174 جامع الأجوبة الفقهية ص 207
مجموعة ناصر الريسي وسعيد الجابري
بالتعاون مع مجموعات السلام 1، 2، 3 والاستفادة والمدارسة
بإشراف سيف بن محمد بن دورة الكعبي
(بحوث شرعية يبحثها طلاب علم إمارتيون بالتعاون مع إخوانهم من بلاد شتى ، نسأل الله أن تكون في ميزان حسنات مؤسس دولة الإمارات زايد الخير آل نهيان صاحب الأيادي البيضاء رحمه الله ورفع درجته في عليين ووالديهم ووالدينا )
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–‘
——-‘——-‘——–
بلوغ المرام :
باب المسح على الخفين
59 وعن ثوبان رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب – يعني العمائم – والتساخين – يعني الخفاف . رواه أحمد وأبو داود 146 وصححه الحاكم .
……………….
قلت سيف بن دورة :
الحكم على الحديث : الصحيح المسند 194
ـ العلل:
ـ قال أحمد بن حنبل: راشد بن سعد، لم يسمع من ثوبان. «العلل» (642 و4552)، و«المراسيل» لابن أبي حاتم (207).
ـ وقال أحمد بن حنبل: لم يسمع ثور من راشد شيئا. «جامع التحصيل» 1/ 153.
ونص في البخاري في التاريخ الكبير أنه سمع منه والمثبت مقدم على النافي( قاله مقبل )
لكن بقي سماع ثور من راشد
كذلك حديث المغيرة عند أبي داود : أنه صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين.
قال الألباني عن الحديث : ضعيف.
والحديث ضعفه سفيان الثوري وعبد الرحمن بن مهدي وأحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي ابن المديني والنسائي ومسلم، وأبو داود والمعروف عن المغيرة حديث المسح على الخفين.
……………..
مسألة 1: المسح على الجوارب. وماذا لو كانت
♢- جواب ناصر الريسي:
♢- الجورب: هو ما يلبسه الإنسان في قدميه سواء كان مصنوعًا من الصوف أو القطن أو الكتاب أو نحو ذلك، وهو ما يُعرف «بالشراب».
قال الفيروزآبادي في القاموس المحيط (ص: 86): “الجورب لفافة الرجل”.
قال في لسان العرب (1/ 263) “وقيل: إنه فارسي معرب، وأصله كورب”.
وقد اختلف الفقهاء في حكم المسح على الجوارب على عدة أقوال ويمكن أن نرجعها إلى ثلاثة:
♢- الأول: عدم جواز المسح على الجوربين إلا أن يكون عليهما نعل جلد –أي مجلدين-، وهو مذهب أبي حنيفة (ثم رجع عنه) ومالك والشافعي، والأوزاعي، ومجاهد، وعمرو بن دينار، والحسن بن مسلم.
قال السرخسي في المبسوط (1/ 102): ” وحكي أن أبا حنيفة رحمه الله تعالى في مرضه مسح على جوربيه، ثم قال لعواده: فعلت ما كنت أمنع الناس عنه، فاستدلوا به على رجوعه “. انتهى
وجاء في المدونة (1/ 143): ” قال ابن القاسم: كان يقول مالك في الجوربين يكونان على الرجل، وأسفلهما جلد مخروز، وظاهرهما جلد مخروز، أنه يمسح عليهما. قال: ثم رجع، فقال: لا يمسح عليهما. انتهى
♢- القول الثاني: جواز المسح على الجوربين بشروط منها أن يكونا صفيقين – أي متينين-، ومنها أن يمكن متابعة المشي فيه، وهو اختيار أبي يوسف ومحمد من الحنفية، ويقال: إنه رجع إليه أبو حنيفة في مرضه، وهو أرجح القولين في مذهب الشافعي، وهو مذهب الحنابلة، وبه قال عطاء، والحسن وسعيد بن المسيب، والنخعي، وسعيد بن جبير، والأعمش، والثوري، والحسن بن صالح، وابن المبارك، وإسحاق، ويعقوب، ومحمد. وقال ابن المنذر أن هذا القول روي عن تسعة من الصحابة رضي الله عنهم.
♢- القول الثالث: جواز المسح على الجوربين مطلقاً. وهو ظاهر مذهب ابن حزم وشيخ الاسلام ابن تيمية، واختاره الشيخ ابن باز والشيخ ابن عثيمين، والشيخ الألباني.
سيأتي أن بعضهم اشترط إمكانية المشي :
قال ابن تيمية : يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما سواء…… سيأتي تتمة كلامه
انظر: بدائع الصنائع (1/ 10)، البحر الرائق (1/ 191،193)، المجموع (1/ 526)، حاشية الدسوقي (1/ 141)، والخرشي (1/ 177)، المغني (1/ 215)، الموسوعة الفقهية الكويتية (37/ 271)، الفتاوى الكبرى لابن تيمية (1/ 418).
♢- استدل اصحاب القول الأول بأدلة منها:
الأول: أن الأصل هو غسل الرجلين، كما هو ظاهر القرآن، والعدول عنه لا يجوز إلا بأحاديث صحيحة اتفق على صحتها أئمة الحديث كأحاديث المسح على الخفين، أما أحاديث المسح على الجوربين ففي صحتها كلام عند أئمة الفن.
واجيب بأن الجواب على هذا من وجهين:
الأول: بأن الأحاديث ليست كلها ضعيفة، فحديث ثوبان رجاله كلهم ثقات.
الثاني: كيف يظن بالصحابة رضي الله عنهم بأنهم تركوا ظاهر القرآن، وخالفوه بالمسح على الجوربين.
قال ابن القيم في تهذيب السنن (1/123): الذين سمعوا القرآن من النبي – صلى الله عليه وسلم -، وعرفوا تأويله، مسحوا على الجوربين، وهم أعلم الأمة بظاهر القرآن، ومراد الله منه. انتهى
الدليل الثاني:
قالوا: إن الجوارب تتخذ من الأديم، وكذا من الصوف، وكذا من القطن، ويقال لكل واحد من هذه جورب، ومن المعلوم أن هذه الرخصة بهذا العموم التي ذهبت إليها تلك الجماعة لا يثبت إلا بعد أن يثبت أن الجوربين اللذين مسح عليهما النبي – صلى الله عليه وسلم – كانا من صوف، سواء كانا منعلين أو ثخينين فقط، ولم يثبت هذا قط، فمن أين علم جواز المسح على الجوربين غير المجلدين، بل يقال: إن المسح يتعين على الجوربين المجلدين لا غيرهما؛ لأنهما في معنى الخف، والخف لا يكون إلا من أديم.
وأجيب:
قال المباركفوري: هذا القول لا يثبت إلا بعد أن يثبت أن الجوربين اللذين مسح عليهما النبي – صلى الله عليه وسلم – كانا مجلدين، ولم يثبت هذا قط.
الدليل الثالث:
قالوا: إن الجوارب إذا لم تكن منعلة أو مجلدة لا يمكن متابعة المشي عليها، فإذا لم يمكن لم يصح المسح عليها.
وأجيب:
أين الدليل على اشتراط إمكان متابعة المشي عليها، وهل يسوغ أن تعارض الأدلة الشرعية بهذا التعليل الذي لا دليل عليه، فلا يعارض الدليل الشرعي إلا دليل مثله.
الدليل الرابع:
قالوا: إن المسح على الخف على خلاف القياس، فلا يصح إلحاق غيره به إلا إذا كان بطريق الدلالة، وهو أن يكون في معناه، ولا يكون الجورب في معنى الخف إلا إذا كان مجلدا أو منعلا.
واجيب:
أننا لم نلحق الجورب بالخف اعتمادا على القياس وحده، بل اعتمادا على ما صح من الأحاديث المرفوعة، وأفعال الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ولو لم يأت إلا فعل الصحابة رضي الله عنهم لكفى به دليلا، فهم أعلم بمراد الله، ومراد رسوله – صلى الله عليه وسلم -، وهم أهل اللغة، ويعرفون معنى الجورب، ومعنى الخف أكثر من غيرهم، ولذلك قال أنس رضي الله عنه عن الجورب: إنهما خفان، ولكن من صوف.
♢- واستدل أصحاب القول الثاني بأدلة منها:
الدليل الأول:
عن المغيرة بن شعبة، أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين. أخرجه أبو داود (1 /112) ، والترمذي (1 /167) وقال الترمذي: ” هذا حديث حسن صحيح “.
وجه الدلالة: أن هذا يدل على أن النعلين لم يكونا عليهما، لأنهما لو كانا كذلك لم يذكر النعلين فإنه لا يقال مسحت على الخف ونعله.
قلت سيف بن دورة : أنكره الثوري وابن مهدي وأحمد بن حنبل وابن المديني وابن معين ومسلم بن الحجاج وغيرهم كما في المجموع للنووي 1/500
الدليل الثاني:
عن أبي موسى الأشعري أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – توضأ، ومسح على الجوربين والنعلين.
قال المعلى في حديثه: لا أعلمه إلا قال: والنعلين. رواه بن ماجه في سننه (560). ومن طريق ابن ماجه أخرجه ابن الجوزي في التحقيق (1/ 216)، وأخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 97) والبيهقي (2/ 284) وقال: الضحاك بن عبد الرحمن لم يثبت سماعه من أبي موسى، وعيسى بن سنان ضعيف، لا يحتج به.
الدليل الثالث:
عن بلال رضي الله تعالى عنه قال: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمسح على الخفين والجوربين. رواه الطبراني في المعجم الكبير (1/ 350) رقم 1063. والحديث رواه أحمد، ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (146)، والبيهقي (1/ 62)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 274) رقم 477. وأخرجه الروياني في مسنده (642) ، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 274) رقم 477
الدليل الرابع:
عن ثوبان، قال: بعث رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سرية، فأصابهم البرد، فلما قدموا على النبي – صلى الله عليه وسلم – شكوا إليه ما أصابهم من البرد، فأمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين.
رواه أحمد في المسند (5/ 277)، ومن طريق أحمد أخرجه أبو داود (146)، والبيهقي (1/ 62)، والطبراني في مسند الشاميين (1/ 274) رقم 477.
الدليل الخامس:
من الآثار، فقد جاء القول بالمسح على الجوربين عن جملة من الصحابة، قال ابن المنذر: ويروى إباحة المسح على الجوربين عن تسعة من أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -؛ علي، وعمار، وابن مسعود، وأنس، وابن عمر، والبراء، وبلال، وابن أبي أوفى، وسهل بن سعد.
ومن هذه الاثار: عن الأزرق بن قيس قال: «رأيت أنس بن مالك أحدث فغسل وجهه ويديه ومسح على جوربين من صوف، فقلت: أتمسح عليهما؟ قال: إنهما خفان، ولكن من صوف».
فصرَّح أنس رضي الله عنه بأن الخف أعم من أن يكون من جلد، وهو صحابي من أهل اللغة.
الدليل السادس:
ما حكي من الإجماع. قال ابن قدامة في المغني (1/ 374): ” الصحابة رضي الله عنهم مسحوا على الجوارب، ولم يظهر لهم مخالف في عصرهم، فكان إجماعا “. انتهى
الدليل السابع:
من النظر، إذا جاز المسح على الخف جاز المسح على الجورب؛ لأن كلا منهما لباس للقدم، ولا فرق.
فإما أن تكون الجوارب داخلة في مسمى الخف لغة، وإما أن تلحق الجوارب بالخفاف قياسا.
♢- واستدل اصحاب القول الثالث الذين قالوا بالجواز مطلقاً بما استدل به اصحاب القول الثاني إضافة إلى أنهم قالوا:
أولاً: أن أحاديث المسح على الجوربين وردت مطلقة، من غير تقييد بأن تكون منعلة أو مجلدة أو صفيقة، وتقييد ما أطلقه الشارع لا يجوز إلا بدليل من كتاب أو سنة أو إجماع، ولا دليل.
ثانياً: إن الجورب وإن كان رقيقًا فهو يطلق عليه جورب، ولا دليل على التفريق بين الرقيق والصفيق.
ثالثاً: أن اشتراط هذه الشروط يناقض مقصود الشارع من التوسعة بالتضييق والجرح.
♢- نقل اقوال العلماء في المسألة:
♢- قال النووي في المجموع (1/ 527): ” وحكى أصحابنا عن عمر وعلي رضي الله عنهما جميعا جواز المسح على الجورب وإن كان رقيقا، وحكوه عن أبي يوسف ومحمد وإسحاق وداود ” اهـ.
♢- قال ابن تيمية في الفتاوى الكبرى (1/ 418):
يجوز المسح على الجوربين إذا كان يمشي فيهما سواء كانت مجلدة أو لم تكن في أصح قولي العلماء . ففي السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على جوربيه ونعليه ، وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك ، فإن الفرق بين الجوربين والنعلين إنما هو كون هذا من صوف وهذا من جلود . ومعلوم أن مثل هذا الفرق غير مؤثر في الشريعة ، فلا فرق بين أن يكون جلوداً أو قطناً أو كتاناً أو صوفاً ، كما لم يفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه ، وغايته أن الجلد أبقى من الصوف ، فهذا لا تأثير له ، كما لا تأثير لكون الجلد قوياً ، بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى .…وأيضاً فمن المعلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا كالحاجة إلى المسح على هذا سواء ، ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقاً بين المتماثلين ، وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة وما أنزل الله به من كتبه وأرسل به رسله أ. هـ.
♢- اجاب الشيخ ابن باز على سؤال وجه له في شرح رسالة محمد بن عبد الوهاب في شروط الصلاة وأركانها وواجباتها (ص: 32) عن حكم المسح على الجوارب فأجاب:
“يمسح عليه ولا بأس، سواء كان جورباً أو خفاً، وسواء في الشتاء أو الصيف، إذا لبسها على طهارة، وإذا كان ساتراً، يمسح عليه المدة المعينة يوم وليلة للمقيم، وثلاثة أيام بلياليها للمسافر”. انتهى
♢- كذلك اجاب الشيخ ابن عثيمين كما في فقه العبادات (ص: 116) عن حكم المسح على الجورب أو الخف المخروق أو الجورب الخفيف فقال:
“القول الراجح أنه يجوز المسح على ذلك، أي على الجورب المخرق، والجورب الخفيف الذي ترى من ورائه البشرة، لأنه ليس المقصود من جواز المسح على الجورب ونحوه أن يكون ساتراً، فإن الرجل ليست عورة يجب سترها، وإنما المقصود الرخصة على المكلف، والتسهيل عليه، بحيث لا نلزمه بخلع هذا الجورب أو الخف عند الوضوء، بل نقول: يكفيك أن تمسح عليه، هذه هي العلة التي من أجلها شرع المسح على الخفين، وهذه العلة كما ترى يستوي فيها الخف أو الجورب المخرق، والسليم، والخفيف، والثقيل”. انتهى
قلت سيف بن دورة :
المسألة عندي محل توقف ؛ لأن المسح على الجوربين لم يثبت في حديث مرفوع وإنما ثابت عن الصحابة . نص بعض الصحابة أنه كالخف .
فهل نبقى مع ما كانوا يلبسونه من الجوارب وكان يمكن المشي عليها . لأنها رخصة والرخصة لا يتوسع فيها . أم نتوسع لتشمل الجوارب العصرية الشفافة التي لا يمكن المشي عليها لكن تدفع عنك البرد. وفي نزعها تعرض للبرد .