: 181 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
——
11016 – حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سُلَيْمَانَ يَعْنِي التَّيْمِيَّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَمَّا أَهْلُ النَّارِ الَّذِينَ هُمْ أَهْلُهَا لَا يَمُوتُونَ وَلَا يَحْيَوْنَ، وَأَمَّا أُنَاسٌ يُرِيدُ اللهُ بِهِمُ الرَّحْمَةَ فَيُمِيتُهُمْ فِي النَّارِ، فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمُ الشُّفَعَاءُ، فَيَاخُذُ الرَّجُلُ الضُّبَارَةَ فَيَبُثُّهُمْ ” أَوْ قَالَ: ” فَيُبَثُّونَ عَلَى نَهَرِ الْحَيَا ” أَوْ قَالَ: ” الْحَيَوَانِ “، أَوْ قَالَ: ” الْحَيَاةِ “، أَوْ قَالَ: ” نَهَرِ الْجَنَّةِ، فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ ” قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” أَمَا تَرَوْنَ الشَّجَرَةَ تَكُونُ خَضْرَاءَ، ثُمَّ تَكُونُ صَفْرَاءَ؟ ” أَوْ قَالَ: ” تَكُونُ صَفْرَاءَ، ثُمَّ تَكُونُ خَضْرَاءَ ” قَالَ: فَقَالَ بَعْضُهُمْ: كَأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ بِالْبَادِيَةِ
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند قسم الزيادات على الصحيحين
فالحديث في البخاري ومسلم وعند أحمد زيادة
——
فدل الحديث على خروج من في قلبه مثقال حبة من إيمان من النار وإدخالهم الجنة، ومعلوم أن أصحاب الكبائر مؤمنون، مع كثير منهم مثقال أو مثاقيل من الإيمان؛ فلا شك في خروجهم والحديث يتضمن أيضًا الرد على المرجئة الخالصة من قولهم: “لا يضر مع الإيمان ذنب”؛ إذ يثبت الحديث أن من المؤمنين من تضرة المعاصي فيدخل النار، ثم يخرج منها، فخروجه دل على أنه ليس بكافر؛ وإنما هو مؤمن عذب بقدر ذنبه ثم أخرج إلى الجنة.
قال الحافظ ان حجر في الفتح (1/ 73): والمراد بحبة الخردل هنا ما زاد من الأعمال على أصل التوحيد لقوله في الرواية الأخرى (اخرجوا من قال لا إله إلا الله وعمل من الخير ما يزن ذرة) ومحل بسط هذا يقع في الكلام على حديث الشفاعة حيث ذكره المصنف في كتاب الرقاق
قوله (في نهر الحياء) كذا في هذه الرواية بالمد ولكريمة وغيرها بالقصر وبه جزم الخطابي وعليه المعنى لأن المراد كل ما تحصل به الحياة والحيا بالقصر هو المطر وبه تحصل حياة النبات فهو أليق بمعنى الحياة من الحياء الممدود الذي هو بمعنى الخجل.
قال ابن رجب: هذا الحديث نص في أن الإيمان في القلوب يتفاضل، فإن أريد به مجرد التصديق ففي تفاضله خلاف سبق ذكره (247)، إن أريد به ما في القلوب من أعمال الإيمان كالخشية والرجاء والحب والتوكل، ونحو ذلك فهو متفاضل بغير نزاع. وقد بوب البخاري على هذا الحديث: ” باب تفاوت (248) أهل الإيمان في الأعمال ” فقد يكون مراده الأعمال القائمة بالقلب كما بوب على أن المعرفة فعل القلب. وقد يكون مراده أن أعمال الجوارح تتفاوت بحسب تفاوت إيمان القلوب فإنهما متلازمان. الفتح (1/ 87 – 88).
قال ابن بطال: قال المؤلف: تفاضل المؤمنين فى أعمالهم لا شك فيه، وأن الذى خرج من النار بما فى قلبه من مقدار حبة من خردل من إيمان معلوم أنه كان ممن انتهك المحارم وارتكب الكبائر، ولم تف طاعته لله عند الموازنة بمعاصيه. ومن أطاع الله وقام بما وجب عليه وبرئ من مظالم العباد فلا شك أن عمله أفضل من عمل الرجل المنتهك. ” شرح صحيح البخاري” (1/ 74).
قال الحافظ ابن حجر موضحًا مراد الإمام البخاري بإيراد هذا الحديث: “وأراد بإيراده الرد على المرجئة؛ لما فيه من بيان ضرر المعاصي مع الإيمان وعلى المعتزلة في أن المعاصي موجبة للخلود”فتح الباري 1/ 73.
قال النووي على شرحه لمسلم (3/ 38): فالظاهر والله أعلم من معنى هذا الحديث أن الكفار الذين هم أهل النار والمستحقون للخلود لا يموتون فيها ولا يحيون حياة ينتفعون بها ويستريحون معها كما قال الله تعالى (لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها). وكما قال تعالى (ثم لا يموت فيها ولا يحيى) وهذا جار على مذهب أهل الحق أن نعيم أهل الجنة دائم وأن عذاب أهل الخلود في النار دائم.
و من الأدلة الواضحة على عدم كفر مرتكب الكبائر وعدم خلوده في النار، إذ لو كان كافراً لما خرج من النار.
قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: ( .. يريد مستكمل الإيمان، ولم يرد به نفي جميع الإيمان عن فاعل ذلك بدليل الإجماع على توريث الزاني والسارق وشارب الخمر – إذا صلوا للقبلة وانتحلوا دعوة الإسلام – من قرابتهم المؤمنين الذين آمنوا بتلك الأحوال، وفي إجماعهم على ذلك مع إجماعهم على أن الكافر لا يرث المسلم، أوضح الدلائل على صحة قولنا، أن مرتكب الكبيرة ناقص الإيمان بفعله ذلك) التمهيد لابن عبد البر 9/ 243، 244
وقال المروزي رحمه الله، (فالذي صح عندنا في معنى قول النبي – صلى الله عليه وسلم -: ” لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ” وما روي عنه من الأخبار مما يشبه هذا أن معنى ذلك كله أن من فعل تلك الأفعال لا يكون مؤمناً مستكمل الإيمان، لأنه ترك بعض الإيمان، نفى عنه الإيمان، يريد به الإيمان الكامل .. وإقامة الحدود عليه دليل على أن الإيمان لم يزل كله عنه، ولا اسمه، ولولا ذلك لوجب استتابته، وقتله، وسقطت الحدود). تعظيم قدر الصلاة 2/ 576
قال الشيخ صالح آل الشيخ: شفاعة الشافعين من أهل طاعته.
وشفاعة الشافعين:
– أعلاها شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر أن يخرجوا من النار.
– ثم شفاعة الملائكة للمؤمنين الذين ارتكبوا الكبائر أن يخرجوا من النار.
– ثم شفاعة الوالدين لأولادهما.
– وهكذا شفاعة المُحِبْ لحبيبه من أهل الإيمان فيمن شاء الله – عز وجل – أن يُشَفِّعَهُ. شرح الطحاوية
[اجماع أهل السنة والجماعة على أن مرتكب الكبيرة تحت المشيئة]
قال الإمامان الرازيان أنه كان من قول العلماء الذين أدركناهم في جميع الأمصار حجازًا وعراقًا وشامًا ويمنًا: “وأهل الكبائر في مشيئة الله عز وجل، ولا نكفر أهل القبلة بذنبوهم، ونكل سرائرهم إلى الله عز وجل” شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/ 176 – 177).
[فائدة لا تقدر بثمن]
قال ابن رجب في الفتح (1/ 88): وهذا يستدل به على أن الإيمان يفوق معنى (251) كلمة التوحيد والإيمان القلبي وهو التصديق لا تقتسمه (252) الغرماء بمظالمهم؛ بل يبقى (192 – أ / ف) على صاحبه؛ لأن الغرماء لو اقتسموا ذلك لخلد بعض أهل التوحيد وصار مسلوبا ما في قلبه من التصديق وما قاله بلسانه من الشهادة، وإنما يخرج عصاة الموحدين من النار بهذين الشيئين، فدل على بقائهما على جميع من دخل النار منهم وأن الغرماء إنما يقتسمون الإيمان العملي بالجوارح، وقد قال ابن عيينه وغيره: إن الصوم خاصة من أعمال الجوارح لا تقتسمه الغرماء.