183 و 184 و 185 – عبق الياسمين شرح رياض الصالحين
سلطان الحمادي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
21 – باب التعاون عَلَى البر والتقوى
183 – وعن أَبِي سعيدٍ الخُدْرِيِّ رضي اللَّه عنهُ أَنَّ رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم، بَعَثَ بَعْثاً إِلى بَني لِحيانَ مِنْ هُذَيْلٍ فقالَ: “لِيَنْبعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا” رواه مسلم.
قوله: ” بَعَثَ بَعْثاً ” قال الفيومي – رحمه الله -: بعثت رسولا بعثا: أرسلته، …
وقال أيضا:” البعث: الجيش تسمية بالمصدر، والجمع: البعوث.” (المصباح المنير)
قال النووي: “بنو لحيان ” فبكسر اللام وفتحها، والكسر أشهر، وقد اتفق العلماء على أن بني لحيان كانوا في ذلك الوقت كفارا، فبعث إليهم بعثا يغزونهم، وقال لذلك البعث: ليخرج من كل قبيلة نصف عددها، وهو المراد بقوله: من كل رجلين أحدهما. وأما كون الأجر بينهما، فهو محمول على ما إذا خلف المقيم الغازي في أهله بخير كما شرحناه قريبا، وكما صرح به في باقي الأحاديث.” (شرح النووي) وقد مر معنا في الحديث الماضي كلام النووي.
(من هذيل)؛ قال الأتيوبي:” يعني: أن بني لحيان قبيلة من شعبة من هذيل بصيغة التصغير، وهو هذيب بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، قاله في “اللباب” (البحر المحيط الثجاج) (32/ 493)
قوله: (الأجر بينهما) قال ابن علان:” والأجر أي مجموع الحاصل للغازي والخالف له بخير (بينهما) فهو بمعنى قوله في الحديث قبله: «ومن خلف غازياً فقد غزا» وأما حديث مسلم: «أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مثل نصف أجر الخارج»،فقال القرطبي: لفظة نصف تشبه أن تكون مقحمة: أي مزيدة من بعض الرواة، وقال العلقمي: لا حاجة لدعوى زيادتها بعد ثبوتها في الصحيح. والذي يظهر في توجيهها أنها إنما أطلقت بالنسبة إلى مجموع الثواب الحاصل للغازي والخالف له بخير، فإن الثواب إذا قسم بينهما نصفين كان لكل منهما مثل ما للآخر فلا تعارض بين الحديثين.
قلت: إلا أنه على هذا التوجيه يكون فيه حذف، وعلى توجيه القرطبي تكون فيه زيادة والله أعلم. (دليل الفالحين)
قال الأتيوبي: ” أي: يكون الأجر بين الغازي، والباقي إذا قام على أهله بخير، وهذا فيه أن أجرهما سواء، وقوله في الرواية الأخرى: “مثل [نصف] أجر الخارج” يقتضي أن للقاعد نصف أجر الخارج، لا مثله، وتقدم أن المراد بالنصف: نصف مجموع الأجرين؛ لأنه إذا جمع أجراهما، ثم قسم بينهما كان نصيب أحدهما نصفا للمجموع، وهو في ذاته كامل، ويحتمل أن يكون النصف للقاعد حقيقة، فلا يساوي الخارج؛ لأنه يتحمل المشقة أكثر منه، والتوجيه الأول أولى، وأقرب؛ لأن القاعد يتحمل أيضا المشقة بقيامه على أهل الخارج وخدمتهم، فتفطن، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.” (البحر المحيط الثجاج) (32/ 493)
قال فيصل آل مبارك:” في هذا الحديث: دلالة على أنَّ الغازي والخالف له بخير، أجرهما سواء.” (التطريز)
قال ابن باز:” يقول صلى الله عليه وسلم لما بعث سرية قالَ: “لِيَنْبعِثْ مِنْ كُلِّ رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا وَالأَجْرُ بَيْنَهُمَا”؛ يعني: واحد يذهب للجهاد وواحد في البيت في حاجات البيت وحاجات العائلة ينوب أحدهما عن الآخر والأجر بينهما، الأجر الذي يعطاه للمجاهد يعطاه لصاحب البيت الذي يقيم لمصلحة العائلة يكون الأجر مشتركا هذا بقيامه لكونه خلفه في أهله في حاجاته وهذا في جهاده وتقديمه نفسه ابتغاء ما عند الله عزوجل، فهذا كله من التعاون على الخير، وهكذا إن كانوا ثلاثة فذهب واحد وبقي اثنان أو ذهب اثنان وبقي واحد يتعاون على البر والتقوى ” (شرح الرياض الصالحين (1/ 378)
قال أيضا:” وهكذا إذا كان واحد يذهب يطلب العلم ويتبصر ويتفقه في الدين، والآخر يطلب الرزق للعائلة ويلتمس الرزق فهما شريكان في الأجر فهذا يعين هذا ومن هذا الباب ما جاء في الحديث الصحيح أن رجلين كان أحدهما يحضر مجالس النبي صلى الله عليه وسلم، والآخر يعمل يطلب الرزق، فاشتكى العامل أخاه الذي يحضر المجالس مجالس العلم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليه الصلاة والسلام: ((لعلك ترزق به)) … فلعل الله يسهل الرزق لك بأسباب هذا الرجل الذي كفاك مؤونة طلب العلم، يتفقه لك وللمسلمين وأنت تعمل لمصلحته ومصلحة أهل بيتك فهذا من باب التعاون … ” (شرح رياض الصالحين) (1/ 378)
184 – عن ابنِ عباسٍ رضي اللَّه عنهما أَنَّ رسُولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لَقِيَ ركْباً بالرَّوْحَاءِ فَقَالَ: “مَنِ الْقوْمُ؟ “قالُوا: المُسْلِمُونَ، فَقَالُوا: مَنْ أَنْتَ؟ قَالَ:”رسولُ اللَّه”فَرَفَعَتْ إِلَيْهِ امْرَأَةٌ صَبِيًّا فَقَالَتْ: أَلَهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ:”نَعمْ وَلَكِ أَجْرٌ” رواه مسلم.
قوله: (لقي ركبا) قال النووي:” الركب أصحاب الإبل خاصة، وأصله أن يستعمل في عشرة فما دونها.
قوله (بالروحاء) قال النووي:” مكان على ستة وثلاثين ميلا من المدينة” (شرح مسلم) قال ابن عثيمين:” الروحاء مكان بين مكة والمدينة، وكان هذا في حجة الوداع” (شرح الرياض (1/ 376)
قوله: (فقال: من القوم؟ فقالوا: المسلمون، فقالوا: من أنت؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم) في رواية أبي داود: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّوْحَاءِ، فَلَقِيَ رَكْبًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ، قَالَ: ” مَنِ الْقَوْمُ؟ قال ابن علان:” قال ابن رسلان: فيه السلام على الركب المسافرين إذا لقيهم وإن لم يعرفهم، وأن الذي يسلم يكون كبير القوم، وأن من لقي غيره لا يكلمه قبل أن يسلم عليه، وكذا لا يجيب من كلمه قبل أن يسلم لحديث: «السلام قبل الكلام» ” (دليل الفالحين)
(السلام قبل الكلام) أخرجه ابن عدي في ” الكامل ” (303/ 2) وصححه الألباني في الصحيحة 816
قال القاضي عياض: يحتمل أن هذا اللقاء كان ليلا فلم يعرفوه صلى الله عليه وسلم، ويحتمل كونه نهارا، لكنهم لم يروه صلى الله عليه وسلم قبل ذلك لعدم هجرتهم، فأسلموا في بلدانهم ولم يهاجروا قبل ذلك.” (شرح مسلم)
قوله: (فرفعت امرأة صبيا لها فقالت: ألهذا حج؟ قال: نعم، ولك أجر) قال النووي:”فيه حجة للشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء أن حج الصبي منعقد صحيح يثاب عليه وإن كان لا يجزيه عن حجة الإسلام، بل يقع تطوعا، وهذا الحديث صريح فيه، وقال أبو حنيفة: لا يصح حجه. قال أصحابه: وإنما فعلوه تمرينا له ليعتاده فيقع إذا بلغ، وهذا الحديث يرد عليهم، قال القاضي: لا خلاف بين العلماء في جواز الحج بالصبيان، وإنما منعه طائفة من أهل البدع، ولا يلتفت إلى قولهم، بل هو مردود بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وإجماع الأمة، وإنما خلاف أبي حنيفة في أنه هل ينعقد حجه وتجري عليه أحكام الحج، وتجب فيه الفدية ودم الجبران وسائر أحكام البالغ؟ فأبو حنيفة يمنع ذلك كله ويقول: إنما يجب ذلك تمرينا على التعليم، والجمهور يقولون: تجري عليه أحكام الحج في ذلك ويقولون: حجه منعقد يقع نفلا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل له حجا، قال القاضي: وأجمعوا على أنه لا يجزئه إذا بلغ عن فريضة الإسلام إلا فرقة شذت فقالت: يجزئه، ولم تلتفت العلماء إلى قولها. (شرح النووي)
قوله صلى الله عليه وسلم: (ولك أجر) قال النووي:” معناه بسبب حملها وتجنيبها إياه ما يجتنبه المحرم وفعل ما يفعله المحرم. والله أعلم، وأما الولي الذي يحرم عن الصبي فالصحيح عند أصحابنا أنه الذي يلي ماله، وهو أبوه أو جده، أو الوصي أو القيم من جهة القاضي، أو القاضي أو الإمام، وأما الأم فلا يصح إحرامها عنه إلا أن تكون وصية أو قيمة من جهة القاضي، وقيل: إنه يصح إحرامها وإحرام العصبة وإن لم يكن لهم ولاية المال، هذا كله إذا كان صغيرا لا يميز، فإن كان مميزا أذن له الولي فأحرم، فلو أحرم بغير إذن الولي أو أحرم الولي عنه لم ينعقد على الأصح، وصفة إحرام الولي عن غير المميز أن يقول بقلبه: جعلته محرما. والله أعلم” (شرح مسلم)
قال صاحب العون:” قال الخطابي: إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقي حتى بلغ ويدرك مدرك الرجال وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهي غير واجبة عليه وجوب فرض ولكن يكتب له أجرها تفضلا من الله سبحانه وتعالى ويكتب لمن يأمره بها ويرشده إليها أجر فإذا كان له حج فقد علم أن من سننه أن يوقف به المواقف ويطاف به حول البيت محمولا إن لم يطق المشي وكذلك السعي بين الصفا والمروة ونحوها من أعمال الحج … وفي ذلك دليل على أن حجه إذا فسد ودخله نقص فإن جبرانه واجب عليه كالكبير وإن اصطاد صيدا لزمه الفداء كما يلزم الكبير، وفي وجوب هذه الغرامات عليه في ماله كما يلزمه لو أتلف مالا لإنسان فيكون غرمه في ماله أو وجوبها على وليه إذا كان هو الحامل له على الحج والنائب عنه، في ذلك نظر وفيه اختلاف بين الفقهاء. وقال بعض أهل العراق: لا يحج الصبي الصغير، والسنة أولى ما اتبع انتهى.” (عون المعبود)
قال الأتيوبي:” وقال الصنعاني رحمه الله: قوله: “لك أجر” أي: بسبب حملها، وحجها به، أو بسبب سؤالها عن ذلك الحكم، أو بسبب الأمرين. وقال القاري رحمه الله: أي: أجر السببية، وهو تعليمه إن كان مميزا، أو أجر النيابة في الإحرام، والرمي، والإيقاف، والحمل في الطواف، والسعي، إن لم يكن مميزا” (البحر المحيط الثجاج)
قال ابن عثيمين:”وفي هذا الحديث من الفوائد أن الإنسان ينبغي له أن يسأل عما يجهله إذا دعت الحاجة إلى ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأل: “من القوم؟ ” يخشى أن يكونوا من العدو فيخونوا أو ويغدروا، أما إذا لم تدع الحاجة إلى ذلك فلا حاجة أن تسأل عن الشخص، فتقول: من أنت؟ لأن هذا قد يكون داخلاً فيما لا يعنيك، و ” من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه” لكن إذا دعت الحاجة فاسأل حتى تكون على بينة من الأمر وعلى بصيرة.” (شرح الرياض)
وقال أيضا:” وفي هذا الحديث دليلٌ على أن وصف الإنسان نفسه بالصفات الحميدة إذا لم يقصد الفخر وإنما يقصد التعريف لا بأس به؛ لأن هؤلاء الصحابة لما سئلوا: من أنتم؟ قالوا: مسلمون، والإسلام لا شك أنه وصف مدح، لكن إذا أخبر الإنسان به عن نفسه، فقال: أنا مسلم، أنا مؤمن، وما أشبه ذلك لمجرد الخبر لا من أجل الافتخار فإن ذلك لا بأس به، وكذلك لو قاله على سبيل التحدث بنعمة الله فلو قال: الحمد لله الذي جعلني من المسلمين، وما أشبه ذلك فإنه لا بأس به، بل يكون محموداً إذا لم يحصل فيه محظور.” (شرح الرياض)
وقال أيضا:”وفيه دليلٌ أيضاً على أن الإنسان ينبغي له أن يغتنم وجود العالم؛ لأن هؤلاء القوم لما أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رسول الله، جعلوا يسألونه، فينبغي للإنسان أن يغتنم فرصة وجود العالم من أجل أن يسأله عما يشكل عليه.” (شرح الرياض)
وقال أيضا:” ومن فوائده أيضاً: أن الصبي إذا حج به وليه فله أجر، والحج يكون للصبي لا للولي، وقد اشتهر عند عامة الناس أن الصبي يكون حجه لوالديه، وهذا لا أصل له، بل حج الصبي له، لقول النبي صلى الله عليه وسلم، لما قالت المرأة؟ ألهذا حج؟ قال: ” نعم ولك أجر”، فالحج له، وليعلم أن الصبي بل كل من دون البلوغ يكتب له الأجر ولا يكتب عليه الوزر.
واستدل بعض العلماء بقوله: ” نعم له حج” أنه إذا أحرم الصبي لزمه جميع لوازم الحج؛ فيلزمه الطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، والمبيت بمزدلفة ومنى، ورمي الجمرات، فيفعل ما يقدر عليه، وما لا يقدر عليه يُفعل عنه، إلا الطواف والسعى فإنه يطاف ويُسعي به.
ومذهب أبي حنيفة – رحمه الله- أن الصبي لا يلزم بإتمام الحج، ولا بواجبات الحج، ولا باجتناب محظوراته، وأن ما جاء منه قُبل، وما تخلف لا يسأل عنه، وهذا يقع كثيراً من الناس الآن، حيث يحرمون بصبيانهم، ثم يتعب الصبي ويأبى أن يكمل ويخلع إحرامه، فعلى مذهب جمهور العلماء لا بد أن نلزمه بالإتمام، وعلى مذهب أبي حنيفة وهو الذي مال إليه صاحب الفروع رحمه الله، من أصحاب الإمام أحمد- رحمه الله- ومن تلاميذ شيخ الإسلام ابن تيميه- رحمه الله- أنه لا يلزم لأنه ليس أهلاً للتكليف
وفي هذا الحديث أيضاً ما يدل على أن الصبي وإن كان غير مميز فإنه يصح منه الحج، ولكن كيف تصح نيته وهو غير مميز، قال العلماء: ينوي عنه وليه بقلبه أنه أدخله في الإحرام، ويفعل وليه كل ما يعجز عنه. .” (شرح الرياض)
185 – وَعَنْ أَبِي موسى الأَشْعَرِيِّ رضيَ اللَّهُ عنه، عن النبيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم أَنَّهُ قَالَ: “الخَازِنُ المُسْلِمُ الأَمِينُ الَّذِي يُنَفِّذُ مَا أُمِرَ بِهِ، فَيُعْطِيهِ كَامِلاً مَوفَّراً، طَيِّبَةً بِهِ نَفْسُهُ فَيَدْفَعُهُ إِلى الَّذِي أُمِرَ لَهُ بِهِ أَحَدُ المُتَصَدِّقَيْنِ” متفقٌ عَلَيهِ.
وفي رواية: “الَّذِي يُعْطِي مَا أُمِرَ بِهِ”وضَبطُوا”المُتَصدِّقَيْنِ” بفتح القاف مَعَ كسر النون عَلَى التَّثْنِيَةِ، وعَكْسُهُ عَلَى الجمْعِ وكلاهُمَا صَحِيحٌ.
قوله (ينفذ) قال ابن حجر:”بفاء مكسورة مثقلة ومخففة.” (فتح الباري) قال الأتيوبي:” بالذال المعجمة، وهو بضم أوله، وكسر ثالثه، من الإنفاذ، فيكون من باب الإفعال، وفي بعض النسخ: “ينفذ” بتشديد الفاء، فيكون من باب التفعيل، وهو الإمضاء؛ أي يمضي ما أمره به الآمر” (البحر المحيط الثجاج)
قال النووي:” هذه الأوصاف شروط لحصول هذا الثواب، فينبغي أن يعتنى بها ويحافظ عليها” (شرح مسلم)
قال ابن حجر:” وقد قيد الخازن فيه بكونه مسلما فأخرج الكافر؛ لأنه لا نية له، وبكونه أمينا فأخرج الخائن؛ لأنه مأزور. ورتب الأجر على إعطائه ما يؤمر به غير ناقص لكونه خائنا أيضا، وبكون نفسه بذلك طيبة لئلا يعدم النية فيفقد الأجر وهي قيود لا بد منها. (فتح الباري)
قال القرطبي:” (أحد المتصدقين): قال القرطبي: لم نروه إلا بالتثنية ومعناه أن الخازن بما فعل متصدق وصاحب المال متصدق آخر فهما متصدقان. قال ويصح أن يقال على الجمع فتكسر القاف ويكون معناه أنه متصدق من جملة المتصدقين، ” (المفهم)
قال النووي:” معنى هذه الأحاديث أن المشارك في الطاعة مشارك في الأجر، ومعنى المشاركة أن له أجرا كما لصاحبه أجر، وليس معناه أن يزاحمه في أجره، والمراد المشاركة في أصل الثواب، فيكون لهذا ثواب، ولهذا ثواب، وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر، وقد يكون عكسه، فإذا أعطى المالك لخازنه، أو امرأته، أو غيرهما مائة درهم، أو نحوها؛ ليوصلها إلى مستحق الصدقة على باب داره، أو نحوه، فأجر المالك أكثر، وإن أعطاه رمانة، أو رغيفا، ونحوهما، مما ليس له كثير قيمة ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة، بحيث يقابل مشي الذاهب إليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف، فأجر الوكيل أكثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلا، فيكون مقدار الأجر سواء” (شرح مسلم بن
قال صاحب العون:” قال ابن رسلان: ويدخل في الخازن من يتخذه الرجل على عياله من وكيل أو عبد وامرأة وغلام، ومن يقوم على طعام الضيفان.” (عون المعبود)
قال ابن عثيمين:” ففي هذا الحديث دليلٌ على فضل الأمانة، وعلى فضل التنفيذ فيما وُكل فيه وعدم التفريط فيه، ودليلٌ على أن التعاون على البر والتقوى يكتب لمن أعان مثل ما يكتب لمن فعل، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء” (شرح رياض الصالحين)