183 جامع الأجوبة الفقهية ص 223
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بإشراف سيف بن دوره الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
———-‘——–‘——–‘
باب نواقض الوضوء
عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله: فقال: “فيه الوضوء” متفق عليه، واللفظ للبخاري.
——–
مسألة 1: المذي ناقض من نواقض الوضوء
– جاء في لسان العرب (15/ 275):
والمذي: ما يخرج من ذكر الرجل عند النظر. يقال: مذى يمذي وأمذى يمذي، والأول أجود. انتهى
– وفي المعجم الوسيط (2/ 860):
(المذي) ماء رقيق يخرج من مجرى البول من إفراز الغدد المبالية عند الملاعبة والتقبيل من غير إرادة انتهى
– قال ابن قدامة في المغني (2/ 490):
المذي: هو ماء لزج رقيق، يخرج عقيب الشهوة على طرف الذكر. انتهى
– قال الشوكاني في نيل الأوطار (1/ 73):
“والمذي ماء رقيق أبيض لزج يخرج عند الشهوة بلا شهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور، وربما لا يحس بخروجه، ذكره النووي ومثله في الفتح”. انتهى
– وخروج المذي يعتبر حدثاً ناقضاً للوضوء، وقد دل على هذا الاعتبار السنة والإجماع.
– فأما السنة:
أولاً: حديث الباب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذاء فأمرت المقداد أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فسأله: فقال: “فيه الوضوء” متفق عليه.
ثانياً:
ما رواه أحمد في المسند (3/ 485): عن سهل بن حنيف قال: كنت ألقى من المذي شدة، فكنت أكثر الاغتسال منه، فسألت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – عن ذلك؟ فقال: إنما يجزئك منه الوضوء. فقلت: كيف بما يصيب ثوبي؟ فقال يكفيك أن تأخذ كفاً من ماء، فتمسح بها من ثوبك حيث ترى أنه أصاب.
[إسناده حسن] وهو في سنن الترمذي 115 وصحيح أبي داود 205 وسنن ابن ماجه 506 من طريق محمد ابن اسحاق وحسنه الألباني
ثالثاً:
روى عبد الرزاق، عن الثوري، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال في المذي والودي والمني: من المني الغسل، ومن المذي والودي الوضوء، يغسل حشفته ويتوضأ. مصنف عبد الرزاق 1/ رقم (610)
قال صاحب كتاب التبيان في تخريج وتبويب أحاديث بلوغ المرام (2/ 95): رجاله ثقات وإسناده قوي.
لكن رواه ابن المنذر في “الأوسط” 1/ 135 من طريق سفيان عن منصور عن مجاهد عن مورق عن ابن عباس بمثله غير أنه لم يذكر الحشفة.
– وأما الإجماع:
قال ابن عبد البر في الاستذكار (1/ 199): “وأما المذي المعهود المتعارف عليه، وهو الخارج عند ملاعبة الرجل أهله لما يجده من اللذة، أو لطول عزبة، فعلى هذا المعنى خرج السؤال في حديث علي هذا، وعليه وقع الجواب، وهو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه، وإيجاب غسله لنجاسته”. انتهى
وقال ابن المنذر الأوسط (1/ 1346) وقد روينا عن عمر بن الخطاب وعن ابن عباس وعن ابن عمر المذي وجماعة من التابعين أنهم أوجبوا الوضوء من المذي وبه قال مالك بن أنس وأهل المدينة والاوزاعي وأهل الشام وسفيان الثوري وأهل العراق وكذلك قال الشافعي وأصحابه “لست أعلم في وجوب الوضوء منه اختلافاً بين أهل العلم”. انتهى
وقال ابن قدامة المغني (1/ 111): “الخارج من السبيلين على ضربين: معتاد كالبول والغائط والمني والمذي والودي والريح , فهذا ينقض الوضوء إجماعاً”. انتهى
وقال ابن رشد في بداية المجتهد (1/ 64): “أجمع المسلمون على انتقاض الوضوء، مما يخرج من السبيلين، من غائطٍ، وبولٍ، وريحٍ، ومذي”.
قال صاحب موسوعة الإجماع في الفقه الإسلامي (1/ 362):
فإذا خرج مَذْي من المتوضئ بدون أن يكون عن مرضٍ؛ فإنه ينتقض وضوؤه بالإجماع.
وذكر عدداً من أهل العلم ممن نقل الإجماع منهم: الترمذي، وأبو بكر محمد بن داود الظاهري، وابن المنذر وابن بطال، و ابن عبد البر، وابن هبيرة، والعيني، والصنعاني، وأخرون.
والله أعلم.