18 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
الذيل على الصحيح المسند؛
مسند أحمد 12570 حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي رَمَضَانَ فَخَفَّفَ بِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَطَالَ، ثُمَّ خَرَجَ فَخَفَّفَ بِهِمْ، ثُمَّ دَخَلَ فَأَطَالَ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللهِ، جَلَسْنَا اللَّيْلَةَ فَخَرَجْتَ إِلَيْنَا فَخَفَّفْتَ ثُمَّ دَخَلْتَ فَأَطَلْتَ قَالَ: ” مِنْ أَجْلِكُمْ فَعَلْتُ.
________
يبدأ الشرح
(تخفيف القراءة)
عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَيْهِمْ فِي رَمَضَانَ فَخَفَّفَ بِهِمْ ثُمَّ دَخَلَ فَأَطَالَ ثُمَّ خَرَجَ فَخَفَّفَ بِهِمْ ثُمَّ دَخَلَ فَأَطَالَ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا قُلْنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ جَلَسْنَا اللَّيْلَةَ فَخَرَجْتَ إِلَيْنَا فَخَفَّفْتَ ثُمَّ دَخَلْتَ فَأَطَلْتَ قَالَ مِنْ أَجْلِكُمْ
|قوله (مِنْ أَجْلِكُمْ فَعَلْتُ) أي: لتعلموا أن الجماعة محل للتخفيف، والإطالة محلها الإفراد، أو لأخفف عليكم. السندي انتهى
فمن تيسير الله على العباد و لطفه و رحمته للخلق بأن يسر لنا هذا الدين، وجاءت هذه الشريعة باليسر والسهولة و نفى العنت والحرج، ومن هذا التيسير أمر النبي صلى الله عليه وسلم الإمام التخفيف في الصلاة، و أن لا يشق على المأمومين وهذه من النعم فلك الحمد والشكر على نعمة الإسلام، هذه المسألة من المسائل المهمة التي ينبغي أن يعلمها الإمام و أن يكون حكيماً و رفيقاً فيما يدعوا الناس اليه؛ لأن بعض العوام فهم التخفيف على وجه الإخلال والنقص و هذا خطأ، والتخفيف يكون على وفق الشرع لا على أهواء المأمومين، و بعض العلماء وضعوا ضابطاً للتخفيف كما سيأتي، أسال الله العظيم أن يجعلنا من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا صلى أحدكم الناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف والكبير. وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء “. متفق عليه
وعن قيس بن أبي حازم قال: أخبرني أبو مسعود أن رجلا قال: والله يا رسول الله إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا منه يومئذ ثم قال: ” إن منكم منفرين فأيكم ما صلى بالناس فليتجوز: فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة ” متفق عليه
عن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الأَنْصَارِيَّ قَالَ أَقْبَلَ رَجُلٌ بِنَاضِحَيْنِ وَقَدْ جَنَحَ اللَّيْلُ فَوَافَقَ مُعَاذًا يُصَلِّي فَتَرَكَ نَاضِحَهُ وَأَقْبَلَ إِلَى مُعَاذٍ فَقَرَأَ بِسُورَةِ الْبَقَرَةِ أَوْ النِّسَاءِ فَانْطَلَقَ الرَّجُلُ وَبَلَغَهُ أَنَّ مُعَاذًا نَالَ مِنْهُ فَأَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَشَكَا إِلَيْهِ مُعَاذًا فَقال النبي صلى الله عليه وسلم: “يَا مُعَاذُ أَفَتَّانٌ أَنْتَ أَوْ أَفَاتِنٌ ثَلاَثَ مِرَارٍ فَلَوْلاَ صَلَّيْتَ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى فَإِنَّهُ يُصَلِّي وَرَاءَكَ الْكَبِيرُ وَالضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ ”
تبين من هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتخفيف المشروع و مراعاة المأمومين والرفق بهم فإن منهم الكبير والمريض وذا الحاجة، و أما إذا صلى لوحده فليطول ما شاء؛ لأنها لنفسه.
قَالَ اِبْنُ عَبْدَ الْبَرِّ في التمهيد: التَّخْفِيفُ لِكُلِّ إِمَامٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ مَنْدُوبٌ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ إِلَيْهِ إِلَّا أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ أَقَلُّ الْكَمَالِ، وَأَمَّا الْحَذْفُ وَالنُّقْصَانُ فَلَا؛ لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ نَهَى عَنْ نَقْرِ الْغُرَابِ، وَرَأَى رَجُلًا يُصَلِّي فَلَمْ يُتِمَّ رُكُوعَهُ فَقَالَ لَهُ اِرْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ، وَقَالَ لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى مَنْ لَا يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، ثُمَّ قَالَ لَا أَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي اِسْتِحْبَابِ التَّخْفِيفِ لِكُلِّ مَنْ أَمَّ قَوْمًا عَلَى مَا شَرَطْنَا مِنْ الْإِتْمَامِ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَنَّهُ قَالَ لَا تُبَغِّضُوا اللَّهَ إِلَى عِبَادِهِ، يُطَوِّلُ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ حَتَّى يَشُقَّ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ اِنْتَهَى.
قال النووي: قال العلماء كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم تختلف في الاطالة والتخفيف باختلاف الأحوال فاذا كان المأمومون يؤثرون التطويل ولا شغل هناك له ولا لهم طول واذا لم يكن كذلك خفف وقد يريد الاطالة ثم يعرض ما يقتضي التخفيف كبكاء الصبي ونحوه وينضم إلى هذا أنه قد يدخل في الصلاة في أثناء الوقت فيخفف وقيل انما طول في بعض الأوقات وهو الأقل وخفف في معظمها فالاطالة لبيان جوازها والتخفيف لانه الافضل وقد امر صلى الله عليه و سلم بالتخفيف وقال ان منكم منفرين فايكم صلى بالناس فليخفف فان فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة وقيل طول في وقت وخفف في وقت ليبين ان القراءة فيما زاد على الفاتحة لا تقدير فيها من حيث الاشتراط بل يجوز قليلها وكثيرها وانما المشترط الفاتحة ولهذا اتفقت الروايات عليها واختلف فيما زاد وعلى الجملة السنة التخفيف كما امر به النبي صلى الله عليه و سلم للعلة التي بينها وانما طول في بعض الأوقات لتحققه انتفاء العلة. شرح النووي على مسلم، 4/ 174)
قال الصنعاني في سبل السلام، 2/ 25: وحمل ذلك على كراهة المأمومين للإطالة وإلا فإنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم قرأ الأعراف في المغرب وغيرها. وكان مقدار قيامه في الظهر بالستين آية وقرأ بأقصر من ذلك. والحاصل أنه يختلف ذلك باختلاف الأوقات في الإمام والمأمومين.
قال ابن باز رحمه الله: وينبغي للإمام مراعاة حال الضعفاء من كبار السن ونحوهم في صلاة التراويح وفي الفرائض لقوله صلى الله عليه وسلم (أيكم أم الناس فليخفف فان فيهم الضعيف والصغير وذا الحاجة) فالإمام يراعي المأمومين ويرفق بهم في قيام رمضان وفي العشر الأخيرة وليس الناس سواء فالناس يختلفون فينبغي له أن يراعي أحوالهم ويشجعهم على المجئ وعلى الحضور فانه متى أطال عليهم شق عليهم و نفرهم من الحضور فينبغي له أن يراعي ما يشجعهم على الحضور ويرغبهم في الصلاة ولو بالاختصار وعدم التطويل فصلاة
يخشع فيها الناس ويطمأنون فيها ولو قليلا خير من صلاة يحصل فيها عدم الخشوع ويحصل فيها الملل والكسل (مجموع الفتاوى / 1/ 25)
قال بعض العلماء المراد بالتخفيف التخفيف الموافق للشرع وليس على أهواء المأمومين و ليس له أن يزيد على القدر المشروع
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ” ليس له أن يزيد على قدر المشروع , وينبغي أن يفعل غالبا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله غالبا , ويزيد وينقص للمصلحة ; كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد وينقص أحيانا للمصلحة ” (مجموع الفتاوى، 22/ 318)
قال العثيمين رحمه الله: فالتخفيف نوعان تخفيف دائم وهو ما وافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم وتخفيف طارئ يكون أخف وهو ما دعت إليه الحاجة وهو أيضا من السنة فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع بكاء الصبي خفف الصلاة حتى لا تفتن أمه والمهم أنه ينبغي للإنسان مراعاة أحوال الناس ورحمتهم (رياض الصالحين، 1/ 262)
مسألة: ما هو ضابط التخفيف؟
قال الحافظ في الفتح (2/ 257ـ258): ” وأولى ما أخذ حد التخفيف من الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي عن عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [أنت إمام قومك, واقدر القوم بأضعفهم] إسناده حسن, وأصله في مسلم ” ا. هـ. وصححه الألباني في صحيح الجامع انظر حديث رقم: 1480
وسئل ابن باز رحمه الله:
ما الضابط في عدم التطويل فبعض الناس يشكون من التطويل؟
فأجاب:
العبرة بالأكثرية والضعفاء، فإذا كان الأكثرية يرغبون في الإطالة بعض الشيء وليس فيهم من يراعى من الضعفة والمرضى أو كبار السن فإنه لا حرج في ذلك، وإذا كان فيهم الضعيف من المرضى أو من كبار السن فينبغي للإمام أن ينظر إلى مصلحتهم.
ولهذا جاء في حديث عثمان بن أبي العاص قال له النبي صلى الله عليه وسلم: اقتد بأضعفهم وفي الحديث الآخر: فإن وراءه الضعيف والكبير كما تقدم، فالمقصود أنه يراعي الضعفاء من جهة تخفيف القراءة والركوع والسجود وإذا كانوا متقاربين يراعي الأكثرية.
(من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته المنشورة في رسالة) (الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح)
اختلاف العلماء
قال الشيخ البسام: هناك أحاديث صحيحة تصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بالطول، بحيث يكبر، فيذهب الذاهب إلى البقيع، ويقضى حاجته، ثم يرجع ويتوضأ يدرك الركعة الأولى مع النبي صلى الله عليه وسلم، وبأنه يقرأ في الصلاة المكتوبة بطوال السور، كالبقرة، والنساء، والأعراف، ويقرأ بطوال المفصل “ق ” والطور ونحوهما.
وهناك أحاديث صحيحة تحث على التخفيف، منها هذان الحديثان اللذان معنا وأنه يقرأ بـ (قل يا أيها الكافرون) و (الإخلاص) ونحو ذلك
والناستبعاً لهذه الأدلةمختلفون. فمنهم من يرى التطويل، عملا بهذه الأحاديث، ومنهم من يرى التخفيف عملاً بما ورد فيها. والحق، أنه ليس بين هذه الأحاديث تعارض ولله الحمد، وكلها متفقة. ولكن التخفيف والتَّطْوِيل أمران نسبيان، لا يُحَدَّان بِحدّ، لأن الناس في ذلك على بَوْنٍ بعيد. فالناقرون يرون الصلاة المتوسطة طويلة وأهل العبادة والطاعة يرونها قصيرة. (تيسير العلام، 1/ 112)
إذن: الإطالة والتخفيف أمران نسبيان ولا تحدان بحد، فالتطويل في زمن الصحابة تخفيف والتخفيف في عرف الناس اليوم تطويلاً.
قال ابن تيمية: ومما يبين هذا: أن التخفيف أمر نسبي إضافي ليس له حد في اللغة ولا في العرف؛ إذ قد يستطيل هؤلاء ما يستخفه هؤلاء ويستخف هؤلاء ما يستطيله هؤلاء فهو أمر يختلف باختلاف عادات الناس ومقادير العبادات ولا في كل من العبادات التي ليست شرعية. فعلم أن الواجب على المسلم: أن يرجع في مقدار التخفيف والتطويل إلى السنة وبهذا يتبين أن أمره صلى الله عليه وسلم بالتخفيف لا ينافي أمره بالتطويل أيضا. المجموع (22/ 596 – 597).
قال الألباني: واعلم أن في الحديث دلالةً على أنه لا يجوز للإمام أن يطيل القراءة بأكثر مما كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يطيلها، أو بأكثر من التي حدَّدها؛ وذلك خشية أن يفتنهم عن دينهم،
وقد جاء في الأمر بالتخفيف أحاديث كثيرة في ” الصحيحين ” وغيرهما، وفيها تعليل ذلك بأن في الجماعة السقيمَ، والضعيف، والكبير، وذا الحاجة.
والذي يهمُّنا في هذا الصدد، وينبغي أن نشرح القول فيه هو النظر فيما لو كان بعض هؤلاء المذكورين هَوَاهُم القراءة بأقصر سورة في أطول صلاة كالصبح مثلاً، وما قاربها ؛ فهل على الإمام الاقتداءُ بهم أو بأضعفهم كما جاء في بعض الأحاديث ، ولو كان في ذلك مخالفةٌ لعادته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من إطالة القراءة فيها؟
فالذي يظهر: أنه ليس له ذلك، وأن الأحاديث المشار إليها لا تشمل هذا التخفيف؛ لأنه يؤدي إلى تعطيل السنن النبوية، إذ التخفيف من الأمور الإضافية؛ فقد يكون الشيء خفيفاً بالنسبة إلى عادة قوم، طويلاً بالنسبة لعادة آخرين كما قال ابن دقيق العيد .
ويختلف ذلك أيضاً بالنسبة لنشاط بعضهم في التمسك بالسنة ومتابعته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وضعف هِمَم الآخرين في ذلك، وقوة بعضهم على القيام، وضعف بعضهم عنه، إلى غير ذلك من الفوارق؛ ولذلك كان لا بد من وضع حَدٍّ للتخفيف المأمور به؛ وهو ما قد أشرت إليه في صدد هذا الكلام: من الاقتصار على هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القراءة، فمن فعل ذلك؛ فقد خفف، ومن زاد على ذلك؛ فقد أطال، وخالف أمرَ الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ولذلك لما شكا ذلك الرجل معاذاً إليه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ أمره أن يقرأ بمثل ما كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقرأ، فلم يأمره بأقل من ذلك.
أصل الصفة (2/ 297 – 298).
وقال ابن دقيق العيد: ” والتطويل والتخفيف من الأمور الإضافية فقد يكون الشيء طويلاً بالنسبة إلى عادة قوم, وقد يكون خفيفاً بالنسبة إلى عادة آخرين ” ا. هـ الإحكام (1/ 229)
قال ابن اقيم في زاد المعاد (1/ 207): فالتخفيف أمر نسبي يرجع إلى ما فعله النبي صلى الله عليه و سلم وواظب عليه لا إلى شهوة المأمومين فإنه صلى الله عليه و سلم لم يكن يأمرهم بأمر ثم يخالفه.
قال الشيخ النجمي في تأسيس الأحكام (123/ 1): وعندما ترجع إلى الموازنة بين حال الصحابة وحال المسلمين في هذه الأزمنة المتأخرة تعرف أنما يسمى في عرف الصحابة تخفيفاً يسمى في عرف الناس اليوم تطويلاً.
والقول الفصل في هذه المسألة: أنه يجب على الإمام أن يكون حكيماً يضع الأمور موضعها فيطول تطويلاً لا يخرج إلى حد التنفير تارات ويخفف تخفيفاً لا يخرج إلى حد الإخلال بحق الصلاة تارات ويغلب جانب التخفيف على جانب التطويل ويكون ذلك متمشياً طوع المصلحة التي يفرضها الوقت وتمليها المناسبات بالنظر إلى أحوال المأمومين. والله أعلم
الخلاصة:
تبين من كلام أهل العلم أن التخفيف يكون موافقا على وفق الشرع، و أن يكون الإمام رفيقا بهم وأن لا يكون التخفيف مخلا بحيث ينقرها كنقر الغراب، و أن يأتي بها على وجه الايجاز والإتمام و أن ينظر الى أضعفهم للحديث الصحيح عن عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: [أنت إمام قومك, واقدر القوم بأضعفهم) و الله اعلم.
قلت: سيف:
تنبيه: حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قسم البقرة في ركعتين، هو في مسند أبي يعلى 4924 وراجع المطالب العالية 581 وأخشى أن هشام بن عروة وهم فيه، حيث انتقده الأئمة في بعض أحاديثه في الكوفة وحفص بن غياث راوي هذا الحديث عنه كوفي أما مالك في موطئة ووكيع وعبدة في مصنف ابن أبي شيبة، وعبدالرزاق كما في مصنف2/ 113 جفرووه عن هشام عن أبيه أن أبا بكر قسم سورة البقرة في ركعتين.
وهذا منقطع بين عروة وأبي بكر، لكن ثبت عن الزهري عن أنس أن أبا بكر … كما في مصنف عبدالرزاق 2/ 113 وأن ذلك كان في صلاة الفجر وقال له عمر: يغفر الله لك؛ لقد كادت الشمس تطلع قبل أن تسلم، قال: لو طلعت لألفتنا غير غافلين، وكذلك عن معمر عن قتادة عن أنس.