18 التعليق على الصحيح المسند
مجموعة ابراهيم البلوشي وأبي عيسى البلوشي وفيصل الشامسي وفيصل البلوشي
وهشام السوري وعبدالله المشجري وخميس العميمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا)
——-‘——‘——–‘
——-‘——‘——–”
——-‘——‘——–”
الصحيح المسند 18
روى الإمام أحمد عن أسامة بن زيد قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه كآبة، فسألته ما له؟ فقال:: لم يأتني جبريل منذ ثلاث. قال: فإذا جرو كلب بين بيوته فأمر به فقتل، فبدا له جبريل عليه السلام، فبهش إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه. فقال: لم تأتني. فقال: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تصاوير.
———”——”——–
الشرح:
أورد البخاري رحمه الله في كتاب اللباس من صحيحه عدة تراجم تتعلق بالحديث، منها:
– باب التصاوير
– باب عذاب المصورين يوم القيامة
– باب نقض الصور
– باب ما وطئ من التصاوير
– باب من كره القعود على الصور
– باب كراهية الصلاة في التصاوير
– باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة
– باب من لم يدخل بيتا فيه صورة
– باب من كره القعود على الصورة
– باب من لعن المصور
– باب من صور صورة كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ.
وأنقل بعض الأحاديث المتعلقة به من البخاري:
# عن أبي طلحة، رضي الله عنهم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا تصاوير.
# عن مسلم، قال: كنا مع مسروق، في دار يسار بن نمير، فرأى في صُفته تماثيل، فقال: سمعت عبد الله، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة المصورون.
# أن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم.
# أن عائشة، رضي الله عنها حدثته: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه.
# حدثنا أبو زرعة، قال: دخلت مع أبي هريرة، داراً بالمدينة، فرأى أعلاها مصوراً يصور، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ومن أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، وليخلقوا ذرة ثم دعا بتور من ماء، فغسل يديه حتى بلغ إبطه، فقلت: يا أبا هريرة، أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: منتهى الحلية.
# حدثنا سفيان، قال: سمعت عبد الرحمن بن القاسم، وما بالمدينة يومئذ أفضل منه، قال: سمعت أبي، قال: سمعت عائشة رضي الله عنها: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر، وقد سترت بقرام لي على سهوة لي فيها تماثيل، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وقال: أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله قالت: فجعلناه وسادة أو وسادتين.
# عن عائشة، قالت: قدم النبي صلى الله عليه وسلم من سفر، وعلقت درنوكا فيه تماثيل، فأمرني أن أنزعه فنزعته
# عن عائشة، رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته: أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، قالت: يا رسول الله، أتوب إلى الله وإلى رسوله، ماذا أذنبت؟ قال: ما بال هذه النمرقة فقالت: اشتريتها لتقعد عليها وتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، ويقال لهم: أحيوا ما خلقتم وقال: إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة.
# عن أبي طلحة، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه الصورة قال بسر: ثم اشتكى زيد، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، فقلت لعبيد الله، ربيب ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله: ألم تسمعه حين قال: إلا رقما في ثوب.
# عن أنس رضي الله عنه قال: كان قرام لعائشة، سترت به جانب بيتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: أميطي عني، فإنه لا تزال تصاويره تعرض لي في صلاتي.
# عن سالم، عن أبيه، قال: وعد النبي صلى الله عليه وسلم جبريل، فراث عليه، حتى اشتد على النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه، فشكا إليه ما وجد، فقال له: إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب.
# عن عون بن أبي جحيفة، عن أبيه: أنه اشترى غلاما حجاما، فقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم، وثمن الكلب، وكسب البغي، ولعن آكل الربا وموكله، والواشمة والمستوشمة والمصور.
# النضر بن أنس بن مالك، يحدث قتادة قال: كنت عند ابن عباس، وهم يسألونه، ولا يذكر النبي صلى الله عليه وسلم حتى سئل، فقال: سمعت محمدا صلى الله عليه وسلم يقول: من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ.
——–‘——–‘——
ذكر الاثيوبي في ذخيرة العقبى في شرح المجتبى عدة مسائل:
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي أن امتناع الملائكة من الدخول في البيت الذي فيه الكلب، أمر غير معقول المعنى لنا، كما أسلفته في “كتاب الطهارة” برقم 168/ 261. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف أهـل العلم في المراد بالملائكة:
قيل: هـو على العموم، وأيده النووي بقصة جبريل الآتي ذكرهـا، وقيل: يستثنى الحفظة، وأجاب الاول بجواز أن لا يدخلوا، مع استمرار الكتابة، بأن يكونوا على باب البيت. وقيل: المراد من نزل منهم بالرحمة. وقيل: من نزل بالوحي خاصة، كجبريل، وهـذا نقل عن ابن وضاح، والداودي وغيرهـما، ويلزم منه اختصاص النهي، بعهد النبي -صلى الله عليه وسلم-؛ لأن الوحي انقطع بعده، وبانقطاعه انقطع نزولهم. وقيل: التخصيص في الصفة، أي لا يدخله الملائكة دخولهم بيت من لا كلب فيه. قاله في “الفتح”.
وقال ابن حجر: والظاهر العموم والمخصص يعني الدال على كون الحفظة لا يمتنعون من الدخول ليس نصاً.
قلت ويؤيده أنه ليس من الجائز أن يطلعهم الله تعالى على عمل العبد ويسمعهم.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن القول بالعموم هـو الأظهر؛ عملا بعموم النصوص، من غير مخصص لها. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): في الصور التي تمنع دخول الملائكة:
قال الخطابي رحمه الله تعالى: الصورة التي لا تدخل الملائكة البيت الذي هـي فيه، ما يحرم اقتناؤه، وهـو ما يكون من الصور التي فيها الروح، مما لم يقطع رأسه، أو لم يمتهن.
ويؤيده حديث أبي هـريرة رضي الله تعالى عنه الذي أخرجه أصحاب “السنن”، وصححه الترمذي، وابن حبان، وهـو أتم سياقا منه، ولفظه: “أتاني جبريل، فقال: أتيتك البارحة، فلم يمنعنى أن أكون دخلت، إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر، فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي على باب البيت، يقطع، فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر، فليقطع، فليجعل منه وسادتان، منبوذتان، توطآن، ومر بالكلب، فليخرج، ففعل رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم”، وفي رواية النسائي الآتية في “الزينة”: 114/ 5367 – “فإما أن تقطع رؤوسها، أو تجعل بساطا يوطأ”، ففي هـذا الحديث ترجيح لما قاله الخطابي.
وحاصله أن الصور التي تمتنع الملائكة من دخول المكان الذي هـي فيه، هـي ما إذا كانت باقية على هـيئتها، مرتفعة، غير ممتهنة، فأما لو كانت ممتهنة، لكنها غيرت من هـيئتها، إما بقطعها من نصفها، أو بقطع رأسها، فلا امتناع.
وقال القرطبي رحمه الله تعالى: ظاهـر حديث زيد بن خالد، عن أبي طلحة رضي الله تعالى عنهما أن الملائكة لا تمتنع من دخول البيت الذي فيه صورة، إن كان رقما في الثوب، وظاهـر حديث عائشة رضي الله تعالى عنها المنع، ويجمع بينهما بأن يحمل حديث عائشة على الكراهـة، وحديث أبي طلحة على مطلق الجواز، وهـو لا ينافي الكراهـة. قال الحافظ رحمه الله تعالى: وهـو جمع حسن، لكن الجمع الذي دل عليه حديث أبي هـريرة رضي الله تعالى عنه أولى منه. والله تعالى أعلم. انتهى.
قال الخطابي رحمه الله: “وَإِنَّمَا لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ كَلْبٌ أَوْ صُورَةٌ مِمَّا يَحْرُمُ اِقْتِنَاؤُهُ مِنْ الْكِلَابِ وَالصُّوَرِ , فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِحَرَامٍ مِنْ كَلْبِ الصَّيْدِ وَالزَّرْعِ وَالْمَاشِيَةِ، وَالصُّورَةِ الَّتِي تُمْتَهَنُ فِي الْبِسَاطِ وَالْوِسَادَةِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَمْتَنِعُ دُخُولُ الْمَلَائِكَةِ بِسَبَبِهِ” انتهى.”تحفة الأحوذي” (8/ 72).
وقال الشيخ ابن عثيمين: “الصورة إذا كانت ممتهنة في فراش أو وسادة، فأكثر العلماء على أنها جائزة، وعلى هذا فلا تمتنع الملائكة من دخول المكان؛ لأنه لو امتنعت لكان ذلك ممنوعاً” انتهى.
“لقاء الباب المفتوح” (85/ 6).
تنبيه: حديث أبي طلحة سيأتي للمصنف رحمه الله تعالى في “كتاب الزينة” رقم 111/ 5352 – من طريق بسر بن سعيد، عن زيد بن خالد، عن أبي طلحة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: ” تدخل الملائكة بيتا، فيه صورة”، قال بسر: ثم اشتكى زيد، فعدناه، فإذا على بابه ستر فيه صورة، قلت لعبيد الله الخولاني: ألم يخبرنا زيد عن الصورة يوم الأول؟، قال: قال عبيد الله: ألم تسمعه يقول: “إلا رقما في ثوب”؟.
فأما حديث عائشة فهـو ما أخرجه مسلم في “صحيحه” عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن عائشة، رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: واعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جبريل عليه السلام، في ساعة يأتيه فيها، فجاءت تلك الساعة، ولم يأته، وفي يده عصا فالقاهـا من يده، وقال: “ما يخلف الله وعده، ولا رسله”، ثم التفت، فإذا جرو كلب تحت سريره، فقال: “يا عائشة متى دخل هـذا الكلب هـاهـنا؟ “، فقالت: والله ما دريت، فأمر به، فأخرج، فجاء جبريل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “واعدتني فجلست لك، فلم تأت؟ “، فقال: منعني الكلب الذي كان في بيتك، إنا لا ندخل بيتا فيه كلب، ولا صورة”.
وبعض أهل العلم ذهب أن المقصود بالملائكة الذين لا يدخلون ملائكة الرحمة:
قال النووي رحمه الله:
“قَالَ الْعُلَمَاء: سَبَب اِمْتِنَاعهمْ مِنْ بَيْتٍ فِيهِ صُورَة كَوْنهَا مَعْصِيَة فَاحِشَة , وَفِيهَا مُضَاهَاة لِخَلْقِ اللَّه تَعَالَى , وَبَعْضهَا فِي صُورَة مَا يَعْبُد مِنْ دُون اللَّه تَعَالَى.
وَأَمَّا هَؤُلَاءِ الْمَلَائِكَة الَّذِينَ لَا يَدْخُلُونَ بَيْتًا فِيهِ كَلْب أَوْ صُورَة فَهُمْ مَلَائِكَة يَطُوفُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالتَّبْرِيك وَالِاسْتِغْفَار , وَأَمَّا الْحَفَظَة فَيَدْخُلُونَ فِي كُلّ بَيْت , وَلَا يُفَارِقُونَ بَنِي آدَم فِي كُلّ حَال , لِأَنَّهُمْ مَامُورُونَ بِإِحْصَاءِ أَعْمَالهمْ , وَكِتَابَتهَا” انتهى باختصار.”شرح مسلم” (14/ 84).
وقال في “تحفة الأحوذي” (8/ 72):
“قَوْلُهُ: (لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ) أَيْ: مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ، لَا الْحَفَظَةُ , وَمَلَائِكَةُ الْمَوْتِ ” انتهى.
وقال ابن الأثير رحمه الله:
“أراد الملائكةَ السَّيَّاحِينَ غيرَ الحفَظَة والحاضِرِينَ عند الموتِ” انتهى “النهاية” (4/ 789).
يقصد حاضرين بالرحمة
وقال السيوطي رحمه الله:
“قَالَ الْخَطَّابِيُّ: الْمُرَاد بِالْمَلَائِكَةِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالرَّحْمَةِ وَالْبَرَكَة لَا الْحَفَظَة” انتهى.
“شرح النسائي” (1/ 141).
وسئل الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله:
هل قوله: (لا تدخل الملائكة بيتًا فيه صورة ولا كلب) عام تدخل فيه الحفظة أَم لا؟
فأجاب: “الظاهر أَنهم لا يدخلون فيه” انتهى.
“فتاوى ورسائل محمد بن إبراهيم” (1/ 169).
– أما الصلاة في مكان فيه صورة فهي غير جائزة، إلا إذا اضطر المسلم للصلاة في هذا المكان، وكان عاجزاً عن إزالة الصورة.
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء:
“الصلاة في المكان الذي فيه تلك الصور غير جائزة إلا للضرورة، وهكذا الصلاة في الملابس التي تشتمل على صور لحيوان لا تجوز، لكن لو فعله صحت مع التحريم” انتهى.
“فتاوى اللجنة الدائمة” (1/ 705).
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (6390) و (130263).
والله أعلم
قال ابن حجر:
قال القرطبي واختلف في المعنى الذي في الكلب حتى منع الملائكة من دخول البيت الذي هو فيه فقيل لكونها نجسة العين ويتأيد ذلك بما ورد في بعض طرق الحديث عن عائشة عند مسلم فأمر بنضح موضع الكلب وقيل لكونها من الشياطين وقيل لأجل النجاسة التي تتعلق بها فإنها تكثر أكل النجاسة وتتلطخ بها فينجس ما تعلقت به وعلى هذا يحمل من لا يقول إن الكلب نجس العين نضح موضعه احتياطاً لأن النضح مشروع لتطهير المشكوك فيه واختلف في المراد بالملائكة فقيل هو على العموم وأيده النووي بقصة جبريل الآتي ذكرها فقيل يستثنى الحفظة وأجاب الأول بجواز أن لا يدخلوا مع استمرار الكتابة بأن يكونوا على باب البيت وقيل المراد من نزل منهم بالرحمة وقيل من نزل بالوحي خاصة كجبريل وهذا نقل عن ابن وضاح والداودي وغيرهما ويلزم منه اختصاص النهي بعهد النبي صلى الله عليه وسلم لأن الوحي انقطع بعده وبانقطاعه انقطع نزولهم وقيل التخصيص في الصفة أي لا يدخله الملائكة دخولهم بيت من لا كلب فيه
وقد استشكل كون الملائكة لا تدخل المكان الذي فيه التصاوير مع قوله سبحانه وتعالى عند ذكر سليمان عليه السلام يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وقد قال مجاهد كانت صوراً من نحاس أخرجه الطبري.
وقال قتادة كانت من خشب ومن زجاج أخرجه عبد الرزاق
والجواب أن ذلك كان جائزاً في تلك الشريعة وكانوا يعملون أشكال الأنبياء والصالحين منهم على هيئتهم في العبادة ليتعبدوا كعبادتهم
وقد قال أبو العالية لم يكن ذلك في شريعتهم حراماً ثم جاء شرعنا بالنهي عنه
ويحتمل أن يقال إن التماثيل كانت على صورة النقوش لغير ذوات الأرواح وإذا كان اللفظ محتملاً لم يتعين الحمل على المعنى المشكل
وقد ثبت في الصحيحين حديث عائشة في قصة الكنيسة التي كانت بأرض الحبشة وما فيها من التصاوير وأنه صلى الله عليه وسلم قال كانوا إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجداً وصوروا فيه تلك الصورة أولئك شرار الخلق عند الله فإن ذلك يشعر بأنه لو كان ذلك جائزاً في ذلك الشرع ما أطلق عليه صلى الله عليه وسلم أن الذي فعله شر الخلق فدل على أن فعل صور الحيوان فعل محدث أحدثه عباد الصور والله أعلم.
وقال ابن حجر:
وقد استشكل كون المصور أشد الناس عذاباً مع قوله تعالى ادخلوا آل فرعون أشد العذاب فإنه يقتضي أن يكون المصور أشد عذاباً من آل فرعون وأجاب الطبري بأن المراد هنا من يصور ما يعبد من دون الله وهو عارف بذلك قاصداً له فإنه يكفر بذلك فلا يبعد أن يدخل مدخل آل فرعون.
وأما من لا يقصد ذلك فإنه يكون عاصياً بتصويره فقط
وأجاب غيره بأن الرواية بإثبات من ثابتة وبحذفها محمولة عليها وإذا كان من يفعل التصوير من أشد الناس عذاباً كان مشتركا مع غيره وليس في الآية ما يقتضي اختصاص آل فرعون بأشد العذاب بل هم في العذاب الأشد فكذلك غيرهم يجوز أن يكون في العذاب الأشد
وقوى الطحاوي ذلك بما أخرجه من وجه آخر عن ابن مسعود رفعه إن أشد الناس عذاباً يوم القيامة رجل قتل نبياً أو قتله نبي وإمام ضلالة وممثل من الممثلين وكذا أخرجه أحمد وقد وقع بعض هذه الزيادة في رواية بن أبي عمر التي أشرت إليها فاقتصر على المصور وعلى من قتله نبي وأخرج الطحاوي أيضاً من حديث عائشة مرفوعاً أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل هجا رجلاً فهجا القبيلة بأسرها قال الطحاوي فكل واحد من هؤلاء يشترك مع الآخر في شدة العذاب.
وقال أبو الوليد بن رشد في مختصر مشكل الطحاوي ما حاصله إن الوعيد بهذه الصيغة إن ورد في حق كافر فلا إشكال فيه لأنه يكون مشتركاً في ذلك مع آل فرعون ويكون فيه دلالة على عظم كفر المذكور
وإن ورد في حق عاص فيكون أشد عذاباً من غيره من العصاة ويكون ذلك دالا على عظم المعصية المذكورة
وأجاب القرطبي في المفهم بأن الناس الذين أضيف إليهم أشد لا يراد بهم كل الناس بل بعضهم وهم من يشارك في المعنى المتوعد عليه بالعذاب ففرعون أشد الناس الذين ادعوا الإلهية عذاباً ومن يقتدى به في ضلالة كفره أشد عذاباً ممن يقتدى به في ضلالة فسقه ومن صور صورة ذات روح للعبادة أشد عذاباً ممن يصورها لا للعبادة
واستشكل ظاهر الحديث أيضاً بإبليس وبابن آدم الذي سن القتل وأجيب بأنه في إبليس واضح ويجاب بأن المراد بالناس من ينسب إلى آدم.
وأما في ابن آدم فأجيب بأن الثابت في حقه أن عليه مثل أوزار من يقتل ظلماً ولا يمتنع أن يشاركه في مثل تعذيبه من ابتدأ الزنا مثلا فإن عليه مثل أوزار من يزني بعده لأنه أول من سن ذلك ولعل عدد الزناة أكثر من القاتلين
قال النووي قال العلماء تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد وسواء صنعه لما يمتهن أم لغيره فصنعه حرام بكل حال وسواء كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غيرها فأما تصوير ما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام.
قلت ويؤيد التعميم فيما له ظل وفيما لا ظل له ما أخرجه أحمد من حديث علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثنا إلا كسره ولا صورة إلا لطخها أي طمسها الحديث وفيه من عاد إلى صنعة شيء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد.
وقال الخطابي إنما عظمت عقوبة المصور لأن الصور كانت تعبد من دون الله ولأن النظر إليها يفتن وبعض النفوس إليها تميل
قال والمراد بالصور هنا التماثيل التي لها روح وقيل يفرق بين العذاب والعقاب فالعذاب يطلق على ما يؤلم من قول أو فعل كالعتب والإنكار والعقاب يختص بالفعل فلا يلزم من كون المصور أشد الناس عذاباً أن يكون أشد الناس عقوبة هكذا ذكره الشريف المرتضى في الغرر وتعقب بالآية المشار إليها وعليها انبنى الإشكال ولم يكن هو عرج عليها فلهذا ارتضى التفرقة والله أعلم
قال ابن بطال فهم أبو هريرة أن التصوير يتناول ما له ظل وما ليس له ظل فلهذا أنكر ما ينقش في الحيطان.
قلت هو ظاهر من عموم اللفظ ويحتمل أن يقصر على ما له ظل من جهة.