183 – فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسند عبدالله بن الحارث
183_ قال عبدالله بن المبارك في الزهد ص490 رقم1394:أخبرنا موسى، عن علقمة بن وقاص الليثي، أن بلال بن الحارث المزني، قال له: إني رأيتك تدخل على هؤلاء الأمراء وتغشاهم فانظر ماذا تحاضرهم به، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: «إن الرجل ليتكلم بالكلمة من الخير ما يعلم مبلغها، يكتب الله له رضوانه إلى يوم يلقاه، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من الشر ما يعلم مبلغها، يكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه»، وكان علقمة يقول: رب حديث قد حال بيني وبينه ما سمعت من بلال.
………………………………
انظر الصحيحة 888
وَلَهُ شاهد في الصحيح. (البخاري 6478 من حديث أبي هريرة، ومسلم 2988)
قال ابن عبد البر: قد أتينا في التمهيد بما فيه شفاء من الآثار المرفوعة وأقوال السلف – رحمهم الله – في فضل الصمت وأنه منجاة لقوله صلى الله عليه وسلم من صمت نجا إلا أن الكلام بالخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإدمان الذكر وتلاوة القرآن أفضل من الصمت لأن الكلام بذلك غنيمة والصمت سلامة والغنيمة فوق السلامة. ” الإستذكار” (8/ 366).
قال القرطبي: وقد أكثر الناس الكلام في تفصيل آفات الكلام وهي أكثر من أن تدخل تحت حصر وحاصله أن آفات اللسان أسرع الآفات للإنسان وأعظمها في الهلاك والخسران فالأصل ملازمة الصمت إلى أن يتحقق السلامة من الآفات والحصول على الخيرات فحينئذ تخرج تلك الكلمة مخطومة وبأزمة التقوى مزمومة وهذا من جوامع الكلم لأن القول كله خير أو شر أو آيل إلى أحدهما فدخل في الخير كل مطلوب من فرضها وندبها فأذن فيه على اختلاف أنواعه ودخل فيه ما يؤول إليه وما عدا ذلك مما هو شر أو يؤول إليه فأمر عند إرادة الخوض فيه بالصمت.
قال النووي: (ان الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين ما فيها يهوى بها فى النار) معناه لايتدبرها ويفكر فى قبحها ولايخاف ما يترتب عليها وهذا كالكلمة عند السلطان وغيره من الولاة وكالكلمة تقذف أو معناه كالكلمة التى يترتب عليها إضرارمسلم ونحو ذلك وهذا كله حث على حفظ اللسان كما قال صلى الله عليه و سلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت وينبغى لمن أراد النطق بكلمة أوكلام أن يتدبره فى نفسه قبل نطقه فان ظهرت مصلحته تكلم وإلاأمسك)
آفات اللسان:
الآفة الأولى: الشرك بالله تعالى: يقول الحافظ ابن رجب: ” فإن معصية النطق يدخل فيها الشرك وهو أعظم الذنوب عند الله عز وجل ويدخل فيها القول على الله بغير علم ”
الآفة الثانية: القول على الله بغير علم: إن القول على الله تعالى بغير علم هومن اعظم الذنوب .. بل هو أعظم من الشرك كما قرر ذلك ابن القيم رحمه الله .. وما ذاك إلاّ لأنه هو السبب حتى في الشرك فان السبب فيه هو القول على الله بغير علم ..
ومن صور القول على الله بغير علم: 1) التسرع بالإفتاء بغير علم. 2) الاعتراض على النصوص بالعقل. 3) ذكر الحديث دون معرفة صحته أو ضعفه. 4) تسفيه أراء أئمة الإسلام. 5) الكلام بالدين على حسب الهوى والظن. لذلك كان حريا وجديرا بالمسلم أن يحذر كل الحذر من القول على الله تعالى بغير علم .. وان يرد الأمر إلى أهله ـ وهم أهل العلم ـ ” فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون ”
الآفة الثالثة الغيبة:
نعم إنها الغيبة يا عبد الله إنها ذكر العيب بظهر الغيب ذكرك أخاك بما يكره سواء أكان فيه ما تقول أم لم يكن هكذا بينها رسولها محمد صلى الله عليه وسلم يقول ربكم عز وجل في محكم تنزيله:” ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه … ”
يقول الحسن رحمه الله:” والله للغيبة أسرع في دين الرجل من الأكلة في الجسد ”
عجبا لمن ينتسب لاهل الحق والإيمان كيف يركب مركب الغيبة وقد علم أن المبتلى لها ذو قلب متقلب وفؤاد مظلم ..
الآفة الرابعة الكذب:
في خبر البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم يما حدث به مما رآه من أنواع عذاب أهل النار فكان مما قال عليه الصلاة والسلام:” أما الذي رايته يشق شدقه فكذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق فيصنع به ما رأيت إلى يوم القيامة” .. من لطخ لسانه برجس الكذب وخبيث الكلم .. لابد أن تبدو سريرته .. وينكشف أمره .. فلا يلقى من الناس إلا الازدراء والمنقصة .. أما أهل الحق والإيمان فيهديهم ربهم إلى الطيب من القول .. ويهديهم إلى صراط الحميد .. يقول علي رضي الله عنه: من كانت له عند الناس ثلاث وجبت له عليهم ثلاث: من إذا حدثهم صدقهم وإذا ائتمنوه لم يخنهم وإذا وعدهم وفي لهم .. وجبة عليهم أن تحبه قلوبهم وتنطلق بالثناء عليه ألسنتهم وتظهر له معونتهم .. ياعبدالله .. إنّ الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة وان الرجل ليصدق حتى يكون صديقا وان الكذب يهدي إلى الفجور وان الفجور يهدي إلى النار وان الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا “هكذا اخبر نبيك صلى الله عليه وسلم
* النكت: لقد انتشر بين الناس اليوم نوع من أنواع الكذب وهو ما يسمى ” بالنكت” حيث يقوم بعض الناس باصطناع حكايات لا اصل لها عن جنسيات أو انساب أو بلاد لاقوام .. وما ذاك ألا من اجل إضحاك الناس .. وهذا أمر محرم جمع بين الغيبة لهؤلاء والكذب .. وقد ورد الوعيد الشديد عليه يقول النبي صلى الله عليه وسلم:” ويل للذي يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له ”
ما يباح من الكذب: في الصحيح يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا ”
وفيه عن الزهري قال: ” ولم اسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث: الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها ”
الآفة الخامسة الكلام بالباطل أو السكوت عن الحق:
يقول ابن القيم رحمه الله: ” وفي اللسان آفتان عظيمتان أن خلص من إحداهما لم يخلص من الأخرى: آفة الكلام وآفة السكوت وقد يكون كل منهما اعظم إثما من الأخرى في وقتها فالساكت عن الحق شيطان اخرس عاص الله مراء مداهن إذا لم يخف على نفسه والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص الله واكثر الخلق منحرف في كلامه وسكوته فهم بين هذين النوعين .. وأهـل الوسط – وهـم أهـل الصراط المستقيم – كفوا ألسنتهم عن الباطل، وأطلقوهـا فيما يعود عليهم نفعه في الآخرة، فلا ترى أحدهـم يتكلم بكلمة تذهـب عليه ضائعة بلا منفعة، فضلا أن تضره في آخرته، وإن العبد ليأتي يوم القيامة بحسنات أمثال الجبال، فيجد لسانه قد هـدمها عليه كلها، ويأتي بسيئات أمثال الجبال فيجد لسانه قد هـدمها من كثرة ذكر الله وما اتصل به. (الداء والدواء)
وأهل الوسط ـ وهم أهل الصراط المستقيم ـ كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعة في الآخرة ”
الآفة السادسة شهادة الزور:
قال سبحانه مثنياً على صنف من عباده ” والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ”
وقال سبحانه وتعالى ” ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فانه ءاثم قلبه والله بما تعلمون عليم ”
وقد ترجم البخاري ” رحمه الله ” في صحيحه بابا قال فيه:” باب لا يشهد على شهادة جور إذا اشهد ”
وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: جاء إعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما الكبائر؟ قال:” الإشراك بالله” قال ثم ماذا؟ ” ثم عقوق الوالدين ” قال ثم ماذا؟ قال: ” اليمين الغموس ” قلت وما اليمين الغموس؟ قال:” الذي يقتطع مال امرئ مسلم هو فيها كاذب”
واليمين الغموس سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار ولا كفارة فيها.
الآفة السابعة القذف:
قال الله تعالى:” والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمنين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون ”
الآفة الثامنة الحلف بغير الله تعالى:
كالحلف بالأمانة والذمة والوالد والولد والشرف والقبيلة وبحياتك وحياة النبي وعند أحمد ” من حلف بالأمانة فليس منا ” وفي الصحيح ” من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت ”
الآفة التاسعة السب والشتم والسخرية بالمؤمنين:
قال الله تعالى:” يأيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ” ..
الآفة العاشرة اللعن:
عن أبي الدر داء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة ” رواه مسلم (2598)
وعن أبي الدر داء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:” أن العبد إذا لعن شيئا صعدت اللعنة إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تهبط إلى الأرض فتغلق أبو أبها دونها ثم تأخذ يمينا وشمالا فإذا لم تجد مساغا رجعت إلى الذي لعن فان كان كذلك أهلا وألا رجعت إلى قائلها ” صحيح أبي داود (4905)