184 رياح المسك العطرة من رياض صحيح البخاري المزهرة
مجموعة أبي صالح حازم وأحمد بن علي وسيف بن غدير
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
مراجعة سيف بن غدير النعيمي
وعبدالله البلوشي أبي عيسى
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
قال الإمام البخاري في كتاب الوضوء من صحيحه:
باب 37 من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل
184 – حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن هشام بن عروة عن امرأته فاطمة عن جدتها أسماء بنت أبي بكر أنها قالت أتيت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين خسفت الشمس فإذا الناس قيام يصلون وإذا هي قائمة تصلي فقلت ما للناس فأشارت بيدها نحو السماء وقالت سبحان الله فقلت آية فأشارت أي نعم فقمت حتى تجلاني الغشي وجعلت أصب فوق رأسي ماء فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه ثم قال ما من شيء كنت لم أره إلا قد رأيته في مقامي هذا حتى الجنة والنار ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون في القبور مثل أو قريب من فتنة الدجال لا أدري أي ذلك قالت أسماء يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرجل فأما المؤمن أو الموقن لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول هو محمد رسول الله جاءنا بالبينات والهدى فأجبنا وآمنا واتبعنا فيقال له نم صالحا فقد علمنا إن كنت لمؤمنا وأما المنافق أو المرتاب لا أدري أي ذلك قالت أسماء فيقول لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته
فوائد الباب:
1 – قوله (من لم يتوضأ إلا من الغشي المثقل) قال عبد الواحد: الغشي مرض يعرض من طول التعب والوقوف، يقال فيه: غشي عليه، وهو ضرب من الإغماء، إلا أنه أخف منه إذا كان خفيفا، ولا ينقض الوضوء، ولا الصلاة، وإنما صبت أسماء الماء على رأسها مدافعة للغشي، ولو كان كثيرا لقطعت الصلاة، لأنه إذا كثر صار كالإغماء، ونقض الوضوء بإجماع. وقال صاحب العين: غشي عليه: ذهب عقله، وفى القرآن (كالذي يغشى عليه من الموت) [الأحزاب: 19]، وقال: (فأغشيناهم فهم لا يبصرون) [يس: 9]. قاله ابن بطال في شرح صحيح البخاري له.
2 – حديث عائشة رضي الله عنها سبق في باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والرأس باب 24 وذكرنا فوائده هناك.
3 – قولها (حتى تجلاني الغشي وجعلت أصب فوق رأسي ماء) هذا هو موضع الشاهد، ولم تخرج من الصلاة أي أن هذا النوع من الغشي ليس ناقضا للوضوء وليس حكمه كالغشي المثقل.
4 – … عن أنس، قال: «كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء الآخرة حتى تخفق رءوسهم، ثم يصلون ولا يتوضأون» أخرجه أبو داود في سننه 200 من طريق هشام الدستوائي، عن قتادة، عن أنس به وأصله في مسلم 376 ولفظه ” كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضأون”. قال ابن المبارك: هذا عندنا وهم جلوس. وعلى هذا حمله عبد الرحمن بن مهدى والشافعى قال البيهقي في السنن الكبرى
5 – عن قتادة، عن أنس، أو عن أناس، من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم «أنهم كانوا يضعون جنوبهم فينامون منهم من يتوضأ ومنهم من لا يتوضأ» أخرجه أبو يعلى في مسنده 3199 من طريق خالد عن سعيد عن قتادة به ورواه البزار في مسنده 7077 من طريق ابن أبي عدي، عن سعيد، عن قتادة، عن أنس أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يضعون .. فذكره، تابعه عبده بن سليمان عن سعيد بن ابي عروبة به أخرجه ابن المنذر في الأوسط، تابعه عبد الأعلى عن سعيد به أخرجه أبو داود كما في مسائل الإمام أحمد له 2014 ,وقد أشار إليه أبو داود في سننه أيضا بقوله ” ورواه ابن أبي عروبة عن قتادة بلفظ آخر.”. وقال الألباني في إسناد أبي داود إسناده صحيح على شرط الشيخين.، وقال الحافظ ابن حجر كما في الفتح في إسناد البزار صحيح
6 – سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ، يَقُولُ: اخْتَلَفَ شُعْبَةُ، وَسَعِيدٌ، وَهِشَامٌ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ: «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَخْفِقُ رُءُوسُهُمْ، ثُمَّ يُصَلُّونَ وَلَا يَتَوَضَّئُونَ» فِي اللَّفْظِ، وَكُلُّهُمْ ثِقَاتٌ قاله الإمام أبو داود كما في مسائل الإمام أحمد له 2014 قال الألباني كما في صحيح أبي داود ” وهو يدل على أن أحمد يرى صحتها جميعا؛ وهو الصواب” انتهى
تنبيه لم أجده في مسند أحمد بلفظ – يضعون جنوبهم -، كما أورد أبو داود في سننه طرفا من الإسناد فقط فأخشى أنهم يومئون إلى شذوذها وقال بشذوذها محققو المسند.
والإمام أحمد نفسه قال كما في الجامع لعلوم الإمام أحمد (14) / (133):
لم يقل شعبة قط: كانوا يضطجعون. وقال هشام: كان ينعسون.
قال الخلال: قلت لأحمد: حديث شعبة كان يضعون جنوبهم؟
فتبسم وقال: هذِه بمرة يضعون جنوبهم.
وقال مرة: ما. . . شيء أحسن من حديث أنس قال: كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون، ومرة: هكذا قال شعبة، وقال هشام كان أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- يخفقون برؤوسهم وقال ابن أبي عروبة: يضعون جنوبهم وتبسم وقال: هذا المعمول انتهى
وقال ابن عبد الهادي في المحرر في الحديث 75 وَقد اخْتلفُوا فِي حَدِيث أنس وَقد رَوَاهُ أَبُو يعْلى الْموصِلِي من رِوَايَة سعيد عَن قَتَادَة، وَلَفظه: ” يضعون جنُوبهم فينامون، مِنْهُم من يتَوَضَّأ وَمِنْهُم من لَا يتَوَضَّأ “. قلت تفرد سعيد بها يشير إلى شذوذها والله أعلم
7 – قال ابن الأثير في جامع الأصول ” تخفق: خفق رأس الناعس من النوم: إذا مال على صدره”.
8 – ” وكان – رسول الله صلى الله عليه وسلم – معصوما في نومه من الحدث وكان يقول تنام عيني ولا ينام قلبي،
وفي ذلك دليل على أن النوم عينه ليس بحدث إذ لا فرق بين رسول الله وبين أمته في الأحداث وإنما النوم مظنة للحدث لأن النائم قد يوجد في الأغلب منه الحدث فحمل على حكم الأحداث وحقيقة النوم هو الغشية الثقيلة التي تهجم على القلب فتقطعه عن معرفة الأمور الظاهرة والناعس هو الذي رهقه ثقل قطعه عن معرفة الأحوال الباطنة.” قاله أبو سليمان الخطابي في غريب الحديث له.
9 – أخرج ابن المنذر في الأوسط 41 في ذكر الوضوء من النوم: ” حدثنا ابراهيم بن عبد الله ان يزيد بن هارون ان يحيي بن سعيد ان نافعا اخبره ان بن عمر كان اذا نام قاعدا لم يتوضا واذا اضطجع فنام يتوضا وأخرجه عبد الرزاق في المصنف 1412 من قوله قال حدثنا حفص، عن يحيى بن سعيد، عن نافع، عن ابن عمر؛ أنه كان لا يرى على من نام قاعدا وضوءا. إسناده صحيح. وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى 605 من طريق ابن وهب أخبرك مالك بن أنس وعبد الله بن عمر ويونس بن يزيد والليث بن سعد وابن سمعان عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان ينام وهو جالس ثم يصلى ولا يتوضأ .. إسناده صحيح ..
10 – حدثنا محمد بن علي ثنا سعيد ثنا اسماعيل بن عياش عن محمد بن زياد وشرحبيل بن مسلم عن أبي امامة الباهلي انه كان يكثر ان ينام قاعدا حتي يميل ثم يصلي ولا يتوضا تابعه أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا إسماعيل به نحوه وعنده ” حتى يمتلئ نوما” المصنف 1413 إسناده صحيح من طريق محمد بن زياد.
11 – عن أبي هريرة قال ليس على النائم القائم ولا على المحتبي ولا على الساجد النائم الوضوء. أخرجه ابن المنذر في الأوسط باب ذكر الوضوء من النوم 43 من طريق سعيد ثنا عبد الله بن المبارك عن حيوة بن شريح عن حميد بن زياد عن يزيد بن قسيط عن أبي هريرة به، تابعه علي بن الحسن بن شقيق حدثنا عبد الله هو ابن المبارك به وزاد “فإذا اضطجع توضأ” أخرجه البيهقي في السنن الكبرى 614 وقال وهذا موقوف. قلت إسناده حسن من أجل أبي صخر حميد بن زياد
12 – حدثنا محمد بن اسماعيل ثنا ابراهيم حدثني ابن فليح عن ابيه عن شيبه بن الحارث ان ابا هريره كان يفتي من نام مضطجعا عليه الوضوء ولا يامر من نام قائما بالوضوء كلها ذكرها ابن المنذر في الأوسط.
13 – عن هشام بن عروة، عن أبيه، قال: إذا استثقل نوما وهو قاعد توضأ. أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 1434 قال حدثنا عفان، قال: حدثنا أبان العطار، عن هشام بن عروة به
14 – قال البيهقي في السنن الكبرى بعد أن أورد حديث عائشة في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغمي عليه فاغتسل قال والغسل بالإغماء شاء استحبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- والوضوء يكفى إن شاء الله تعالى
15 – فالذين يوجبون الوضوء من مطلق النوم معهم الأحاديث المطلقة وحديث الباب ونحوه من الآثار عن الصحابة فيه التقييد بنوم مخصوص يخرج النائم عن الإحساس بما يخرج منه إن خرج وبقولهم تجتمع الأدلة والله أعلم.
16 – المغمى عليه لا يجب عليه قضاء ما فاته من الصلوات والأحوط القضاء
في الجامع لعلوم الإمام أحمد:
فصل في من يجب عليه قضاء الفوائت
367 – قضاء الصلاة للمغمى عليه
قال إسحاق بن منصور: قلت: المغمى عليه ما يقضي من الصلوات؟
قال: يقضي الصلوات كلها، نام النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الصلاة فقضاها. وذكر حديث أبي مجلز عن عمران بن حصين وسمرة بن جندب وعمار بن ياسر -رضي الله عنهم- قال: إما أن يقضيها كلها وإما أن لا يقضي شيئا من الصلوات.
قال إسحاق: لا يقضي إلا صلاة يومه الذي أفاق فيه، وإن أفاق قبل طلوع الشمس قضى الفجر، وإن لم يفق حتى انتصف النهار فإنه يقضي الفجر قط.
“مسائل الكوسج” (318)
وفي مسائل صالح:
قلت: فإن ابن عمر أغمي عليه أكثر من ليلة فلم يعد الصلاة؟!
[قال]: وروي عن عمار أنه أغمي عليه ثلاثا فقضى، وروي عن عمران ابن حصين وسمرة بن جندب: أنه يعيد، قال سمرة: مع كل صلاة صلاة، يقول: مع الظهر الظهر، ومع العصر العصر. قال عمران: بل يعيدهن جميعا. فمن ذهب إلى حديث ابن عمر يقول: إن القلم عنه مرفوع فلا يعيد شيئا. فأما من قال: خمس صلوات، فلا نعلم له معنى، إما أن لا يعيد، وإما أن يعيد الصلوات كلهن، ويروى عن إبراهيم النخعي: أنه يعيد خمس صلوات.
“مسائل صالح” (612)
وراجع “مسائل عبد الله” (198) و” (888)
وذكر الآثار عن الصحابة والتابعين ابن أبي شيبة في مصنفه حيث بابين باب ما يعيد المغمى عليه من الصلاة فذكر القائلين بذلك. ثم بوب
من قال: ليس عليه إعادة وذكر القائلين بذلك
قال ابن باز:
* المغمى عليه يقضي ثلاثة فما دون، وإن زاد فلا، لما روي عن بعض الصحابة وللمشقة (يعني في الصلاة).
* الغشي كالنوم الخفيف لا ينقض الوضوء، وأما الإغماء فينقض
الحلل الإبريزية من التعليقات البازية على صحيح البخاري (1/ 61)
قال بعض أهل الفتوى من المعاصرين:
والذي يظهر لي أن إلحاق المغمى عليه بالنائم غير مسلَّم، قال الشيخ العلامة العثيمين: [فإذا نظرنا إلى التَّعليل وجدنا أنّ الرّاجح قول من يقول: لا يقضي مطلقًا؛ لأنّ قياسه على النّائم ليس بصحيح، فالنّائم يستيقظ إذا أُوقِظَ، وأمّا المُغمى عليه فإنّه لا يشعر. وأيضًا: النَّوم كثير ومعتاد، فلو قلنا: إنّه لا يقضي سقط عنه كثير من الفروض. لكن الإغماء قد يمضي على الإنسان طولُ عمره ولا يُغمى عليه، وقد يسقط من شيء عالٍ فيُغمى عليه، وقد يُصاب بمرضٍ فيُغمى عليه. وأما قضاء عمّار – إن صحَّ عنه – فإنّه يُحمل على الاستحباب، أو التَّورُّعِ، وما أشبه ذلك] الشرح الممتع (2) / (10). وقال الحافظ ابن عبد البر: [وأما قول من قال يقضي المغمى عليه إذا أغمى عليه خمس صلوات فدون ولا يقضي أكثر، فقول ضعيف لا وجه له في النظر، لأنه تحكم لا يجب امتثاله، إلا لو كان قول من يجب التسليم له، وأصح ما في هذا الباب في المغمى عليه يفيق، أنه لا قضاء عليه لما فاته وقته، وبه قال ابن شهاب والحسن وابن سيرين وربيعة ومالك والشافعي وأبو ثور وهو مذهب عبد الله بن عمر أغمى عليه فلم يقض شيئًا مما فات وقته وهذا هو القياس عندي والله اعلم] التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (3) / (290).
وخلاصة الأمر أن الراجح من أقوال أهل العلم أن المغمى عليه لا يجب عليه قضاء الصلوات الفائتة، ولكن الأحوط أن يقضي ما فاته، وخاصة إذا كانت الفوائت قليلة، وأما إذا كانت الفوائت كثيرة، فالأحوط أن يصلي مع كل صلاة حاضرة، صلاة فائتة حتى يغلب على ظنه أن قد قضى ما عليه، فهذا أبرأ للذمة. انتهى نقل الفتوى
تنبيه: في تنقيح الذهبي نقل الخلاف وقال:
وفِي الدّارقطنيُّ من حَدِيث الحكم بن عبد الله الأيْلِي – تَرَكُوهُ – نا القاسِم «أنّ عائشةَ سألتْ رَسُول الله [?] عَن الرجل يغمى عَلَيْهِ فَيتْرك الصلاةَ، فَقالَ: لَيْسَ لشيءٍ من ذَلِك قضاءٌ، إلّا أن يغمى عَلَيْهِ فِي وقت صلاةٍ، فيفيقُ، وهُوَ فِي وقتها، فيُصلِّيها».
فالحكم تركوه وراجع ميزان الاعتدال
وكذلك نقل النووي تضعيف الحديث كما في خلاصة الأحكام 1/ 251
وكذلك ضعف الشافعي والبيهقي أثر عمار في القضاء أو حمل على الاستحباب
رواه الدارقطني في سننه عن يزيد مولى عمار بن ياسر: أغمي عليه في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، فأفاق نصف الليل، فصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء. ورواه البيهقي في المعرفة، وقال: قال الشافعي: هذا ليس بثابت عن عمار، ولو ثبت، فمحمول على الاستحباب، قال البيهقي: وعليه أن راويه يزيد مولى عمار مجهول، والراوي عنه إسماعيل بن عبد الرحمن السدي، كان يحيى بن معين يضعفه. وكان يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يريان به بأسًا، ولم يحتج به البخاري انتهى. انظر نصب الراية (2) / (177)
وراجع للخلاف في المسألة المغني وغيره من كتب الفقه والموسوعة الفقهية الكويتية (5/ 268)
وراجع الشرح الممتع على زاد المستقنع (2/ 129) حيث ذكر أمثله على الإغماء يدرك من الوقت قدر تكبيرة الإحرام أو يدرك ركعة