180 فتح الأحد الصمد شرح الصحيح المسند
مشاركة عبدالله الديني
ومراجعة ناصر الكعبي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا وذرياتهم وذرياتنا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
الصحيح المسند
180_ قال الإمام أبو عبدالله ابن ماجه -رحمه الله- ج1ص548:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ؛ قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ بِشْرِ بْنِ سُحَيْمٍ:
أَنَّ رَسُولَ الله -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- خَطَبَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ؛ فَقَالَ: لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا نَفْسٌ مُسْلِمَةٌ، وَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ.
……………………..
للحديث شقان:
الشق الأول في “لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة” .
جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه، قال: شهدنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم؛ فقال لرجل ممن يدعي الإسلام: «هذا من أهل النار»، فلما حضر القتال قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة، فقيل: يا رسول الله، الذي قلت له: إنه من أهل النار، فإنه قد قاتل اليوم قتالا شديدا، وقد مات، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم: «إلى النار»، قال: فكاد بعض الناس أن يرتاب، فبينما هم على ذلك، إذ قيل: إنه لم يمت، ولكن به جراحا شديدا، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فقال: «الله أكبر، أشهد أني عبد الله ورسوله»، ثم أمر بلالا فنادى بالناس: «إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر».
البخاري برقم (3029)، ومسلم برقم (111).
وعن عبد الله، قال: كنا مع النبي في قبة، فقال: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة» قلنا: نعم، قال: «أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة» قلنا: نعم، قال: «أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنة» قلنا: نعم، قال: «والذي نفس محمد بيده، إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، وذلك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، أو كالشعرة السوداء في جلد الثور الأحمر»
البخاري برقم (6528)، ومسلم برقم (221).
قال النووي: (لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة) هذا نص صريح في أن من مات على الكفر لا يدخل الجنة أصلا، وهذا النص على عمومه بإجماع المسلمين. [شرح صحيح مسلم]
قال الحافظ في الفتح (7/474): قال المهلب: هذا الرجل ممن أعلمنا النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نفذ عليه الوعيد من الفساق، ولا يلزم منه أن كل من قتل نفسه يقضى عليه بالنار.
وقال ابن التين: يحتمل أن يكون قوله: (هو من أهل النار) أي إن لم يغفر الله له. ويحتمل أن يكون حين أصابته الجراحة ارتاب وشك في الإيمان أو استحل قتل نفسه فمات كافرا. ويؤيده قوله -صلى الله عليه وسلم- في بقية الحديث: (لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة). وبذلك جزم ابن المنير. والذي يظهر أن المراد بالفاجر أعم من أن يكون كافرا أو فاسقا.
قال النووي في شرح مسلم:
“باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة قطعا؛ هذا الباب فيه أحاديث كثيرة وتنتهي إلى حديث العباس بن عبد المطلب -رضى الله عنه- ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا.
واعلم أن مذهب أهل السنة وما عليه أهل الحق من السلف والخلف: أن من مات موحدا دخل الجنة قطعا على كل حال، فإن كان سالما من المعاصي كالصغير والمجنون، والذي اتصل جنونه بالبلوغ والتائب توبة صحيحة من الشرك، أو غيره من المعاصي إذا لم يحدث معصية بعد توبته، والموفق الذى لم يبتل بمعصية أصلا؛ فكل هذا الصنف يدخلون الجنة ولا يدخلون النار أصلا، لكنهم يردونها على الخلاف المعروف في الورود.
والصحيح أن المراد به المرور على الصراط وهو منصوب على ظهر جهنم -أعاذنا الله منها ومن سائر المكروه-.
وأما من كانت له معصية كبيرة ومات من غير توبة؛ فهو في مشيئة الله -تعالى- فإن شاء عفا عنه وأدخله الجنة أولا وجعله كالقسم الأول وإن شاء عذبه القدر الذي يريده سبحانه وتعالى ثم يدخله الجنة. فلا يخلد في النار أحد مات على التوحيد ولو عمل من المعاصي ما عمل، كما أنه لا يدخل الجنة أحد مات على الكفر ولو عمل من أعمال البر ما عمل.
هذا مختصر جامع لمذهب أهل الحق فى هذه المسألة، وقد تظاهرت أدلة الكتاب والسنة وإجماع من يعتد به من الأمة على هذه القاعدة، وتواترت بذلك نصوص تحصل العلم القطعي، فإذا تقررت هذه القاعدة حمل عليها جميع ما ورد من أحاديث الباب وغيره، فإذا ورد حديث في ظاهره مخالفة، وجب تأويله عليها ليجمع بين نصوص الشرع. وسنذكر من تأويل بعضها ما يعرف به تأويل الباقي إن شاء الله تعالى والله أعلم . اهـ
الشق الثاني في أيام التشريق:
في فتاوى ابن عثيمين ـ رحمه الله- قال:
أيام التشريق هي الأيام الثلاثة التي بعد عيد الأضحى، وسميت بأيام التشريق، لأن الناس يشرقون فيها اللحم؛ أي ينشرونه في الشمس، لييبس حتى لا يتعفن إذا ادخروه، وهذه الأيام الثلاثة قال فيها رسول الله -صلى الله عليه وسلم: (أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل)، فإذا كانت كذلك، أي كان موضوعها الشرعي الأكل والشرب والذكر لله، فإنها لا تكون وقتاً للصيام، ولهذا قال ابن عمر وعائشة -رضي الله عنهما: “لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي”؛ يعني للمتمتع والقارن فإنهما يصومان ثلاثة أيام في الحج، وسبعة إذا رجعا إلى أهلهما، فيجوز للقارن والمتمتع إذا لم يجدا الهدي أن يصوما هذه الأيام الثلاثة حتى لا يفوت موسم الحج قبل صيامهما. وما سوى ذلك فإنه لا يجوز صومها، حتى ولو كان على الإنسان صيام شهرين متتابعين؛ فإنه يفطر يوم العيد والأيام الثلاثة التي بعده، ثم يواصل صومه.
في صحيح البخاري:
باب صيام أيام التشريق، وقال لي محمد بن المثنى: حدثنا يحيى عن هشام؛ قال: أخبرني أبي: كانت عائشة -رضي الله عنها- تصوم أيام التشريق بمنى، وكان أبوها يصومها.
1894 حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة سمعت عبد الله بن عيسى بن أبي ليلى عن الزهري عن عروة عن عائشة وعن سالم عن ابن عمر -رضي الله عنهم- قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي.
[راجع تعليقنا على الصحيح المسند حديث عقبة 930، وحديث أبي هريرة في الصحيح المسند 1305 رضي الله عنهم].
ويمكن هنا ننقل نقولات أخرى:
قال ابن قدامة رحمه الله في “المغني” (3/ 51):
” ولا يحل صيامها تطوعا، في قول أكثر أهل العلم، وعن ابن الزبير أنه كان يصومها. وروي نحو ذلك عن ابن عمر والأسود بن يزيد، وعن أبي طلحة أنه كان لا يفطر إلا يومي العيدين.
والظاهر أن هؤلاء لم يبلغهم نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامها، ولو بلغهم لم يعدوه إلى غيره.
وأما صومها للفرض؛ ففيه روايتان: إحداهما: لا يجوز، لأنه منهي عن صومها، فأشبهت يومي العيد.
والثانية: يصح صومها للفرض؛ لما روي عن ابن عمر وعائشة؛ أنهما قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي. أي: المتمتع إذا عدم الهدي، وهو حديث صحيح. رواه البخاري. ويقاس عليه كل مفروض. انتهى.
والمعتمد في مذهب الحنابلة أنه لا يصح صومها قضاء عن رمضان.
انظر: “كشاف القناع” (2/ 342).
وأما صومها للمتمتع والقارن إذا لم يجد الهدي، فقد دل عليه حديث عائشة وابن عمر المتقدم، وهو مذهب المالكية والحنابلة والشافعي في القديم.
وذهب الحنفية والشافعية إلى أنه لا يجوز صومها.
انظر: “الموسوعة الفقهية” (7/ 323).
قال النووي رحمه الله في المجموع (6/ 486):
” واعلم أن الأصح عند الأصحاب هو القول الجديد أنها لا يصح فيها صوم أصلا، لا للمتمتع ولا لغيره.
والأرجح في الدليل صحتها للمتمتع وجوازها له؛ لأن الحديث في الترخيص له صحيح كما بيناه، وهو صريح في ذلك فلا عدول عنه ” انتهى.
قال النووي في “شرح مسلم” في شرح حديث نُبَيشَةَ الهُذلي عند مسلم (1144) “أيام التشريق أيام أكل وشرب”: وفيه دليل على من قال: لا يصح صومها بحال وهو أظهر القولين في مذهب الشافعي، وبه قال أبو حنيفة وابن المنذر وغيرهما.
وقال جماعة من العلماء: يجوز صيامها لكل أحد تطوعاً وغيره، حكاه ابن المنذر عن الزبير بن العوام وابن عمر وابن سيرين.
وقال مالك والأوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه: يجوز صومها للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولا يجوز لغيره، واحتج هؤلاء بحديث البخاري في “صحيحه” عن ابن عمر وعائشة قالا: لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي.
وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر سميت بذلك لتشريق الناس لحوم الأضاحي فيها وهو تقديدها ونشرها في الشمس.
انتهى..