175 عون الصمد شرح الذيل والمتمم له على الصحيح المسند
جمع نورس الهاشمي
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
—————
مسند أحمد:
7233 – حدثنا عبد الرحمن، حدثنا مالك، عن صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة الزرقي، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء البحر: ” هو الطهور ماؤه، الحلال ميتته ”
قلت سيف:
على الشرط أخرجه أبوداود 83 والترمذي 69 وابن ماجه وأحمد وغيرهم من طريق صفوان بن سليم، عن سعيد بن سلمة الزرقي، عن المغيرة بن أبي بردة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في ماء البحر: ” هو الطهور ماؤه، الحلال ميتته ” ورجح الدارقطني هذه الطريق وصححه البيهقي وابن منده والحاكم وابن المنذر والخطابي والطحاوي وعبدالحق وغيرهم
————–
قال ابن عبدالبر: فإن فقهاء الأمصار وجماعة من أهل الحديث متفقون على أن ماء البحر طهور بل هو أصل عندهم في طهارة المياه الغالبة على النجاسات المستهلكة لها. ” الاستذكار ” (ج (1) / (159)).
قال الطيبي في شرح المشكاة: في الحديث فوائد: منها أن التوضؤ بماء البحر يجوز مع تغير طعمه ولونه، ومنها أن الطهور هو المطهر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن تطهير ماء البحر لا عن طهارته، ولولا أنهم عرفوه من الطهور لكان لا يزول إشكالهم بقوله: ((هو الطهور ماؤه)). وقيل: الطهور ما يتكرر منه التطهير، كالصبور والشكور، وهو قول مالك، جوز الوضوء بالماء المستعمل.
قال الصنعاني في سبل السلام (ج (1) / (20)): فأفاد – صلى الله عليه وسلم – أن ماء البحر طاهر مطهر، لا يخرج عن الطهورية بحال إلا ما سيأتي من تخصيصه بما إذا تغير أحد أوصافه، ولم يجب – صلى الله عليه وسلم – بقوله: نعم، مع إفادتها الغرض، بل أجاب بهذا اللفظ ليقرن الحكم بعلته وهي الطهورية المتناهية في بابها، وكأن السائل لما رأى ماء البحر خالف المياه بملوحة طعمه ونتن ريحه؛ توهم أنه غير مراد من قوله تعالى – {فاغسلوا} [المائدة: (6)] أي بالماء المعلوم إرادته من قوله {فاغسلوا} [المائدة: (6)]، أو أنه لما عرف من قوله تعالى – {وأنزلنا من السماء ماء طهورا} [الفرقان: (48)] ظن اختصاصه فسأل عنه، فأفاده – صلى الله عليه وسلم – الحكم، وزاده حكما لم يسأل عنه، وهو حل الميتة.
و قال في التمهيد [: أن الماء لا تفسده النجاسة الحالة فيه قليلا كان أو كثيرا إلا أن تظهر فيه النجاسة وتغير منه طعما أو ريحا أو لونا وكذلك ذكر أحمد بن المعذل أن هذا قول مالك بن أنس في الماء
وذكر ابن وهب عن ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران أنه سأل القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله عن الماء الراكد الذي لا يجري تموت فيه الدابة أيشرب منه ويغسل منه الثياب فقالا انظر بعينك فإن رأيت ماء لا يدنسه ما وقع فيه فنرجو أن لا يكون بأس.
قال وأخبرني يونس عن ابن شهاب قال كل ماء فيه فضل عما يصيبه من الأذى حتى لا يغير ذلك طعمه ولا لونه ولا ريحه فهو طاهر يتوضأ به.
قال وأخبرني عبد الجبار بن عمر عن ربيعة قال إذا وقعت الميتة في البئر فلم يتغير طعمها ولا لونها ولا ريحها فلا بأس أن يتوضأ منها وإن رأى فيه الميتة قال فإن تغيرت نزع منها قدر ما يذهب الرائحة عنها.
وهو قول ابن وهب وإلى هذا ذهب إسماعيل بن إسحاق ومحمد بن بكير وأبو الفرج والأبهري وسائر المنتحلين لمذهب مالك من البغداديين وروي هذا المعنى عن عبد الله بن عباس وابن مسعود وسعيد ابن المسيب على اختلاف عنه وسعيد بن جبير وهو قول الأوزاعي والليث بن سعد والحسن بن صالح وداود بن علي وهو مذهب أهل البصرة أيضا وهو الصحيح في النظر وجيد الأثر. انتهى
خلاصة ما قاله ابن عبدالبر ان الماء اذا طرأت عليه نجاسته يبقى طاهرا الا اذا تغير بأحد أوصافه الثلاثة.
و نصر هذا القول العلامة الالباني رحمه الله.
قال ابن عثيمين في الشرح الممتع [ج (1) / (38) – (41)]:
إذا خالطت الماء نجاسة ـ فيها ثلاثة أقوال ((3)):
القول الأول ـ وهو المذهب عند المتقدمين ـ أنه إذا خالطته نجاسة ـ وهو دون القلتين ـ نجس مطلقا، تغير أو لم يتغير، وسواء كانت النجاسة بول الآدمي أم عذرته المائعة، أم غير ذلك …
القول الثاني: ـ وهو المذهب عند المتأخرين ـ: أنه لا فرق بين بول الآدمي وعذرته المائعة، وبين غيرهما من النجاسات، الكل سواء، فإذا بلغ الماء قلتين لم ينجس إلا بالتغير، وما دون القلتين ينجس بمجرد الملاقاة.
القول الثالث: ـ وهو اختيار شيخ الإسلام وجماعة من أهل العلم ـ: أنه لا ينجس إلا بالتغير مطلقا؛ سواء بلغ القلتين أم لم يبلغ، لكن ما دون القلتين يجب على الإنسان أن يتحرز إذا وقعت فيه النجاسة؛ لأن الغالب أن ما دونهما يتغير.
وهذا هو الصحيح للأثر، والنظر.
[الحل ميتته]
قال ابن بطال:
وقوله تعالى: (أحل لكم صيد البحر يقتضى عمومه إباحة كل ما فى البحر من جميع الحيوان حوتا كان أو غيره مما صاد، خنزيرا كان أو كلبا أو ضفدعا، ويشهد لذلك قوله (صلى الله عليه وسلم): (هو الطهور ماؤه الحل ميتته) فأطلق على جميع ميتته وأباحها؛ فسقط قول أبى حنيفة. قال ابن القصار: وقد قال أبو بكر الصديق: (كل دابة فى البحر فقد ذكاها الله لكم) ولم يخص، ولا مخالف له، وأيضا فإن البحر لما عفى عن الذكاة فيما يخرج منه عفى عن مراعاة صورها، وبعضها كصور الحيات، وكذلك صورة الدابة التى يقال لها: العنبر خارجة عن عادات السمك ولم يحرم أكلها. وأيضا فإن اسم سبع وكلب وخنزير لا يتناول حيوان الماء؛ لأنك تقول خنزير الماء وكلب الماء بالإضافة، والخنزير المحرم مطلق لا يتناول إلا ما كان فى البر خاصة، وكذلك البحرى داخل فى صيد البحر ولم يرو كراهته إلا عن علي بإسناد لا يصح. وأجازه الكوفيون؛ لأنه داخل فى عموم السمك، وحرموا الضفادع، وبه قال الشافعي. وأما قول ابن عباس: كل ما صاد من البحر مجوسى أو غيره. فهو قول جمهور العلماء؛ لأن طعام البحر ميتة ولا يحتاج فيه إلى ذكاة. قال مالك: فإذا أكل ميته فلا يضر من صاده. وقال الحسن: أدركت سبعين من أصحاب النبى (صلى الله عليه وسلم) كلهم يأكل صيد المجوسى؛ الحيتان وما ينخلج فى صدورهم منه شيء. وروى ذلك عن عطاء، والنخعى، وهو قول مالك، والكوفيين، والليث والأوزاعى، والشافعى، وأحمد، وإسحاق، وأبى ثور. ” شرح صحيح البخاري ” ج (5) / (401)
قال الالباني في السلسلة الصحيحة [ج (1) / (867)]: وفي الحديث فائدة هامة وهي حل كل ما مات في البحر مما كان يحيى فيه، ولو
كان طافيا على الماء، وما أحسن ما روي عن ابن عمر أنه سئل: آكل ما طفا على
الماء؟ قال: إن طافيه ميتته، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن ماءه طهور، وميته حل.