184 جامع الأجوبة الفقهية ص 224
قام به ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وأن يبارك في ذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
باب نواقض الوضوء
مسألة 2: هل يجب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء؟
♢- جواب ناصر الريسي:
بعد أن بحثنا في المسألة السابقة أن المذي ناقض من نواقض الوضوء، ونقلنا الأدلة على ذلك من السنة والإجماع، سنبحث بإذن الله تعالى في هذه المسألة ما يجب على من أمذى؟ يعني هل يكفيه الوضوء فقط، أم يجب عليه مع الوضوء غسل الذكر والأنثيين؟
والمقصود بالأنثيين أي الخصيتين
♢- اختلف أهل العلم في هذه المسألة على ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يجب غسل موضع الحشفة فقط، وهو مذهب الحنفية والشافعية، ونسبه النووي للجمهور ، ورجحه ابن عبد البر.
الثاني: يجب غسل الذكر كله، وعليه أكثر أصحاب مالك.
الثالث: يجب غسل الذكر كله مع الأنثيين، وهو مذهب الحنابلة، وذكروه من المفردات، وهو مذهب ابن حزم.
انظر: شرح فتح القدير (1/ 72)، المبسوط (1/ 67)، المجموع (2/ 164)، مغني المحتاج (1/ 79)، فتح البر بترتيب التمهيد (3/ 323)، مواهب الجليل (1/ 285)، الخرشي (1/ 149)، الإنصاف (1/ 330) المغني (1/ 112)، المحلى (1/ 118).
♢- أدلة الجمهور الذين قالوا بوجوب غسل موضع الحشفة فقط مع الوضوء:
الدليل الأول: عن علي قال كنت رجلا مذاء وكنت أستحيي أن أسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فأمرت المقداد بن الأسود فسأله فقال يغسل ذكره ويتوضأ”. متفق عليه، صحيح مسلم (303)، وصحيح البخاري (269).
وجه الاستدلال:
قالوا: إن من غسل مخرج المذي من الذكر، فقد غسل ذكره، فإيجاب غسل الذكر كله لا دليل عليه من الشرع.
الدليل الثاني:
روى عبدالرزاق في مصنفه (608): عن ابن عباس، قال في المذي والودي والمني: “من المني الغسل، ومن المذي والودي الوضوء، يغسل حشفته ويتوضأ”.
وروى ابن أبي شيبة في مصنفه (1/ 89) رقم 984 عن ابن عباس، قال: “المني والودي والمذي، فأما المني ففيه الغسل، وأما المذي والودي ففيهما الوضوء، ويغسل ذكره”.
وجه الدلالة:
أن ابن عباس تارة يقول: “يغسل ذكره” وتارة يقول: “يغسل حشفته” فدل على أن مراده بقوله: ” اغسل ذكرك” أي الحشفة، وفهم الصحابي أولى من فهم غيره؛ لأنه عربي قح لم تدخل لسانه العجمة، وهو ممن روى عن علي حديث غسل الذكر من المذي، فلو كان يقتضي ذلك غسل الذكر كله لكان ابن عباس أولى بفهم ذلك من غيره، كما أن ابن عباس لم يذكر غسل الأنثيين، فلو كان غسل الأنثيين محفوظاً من حديث علي لقال به، خاصة أنه كما قلنا: ممن روى عن علي حديثه في طهارة المذي.
الدليل الثالث:
من النظر، قال الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 48):
“رأينا خروج المذي حدثاً، فأردنا أن ننظر في خروج الأحداث ما الذي يجب به؟ فكان خروج الغائط يجب به غسل ما أصاب البدن منه، ولا يجب غسل ما سوى ذلك إلا التطهر للصلاة، وكذلك خروج الدم في أي موضع خرج -في قول من جعل ذلك حدثاً- فالنظر على ذلك أن يكون كذلك خروج المذي، الذي هو حدث، ولا يجب غسل غير الموضع الذي أصاب من البدن غير التطهر للصلاة، فثبت ذلك أيضاً بما ذكرنا من طريق النظر، وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد بن الحسن رحمهم الله تعالى”. انتهى
♢- حجة القول الثاني وهو وجوب غسل الذكر كله:
عن علي قال كنت رجلا مذاء فأمرت رجلا أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فسأل فقال توضأ واغسل ذكرك. رواه البخاري في صحيحه (269)، ومسلم (303).
وجه الدلالة:
قوله – صلى الله عليه وسلم -: اغسل ذكرك، حقيقة في جميع الذكر، فهو مفرد مضاف، فيعم جميع الذكر.
فيغسل مخرج الذكر من أجل النجاسة، أما بقية الذكر فهل غسله تعبدي غير معقول المعنى، بحيث يحتاج الأمر إلى نية؟ أو غسله من أجل قطع مادة المذي، فهو كغسل النجاسات، لا يفتقر إلى نية، قولان في مذهب مالك.
♢- أدلة القول الثالث وهو وجوب غسل الذكر والأنثيين مع الوضوء:
الدليل الأول:
عن هشام بن عروة، عن أبيه: قال: قال علي كنت رجلا مذاء، وكنت أستحي أن أسأل النبي – صلى الله عليه وسلم – لمكان ابنته، فأمرت المقداد، فسأله، فقال: “يغسل ذكره وأنثييه ويتوضأ”. رواه أحمد (1/ 124).
الدليل الثاني:
عن عبد الله بن سعد الأنصاري، قال: سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – عما يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء؟ فقال: ذلك المذي، وكل فحل يمذي، فتغسل من ذلك فرجك وإنثييك، وتوضأ وضوءك للصلاة. رواه أبي داود في سننه (211).
♢- قال في حاشية الدسوقي (1/ 112): واعلم أن غسل الذكر من المذي وقع فيه خلاف، قيل: إنه معلل بقطع المادة، وإزالة النجاسة. وقيل: إنه تعبد، والمعتمد الثاني. ثم قال: ويتفرع أيضاً، هل تجب النية في غسله أو لا تجب، فعلى القول بالتعبد تجب، وعلى القول بأنه معلل لا تجب، والمعتمد وجوبها. اهـ
♢- قال ابن الملقن في الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (1/ 651)
“واختلف العلماء: هل يغسل منه كل الذكر أو محل النجاسة فقط؟ فالشافعي والجمهور قالوا بالثاني، والمشهور عن مالك الأول كما قال الفاكهي، قال: وإن غلّظ اللخمي القول به، وهو رواية عن أحمد؛ لكون الذكر حقيقة في العضو كله، وخرجه ابن بشير المالكي على الخلاف الأصولي على أن الأسماء تحمل على أوائلها أو على أواخرها، وفي التخريج نظر.
واختلفوا في معنى غسل الجميع: هل هو لمعنى تبريد العضو فيضعف المذي، أو هو تعبد؟ وبنوا على ذلك فرعًا وهو وجوب النية لغسله إن جعلناه تعبدًا، وجبت؛ لأن الطهارة التعبدية تفتقر إلى النية كالوضوء، وعدل جمهور العلماء عن استعمال الحقيقة في الذكر كله نظرًا إلى المعنى الموجب للغسل وهو خروج الخارج، فاقتضى الاقتصار عليه، ومن جعل الحكمة فيه التبرد اقتضى عدم وجوبه أيضًا.
وأوجب الإِمام أحمد وجوب غسل الأنثيين أيضًا لرواية في أبي داود بالأمر بغسلهما مع الذكر، وهي منقطعة؛ لأنها من حديث عروة عن علي، وعروة لم يسمع من علي”. انتهى
♢- وجاء في المعاني البديعة في معرفة اختلاف أهل الشريعة (1/ 55):
“عند الشافعي لا يجب الغسل بخروج المذي ولا بخروج الودي، ويجب منه الوضوء وغسل الموضع الذي يصيبه لا غير. وعند مالك يجب عليه غسل جميع الذكر، وهو رواية عن أحمد، وزاد غسل الأنثيين مع الوضوء”. انتهى
♢- وقال البسام في توضيح الأحكام (1/ 289):
“جاء في أحد ألفاظ مسلم لهذا الحديث: “اغسلْ ذكرك وتوضَّأ”، وورد في بعض ألفاظه أيضًا: “واغسل الأُنثيين”. فقد دلَّت هاتان الروايتان على وجوب غسل الذكر والأنثيين، والوضوء بعد ذلك؛ لأنَّ المذي مخرجه مخرج البول”. انتهى
♢- قال الشيخ ابن باز مجموع فتاوى (10/ 187):
خروج المذي لا يوجب الغسل، ولكن يوجب الوضوء بعد غسل الذكر والأنثيين إذا أراد أن يصلي أو يطوف أو يمس المصحف؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عنه قال: فيه الوضوء، وأمر من أصابه المذي أن يغسل ذكره وأنثييه.
♢- وقال الشيخ ابن عثيمين في تعليقاته على الكافي (1/ 238):
“مذي وحكمه أن نجاسته مخففة يكفي فيه النضح لكن يجب فيه غسل الذكر والأنثيين وإن لم يصبهما ومن فوائد غسل الذكر والأنثيين أن ذلك يقلل من خروج المذي”. انتهى
جواب سيف بن دوره :
لفظ غسل الانثيين :
وردت في سنن أبي داود :
208 – حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ قَالَ لِلْمِقْدَادِ وَذَكَرَ نَحْوَ هَذَا قَالَ فَسَأَلَهُ الْمِقْدَادُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لِيَغْسِلْ ذَكَرَهُ وَأُنْثَيَيْهِ ».
قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَرَوَاهُ الثَّوْرِىُّ وَجَمَاعَةٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِىٍّ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فِيهِ : « وَالأُنْثَيَيْنِ ».
إسناد منقطع لكن سيأتي في الصحيح أصل القصة.
قال الإمام أحمد: ما قال غسل الأنثيين إلا هشام بن عروة، فأما الأحاديث كلها فليس فيها ذا . مسائل أبي داود” للإمام أحمد (156).
ـ قال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن رواية عروة، عن علي، فقال: مرسل. «علل الحديث» (138)
وسيأتي بعد أحاديث أن لفظ الأنثيين وردت من حديث عبدالله الأنصاري. وهو في الصحيح المسند وقد عللها عبدالحق وأقره ابن القطان. فربما يشير الإمام أحمد لاعلالها أيضا. وهم إنما يعلون أقوى حديث في الباب
وسيأتي بعد حديثين أن ابن القيم ذكر أن أبا عوانه أخرجه في صحيحه من حديث محمد بن سيرين عن عبيدة السلماني عن علي الحديث وفيه ( يغسل أنثييه وذكره ويتوضأ )
قال أبو عوانة
٧٦٥ – حَدَّثَنا مُوسى بْنُ سَهْلٍ قالَ: ثَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، ويَزِيدُ بْنُ خالِدِ بْنِ مُرْشِلٍ قالا: ثَنا سُلَيْمانُ بْنُ حَيّانَ، عَنْ هِشامِ بْنِ حَسّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ عَبِيدَةَ السَّلْمانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أبِي طالِبٍ قالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذّاءً فاسْتَحْيَيْتُ أنْ أسْألَ النَّبِيَّ ﷺ، فَأرْسَلْتُ المِقْدادَ فَسَألَ النَّبِيَّ ﷺ عَنْ ذَلِكَ، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: «يَغْسِلُ أُنْثَيَيْهِ وذَكَرَهُ ويَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلاةِ»
مستخرج أبي عوانة ١/٢٢٩
وهذا من زيادات أبي عوانة على صحيح مسلم
فالسند جيد إن كان الأئمة لم يتركوه لعلة فيه.
والله أعلم..