18 – بَابُ فِي رَحْمَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلنِّسَاءِ وَأَمْرِ السَّوَّاقِ مَطَايَاهُنَّ بِالرِّفْقِ بِهِنَّ
70 – (2323) حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ، وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَأَبُو كَامِلٍ جَمِيعًا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، قَالَ أَبُو الرَّبِيعِ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ، وَغُلَامٌ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ»
70 – وَحَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ الْعَتَكِيُّ، وَحَامِدُ بْنُ عُمَرَ، وَأَبُو كَامِلٍ، قَالُوا: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ، بِنَحْوِهِ
71 – (2323) وحَدَّثَنِي عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، كِلَاهُمَا عَنِ ابْنِ عُلَيَّةَ، قَالَ زُهَيْرٌ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَتَى عَلَى أَزْوَاجِهِ وَسَوَّاقٌ يَسُوقُ بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ: أَنْجَشَةُ، فَقَالَ: «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ» قَالَ: قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: «تَكَلَّمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا بَعْضُكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ»
72 – (2323) وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، ح وَحَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا التَّيْمِيُّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ يَسُوقُ بِهِنَّ سَوَّاقٌ، فَقَالَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَيْ أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ»
73 – (2323) وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنِي هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «رُوَيْدًا يَا أَنْجَشَةُ، لَا تَكْسِرِ الْقَوَارِيرَ» – يَعْنِي ضَعَفَةَ النِّسَاءِ –
73 – وَحَدَّثَنَاهُ ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَذْكُرْ حَادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ
الفوائد
—–‘——–‘———-‘
مشاركة (ابن غدير وصالح الصيعري وسلطان الخيلي وأبو محمد سيفي):
معاني الكلمات:
قال ابن كثير عند قول الله تعالى: (قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا)
“قواريرا” منصوب إما على البدلية أو تمييز لأنه بينه بقوله جل وعلا “قوارير من فضة” قال ابن عباس ومجاهد والحسن البصري وغير واحد بياض الفضة في صفاء الزجاج والقوارير لا تكون إلا من زجاج فهذه الأكواب هي من فضة وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها وهذا مما لا نظير له في الدنيا
– في الحديث الرفق، خاصة بالرعية والنساء والرفق لغة:
يقول ابن فارس: الرّاء والفاء والقاف أصل واحد يدلّ على موافقة ومقاربة بلا عنف، فالرّفق خلاف العنف.
وفي رواية (كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاد حسن الصوت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: رويداً يا أنجشة! لا تكسر القوارير) يعني ضعفة النساء
قلت (سيف بن دورة): بين ابن حجر: أن الذي قال يعني: ضعفة النساء هو قتادة كما في رواية.
*واصطلاحا:
هو لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل، وهو ضدّ العنف.
ومنه قوله تعالى – {فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)}
-وعن عائشة- رضي الله عنها- قالت:
سمعت من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول في بيتي هذا: «اللهمّ من ولي من أمر أمّتي شيئا فشقّ عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمّتي شيئا فرفق بهم فارفق به»).
مسلم (1828).
قلت (سيف بن دورة): سيأتي سوق أحاديث في الحث على الرفق في باب فضل الرفق من كتاب الأدب.
– فيه ضعف النساء، وليس في الحديث الضعف القلبي وإنما الضعف البدني. وإن كان المتقرر أن الرجال أقوى قلوبا من النساء، لكن دفعنا ذلك المعنى في هذا الحديث، لكي لا تتهم أمهات المؤمنين بضعف قلوبهن، وقرب افتتانهن.
قال الحافظ في الفتح (كِتَاب الْأَدَبِ/ بَاب مَا يَجُوزُ مِنْ الشِّعْرِ وَالرَّجَزِ وَالْحُدَاءِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْه .. ُ):
(فِي رِوَايَة هِشَام عَنْ قَتَادَةَ «رُوَيْدك سَوْقك وَلَا تَكْسِر الْقَوَارِير»
وَزَادَ حَمَّاد فِي رِوَايَته عَنْ أَيُّوب قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: يَعْنِي النِّسَاء، فَفِي رِوَايَة هَمَّام عَنْ قَتَادَةَ «وَلَا تَكْسِر الْقَوَارِير»
قَالَ قَتَادَةُ: يَعْنِي ضَعَفَة النِّسَاء وَالْقَوَارِير جَمْع قَارُورَة وَهِيَ الزُّجَاجَة سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِاسْتِقْرَارِ الشَّرَاب فِيهَا.
وَقَالَ الرّامَهُرْمُزِيّ: كَنَّى عَنْ النِّسَاء بِالْقَوَارِيرِ لِرِقَّتِهِنَّ وَضَعْفهنَّ عَنْ الْحَرَكَة، وَالنِّسَاء يُشَبَّهْنَ بِالْقَوَارِيرِ فِي الرِّقَّة وَاللَّطَافَة وَضَعْف الْبِنْيَة، وَقِيلَ: الْمَعْنَى سُقْهُنَّ كَسَوْقِك الْقَوَارِير لَوْ كَانَتْ مَحْمُولَة عَلَى الْإِبِل، وَقَالَ غَيْره: شَبَّهَهُنَّ بِالْقَوَارِيرِ لِسُرْعَةِ اِنْقِلَابهنَّ عَنْ الرِّضَا، وَقِلَّة دَوَامهنَّ عَلَى الْوَفَاء، كَالْقَوَارِيرِ يُسْرِع إِلَيْهَا الْكَسْر وَلَا تَقْبَل الْجَبْر، وَقَدْ اِسْتَعْمَلَتْ الشُّعَرَاء ذَلِكَ، قَالَ بَشَّار: اُرْفُقْ بِعَمْرٍو إِذَا حَرَّكْت نِسْبَته فَإِنَّهُ عَرَبِيّ مِنْ قَوَارِير قَالَ أَبُو قِلَابَةَ: فَتَكَلَّمَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَلِمَةٍ لَوْ تَكَلَّمَ بِهَا بَعْضكُمْ لَعِبْتُمُوهَا عَلَيْهِ: «سَوْقك بِالْقَوَارِيرِ»
الْمُرَاد مَنْ كَانَ يَتَنَطَّع فِي الْعِبَارَة وَيَتَجَنَّب الْأَلْفَاظ الَّتِي تَشْتَمِل عَلَى شَيْء مِنْ الْهَزْل.
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: كَانَ أَنْجَشَة أَسْوَد وَكَانَ فِي سَوْقه عُنْف، فَأَمَرَهُ أَنْ يَرْفُق بِالْمَطَايَا.
وَقِيلَ: كَانَ حَسَن الصَّوْت بِالْحُدَاءِ فَكَرِهَ أَنْ تَسْمَع النِّسَاء الْحُدَاء فَإِنَّ حُسْن الصَّوْت يُحَرِّك مِنْ النُّفُوس، فَشَبَّهَ ضَعْف عَزَائِمهنَّ وَسُرْعَة تأثير الصَّوْت فِيهِنَّ بِالْقَوَارِيرِ فِي سُرْعَة الْكَسْر إِلَيْهَا.
وَجَزَمَ اِبْن بَطَّال بِالْأَوَّلِ فَقَالَ: الْقَوَارِير كِنَايَة عَنْ النِّسَاء اللَّاتِي كُنَّ عَلَى الْإِبِل الَّتِي تُسَاق حِينَئِذٍ، فَأَمَرَ الْحَادِي بِالرِّفْقِ فِي الْحُدَاء لِأَنَّهُ يَحُثُّ الْإِبِل حَتَّى تُسْرِع فَإِذَا أَسْرَعَتْ لَمْ يُؤْمَن عَلَى النِّسَاء السُّقُوط، وَإِذَا مَشَتْ رُوَيْدًا أُمِنَ عَلَى النِّسَاء السُّقُوط، قَالَ: وَهَذَا مِنْ الِاسْتِعَارَة الْبَدِيعَة؛ لِأَنَّ الْقَوَارِير أَسْرَع شَيْء تَكْسِيرًا، فَأَفَادَتْ الْكِنَايَة مِنْ الْحَضّ عَلَى الرِّفْق بِالنِّسَاءِ فِي السَّيْر مَا لَمْ تُفِدْهُ الْحَقِيقَة لَوْ قَالَ اُرْفُقْ بِالنِّسَاءِ.
وَجَزَمَ أَبُو عُبَيْد الْهَرَوِيُّ بِالثَّانِي وَقَالَ: شَبَّهَ النِّسَاء بِالْقَوَارِيرِ لِضَعْفِ عَزَائِمهنَّ، وَالْقَوَارِير يُسْرِع إِلَيْهَا الْكَسْر، فَخَشِيَ مِنْ سَمَاعهنَّ النَّشِيد الَّذِي يَحْدُو بِهِ أَنْ يَقَع بِقُلُوبِهِنَّ مِنْهُ، فَأَمَرَهُ بِالْكَفِّ، فَشَبَّهَ عَزَائِمهنَّ بِسُرْعَةِ تأثير الصَّوْت فِيهِنَّ بِالْقَوَارِيرِ فِي إِسْرَاع الْكَسْر إِلَيْهَا.
وَرَجَّحَ عِيَاض هَذَا الثَّانِي فَقَالَ هَذَا أَشْبَه بِمَسَاقِ الْكَلَام، وَهُوَ الَّذِي يَدُلّ عَلَيْهِ كَلَام أَبِي قِلَابَةَ، وَإِلَّا فَلَوْ عَبَّرَ عَنْ السُّقُوط بِالْكَسْرِ لَمْ يَعِبْهُ أَحَد.
وَجَوَّزَ الْقُرْطُبِيّ فِي ” الْمُفْهِم ” الْأَمْرَيْنِ فَقَالَ: شَبَّهَهُنَّ بِالْقَوَارِيرِ لِسُرْعَةِ تَأَثُّرهنَّ وَعَدَم تَجَلُّدهنَّ، فَخَافَ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَثِّ السَّيْر بِسُرْعَةِ السُّقُوط أَوْ التَّأَلُّم مِنْ كَثْرَة الْحَرَكَة وَالِاضْطِرَاب النَّاشِئ عَنْ السُّرْعَة، أَوْ خَافَ عَلَيْهِنَّ الْفِتْنَة مِنْ سَمَاع النَّشِيد.
قُلْت: وَالرَّاجِح عِنْدَ الْبُخَارِيّ الثَّانِي، وَلِذَلِكَ أَدْخَلَ هَذَا الْحَدِيث فِي ” بَاب الْمَعَارِيض “، وَلَوْ أُرِيدَ الْمَعْنَى الْأَوَّل لَمْ يَكُنْ فِي الْقَوَارِير تَعْرِيض.) ا. هـ فتح الباري
قلت (سيف): لكن وجه المعاريض، هو ذكر القوارير والمقصود النساء والمقصود الرفق لكي لا يسقطن، أما قول عياض أن أبا قلابة ينقم عليهم عيب مثل هذا الكلام.
فقد يكون المقصود الكلام الذي فيه تشبيه النساء بالشيء الرقيق.
بل بوب عليه البخاري في الأدب المفرد (باب المزاح) فكيف يمزح النبي صلى الله عليه وسلم في أمر فيه فتنة. وأيدني على ذلك صاحبنا أبوصالح.
تنبيه: لفظ (إياك والقوارير): قال الألباني: منكر. (الضعيفة 6059 وفيه أن البراء كان حسن الصوت فكان يرجز لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره، فبينما هو يرجز إذ قارب النساء …. الحديث.
وقال الشيخ الألباني: وبذلك تعلم ضعف الاستدلال بهذا الحديث على ترجيح قول من قال في تفسير قوله صلى الله عليه وسلم قال (رويدك؛ سوقك بالقوارير): أنه خشي على النساء الفتنة، فأمره صلى الله عليه وسلم بالكف عن الحداء كما فعل الشيخ التويجري في الصارم المشهور وقلده محمد زينو في كيف نربي أبناءنا، بل الصواب القول الآخر؛ وهو ما جاء في “شرح السنة”:
” المراد بالقوارير: النساء؛ شبههن بالقوارير لضعف عزائمهن، والقوارير يسرع
إليها الكسر، وكان أَنْجَشَةُ غلاماً أسود، وفي سوقه عنف، فأمره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يرفق بهن
في السوق؛ كما يرفق بالدابة التي عليها قوارير”.
قلت: وهذا هو الذي رجحه الشيخ العلامة علي القاري؛ فقال في “المرقاة” (4/ 619):
“وهذا المعنى أظهر – كما لا يخفى -؛ فإنه ناشئ عن الرحمة والشفقة، وذاك
عن سوء ظن لا يليق بمنصب النبوة”.
فأقول: هذا هو الحق الذي لا يمكن القول بغيره إذا ما جمعت طرق الحديث
وألفاظه، وزياداته، وأمعن النظر في معانيها:
أولاً: قوله: ” رويدك ” … معناه: أمْهِل وتَأَنَّ – كما في ” النهاية ” وغيره -، وقال
الرامهرمزي:
“يقول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اجعل سيرك على مهل؛ فإنك تسير بالقوارير … فكنى عن ذكر
النساء بالقوارير … “. وقال عياض: ” أي: سُق سوقاً رويداً “.
قلت: والذين ذهبوا إلى القول الأول فسروه بالكف عن الحداء – كما تقدم -،
ومثله في “النهاية” وغيره، وهذا خَلف كما لا يخفى! وهو يلتقي مع حديث
الترجمة الذي جاء في آخره: “فأمسك “. وهذا مثال من عشرات بل مئات الأمثلة
في الآثار السيئة للأحاديث الضعيفة كما هو مصرح في عنوان هذه “السلسلة” … ثم ساق الألفاظ الدالة على المعنى الراجح
وسيأتي في آخر الشرح نقل بعض هذه الروايات التي تؤيد أن المقصود السقوط.
– جواز استعمال ويح وويل للعتب. وإن كان ويل تأتي أكثر للزجر
قال القاضي: قال سيبويه:
(ويل) [ص: 475] كلمة تقال لمن وقع في هلكة، و (ويح) زجر لمن أشرف على الوقوع في هلكة. وقال الفراء: ويل وويح وويس بمعنى، وقيل: ويح كلمة لمن وقع في هلكة لا يستحقها يعني في عرفنا فيرثي له، ويترحم عليه، وويل ضده. قال القاضي: قال بعض أهل اللغة: لا يراد بهذه الألفاظ حقيقة الدعاء، وإنما يراد بها المدح والتعجب.
– فيه الرفق في السير لأن الإبل إذا سمعت الحُداء ـ وهو ضرب من الغناء في السفر ـ أسرعت في المشي واستلذَّتْه فأزعجت الراكب وأتعَبَتْه فنهاه عن ذلك.
– تشبيه النبي صلى الله عليه وسلم النساء بالقوارير لرقّتهن ولطافتهنّ مما يستدعي مراعاة ذلك في التعامل معهن. قال الإمام ابن الأثير في جامع الأصول 173:5: أراد بالقوارير النساء وشبَّهَهُنّ بالقوارير لأن أقل شيء يؤثر فيهن.
-أن من تعاليم الإسلام وأخلاق النبوة تجنُّب الغِلظة والعنف والقسوة في التعامل مع النساء.
-جواز الحداء، وهو بضم الحاء ممدود.
-وجواز السفر بالنساء.
– فيه مباعدة النساء من الرجال، ومن سماع كلامهم، إلا الوعظ ونحوه.
قوله (رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ) فيه:
– لطف النبي في المعاملة
-حسن المعاشرة بين الزوجين
– اتخاذ الغلمان كما بعض الروايات (غلاما له)
– في المعاريض من الاتساع ما يغني عن الكذب (وراجع فتح الباري باب المعاريض من البخاري)
-فيه أن طبيعة المرأة تختلف عن الرجل لذا لها وظيفة تليق بها فحثها الشرع بلزوم البيت وتربية الأولاد ولم تكلف ولايات فوق طاقتها ومنه حديث (ما أفلح قوم ولّوا أمرهم أمرأة)، ولم تكلف بالجهاد بل من شرط سفرها المحرم.
– قال صاحبنا عبدالحميد: فالحديث ليس فيه حجة لمن أجاز الغناء. انتهى
وراجع لرد الشبه تحريم آلات الطرب للألباني: قال فيه وذكر أنواع الغناء: وهذا يحرك الإبل والآدمي إلا أن ذلك التحريك لا يوجب الطرب المخرج عن حد الاعتدال. ثم ذكر حديث الباب وغير ذلك من الأحاديث في هذا المعنى وقال الشافعي: أما استماع الحداء ونشيد الأعراب فلا بأس به انتهى ملخصا من كلام لأبي الفرج في تلبيس إبليس
– والحديث ليس فيه حجه لرقص الصوفية ومعازفهم: قال الإمام الشاطبي في ” الاعتصام ” (1/ 368) بعد أن أشار إلى حديث أنجشة وهو في صدد الرد على بعض الصوفيين:
وهذا حسن لكن العرب لم يكن لها من تحسين النغمات ما يجري مجرى ما الناس عليه اليوم بل كانوا ينشدون الشعر مطلقا ومن غير أن يتعلموا هذه الترجيعات التي حدثت بعدهم بل كانوا يرفقون الصوت ويمططونه على وجه يليق بأمية العرب الذين لم يعرفوا صنائع الموسيقى فلم يكن فيه إلذاذ ولا إطراب يلهي وإنما كان لهم شيء من النشاط كما كان
أهـ
قال الشافعي: خلفت شيئاً أحدثته الزنادقة، يسمونه التغبير، يصدون به عن القرآن.
قال ابن تيمية: وهذا من كمال معرفة الشافعي وعلمه بالدين، فإن القلب إذا تعود سماع القصائد والأبيات والتلذذ بها حصل له نفور عن سماع القرآن والآيات، فيستغني بسماع الشيطان عن سماع الرحمن (الفتاوى 11/ 532)
وراجع كلام ابن حجر في حديث عائشة حين أن كان عندها جاريتان تتقاولان بيوم بعاث في كتاب العيدين فهو قريب من كلام الشاطبي.
– ورد في البخاري (يا أنجش) وبوب عليه باب من دعا صاحبه فنقص من اسمه حرفاً
وذكر فيه معلقا حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا أبا هر
وحديث (يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام) وذكر حديث الباب
– في بعض الفتاوى جواز سماع المرأة لإنشاد الرجل إذا كان مضبوطا بالضوابط الشرعية يعني ليس فيها محرم ولا منكر أما سماع الرجل الأجنبي لنشيد المرأة لا يجوز لما فيه من إثارة الفتنة.
-الدعوة للسفور ليس من الرفق بالنساء
نقل سيف بن غدير هذا البحث من موقع سحاب السلفية …
وعنوانه:
الإبهار في الدفاع عن أمهات المؤمنين الأطهار …
فالغريب هو انصراف البعض إلى شرح الحديث بتفسير خاطئ مرجوح
وأنه ضعف عزائمهن وقلوبهن وافتتانهن وغيرها من الكلام الذي لا يليق أبدا بأمهات المؤمنين ونساء النبي عليه أفضل الصلاة والسلام كما سيأتي وقد بالغ الهروي في الإفحاش حتى قال في هذا المقام ” والغناء رقية الزنى ”
وأما التفسير الصحيح لقوله عليه السلام ” رويدك سوقا بالقوارير ” أنه خشي سقوط النساء من هوادجهن لأن الإبل أعنفت في السير لحداء أنجشة كما جاء صريحا في بعض الروايات
فالأحاديث يفسر بعضها بعضا مما لا يبقي مجالا للشك
منها
ففي صحيح البخاري عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ وَكَانَ غُلَامٌ يَحْدُو بِهِنَّ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدَكَ يَا أَنْجَشَةُ سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ
وهذا صريح في كون النبي صلى الله عليه وسلم خشي من سوقه للإبل لأن أنجشة كان حسن الصوت وكانت تنفعل معه الإبل
وفي صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ:
كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَادٍ حَسَنُ الصَّوْتِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رُوَيْدًا يَا أَنْجَشَةُ لَا تَكْسِرْ الْقَوَارِيرَ
وجاء في مسند أحمد صريحا لا غبار عليه قال:
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ يَسُوقُ بِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ فَاشْتَدَّ فِي السِّيَاقَةِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ سَوْقًا بِالْقَوَارِيرِ
وفي رواية أخرى قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ:
بَيْنَمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسِيرُ وَحَادٍ يَحْدُو بِنِسَائِهِ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا هُوَ قَدْ تَنَحَّى بِهِنَّ قَالَ فَقَالَ يَا أَنْجَشَةُ وَيْحَكَ ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ
فماذا عساهم أن يقولوا في هذه الرواية وهل دل ضحكه عليه السلام إلا على إقراره لأنجشة حداءه
وقوله “فإذا هو قد تنحى بهن ” أي تقدم بهن لسرعة الإبل كما تؤيده رواية أخرى لأحمد قال:
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ:
أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي الْمَسِيرِ وَكَانَ حَادٍ يَحْدُو بِنِسَائِهِ أَوْ سَائِقٌ قَالَ فَكَانَ نِسَاؤُهُ يَتَقَدَّمْنَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ يَا أَنْجَشَةُ وَيْحَكَ ارْفُقْ بِالْقَوَارِيرِ
كما توضحه هذه الرواية كذلك عن أحمد قال:
حَدَّثَنَا رَوْحٌ حَدَّثَنَا زُرَارَةُ بْنُ أَبِي الْحَلَالِ الْعَتَكِيُّ قَالَ سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَا أَنْجَشَةُ كَذَاكَ سَيْرُكَ بِالْقَوَارِيرِ
وكما توضحه كذلك هذه الرواية التي في مسند الحميدي
قال حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِىُّ أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لِخَادِمِهِ: «يَا أَنْجَشَةُ رِفْقًا قَوْدَكَ بِالْقَوَارِيرِ»
ولأحمد كذلك قال حَدَّثَنَا أَبُو كَامِلٍ وَعَفَّانُ حَدَّثَنَا حَمَّادٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ
أَنَّ الْبَرَاءَ بْنَ مَالِكٍ كَانَ يَحْدُو بِالرِّجَالِ وَأَنْجَشَةَ يَحْدُو بِالنِّسَاءِ وَكَانَ حَسَنَ الصَّوْتِ فَحَدَا فَأَعْنَقَتْ الْإِبِلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدًا سَوْقَكَ بِالْقَوَارِيرِ
فتبين من هذه الروايات أن العرب كانت تحدوا إبلها بالشعر كي تسرع في السير وأن الإبل تنفعل مع الصوت الحسن وقد تعنف في سيرها وكان أنجشة يحدوا بإبل نساء النبي عليه السلام فأعنفت الإبل لحدائه وأسرعت حتى تنحت عن القوم وتقدمت بين يديهم فخشي النبي عليه السلام سقوطهن من هوادجهن فيحصل لهم الأذى وقد كانت معهن السيدة عائشة رضي الله عنها فأنكر عليه طريقة سوقه وقوده للإبل
أما ما يدعيه البعض من ضعف العزائم عندهن وخشية افتتانهن فلا يصلح أن يقال في آحاد نساء المؤمنين فكيف بنسائه عليه الصلاة والسلام
فالله سلم سلم
أما شرح بعضهم
رويدك = أي احذر من أن تسمع صوتك النساء
وكذلك قول بعضهم أن هذا التفسير هو المأخوذ من رواية الحاكم وقد صححها ووافقه على ذلك الذهبي ”
فهذا ليس بصحيح بل هو تدليس وتلبيس واضح لأن هذا التفسير ليس مأخوذ من الرواية وإنما هو مأخوذ من شيخ الحاكم وهو أبو معين محمد بن عيسى العطار وإليكم الرواية
قال أبو عبد الله الحاكم في مستدركه تحت حديث 5277
أخبرني أبو معين محمد بن عيسى العطار، بمرو، ثنا عبدان بن محمد الحافظ، ثنا إسحاق بن منصور، ثنا عبد الرحمن بن معن، أنبأ محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أنس، قال: سمعت أنس بن مالك يقول: كان البراء بن مالك رجلا حسن الصوت، فكان يرجز لرسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، فبينما هو يرجز إذ قارب النساء، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك والقوارير» قال: فأمسك قال محمد: «كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمع النساء صوته» «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»
فيظهر جليا أن هذا التفسير ليس مأخوذا من الرواية أبدا وإنما هو مأخوذ من قول محمد ابن عيسى العطار وهو شيخ الحاكم
وأما الذهبي إن وافق فعن الرواية التي هي كسابقتها وتحمل على الصريح منها
أما الزيادة التي عند شيخ الحاكم فقد قال الذهبي رحمه الله في أقل منها قبح الله رافضيا افتراه
وأما ما ادعاه البعض عن ابن القيم والحاكم والبخاري والخطابي وأبو عبيد الهروي والقاضي عياض وغيرهم من العلماء أن نهي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنجشة عن إنشاد هذا النوع من الشعر لأن لا تفتتن بصوته النساء
فهذا ليس قول محقق
ولا رأي مدقق
أما البخاري فخرج حديث أنس برواياته تحت باب
ما يجوز من الشعر والرجز والحداء وما يكره منه
و باب ما جاء في قول الرجل ويلك
و باب المعاريض
فليس عند البخاري ما يوافق تلكم العلة العلولة لا في الرواية ولا في التبويب فمن أين أتوا بها؟؟
وأما الحاكم فتقدم أن الكلام من شيخه محمد بن عيسى العطار وليس من كلامه فضلا عن روايته وقد أخرجها في باب ذكر البراء ابن مالك الأنصاري رضي الله عنه فليس لهم به متعلق
أما النووي فذكر القولين ولم يرجح فلا ينسب إليه القول المعلول ويترك القول الثاني وهو الحق الموافق لباقي النصوص بل وساقه سياق المقر له وعلل بما يومئ إلى اختياره له وترجيحه
وأما الهروي قد أحسن الرد عليه الإمام السلفي أبو الفضل محمد بن ناصر السّلامي صاحب كتاب ” التنبيه على الألفاظ التي وقع في نقلها وضبطها تصحيف وخطأ في تفسيرها ومعانيها وتحريف في كتاب الغريبين عن أبي عبيد أحمد بن محمد المؤدب الهروي ”
قال رحمه الله:
ومن ذلك ما وقع أيضاً الخطأ في تفسيره، ما ذكره في باب القاف مع الراء قال ” أي الهروي “: ” وفي الحديث أنه قال: لأنجشة – وهو يحدو بالنساء – (رفقاً بالقوارير) شبههنّ بها لضعف عزائمهن، والقوارير يُسرع إليها الكسر، وكان أنجشة يحدو بهن، وينشد من القريض، والرجَز ما فيه تشبيبٌ، فلم يأمن أن يصيبهن، أو يقع في قلوبهن حداؤه، فأمره بالكف عن ذلك، وقيل الغناء رقية الزنا “.
قلت: هذا ما ذكره في كتابه , وهذا الذي ذكره من التفسير في قوله صلى الله عليه: “رفقًا بالقوارير ” يعني النِّساء , وهنَّ أزواجه عليه السلام، ورضي الله عنهنَّ؛ لا يجوزُ ولا يَسوغُ أن يُحْمَل قوله عليه السلام على ذلك , إذ قد نزَّهَ اللهُ أزواجَ نبيه صلى الله عليه عن ذلك بقوله تعالى: {الطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ} , وبقوله: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} , وإنما أراد صلى الله عليه أنَّ الإبل إذا سمعت الحداء أعتقت وأسرعت السير , فربما قلق وضِينُ الهودج فوقعت إحداهنَّ من البعير لشدَّةِ السَّير، فينكسر بعض أعضائها أو ينخلع. فشبههن بالقوارير لضعفهن , وأن الزجاج سريع الانكسار , ولم يُرد عليه السلام ما ذكره المصنف من ضعف العزائم , معاذ الله مما ظن فلقد أخطأ ظنه , وضعف عقله إذ حمل كلام الرسول عليه السلام على مالا يجوز في الشرع , ولا يسوغ في العقل.
ومما يقوي ما ذكرته ويوضحه ما أخبرناه المبارك بن عبد الجبار المروزي – قراءة عليه من كتابه …. ثم ذكر بعض
الروايات التي ذكرها الباحث
ولم تكن الحداة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم , يحدون بالتشبيب كما ذكر هذا المؤلف , فقد حفظ ذلك، ونقل في مغازيه وحجه عليه السلام , فمن ذلك ما ذكر أن عامر بن الأكوع كان يحدو بهم في طريق خيبر , وقد أمره النبي عليه السلام بذلك في تلك الغزاة فقال:
والله لولا الله ما اهتدينا
ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا
وثبت الأقدام إن لاقينا
ومن ذلك قول عبدالله بن رواحة في يوم فتح مكة , وقد حدا بهم:
خلّوا بني الكفار عن سبيله
يا رب إني مؤمن بقيله
نحن ضربناكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
ويذهل الخليل عن خليله.
ومن ذلك قول ذي البجادين وهو يحدو بهم أيضًا في غزوة أخرى
إليك تغدو قلقًا وضينها
مخالفًا دين النصارى دينها
معترضًا في بطنها جنينها
في أشباه لهذا كثيرة , ولم يكونوا يحدون بالتشبيب ولا بالنسيب , ولا ينشدون الشعر بألحان الغناء التي أحدثها المخنثون، بل كان إنشادهم للشعر كالنصب للركبان ودعاء الرعيان وطريقة العرب العربان، لا تخليع الشعر كفعل الفساق المجان، فكيف يظن أن ذلك كان على عهد النبى عليه السلام، وصحابته الأعيان الذين أثنى الله عليهم في القرآن، ونزههم من كل دنس ولغو وطغيان، وكذلك أزواجه المطهرات المبرءات من كل إفك وبهتان؟
كيف يجوز لمسلم أن يظن بهن رضوان الله عليهن أنهن يملن الى سماع الغناء، والتشبيب بالنساء وقد ميزهن الله تعالى على سائر نساء العالمين بقوله تعالى {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} وقد كان فيهن من تحفظ الكثير من الأشعار والقصائد الطوال، مثل عائشة وزينب وأم سلمه رضي الله عنهن؟
قالت عائشة: كنت أنشد النبي صلى الله عليه وسلم الشعر حتى يزبب شِدقاي، ولقد أنشدته يومًا ألف بيت للبيد بن ربيعة، ولم يغيرهن حفظ الشعر فكيف سماعه، فهذا خطأ ممن يحمل قول النبي عليه السلام على هذا المعنى الركيك، ويقول فيه: ” الغناء رقيه الزنا ” لو قيل هذا في حق أزواج المؤمنين كان قبيحاً لا يجوز أن ينطق به، ولا يعتقد في المحصنات المؤمنات أنهن إذا سمعن الغناء كان داعياً لهن إلى الزنا، فمُعْتَقِدُ ذلك فيهنّ آثمٌ كاذبٌ، يجب عليه في ذلك إن صرح به الحد، فكيف في حق أزواج النبي صلى الله عليه، ورضي عنهن، وهن المنزهات الطاهرات المبرءات من كل دنس وعيب وشين وريب، إن أعتقد فيهن ذلك كان كافراً لقوله تعالى {يَعِظُكُمَ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وهذا من المؤلف محمولٌ على السهو والغفلة وإن كان قصد هذا التفسير على عمد منه ولو كان منه كان فسق وضل وخسر وذل عفا الله عنا وعنه
أهـ
ما أعظم كلام هذا الإمام الجهبذ السلفي وكان قد أصابه شيئا من علم الكلام لكنه رحمه الله تراجع إلى عقيدة السلف وصدع بها
ومما يبين تأثر الإبل بالحداء أيضاً قول الشاعر
إِن كُنْتَ تنكِرُ أَن في ال …
أَلحَانِ تَأثِيراً ونَفْعَا
فَانْظُرْ إِلَى الإبِلِ الَتِي …
لاَ شَك أَغْلَظُ مِنْكَ طَبْعَا
تُصْغِي إِلَى صَوْتِ الحُدَا …
ه فَتَقْطَعُ الفَلَوَاتِ قَطْعَا
وذكر هذا الشعر العصامي في كتابه سمط النجوم العوالي وقال منكرا فيه على من انتحل القول المعلول الذي ينتحله البعض
فقال: والعجب من صاحب المواهب كيف جعل المعنى الأول هو المراد من الحديث فجعل علة النهي خوف أن يصيبهن أو يقع في قلوبهن حداؤه. وأردفه بإيراد المثل الذي أورده فليته لم يورده، وهو معنى غير لائق التعليل به في آحاد حرائر نساء المسلمين، فكيف يعلل به في المحدو بهن في الواقع وهن أمهات المؤمنين …. أهـ
وأمهات المؤمنين على رأس العفة ففي حديث أم علقمة مولاة عائشة:
أن بنات أخي عائشة رضي الله عنها خفضن فألمن ذلك فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين ألا ندعو لهن من يلهيهن؟ قالت: بلى قالت: فأرسلت
إلى فلان المغني فأتاهم فمرت بهم عائشة رضي الله عنها في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طربا وكان ذا شعر كثير فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: أف شيطان أخرجوه أخرجوه فأخرجوه
قال الألباني: أخرجه البيهقي (10/ 223 – 224) والبخاري مختصرا في ” الأدب المفرد ” (1247) بسند حسن أو يحتمل التحسين وقد أوردته في ” صحيح الأدب المفرد ” رقم (945) محسنا وصححه الحافظ ابن رجب في ” نزهة الأسماع ” (ص 55 – طيبة)
فعلى من يتصدى للتأليف عدم إعمال لقول مرجوح يخالف الفطرة وتمجه النفوس السليمة مجا وترك لما يوافق النصوص الصحيحة الصريحة والتي فيها الحفاظ على كرامة الصحابة وعرض رسول الله عليه السلام وغلق الباب على الرافضة الزنادقة
والواجب على من يتصدر للدعوة أن يشحد همته في إبراز محامد الصحابة رضي الله عنهم ونبينا عليه أفضل الصلاة والسلام وزوجاته الطاهرات المطهرات وأن يضرب لهم أروع الأمثلة في كل مجالات الدعوة والعمل وأن يبعد كل ما يتوهم منه انتقاصا لهم فضلا عما يكون صريحا في الطعن والسب
أما ما كان طعن غير مباشر وغير صريح وقد ذهل عنه صاحبه وفلتت منه عبارة غير مقصودة فهذا لا عيب فيه إذا تراجع عنه وتركها وحذر المسلمين من تقليده فيها
وأما من أصر على رأيه الفاسد قياسه الكاسد وذهب يبحث من سبقه بعبارة زل فيها وكبوة يحتج بها ليقر على ذنبه ومسبته ومنقصته فهذا ساقط لا كرامة له عند أهل السنة
وأما ما كان صريحا في الطعن والسب فهذا شأنه شأن الرافضة وزندقته مكشوفة نسأل الله السلامة والعافية. انتهى كلام الباحث بتصرف يسير واختصار
وراجع لجمع هذه الروايات التي تؤيد معنى السقوط الضعيفة 6059 وهي قريبة من الروايات التي ذكرها الباحث. وزاد عليها الباحث كلام أبو الفضل السلامي.
-تنبيه (سيف ابن غدير):522 – الحديث أخرجه الإمام أحمد رحمه الله (ج6ص376): من حديث أم سليم رضي الله عنها لكنه معل، والصحيح أنه من حديث أنس
راجع أحاديث معلة ظاهرها الصحة للشيخ مقبل.
قلت: سيف ابن دورة: وراجع علل الدارقطني 4092
-تنبيه (سيف ابن دورة): ورد في الصحيحة 3205 رواية لأحمد مطولة من حديث عائشة وفيها (كذلك سوقك بالقوارير … وان بعيرا لصفيه قد اعتل) وأخرجه أبو داود 4602 مختصرا على اعتقال جمل صفيه وما بعده.
ففيه (أنه اعتل بعير لصفيه بنت حيي، وعند زينب فضل ظهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم لزينب: (اعطيها بعيرا) فقالت: أنا أعطى تلك اليهودية؟! فغضب رسول الله صلى الله عليه، فهجرها ذا الحجة والمحرم وبعض صفر).
وقلنا في تخريجنا لسنن أبي داود: ضعفه الألباني في ضعيف أبي داود، وصححه احتمالا في الصحيحة، وفي صحيح الترغيب قال: حسن لغيره، وضعفه محققو المسند 42/ 58 بجهالة سمية. ولتردد حماد بين وصله وإرساله
قلت: وأكثر من خرج الحديث سماها سميه