: 177 عون الصمد شرح الذيل على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———-
مسند أحمد
5346 حدثنا عتاب حدثنا عبدالله أخبرنا موسى بن عقبة عن سالم عن عبد الله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حلف بغير الله فقال فيه قولا شديدا.
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
———
أن الحلف بغير الله يعرض صاحبه للوعيد، والحلف شرك كما جاء عن سعد بن عبيدة قال: ” كنت مع ابن عمر فى حلقة , فسمع رجلا فى حلقة أخرى و هو يقول: لا و أبى , فرماه ابن عمر بالحصى , و قال: إنها كانت يمين عمر , فنهاه النبى صلى الله عليه وسلم عنها , و قال: إنها شرك “. أخرجه ابن أبى شيبة (4/ 179) و أحمد (2/ 58 و 60).
قال ابن عبد البر: وفي هذا الحديث من الفقه أنه لا يجوز الحلف بغير الله عز وجل في شيء من الأشياء ولا على حال من الأحوال وهذا أمر مجتمع عليه. ” التمهيد ” (14/ 367)
حكمه:
قال الصنعاني: ووجه التحريم أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به ومنع النفس عن الفعل أو عزمها عليه بمجرد عظمة من حلف به وحقيقة العظمة مختصة بالله تعالى فلا يلحق به غيره. سبل السلام (2/ 546).
لا يجوز الحلف بالمخلوقات، فالحلف بها تعظيم للمخلوق عن سعد بن عبيدة قال:
كنت عند ابن عمر فحلف رجل بالكعبة فقال ابن عمر: ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من حلف بغير الله فقد أشرك)
[تعليق الشيخ الألباني] صحيح – ((الإرواء)) (2561) , ((الصحيحة)) (2042).
قال الحافظ ابن حجر: قال العلماء السر في النهي عن الحلف بغير الله ان الحلف بالشيء يقتضي تعظيمه والعظمة في الحقيقة انما هي لله وحده. ” الفتح” (11/ 531).
مثاله: كالحلف بالكعبة، أو الحلف بالنبي، أو وراس أولادي، او الحلف بالأمانة كقول أمانة الله عليك [ومن حلف بالأمانة فليس منا] …
الحلف فقط يكون بالله وباسمائه وصفاته عن نافع عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك عمر بن الخطاب وهو يحلف بأبيه فقال:
(إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فمن كان حالفا فليحلف بالله أو ليسكت) [تعليق الشيخ الألباني] صحيح – ((الإرواء)) (2560)
قال العلامة العباد: قصر الحلف على الله تعالى وأسمائه وصفاته، وليس المقصود أن يكون بلفظ الجلالة فقط، وإنما المقصود أن يكون الحلف بالله وبالرحمن وبالرحيم وبالسميع وبالبصير، فهذا حلف بالله؛ لأن من حلف بأسمائه فهو مثل الحالف بالله؛ لأن الله تعالى من أسمائه الرحمن، و (الرحيم) و (السلام) و (القدوس) وهكذا، فأي اسم ثبت لله عز وجل فإن الإنسان يجوز له أن يحلف به، فيحلف بالله وأسمائه وصفاته، ولا يحلف بغير ذلك، ولهذا قال: (ولا تحلفوا إلا بالله) يعني: لا تحلفوا بغير الله؛ لأن كل ما سوى الله مخلوق، والحلف إنما هو بالخالق دون المخلوق. شرح سنن أبي داود
قال العلامة الألباني: فمثل الحلف بغير الله هذا يجب على المسلمين ينتهوا منه، ما يحلفون إلا بالله لأنه الأمر كما قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه – شوفوا السلف كيف فهمهم قال: ” لأن أحْلِفَ بالله كاذبًا أحبُّ إلِيَّ مِن أن أحلِفَ بغير الله صادقًا ” تُرى ما معنى هذا الكلام؟ الكذِب هو كبيرة من الكبائر، الكذب بصورة عامة، لكن هو يحلف كاذبًا بالله هذا أكبر وأكبر، مع ذلك يقول: ” لأَن أحلِفَ بالله كاذبًا أحبُّ إِلَيَّ من أن أحلف بغير الله صادقًا ” اللى يفهم التوحيد بالمعنى الصح السابق بيانُه يسهل عليه فهم هذه الكلمة السلفية كلمة صدرت من عبد الله بن مسعود رضى الله عنه؛ لأن الحلف بغير الله صادق شرك، أما الحلف بالله كاذبًا فهو كبيرة معصية يعنى، لذلك دار الأمر عنده بين أن يحلف بالله كاذبًا وبين أن يحلف بغير الله صادقًا، … الحلف بالله كاذبًا أهون عنده من أن يحلف بغير الله صادقًا؛ ذلك لأنه شرك وقد قال عليه السلام: (من حلف بغير الله فقد أشرك). سلسلة الهدى والنور.
[لا يجوز الحلف بغير الله ولو كان صادقا، فالحلف بالله كاذبا كبيرة من الكبائر، فالشرك جرمه أعظم من الكبائر، و مع الأسف الحلف بغير الله منتشر بين الناس و لا يبالون، فانظر رعاك الله الى السلف و الى حالنا اليوم، فالداعية هو الذي يهتم بالعقيدة و يصحح عقائد الناس و يبين التوحيد و يحذرهم من الشرك فهذه هي وظيفة الانبياء].
قال ابن تيمية: لأن حسنة التوحيد أعظم من حسنة الصدق وسبب الكذب أسهل من سبب الشرك. ” الفتاوى الكبرى ” (5/ 551).
توجيه العلماء [أفلح وابيه ان صدق]
وقد أجاب العلماء عما ورد في هذا الحديث بأن قالوا: إن هذا كان قبل النهي. ومنهم من قال: إن هذا من الألفاظ التي هي جارية على الألسنة ولا يراد بها القسم، وإنما هي من لغو اليمين، مثل قول القائل: لا والله، وبلى والله. فهذه اليمين لا تنعقد إلا إذا أرادها الإنسان وعزم عليها، كأن يقول: والله لأفعلن كذا وكذا. أما إذا كان اليمين شيئاً ما قصده الإنسان وما أراده، وإنما جرى على لسانه مثل: (لا والله) فو (بلى بالله) فإن هذا من لغو اليمين الذي ليس فيه كفارة ولا تنعقد معه اليمين، فكذلك كلمة (وأبيه) يقال: إنها من الشيء الذي يجري على الألسنة ولا يراد بها اليمين ولا يراد به القسم، مثل ما جرى في كلمات أخرى، كقوله: (عقرى حلقى) وقولهم: (تربت يمينك) و (تربت يداك)، فهو شيء يجري على الألسنة ولا يراد، ومن العلماء من قال: إن هذه الرواية شاذة مخالفة للروايات التي لم يذكر فيها (وأبيه)، فهي زيادة شاذة. والحاصل أن الحلف بغير الله لا يجوز، وأن ما ورد في الحديث لا يقال: إنه دليل على جواز الحلف بغير الله؛ لأنه قد جاء ما يدل على المنع من ذلك. أنظر شرح سنن أبي داود للعلامة العباد.