 186 من طريق وهيب ” فدعا بتور من ماء” وفي رواية عند البخاري 192 ” فكفأ على يديه فغسلهما ثلاثا ” وعند البخاري 191 من طريق خالد بن عبد الله ” أفرغ من الإناء على يديه فغسلهما”
41 – فيه (غسل الرجلين إلى الكعبين) قاله البخاري ورواه 186 من طريق وهيب بلفظ” ثم غسل رجليه إلى الكعبين”.
42 – فيه من مضمض واستنشق من غرفة واحدة قاله البخاري وأورده 191 من طريق خالد بن عبد الله ” ثم غسل أو مضمض واستنشق من كفة واحدة”
43 – فيه مسح الرأس مرة قاله البخاري
44 – وفيه الغسل والوضوء في المخضب والقدح والخشب والحجارة قاله البخاري
45 – قوله (ثم مضمض واستنثر ثلاثا) وعند البخاري 186 من طريق وهيب ” ثم أدخل يده في التور فمضمض واستنشق واستنثر ثلاث غرفات”
46 – قوله (ثم مسح رأسه بيديه) وعند البخاري 186 من طريق وهيب ” ثم أدخل يده فمسح رأسه”
47 – وعند البخاري 191 من طريق خالد بن عبد الله قال في آخره ” هكذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم”
48 – وعند مسلم 236 من طريق واسع عن عبد الله بن زيد ” ومسح برأسه بماء غير فضل يده”
49 – فيه الوضوء في آنية الصفر قاله أبو داود في سننه وعند 100 من طريق عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ” جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجنا له ماء في تور من صفر فتوضأ”
50 – قوله (أخبرنا مالك) تابعه وهيب كما عند البخاري 186 ومسلم 235 تابعه خالد بن عبد الله كما عند البخاري 191ومسلم 235 وأبي داود 119 والترمذي 28 وابن ماجه 405 تابعه سليمان بن بلال كما عند البخاري 199 ومسلم 235 تابعه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة كما عند أبي داود 100وابن ماجه 471 تابعه سفيان بن عيينة كما عند الترمذي 47 والنسائي 99
51 – قوله (عن عمرو بن يحيى المازني) وعند البخاري من طريق خالد بن عبد الله ” حدثنا عمرو بن يحيى”
52 – قال الترمذي حديث عبد الله بن زيد أصح شيء في هذا الباب وأحسن، وبه يقول الشافعي، وأحمد، وإسحاق
53 – هناك بحث في مختلف الحديث برقم 23 – كيف التوفيق بين حديث عمرو بن يحيى في صفة وضوء النبي-صلى الله عليه وسلم-.وفيه، ثم مسحَ رأسهُ بيديهِ، فأقبلَ بهما وأدبرَ، بدأ بمُقَدَّمِ رأسهِ حتى ذهبَ بهما إلى قفاهُ، ثم ردَّهُما إلى المكانِ الذي بدأ منهُ، ثم غسل رِجلٌيهِ. أخرجه البخاري 185 ومسلم 235
وبين ما جاء في الحديث الآخر (بدأ بمؤخر رأسه) يعني العكس. ونقلنا كلام ابن عبدالبر و القرطبي وابن العربي وابن الملقن وابن حجر والشوكاني من الشراح وهي متقاربة:
– قال ابن عبدالبر: وروى معاوية والمقدام بن معدي عن النبي – عليه السلام ((ثم يمسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر)) فقد توهم بعض الناس أنه بدأ بمؤخر رأسه لقوله ((فأقبل بهما)) وتوهم غيره أنه بدأ من وسط رأسه فأقبل بيديه وأدبر وهذه كلها ظنون
وفي قوله ((بدأ بمقدم رأسه)) ما يرفع الإشكال لمن امتثل نفسه لأنه مفسر لقوله ((فأقبل بهما وأدبر))
وهو كلام يحتمل أن يكون على التقديم والتأخير كأنه قال فأدبر بهما وأقبل والواو لا توجب رتبة ولا تعقيبا
وإذا احتمل الكلام التأويل كان قوله ((بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه)) يوضح ما أشكل من ذلك
وهذا كله معنى قول مالك
وأما قول الحسن بن حي يبدأ من مؤخر رأسه فإنه قد روي في حديث الربيع بنت معوذ بن عفراء أنها وصفت وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ((ومسح رأسه مرتين بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه ظهورهما وبطونهما))
وقد ذكرنا علة إسناده في ((التمهيد))
قال ابن عبدالبر: وأجمع العلماء أن من عم رأسه بالمسح فقد أدى ما عليه وأتى بأكمل شيء فيه وسواء بدأ بمقدم رأسه أو بوسطه أو بمؤخره وإن كان لم يفعل ما استحب منه.
(الاستذكار)
54 – وَرُوِيَ عَنْ الإمام أَحْمَدَ أَنَّهُ سُئِلَ كَيْفَ تَمْسَح الْمَرْأَة وَمَنْ لَهُ شَعْر طَوِيل كَشَعْرِهَا؟ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ مَسَحَ كَمَا رُوِيَ عَنْ الرُّبَيِّع، وَذَكَرَ الْحَدِيث ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا، وَوَضَعَ يَده عَلَى وَسَط رَاسه ثُمَّ جَرَّهَا إِلَى مُقَدَّمه، ثُمَّ رَفَعَهَا فَوَضَعَهَا حَيْثُ بَدَأَ مِنْهُ (يعني وضعها على وسط رأسه) ثُمَّ جَرّهَا إِلَى مُؤَخَّره.
-ويحتمل أن يكون المراد بالقرن هنا مُقَدَّم الرَّاس , أَيْ: اِبْتَدَأَ الْمَسْح مِنْ مُقَدَّم رَاسه مُسْتَوْعِبًا جَمِيع جَوَانِبه إِلَى مُنْصَبّ شَعْره وَهُوَ مُؤَخَّر رَاسه، أي مسح رأسه مرة واحدة من مقدمه إلى مؤخره، ولا يعود بيديه مرة أخرى، لأنه بذلك لا يحرك الشَّعْر عَنْ هَيْئَته، وَقَدْ قَالَت الرُّبَيِّعِ رضي الله عنها: لا يُحَرِّكُ الشَّعْرَ عَنْ هَيْئَتِهِ.
انظر: “عون المعبود شرح سنن أبي داود”، “نيل الأوطار” (1/ 189)، “المغني” (1/ 178).
55 – وبوب ابن خزيمة في صحيحه؛ باب استحباب مسح الرأس باليدين جميعا ليكون أوعب لمسح جميع الرأس، وصفة المسح، والبدء بمقدم الرأس قبل المؤخر في المسح