176 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
———–
مسند أحمد
23690 حدثنا إسحاق بن عيسى أخبرنا مالك عن الزهري عن ابن محيصة عن أبيه أنه استاذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في اجارة الحجام، فنهاه عنها فلم يزل يسأله فيها حتى قال: اعلفه ناضحك واطعمه رقيقك.
قلت سيف: على شرط الذيل على الصحيح المسند
حيث قال العقيلي: إسناده صالح. نقله ابن الملقن مقرا له.
وأخرجه أحمد 23696 حدثنا عبدالرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كسب الحجام؟ ….
————
قال الطيبي في شرح المشكاة: ((ناضحك)) الناضح الجمل الذي يستقى به الماء قوله: ((فنهاه))
هذا نهي تنزيه للارتفاع عن دني الاكتساب، وللحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور، ولو كان حراما لم يفرق بين الحر والعبد؛ فإنه لا يجوز للسيد أن يطعم عبده ما لا يحل.
قال العلامة العباد حفظه الله: وهذا يدل على ما دل عليه الحديث الذي قبله من أنه شيء لا يحرص عليه، ولا يفرح به، ولا يرغب فيه، بل كسب الحجام من المكاسب الرديئة والدنيئة التي ليست بذات شرف، ومع هذا فالناس لابد لهم منها، ويجوز أخذ الأجرة على الحجامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الحجام أجره، ولو كان حراما لم يعطه كما قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنه.
قوله: (اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك) هذا يدل على أنه مباح وليس بحرام، وفيه أنه ليس مما يرغب فيه، لأنها مهنة غير شريفة، لكن يصار إليها على قدر الحاجة، ولا بد للناس منها، والناضح من الدواب هي التي ينضح عليها أي: يستنبط الماء عليها، ويخرج الماء من البئر بواسطتها، والرقيق هو المملوك، فأذن له أن ينفقه على رقيقه وعلى نواضحه مع أن نفقتهما واجبة عليه، وهذا يدل أنه حلال، ولكن نهاه عن ذلك من أجل أنه كسب رديء. شرح سَنَن ابي دَاوُدَ
و مما يدل على جواز أخذ الأجرة على الحجامة، عن بن عباس أنه سئل عن كسب الحجام وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجره ولو كان حراما لم يعطه.
قال ابن عبدالبر في التمهيد (ج (2) / (225)): وفي هذا الحديث إباحة الحجامة وفي معناها إباحة التداوي كله بما يؤلم وبما لا يؤلم إذا كان يرجى نفعه.
قال النووي في شرحه لمسلم ((10) / (233)): وقد اختلف العلماء في كسب الحجام فقال الأكثرون من السلف والخلف لا يحرم كسب الحجام ولا يحرم أكله لا على الحر ولا على العبد وهو المشهور من مذهب أحمد وقال في رواية عنه قال بها فقهاء المحدثين يحرم على الحر دون العبد واعتمدوا هذه الأحاديث وشبهها واحتج الجمهور بحديث بن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجامأجره قالوا ولو كان حراما لم يعطه رواه البخاري ومسلم وحملوا هذه الأحاديث التي في النهى على التنزيه والارتفاع عن دنئ الأكساب والحث على مكارم الأخلاق ومعالي الأمور ولو كان حراما لم يفرق فيه بين الحر والعبد فإنه لا يجوز للرجل أن يطعم عبده مالا يحل.
مسألة: هل كسب الحجام خبيث يعنون بالخيث يعني حراما؟
قال ابن تيمية: قال هؤلاء: فتسميته خبيثا يقتضي تحريمه كتحريم مهر البغي وحلوان الكاهن. قال الأولون: قد ثبت عنه أنه قال: ” {من أكل من هذين الشجرتين الخبيثتين فلا يقربن مسجدنا} ” فسماهما خبيثتين بخبث ريحهما وليستا حراما. وقال: ” {لا يصلين أحدكم وهو يدافع الأخبثين} أي: البول والغائط. فيكون تسميته خبيثا لملاقاة صاحبه النجاسة؛ لا لتحريمه؛ بدليل أنه أعطى الحجام أجره وأذن له أن يطعمه الرقيق والبهائم. ومهر البغي وحلوان الكاهن لا يستحقه ولا يطعم منه رقيق ولا بهيمة. وبكل حال فحال المحتاج إليه ليست كحال المستغني عنه كما قال السلف: كسب فيه بعض الدناءة خير من مسألة الناس. ” المجموع ” (ج (30) / (192)).