185 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
مسند أحمد 11423
– حدثنا عبد الصمد، حدثنا المستمر بن الريان الايادي، حدثنا أبو نضرة العبدي، عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدنيا فقال: ” إن الدنيا خضرة حلوة، فاتقوها واتقوا النساء، ثم ذكر نسوة ثلاثا من بني إسرائيل: امرأتين طويلتين تعرفان، وامرأة قصيرة لا تعرف، فاتخذت رجلين من خشب، وصاغت خاتما، فحشته من أطيب الطيب المسك، وجعلت له غلقا، فإذا مرت بالملأ أو بالمجلس، قالت به: ففتحته، ففاح ريحه، قال المستمر: «بخنصره اليسرى، فأشخصها دون أصابعه الثلاث شيئا، وقبض الثلاثة»
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند قسم الزيادات على الصحيحين
فالحديث في مسلم 2742. 2252 مفرقا لكن في مسند أحمد (فإذا مرت بالملأ من بني إسرائيل) وفي مسلم (مرت بين المراتين)
——–‘——-‘——-‘
أخبر صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحال الدنيا وما هي عليه من الوصف الذي يروق الناظرين والذائقين. ثم أخبر أن الله جعلها محنة وابتلاء للعباد. ثم أمر بفعل الأسباب، التي تقي من الوقوع في فتنتها.
فإخباره بأنها حلوة خضرة يعم أوصافها التي هي عليها. فهي حلوة في مذاقها وطعمها، ولذاتها وشهواتها، خضرة في رونقها وحسنها الظاهر، كما قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ} [آل عمران:14]. وقال تعالى: {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} [الكهف:7]. فهذه اللذات المنوعة فيها، والمناظر البهيجة، جعلها الله ابتلاء منه وامتحاناً، واستخلف فيها العباد لينظر كيف يعملون؟
فمن تناولها من حلها، ووضعها في حقها، واستعان بها على ما خلق له من القيام بعبودية الله، كانت زاداً له وراحلة إلى دار أشرف منها وأبقى، وتمت له السعادة الدنيوية والأخروية.
ومن جعلها أكبر همه، وغاية علمه ومراده، لم يؤتَ منها إلا ما كتب له. وكان مآله بعد ذلك إلى الشقاء، ولم يهنأ بلذاتها ولا شهواتها إلا مدة قليلة. فكانت لذاته قليلة. وأحزانه طويلة.
وكل نوع من لذاتها فيه هذه الفتنة والاختبار. ولكن أبلغ ما يكون وأشد فتنة: النساء؛ فإن فتنتهن عظيمة، والوقوع فيها خطير وضررها كبير؛ فإنهن مصائد الشيطان وحبائله، كما صاد بهن من مُعافى فأصبح أسير شهوته، رهين ذنبه، قد عَزَّ عليه الخلاص، والذنب ذنبه فإنه الذي لم يحترز من هذه البلية، وإلا فلو تحرز منها، ولم يدخل مداخل التهم، ولا تعرض للبلاء، واستعان باعتصامه بالمولى، لنجا من هذه الفتنة، وخلص من هذه المحنة.
ولهذا حذر النبي صلّى الله عليه وسلم في هذا الحديث منها على الخصوص. وأخبر بما جَرَّت على من قبلنا من الأمم؛ فإن في ذلك عبرة للمعتبرين، وموعظة للمتقين. والله أعلم. [بهجة قلوب الابرار و قرة عيون الاخيار] للعلامة السعدي رحمه الله.
(طَوِيلَتَيْنِ) وفي الحديث بيان عظم مكرهن. حاشية السندي على مسند الامام احمد
قال القاضي عياض رحمه الله: إذا كانت فعلت هذه المرأة هذا لتستتر لا تتميز فحسن ذلك، وإن فعلته لتظهر نفسها بالكمال للرجال والتزين لهم فغير مباح فعلها فى الشرع.
وأما اتخاذها المسك فى خاتمها وإشارتها به، فذلك غير مباح عندنا إذا خرجن. والطيب على النساء إذا لم يخرجن غير ممنوع. وفى الحديث: ” لا تقبل صلاة المرأة تطيبت لهذا المسجد، حتى ترجع فتغتسل غسلها من الجنابة “، وفيه: ” فليخرجن إذا خرجن تفلات ”
وقوله – عليه السلام – فى المسك ” وهو أطيب الطيب “: تدل على طهارته، وجواز استعماله. والإجماع قد وقع عليه وهو العمدة فيه، غير ملتفت إلى أصله، ولا ما يولد عنه، وهو غير مخصوص من سائر ما يشبهه من النجاسات ورطوبة الميتات وأجزائها
وقد مر منه، ولم يذكر فيه خلاف إلا ما حكاه عن عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز ولا تصح، والمعروف من السلف إجماعهم على استعماله، واقتداؤهم بالنبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك. اكمال المعلم (7/ 194).
قال النووي في شرحه لمسلم: وأما اتخاذ المرأة القصيرة رجلين من خشب حتى مشت بين الطويلتين فلم تعرف فحكمه في شرعنا أنها ان قصدت به مقصودا صحيحا شرعيا بأن قصدت ستر نفسها لئلا تعرف فتقصد بالأذى أو نحو ذلك فلا بأس به وإن قصدت به التعاظم أو التشبه بالكاملات تزويرا على الرجال وغيرهم فهو حرام
قال العلامة ابن عثيمين: فإن الواجب توقي فتنة النساء بكل ما يستطاع، ولا ينبغي أن يغرنا ما يدعو إليه أهل الشر والفساد من المقلدين للكفار، من الدعوة إلى اختلاط المرأة بالرجال؛ فإن ذلك من وحي الشيطان والعياذ بالله، هو الذي يزين ذلك في قلوبهم، وإلا فلا شك أن الأمم التي كانت تقدم النساء وتجعلهن مع الرجال مختلطات، لا شك أنها اليوم في ويلات عظيمة من هذا الأمر، يتمنون الخلاص منه فلا يستطيعون. ” شرح رياض الصالحين” (3/ 153).
قال ابن بطال: وفى حديث أسامة أن فتنة النساء أعظم الفتن مخافة على العباد؛ لأنه عليه السلام عمم جميع الفتن بقوله: (ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء)، ويشهد لصحة هذا الحديث قول الله تعالى: (زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين) [آل عمران: 14] الآية، فقدم النساء على جميع الشهوات، وقد روى عن بعض أمهات المؤمنين أنها قالت: من شقائنا قدمنا على جميع الشهوات. فالمحنة بالنساء أعظم المحن على قدر الفتنة بهن، وقد أخبر الله معذلك أن منهن لنا عدوا، فينبغى للمؤمن الاعتصام بالله، والرغبة إليه فى النجاة من فتنتهن، والسلامة من شرهن، وقد روى فى الحديث أنه لما خلق الله المرأة فرح الشيطان فرحا عظيما، وقال: هذه حبالتى التى لا يكاد يخطئنى من نصبتها له. شرح صحيح البخاري (7/ 189).
قال الحافظ في الحديث إن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن ويشهد له قوله تعالى زين للناس حب الشهوات من النساء فجعلهن من عين الشهوات وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك وقد قال بعض الحكماء النساء شر كلهن وأشر ما فيهن عدم الاستغناء عنهن ومع أنها ناقصة العقل والدين تحمل الرجل على تعاطي ما فيه نقص العقل والدين كشغله عن طلب أمور الدين وحمله على التهالك على طلب الدنيا وذلك أشد الفساد انتهى
قال العلامة محمد بن ابراهيم ال الشيخ: وأما اختلاط النساء بالرجال وحصول المفاسد التي ذكرتها فهذا من أكبر المنكرات التي يتعين إنكارها على الجميع، كما يجب على كل فرد أن يمنع نساءه من هذا السفور والاختلاط، فإن فتنة النساء فتنة عظيمة. [فتاوى ورسائل سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم ال الشيخ (10/ 50).
الخلاصة:
1 – تبين من كلام أهل العلم أن من أعظم الفتن فتنة النساء حتى كادت أحداهن تذهب عقول الرجال بسبب فتنتهن، وميلوهن في الكلام و ترقيق لسانها مع الغير، فتجد أحداهن في الاماكن العامة كالمولات والاسواق وغيرها أن الشيطان يتلاعب بهن من تبرج وسفور ولباس قصير وضيق، واخراج مفاتنها ومحاسنها للاجانب، مع أن الشرع أمرهن بالستر، واللباس الواسع البعيد عن الشهرة ..
2 – الاختلاط محرم، فاختلاط الرجل بالمرأة أو بالمرأة بالرجل من الفساد العظيم على الفرد وعلى المجتمع، والاختلاط شر يؤدي الى مفاسد عظيمة كالوقوع في الزنا، ولا يكاد تجد شركة أو جامعة أو غير ذلك إلا وفيه اختلاط، وقد يضعون شروط للعمل أن تكون المرأة ذات جمال وحسن المنظر، فالحذر الحذر من فتنة النساء، كيف وحصل الطلاق، وهجران زوجته وعائلته، وتشتت الاسر، وكثرت الفواحش والمنكرات في المجتمع الا بسبب الاختلاط .. والغرب لا يريدون من المرأة المسلمة ان تلتزم بحجابها وان تستقيم على دينها ويريدون أخراجها من السعادة الى الشقاوة، حتى جعلوا المرأة تهتم بنفسها من حيث اللباس والتبرج وقصات الشعر المخالفة لشرعنا، وتركت اولادها عرضة للخطر، وتركت اطاعتها لزوجها، فالواجب المتابعة للزوجة والاولاد، وكيف أن يربيهم التربية الدينية على وفق شرعنا الحنيف برفق ولين.
3 – لا يجوز خروج المرأة متعطرة ولو كان ذهابها الى المسجد لما جاء فيه من الوعيد.
4 – الواجب على المرأة أن تتعلم العلم الشرعي، وان تكون قدوتها النساء الفضليات الصحابيات في جميع شؤونها، وان تترك كل من يريد افساد دينها أو ممن تريد قطع علاقتها بالصالحات الناصاحات فالحذر منهن.