181 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الديني
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إماراتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا)
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
مسند بشير بن الخصاصية
181_قال أبوداودرحمه الله ج9ص49: حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ بَكَّارٍ حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ عَنْ خَالِدِ بْنِ سُمَيْرٍ السَّدُوسِيِّ عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ عَنْ بَشِيرٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ اسْمُهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ زَحْمُ بْنُ مَعْبَدٍ
فَهَاجَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ مَا اسْمُكَ قَالَ زَحْمٌ قَالَ بَلْ أَنْتَ بَشِيرٌ قَالَ بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا ثَلَاثًا ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا وَحَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَظْرَةٌ فَإِذَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي الْقُبُورِ عَلَيْهِ نَعْلَانِ فَقَالَ يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ وَيْحَكَ أَلْقِ سِبْتِيَّتَيْكَ فَنَظَرَ الرَّجُلُ فَلَمَّا عَرَفَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَعَهُمَا فَرَمَى بِهِمَا.
………………..
بشير بن معبد ويقال بن نذير بن معبد بن شراحيل بن سبع بن ضبارى بن سدوس بن شيبان بن ذهل السدوسي المعروف بابن الخصاصية بفتح المعجمة وتخفيف المهملة
الخصاصية: هي إحدى جداته، كما جزم به في “التهذيب”ورد قول ابن عبد البر أنها أمه، وكذلك قال ابن عساكر في “تاريخ دمشق” (3/ 378).
(زحما) بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة غير اسمه صلى الله عليه وعلى آله وسلم لما شعر به من الشدة والمضايقة.
قال الشيخ عبد المحسن العباد في شرح سنن أبي داود: فمرا بقبور المشركين فقال: لقد سبق هؤلاء خيراً كثراً) أي: أنهم تقدموا وجاء خير كثير بعدهم لم يدركوه، (وجاء إلى قبور المسلمين وقال: لقد أدرك هؤلاء خيراً كثراً) أي: أنهم لحقوه وأدركوه وصاروا من أهل ذلك الخير، وأما أولئك فلم يبقوا حتى يدركوا ذلك الخير الذي جاء به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام، فماتوا على الشرك والكفر ففاتهم ذلك الخير. اهـ
قوله: (يا صاحب السبتيتين) بكسر السين نسبة إلى السبت وهو جلود البقر المدبوغة بالقرظ يتخذ منها النعال لأنه سبت شعرها أي حلق وأزيل وقيل لأنها انسبتت بالدباغ أي لانت وأريد بهما النعلان المتخذان من السبت وأمره بالخلع احتراما للمقابر عن المشي بينها بهما أو تقذر بهما أو لاختياله في مشيه قيل وفي الحديث كراهة المشي بالنعال بين القبور قلت: لا يتم ذلك إلا على بعض الوجوه المذكورة والله أعلم. حاشية السندي على سَنَن ابن ماجه.
قال الشوكاني في النيل [(4) / (107)]:
وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز المشي بين القبور بالنعلين ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفارق بينها وبين غيرها وقال ابن حزم: يجوز وطء القبور بالنعال التي ليست سبتية لحديث «إن الميت يسمع خفق نعالهم» وخص المنع بالسبتية وجعل هذا جمعا بين الحديثين وهو وهم؛ لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على قبر أو بين القبور فلا معارضة. اهـ
قال في الفتح (3/ 206): واستدل به على جواز المشي بين القبور بالنعال ولا دلالة فيه قال بن الجوزي ليس في الحديث سوى الحكاية عمن يدخل المقابر وذلك لا يقتضي إباحة ولا تحريما انتهى وإنما استدل به من استدل على الإباحة أخذا من كونه صلى الله عليه وسلم قاله وأقره فلو كان مكروها لبينه لكن يعكر عليه احتمال أن يكون المراد سماعه إياها بعد أن يجاوز المقبرة ويدل على الكراهة حديث بشير بن الخصاصية.
قال ابن قدامة في “المغني” بتصرف: أكثر أهل العلم لا يرون بذلك بأسًا، قال جرير بن حازم: رأيت الحسن وابن سيرين يمشيان بين القبور في نعالهما ومنهم من احتج بقول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: “إن العبد إذا وضع في قبره، وتولى عنه أصحابه أنه يسمع قرع نعالهم” رواه البخاري، وقال أبو الخطاب: يشبه أن يكون النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنما كره للرجل المشي في نعليه؛ لما فيهما من الخيلاء، فإن نعال السبت من لباس أهل النعيم.
قال النووي: وأقل أحواله الندب لأن خلع النعلين أقرب إلى الخشوع وزي أهل التواضع، وإخبار النبي بأن الميت يسمع قرع نعالهم لا ينفي الكراهة، فإنه يدل على وقوع هذا منهم، ولا نزاع في وقوعه وفعلهم إياه مع كراهيته. فأما إن كان للماشي عذر يمنعه من خلع نعليه مثل الشوك يخافه على قدميه أو نجاسة تمسهما لم يكره المشي في النعلين.
قال أحمد في الرجل يدخل المقابر وفيها شوك يخلع نعليه: هذا يضيق على الناس حتى يمشي الرجل في الشوك. وقد روي عن أحمد أنه كان إذا أراد أن يخرج إلى الجنازة لبس خفيه مع أمره بخلع النعال. وانظر: “مسائل ابن هانئ” (953).
و جاء في أحكام الجنائز للعلامة الالباني [ج (2) / (384)]: قال الحافظ في (الفتح) ((3) – (160)): (والحديث يدل على كراهة المشي بين القبور بالنعال، وأغرب ابن حزم فقال: يحرم المشي بين القبور بالنعال السبتية دون غيرها! وهو جمود شديد. وأما قول الخطابي يشبه أن يكون النهي عنهما لما فيهما من الخيلاء، فإنه متعقب بأن ابن عمر كان يلبس النعال السبتية، ويقول: إن النبيص كان يلبسها. وهو حديث صحيح. وقال الطحاوي: (يحمل نهي الرجل المذكور على أنه كان في نعليه قذر، فقد كان النبيص يصلي في نعليه ما لم ير فيهما أذى).قلت: وهذا الاحتمال بعيد، بل جزم ابن حزم ((5) / (137)) ببطلانه، وأنه من التقول على الله! والاقرب أن النهي من باب احترام الموتى، فهو كالنهي عن الجلوس على القبر الاتي في المسألة ((128) فقرة (6))، وعليه فلا فرق بين النعلين السبتيتين وغيرهما من النعال التي عليها شعر، إذ الكل في مثابة واحدة في المشي فيها بين القبور ومنافاتها لاحترامها، وقد شرح ذلك ابن القيم في (تهذيب السنن) ((4) / (343) – (345)) ونقل عن الامأم أحمد أنه قال: (حديث بشير إسناده جيد، أذهب إليه إلا من علة).وقد ثبت أن الامام أحمد كان يعمل بهذا الحديث، فقال أبو داود في مسائله (ص (158)): (رأيت أحمد إذا تبع الجنازة فقرب من المقابر خلع نعليه).فرحمه الله، ما كان أتبعه للسنة.
و سئلت اللجنة الدائمة ما نصه:
س (7): هل يجوز المشي بالنعال بين القبور مع ورود النص: «يا صاحب السبتتين ألق سبتتيك ((1))» أو كما قال – صلى الله عليه وسلم -، أم هو خاص بالقبور الملحودة مثل مقبرة البقيع؟
ج (7): يكره المشي بالنعال بين القبور؛ للحديث المذكور، إلا إذا دعت الحاجة إلى ذلك من أجل توقي الشوك أو حر الرمضاء مع تجنب الوطء على القبور.
وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء