181 جامع الأجوبة الفقهية ص 221
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
———-‘——–‘——–‘
باب نواقض الوضوء
مسألة 2: خروج دم الحيض والنفاس
الحيض: في اللغة: السيلان، وفي الشرع: عبارة عن الدم الذي ينفضه رحم امرأة بالغةٍ سليمة عن الداء والصغر، احترز بقوله رحم امرأة عن دم الاستحاضة، وعن الدماء الخارجة من غيره، وبقوله سليمة عن الداء عن النفاس؛ إذ النفاس في حكم المرض، حتى اعتبر تصرفها من الثلث، وبالصغر عن دم تراه ابنة تسع سنين، فإنه ليس بمعتبر في الشرع.
النفاس: هو دم يعقب الولد. انتهى انظر: التعريفات للجرجاني (ص: 94)
– وقد أجمع أهل العلم على أن خروج دم الحيض والنفاس موجب للغسل وعليه فمن باب أولى أن يكون ناقضاً للوضوء.
– قال النووي في المجموع (2/ 148).”أجمع العلماء على وجوب الغسل بسبب الحيض، وبسبب النفاس، وممن نقل الإجماع فيهما ابن المنذر، وابن جرير الطبري وآخرون”. انتهى
– وقال في المهذب: “ودم النفاس يحرم ما يحرمه الحيض، ويسقط ما يسقطه الحيض؛ لأنه حيض مجتمع احتبس لأجل الحمل، فكان حكمه حكم الحيض”. انتهى انظر: المجموع (2/ 518)
– قال ابن المنذر الأوسط (1/ 155): “أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم أن على النفساء الاغتسال عند خروجها من النفاس”. انتهى ـ
– وقال ابن حزم المحلى (مسألة: 261): “ودم النفاس يمنع ما يمنع منه دم الحيض، هذا لا خلاف فيه من أحد، ثم قال: “وكذلك الغسل منه واجب بإجماع”. انتهى
– قال ابن رجب في شرحه للبخاري (2/ 187): “ودم النفاس حكمه حكم دم الحيض فيما يحرمه ويسقطه، وقد حكى الإجماع غير واحد من العلماء، منهم ابن جرير وغيره”. انتهى
وقال ابن قدامة: وحكم النفساء حكم الحائض في جميع ما يحرم عليها، ويسقط عنها، لا نعلم في هذا خلافًا، وكذلك تحريم وطئها، وحل
مباشرتها، والاستمتاع بما دون الفرج منها، والخلاف في الكفارة بوطئها
المغني (1/ 432).
وقال ابن عبد البر:» دم النفاس عند الولادة، وحكمه في الصلاة كحكم دم الحيض بإجماع “.
الاستذكار» ((1) / (347)).
و قال ابن هبيرة: «وأجمعوا على أن النفاس من أحداث النساء، وأنه يحرم ما يحرمه الحيض، ويسقط ما يسقطه»
يحرم ما يحرمه الحيض، ويسقط ما يسقطه”.الإفصاح” (1/ 55).
وابن رشد: “فإنهم أجمعوا على أنه دم نفاس، وأن حكمه حكم الحيض في منعه الصلاة، وغير ذلك من أحكامه”
“بداية المجتهد” (1/ 88).
– ومستند اجماع أهل العلم على وجوب الاغتسال من الحيض والنفاس هو القرآن والسنة.
فمن القرآن قوله تعالى في سورة البقرة، آية (222): {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين}
وجه الاستدلال: أن المرأة يلزمها تمكين زوجها من الوطء، ولا يجوز ذلك إلا بالغسل، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
فإن قيل: أين الدلالة من الآية على أنه لا يجوز الوطء إلا بعد الاغتسال؟
فالجواب: أن الله سبحانه وتعالى علق الحكم بجواز إتيان الزوجة بشرطين:
الأول: انقطاع الدم، ويؤخذ من قوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن}.
فقوله: «يطهرْنَ» بالتخفيف. كلمة «طهر» تستعمل فيما لا كسب فيه للإنسان وهو انقطاع دم الحيض.
الشرط الثاني: «فإذا تطهرن فأتوهن» وكلمة (تطهرن) بالتشديد: أي اغتسلن؛ لأن كلمة (تطهرّ) تستعمل فيما يكتسبه الإنسان بفعله، وهو الاغتسال من الماء.
– ومن السنة:
1 – عن عائشة رضي الله عنها، أن فاطمة بنت أبي حبيش سألت النبي – صلى الله عليه وسلم – قالت: “إني استحاض فلا أطهر، أفأدع الصلاة؟» فقال: لا، إن ذلك عرق ولكن دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها، ثم اغتسلي وصلي”. أخرجه البخاري في صحيحه (325)
فقوله – صلى الله عليه وسلم -: «ثم اغتسلي وصلي» أمر بالاغتسال، والأصل في الأمر الوجوب.
2 – عن عائشة زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – أن أم حبيبة بنت جحش، ختنه رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وتحت عبد الرحمن بن عوف، استحيضت سبع سنين، فاستفتت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في ذلك، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -:”إن هذه ليست بالحيضة، ولكن هذا عرق، فاغتسلي وصلي”.
قالت عائشة فكانت تغتسل في مركن في حجرة أختها زينب بنت جحش، حتى تعلو حمرة الدم الماء. قال ابن شهاب فحدثت بذلك أبا بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، فقال: يرحم الله هنداً، لو سمعت بهذه الفتيا، والله إن كانت لتبكي؛ لأنها كانت لا تصلي”. اخرجه مسلم في صحيحه (334).
وجه الشاهد قوله – صلى الله عليه وسلم -: «فاغتسلي وصلي».
والله أعلم ..